بّسم الله الرّحمن الرّحيم موسوعة تفسير الأحلام مُنتخب الكلام في تفسير الأحلام تأويل رؤيا الأرض والجبل والتل والمفازة والتراب والرمل والصخور ● [ تأويل الأرض والجبل والتل والمفازة ] ●
الأرض : تدل الأرض على الدنيا لمن ملكها، على قدر اتساعها وكبرها وضيقها وصغرها، وربما دلت الأرض على الدنيا، والسماء على الآخرة، لأنّ الدنيا أدنيت، والآخرة أخرت، سيما أنّ الجنة في السماء، وتدل الأرض المعروفة على المدينة التي هو فيها، وعلى أهلها وساكنها. وتدل على السفر، إذا كانت طريقاً مسلوكاً كالصحارى والبراري، وتدل على المرأة إذا كانت مما يدرك حدودها، ويرى أولها وآخرها. وتدل على الأمة والزوجة، لأنّها توطأ وتحرث وتبذر وتسقى، فتحمل وتلد وتضع نباتها إلى حين تمامها. وربما كانت الأرض أماً لأن خلقنا منها. فمن ملك أرضاً مجهولة، استغنى إن كان فقيراً، وتزوج إن كان عزباً، وولي إن كان عاملاً. وإن باع أرضاً أو خرج منها إلى غيرها، مات إن كان مريضاً سيما إن كانت الأرض التي انتقل إليها مجهولة، وافتقر إن كان موسراً، سيما إن كانت الأرض التي فارقها ذات عشب وكلأ، أو خرج من مذهب إلى مذهب، إن كان نظاراً. فإن خرج من أرض جدبة إلى أرض خصبة، انتقل من بدعة إلى سنة، وإن كان على خلاف ذلك، فالأمر على ضده، وإن رأى ذلك مؤمل السفر، فهو ما يلقاه في سفره، فإن رأى كأنّ الأرض انشقت فخرجٍ منها شاب، ظهرت بين أهلها عداوة، فإن خرج منها شيخ، سعد جدهم ونالوا خصباً، وإن رآها انشقت فلم يخرج منها شيء ولم يدخل فيها شيء، حدث في الأرض حادثة شر، فإن خرج منها سبع، دل على ظهور سلطان ظالم، فإن خرج حية، فهي عذاب باق في تلك الناحية. وإن انشقت الأرض بالنبات، نال أهلها خصباً، فإن رأى أنّه يحفر الأرض ويأكل منها، نال مالاً بمكر، لأنّ الحفر مكر، فإن رأى أرضاً تفطرت بالنبات وفي ظنه أنّه ملكه وفرح بذلك، دل على أنّه ينال ما يشتهي ويموت سريعاً، لقوله تعالى: ( حتّى إذا فَرِحوا بما أوتوا أخَذْناهُم بَغْتَةً ). ومن تولى طي الأرض بيده، نال ملكاً، وقيل إن طيء الأرض أصاب ميراثاً. وضيق الأرض ضيق المعيشة. ومن كلمته الأرض بالخير، نال خيراً في الدين والدنيا، وكلامها المشتبه المجهول المعنى، مال من شبهة. ------------------------------------------------------ والخسف بالأرض : زوال النعم وانقلاب الأحوال، والغيبة في الأرض من غير حفر، طول غربة في طلب الدنيا، أو موت في طلب الدنيا. فإن غاب في حفيرة ليس فيها منفذ، فإنّه يمكر به في أمر بقدر ذلك. ومن كلمته الأرض بكلام توبيخ، فليتق الله فإنّه مال حرام. ومن رأى أنّه قائم في مكان فخسف به، فإن كان والياً فإنه تنقلب عليه الدنيا، ويصير الصديق عدوه وسروره غماً، لقوله تعالى: ( فَخَسَفنْا بهِ وبدارِهِ الأرْض ) فإن رأى محلة أو أرضاً طويت على الناس، فإنّه يقع هناك موت، أو قال وقيل يهلك فيه أقوام بقدر الذي طويت عليهم، أو ينالهم ضيق وقحط، أو شدة. فإن كان ما طوي له وحده، فهو ضيق معيشته وأموره. فإن رأى أنّها بسطت له أو نشرت له، فهو طول حياته وخير يصيبه. ●●●●●●●●●●●●●●●●●●●●● الجبل : يدل الجبل على ملك أو سلطان قاسي القلب، قاهر، أو رجل ضخم على قدر الجبل وعظمه، وطوله وقصره، وعلوه. ويدلك على العالم والناسك، ويدل على المراتب العالية والاماكن الشريفة والمراكب الحسنة، و الله تعالى خلق الجبال أوتاداً للأرض حين اضطربت، فهي كالعلماء والملوك، لأنّهم يمسكون ما لا تمسكه الجبال الراسية، وربما دل على الغايات والمطالب، لأن الطالع إليه لا يصعد إلا بجاهه، فمن رأى نفسه فوق جبل، أو مسنداً إليه أو جالساً في ظله، تقرب من رجل رئيس، واشتهر به واحتمى به، إما سلطان أو فقيه عالم عابد ناسك، فكيف به إن كان فوقه يؤذن أذان السنة مستقبل القبلة، أو كان يرمى عن قوس بيده، فإنّه يمتد صيته في الناس على قدر امتداد صوته، وتنفذ كتبه وأوامره إلى المكان الذي وصلت إليه سهامه. وإن كان من رأى نفسه عليه خائفاً في اليقظة أمن، وإن كان في سفينة، نالته في بحره شدة وعقبة يرشى من أجلها، وكان صعوده فوقه عصمة، لقوله تعالى: ( سآوي إلى جَبَل يَعْصمُني مِنَ الماءِ ). قال ابن سيرين: الجبل حينئذٍ عصمة، إلا أن يرى في المنام كأنّه فر من سفينة إلى جبل، فإنّه يعطب ويهلك، لقصة ابن نوح. وقد يدل ذلك على من لم يكن في يقظته في سفينة ولا بحر، على مفارقة رأي الجماعة والانفراد بالهوى والبدعة، فكيف إذا كان معه وحش الجبال وسباعها، أو كانت السفينة التي فر منها إلى الجبل فيها قاض، أو رئيس في العلم، أو إمام عادل. وأما صعود الجبال، فإنّه مطلب يطلبه وأمر يرومه، فيسأل عما قد هم به في اليقظة، أو أمله فيها من صحبة السلطان أو عالم، أو الوقوف إليهما في حاجة أو في سفر في البر وأمثال ذلك. فإن كان صعوده إياه كما يصعد الجبال أو بدرج أو طريق آمن، سهل عليه كل ما أهله، وخف عليه كل ما حوله. وإن نالته فيه شدة أو صعد إليه بلا درج ولا سلم ولا سبب، ناله خوف، وكان أمره غرراً كله. فإن خلص إلى أعلاه، نجا من بعد ذلك. وإن وهب من نومه دون الوصول، أو سقط في المنام، هلك في مطلوبه وحيل بينه وبين مراده، أو فسد دينه في عمله، وعندها ينزل به من التلاف والإصابة من الضرر والمصيبة والحزن، على قدر ما انكسر من أعضائه. وأما السقوط من فوق الجبل والكوادي والروابي والسقوف 0 وأعالي الحيطان والنخل والشجر، فإنّه يدل على مفارقة من يدل ذلك الشيء الذي سقط عنه في التأويل عليه، من سلطان أو عالم أو زوج أو زوجة أو عبد أو ملك أو عمل أو حال من الأحوال، يسأل الرائي عن أهم ما هو عليه في يقظته، مما يرجوه ويخافه ويقدمه ويؤخره في فراقه له، ومداومته إياه، فإن شكلت اليقظة لكثرة ما فيها من المطالب والأحوال، أو لتغيرها من الآمال، حكم له بمفارقة من سقط عنه في المنام على قدر دليله في التأويل. ويستدل على التفرقة بين أمريه على قدر دليله، وأنّ علمه باستكماله من الشيء الذي كان عليه وقوته وضعفه واضطرابه، ربما أفضى إليه من سقوطه من جدب أو خصب أو وعر أو سهل أو حجر أو رمل أو أرض أو بحر، ربما عاد عليه في جسمه في حين سقوطه، ويدل على السقوط في المعاصي والفتن والردى، إذا كان سقوطه فيما يدل على ذلك، مثل أن يسقط إلى الوحش والغربان والحيات وأجناس الفأر، أو إلى القاذورات والحمأة، وقد يدل ذلك على ترك الذنوب والإقلاع عن البدع، إذا كان فراره من مثل ذلك، أو كان سقوطه في مسجد أو روضة، أو إلى نبي أو روضة، أو إلى نبي أو أخذ مصحف، أو إلى صلاة في جماعة. وأما ما عاد إلى الجبل من سقوط أو هدم أو احتراف، فإنّه دال على هلاك من دل الجبل عليه، أو دماره أو قتله، إلا أن يرتفع في الهواء على رؤوس الخلق، فإنه خوف شديد يظل على الناس من ناحيه الملك، لأن بني إسرائيل رفع الجبل فوقهم كالظلة تخويفاً من الله لهم، وتهديداً على العصيان. أما تسيير الجبال، فدليل على قيامة قائمة، إما حرب تتحرك ففيه الملوك بعضها على بعض، أو اختلاف واضطراب يجري بين علماء الأرض في فتنة وشدة، يهلك فيها العامة، وقد يدل ذلك على موت وطاعون، لأنّها من علامات القيامة، وأما رجوع الجبل زبداً أو رماداً أو تراباً، فلا خير فيه لمن دل الجبل عليه لا في حياته ولا في دينه، فإن كان المضاف إليه ممن عز بعد ذلته، وآمن بعد كفره، واتقى الله من بعد طغيانه، عاد إلى ما كان عليه ورجع إلى أولى حالتيه، لأن الله تعالى خلق الجباك فيما زعموا من زبد الماء، والزبد باطل كما عبر به تعالى في كتابه. والجبل الذي فيه الماء والنبات والخضرة، فإنّه ملك صاحب دين. وإذا لم يكن فيه نبات ولا ماء، فإنّه ملك كافر طاغ، لأنِّه كالميت لا يسبح الله تعالى ولا يقدسه. والجبل القائم غير الساقط فهو حي وهو خير من الساقط، والساقط الذي صار صخوراً فهو ميت، لأنّه لا يذكر الله ولا يسبحه. ومن ارتقى على جبل وشرب من مائه وكان أهلاً للولاية، نالها من رجل ملك قاسي القلب نفاع، وما لا يقدر ما شرب، وإن كان تاجراً ارتفع أمره وربح، وسهولة صعوده فيه سهولة الإفادة للولاية من غير تعب. والعقبة عقوبة وشدة، فإنّ هبط منه نجا، وإن صعد ارتفاع وسلطنة مع تعب. والصخور التي حول الجبل والأشجار قواد ذلك المكان. وكل صعود رفعة، وكل هبوط ضعة، وكل طلوع يدل على هم، فنزوله فرج، وكل صعود يدل على ولاية، فنزوله عزل. وإن رأى أنّه حمل جبلاً فثقل عليه، فإنّه يحمل مؤونة رجل ضخم أو تاجر يثقل عليه، فإن خف، خف عليه. فإن رأى أنّه دخل في كهف جبل، فإنّه ينال رشداً في دينه وأموره، ويتولى أمور السلطان، ويتمكن. فإن دخل كهف جبل في غار، فإنّه يمكر بملك أو رجل منيع، فإن استقبله جبل، استقبله هم أو سفر أو رجل منيع أو أمر صعب أو امرأة صعبة قاسية، فإن رأى أنّه صعد الجبل، فإن الجبل غاية مطلبه يبلغها بقدر ما أنّه صعد، حتى يستوي فوقه. وكل صعود يراه الإنسان، أو عقبة أو تل أو سطِح أو غير ذلك، فإنّه نيل ما هو طالب من قضاء الحاجة التي يريدها، والصعود مستوياً مشقة ولا خير فيه. فإن رأى أنّه هبط من تل أو قصر أو جبل، فإنّ الأمر الذي يطلبه ينتقص ولا يتم، ومن رأى أنّه يهدم جبلاً فإنّه يهلك رجلاً، ومن رأى أنّه يهتم بصعود جبل أو يزاوله، كان ذلك الجبل حينئذٍ غاية يسمو إليها، فإن هو علاه نال أمله، فإن سقط عنه يغترب حاله. والصعود المحمود على الجبل، أن يعرج في ذلك كما يفعل صاعد الجبل. وكل الإرتفاع محمود، إلا أن يكون مستوياً، لقوله تعالى: ( سأرْهِقُهُ صَعُوداً ). فإن رأى أنّه يأكل الحجر: فإنّه ييئس من رجاء يرجوه. فإن أكله مع الخبز، فإنّه يداري ويحتمل بسبب معيشته صعوبة. فإن رأى أنّه يحذف الناس بالحجر، فإنّه يلوط، لأنّ الحذف من أفعال قوم لوط. ●●●●●●●●●●●●●●●●●●●●● التل والرابية : إذا كانت الأرض دالة على الناس، إذ منها خلقوا. فكل نشز منها وتل ورابية وكدية وشرف، يدل على كل من ارتفع ذكره على العامة، بنسب أو علم أو مال أو سلطان. وقد تدل على الأماكن الشريفة والمراتب العالية والمراكب الحسنة فمن رأى نفسه، فوق شيء منها، فإن كان مريضاً كان ذلك نعشه، سيما إن رأى الناس تحته. وإن لم يكن مريضاً وكان طالباً للنكاح، تزوج امرأة شريفة عالية الذكر، لها من سعة الدنيا بقدر ما حوت الرابية من سعة الأرضِ، وكثرة التراب والرمل. وإن رأى أنه يخطب الناس فوق ذلك أو يؤذن، فإن كان أهلاً للملك ناله، أو القضاء أو الفتيا أو الآذان أو الخطبة أو الشهرة والسمعة، لأنها مقام أشراف العرب، ومن رأى أرضاً مستوية فيها رابية أو تل، فإنه رجل له من سعة الدنيا بقدر ما حوله من الأرض المستوية. فإن رأى حوله خضرة، فإنه دينه أو حسن معاملته، فمن رأى أنه قعد على ذلك التل أو تعلق به أو استمكن منه، فإنه يتعلق برجل عظيم كما وصفت، فإن رأى أنه جالس في ظل التل، فإنه يعيش في كنف الرجل. فإن رأى أنه سائر على التلال، فإنه ينجو، ومن رأى كأنه ينزل من مكان مرتفع، فإنه يناله هم وغم. والسير في الوهدة عسر يرجو صاحبه اليسر في عاقبته. ●●●●●●●●●●●●●●●●●●●●● المفازة والأرض القفر : المفازة اسمها مستحب، وهي فوز من شدة إلى رخاء، ومن ضيق إلى سعة، ومن ذنب إلى توبة، ومن خسران إلى ربح، وٍ من مرض إلى صحة. ومن رأى أنّه في بر، فإنّه يناله فسحة وكرامة وفرحاً وسروراً، بقدر سعة البر والصحراء وخضرتها و زرعها. والأرض القفر فقر، والوادي بلا زرع حج، لقوله تعالى: ( رَبّنا إنّي أسْكَنْتُ مِنْ ذرّيتي بوادٍ غيرِ ذي زرع ) ومن رأى أنّه يهيم في واد، فإنّه يقول ما لا يفعل، لقوله تعالى عن الشعراء: ( أَلَمْ تَرَ أَنّهُمْ في كُلِّ وادٍ يَهيمونَ، وأنّهُمْ يقولونَ ما لا يَفْعَلون ).
التراب : التراب يدل على الناس، الأرض، وبه قوام معاش الخلق، والعرب تقول: أترب الرجل، إذا استغنى. وربما دل على الفقر والميتة والقبر، لأنّه فراش الموتى. والعرب تقول: ترب الرجل، إذا افتقر. وقال تعالى: "( وْ مِسْكيناً ذا مَتْرَبة ) فمن حفر أرضاً واستخرج ترابها، فإن كان مريضاً أو عنده مريض، فإن ذلك قبره، وإن كان مسافراً، كان حفره سفرهِ، وترابه كسبه وماله وفائدته، لأنّ الضرب في الأرض سفر، لقولْه تعالى: ( وآخرون يَضْرِبونَ في الأرض ). وإن كان طالباً للنكاح، كانت الأرض زوجة، والحفر افتضاضاً، والمعول الذكر، والتراب مال المرأة أو دم عذرتها. وإن كان صياداً، فحفره ختله للصيد، وترابه كسبه وما يستفيده، وإلا كان حفره مطلوباً يطلبه في سعيه ومكسبه مكراً أو حيلة. وأصل الحفر ما يحفر للسباع من الزبى لتسقط فيها، فلزم الحفر المكر من أجل ذلك. وأما من عفر يديه من التراب، أو ثوبه من الغبار، أو به تمعك في الأرض، فإن كان غنياً ذهب ماله ونالته ذلة وحاجة، وإن كان عليه دين أو عنده وديعة، رد ذلك إلى أهله وزال جميعه من يده، واحتاج من بعده، وإن كان مريضاً، نقصت يده من مكاسب الدنيا، وتعرى من ماله ولحق بالتراب. وضرب الأرض بالتراب، دال على المضاربة بالمكاسبة، وضربها بسيرِ أو عصا، يدل على سفر بخير، وقال بعضهم: المشي في التراب، التماس مال، فإن جمعه أو أكله، فإنه يجمِع مالاً ويجري على يديه مال، وإن كانت الأرض لغيره، فالمال لغيره، فإن حمل شيئاً من التراب، أصاب منفعة بقدر ما حمل، فإن كنس بيته وجمع منه تراباً، فإنّه يحتال حتى يأخذ من امرأته مالاً، فإن جمعه من حانوته، جمع مالاً من معيشته. ومن رأى أنّه يستف التراب، فهو مال يصيبه، لأنّ التراب مالك ودراهم، فإن رأى أنّه كنس تراب سقف بيته وأخرجه، فهو ذهاب مال امرأته، فإن مطرت السماء تراباً، فهو صالح ما لم يكن غالباً. ومن انهدمت داره وأصابه من ترابها وغبارها، أصاب مالاً من ميراث، فإن وضع تراباً على رأسه، أصاب مالاً من تشنيع ووهن. ومن رأى كأنّ إنساناً يحثي التراب في عينه، فإنّ الحاثي ينفق مالاً على المحثي ليلبس عليه أمر أو ينال منه مقصوده. فإن رأى كأنّ السماء أمطرت تراباً كثيراً، فهو عذاب، ومن كنس دكانه وأخرج التراب ومعه قماش، فإنّه يتحول من مكان إلى مكان. ●●●●●●●●●●●●●●●●●●●●● الرمل : الرمل يجري مجرى التراب، في دلالة الموت والحياة والغنى والمسكنة، لأنه من الأرض، والعرب تقول: أدمل الرجل، إذا افتقر. ومنه أيضاً المرملات، وهن اللواتي قد مات أزواجهن، وربما دل السعي فيه على القيود والعقلة والحصار والشغب والنصب، وكل ما سعى فيه من الهم والحزن والخصومة والتظلم، لأن الماشي فيه يحصل ولا يركض، راجلاً يمشي فيه، أو راكباً، على قدر كثرته وقلته، ونزول القدم فيه، يكون دلالته في الشدة والخفة، ومن رأى أن يده في الرمل، فإنه يتلبس بأمرهن أمور الدنيا. فإن رأى أنه استف الرمل أو جمعه أو حمله، فإنه يجمع مالاً ويصيب خيراً. ومن مشى في الرمل، فإنه يعالج شغلاً شاغلاً على قدر كثرته وقلته. ●●●●●●●●●●●●●●●●●●●●● الحصا : تدل الحصا على الرجال والنساء، وعلى الصغار من النساء، وعلى الدراهم البيض المعدودة، لأنها من الأرض وعلى الحفظ والإحصاء، لما ألم به طالبه من علم، أو شعر، وعلى الحج ورمي الجمار، وعلى القساوة والشدة، وعلى السباب والقذف. فمن رأى طائراً نزل من السماء إلى الأرض، فالتقط حصاة وطار بها، فإن كان ذلك في مسجد، هلك منه رجل صالح أو من صلحاء الناس، فإن كان صاحب الرؤيا مريضاً، وكان منِ أهل الخير أو ممن يصلي أيضاً فيه، ولم يشركه في المرض أحد ممن يصلي أيضاً فيه، فصاحب الرؤيا ميت، وإن كان التقاطه للحصاة من كنيسة، كان الاعتبار في فساد المريض، كالذي قدمناه، وإن التقطها من دار أو من مكان مجهول، فمريض صاحب الرؤيا من ولد أو غيره هالك، فأما من التقط عدداً من الحصى وصيرها في ثوبه أو ابتلعها في جوفه، فإن كان التقاطه إياها من مسجد أو دار عالم أو حلقة ذكر، أحصى من العلم والقرآن، وانتفع من الذكر والبيان بمقدار ما التقط من الحصار. وإن كان التقاطه من الأسواق أو من الفدادين وأصول الشجر، فهي فوائد من الدنيا، وفي دراهم تتألف له عن سبب الثمار أو النبات أو من التجارة والسمسرة، أو من السؤال والصدقة لكل إنسان على قدر همته وعادته في يقظته. وإن كان التقاطه من طف البحر، فعطايا من السلطان إن كان يخدمه، أو فوائد من البحر إن كان يتجر فيه، أو علم يكتسبه من عالم إن كان ذلك طلبه، أو هبة وصلة من زوجة غنية إن كانت له أو ولد أو نحوه. وأما من رمى بها في بحر، ذهب ماله فيه. وإن رمى بها في بئر، أخرج مالاً في نكاح أو شراء خادم. وإن رمى بها في ممطر أو ظرف من ظروف الطعام، أو في مخزن من مخازن البحر، اشترى بما معه أو بمقدار ما رمى به، تجارة يستدل عليها بالمكان الذي رمى ما كان معه فيه. والعامة تقول: رمى فلان ما كان معه من دراهم في حنطة أو زيت أو غيرهما. وإن رمى بها حيواناً، كالأسد والقرد والجراد والغراب وأشباهها. كان ذلك في أيام الحج، بشرته بالحج ورمي الجمار في مستقبل أمره، لأن أصل رمي الجمار، أن جبريل عليه السلام، أمر آدم عليه السلام أن يقذف الشيطان بها حين عرض له، فصارت سنة لولده. وإن لم يكن ذلك في أيام الحج، كانت الحصاة دعاءه على عدو أو فاسق، أو سبه وشتمه، أو شهادات يشهد بها عليه. وإن رمى بها خلاف هذه الأجناس كالحمام والمسلمين من الناس، كان الرجل سباباً مغتاباً متكلماً في الصلحاء والمحصنات من النساء. ●●●●●●●●●●●●●●●●●●●●● الصخور : الصخور الميتة المقطوعة الملقاة على الأرض، ربما دلت على الموتى لانقطاعها من الجبال الحية المسبحة، وتدل على أهل القساوة والغفلة والجهالة، وقد شبه الله تعالى بها قلوب الكفار، والحكماء تشبه الجاهل بالحجر، وربما أخذت الشدة من طبعها، والحجر والمنع من اسمها، فمن رأى كأنه ملك حجراً أو اشترى له أو قام عليه، ظفر برجل على نعته، أو تزوج امرأة على شبهه على قدر ما عنده من الحال فيِ اليقظة. ومن تحول فصار حجراً، قسا قلبه وعصى ربه وفسد دينه، وإن كان مريضاً، ذهبت حياته وتعجلت وفاته، وإلا أصابه فالج تتعطل منه حركاته. وأما سقوط الحجر من السماء إلى الأرض على العالم أو في الجوامع، فإنه رجل قاس والٍ أو عشار، يرمي به السلطان على أهل ذلك المكان، إلا أن يكونوا يتوقعون قتالاً، فإنها وقعة تكون الدائرة فيها والشدة والمصيبة على أهل ذلْك المكان، فكيف إن تكسر الحجر وطار فلق تكسيره إلى الدور والبيوت، فإنه دلالة على افتراق الأنصبة في تلك الوقعة وتلك البلية، فكل من دخلت داره منها فلقة نزل بها منها مصيبة، وإن كان الناس في جدب يتقون دوامه ويخافون عاقبته، كان الحجر شدة تنزل بالمكان، على قدر عظم الحجر وشدته وحاله، فكيف إن كان سقوطه في الإنادر أو في رحاب الطعام. وإن كانت حجارة عظيمة قد يرمي بها الخلق من السماء، فعذاب ينزل من السماء بالمكان، لأن الله سبحانه قتل أصحاب الفيل حين رمتهم الطير بها، فإما وباء أو جراد أو برد أو ريح أو مغرم أو غارة ونهبة، وأمثال ذلك، على قدر زيادة الرؤيا وشواهد اليقظة.
مُختصر كتاب: مُنتخب الكلام في تفسير الأحلام تأليف إبن سيرين منتدى قوت القلوب . البوابة