منتدى الف توتة و حدوتة

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

    غـزوة أحـدا.

    avatar
    توتة
    Admin


    عدد المساهمات : 2017
    تاريخ التسجيل : 13/02/2014

    غـزوة أحـدا. Empty غـزوة أحـدا.

    مُساهمة من طرف توتة الثلاثاء 9 مايو - 16:17

    بّسم الله الرّحمن الرّحيم
    غزوات الرسول صلى الله عليه وسلم
    وسراياه
    غزوة أحدا

    ثم غزوة رسول الله، صلى الله عليه وسلم، أحداً يوم السبت لسبع ليال خلون من شوال على رأس اثنين وثلاثين شهراً من مهاجره. قالوا: لما رجع من حضر بدراً من المشركين إلى مكة وجدوا العير التي قدم بها أبو سفيان بن حرب موقوفةً في دار الندوة، فمشت أشراف قريش إلى أبي سفيان فقالوا: نحن طيبو أنفس إن تجهزوا بربح هذه العير جيشاً إلى محمد، فقال أبو سفيان، وأنا أول من أجاب إلى ذلك وبنو عبد مناف معي؛ فباعوها فصارت ذهباً فكانت ألف بعير والمال خمسين ألف دينار، فسلم إلى أهل العير رؤوس أموالهم وأخرجوا أرباحهم، وكانوا يربحون في تجارتهم للدينار ديناراً، وفيهم نزلت: ( إنّ الّذينَ كَفَرُوا يُنْفِقُونَ أموَالَهُمْ لِيَصُدّوا عن سَبِيلِ اللّهِ ) ؛ وبعثوا رسلهم يسيرون في العرب يدعونهم إلى نصرهم، فأوعبوا وتألب من كان معهم من العرب وحضروا، فأجمعوا على إخراج الظعن، يعني النساء، معهم ليذكرنهم قتلى بدر فيحفظنهم فيكون أحد لهم في القتال. وكتب العباس ابن عبد المطلب بخبرهم كله إلى رسول الله، صلى الله عليه وسلم، فأخبر رسول الله، صلى الله عليه وسلم، سعد بن الربيع بكتاب العباس، وأرجف المنافقون واليهود بالمدينة، وخرجت قريش من مكة ومعهم أبو عامر الفاسق، وكان يسمى قبل ذلك الراهب، في خمسين رجلاً من قومه، وكان عددهم ثلاثة آلاف رجل فيهم سبعمائة دارع، ومعهم مائتا فرس وثلاثة آلاف بعير، والظعن خمس عشرة امرأة، وشاع خبرهم ومسيرهم، في الناس حتى نزلوا ذا الحليفة، فبعث رسول الله، صلى الله عليه وسلم، عينين له أنساً ومؤنساً ابني فضالة الظفريين، ليلة الخميس لخمس ليال مضين من شوال، فأتيا رسول الله، صلى الله عليه وسلم، بخبرهم وأنهم قد خلوا إبلهم وخيلهم في الزرع الذي بالعريض حتى تركوه ليس به خضراء، ثم بعث الحباب بن المنذر بن الجموح إليهم أيضاً فدخل فيهم فحزرهم وجاءه بعلمهم، وبات سعد بن معاذ وأسيد بن حضير وسعد بن عبادة، في عدة ليلة الجمعة، عليهم السلاح في المسجد بباب رسول الله، صلى الله عليه وسلم، وحرست المدينة حتى أصبحوا. ورأى رسول الله، صلى الله عليه وسلم، تلك الليلة كأنه في درع حصينة، وكأن سيفه ذا الفقار قد انفصم من عند ظبته، وكأن بقراً تذبح، وكأنه مردف كبشاً، فأخبر بها أصحابه، وأولها فقال: أما الدرع الحصينة فالمدينة، وأما انفصام سيفي فمصيبة في نفسي، وأما البقر المذبح فقتل في أصحابي، وأما مردف كبشاً فكبش الكتيبة يقتله الله إن شاء الله، فكان رأي رسول الله، صلى الله عليه وسلم، أن لا يخرج من المدينة لهذه الرؤيا، فأحب أن يوافق على مثل رأيه فاستشار أصحابه في الخروج فأشار عليه عبد الله بن أبي بن سلول أن لا يخرج، وكان ذلك رأي الأكابر من المهاجرين والأنصار، فقال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: امكثوا في المدينة واجعلوا النساء والذراري في الآطام. فقال فتيان أحداث لم يشهدوا بدراً فطلبوا من رسول الله، صلى الله عليه وسلم، الخروج إلى عدوهم ورغبوا في الشهادة وقالوا: اخرج بنا إلى عدونا، فغلب على الأمر الذي يريدون الخروج، فصلى رسول الله، صلى الله عليه وسلم، الجمعة بالناس ثم وعظهم وأمرهم بالجد والجهاد وأخبرهم أن لهم النصر ما صبروا، وأمرهم بالتهيؤ لعدوهم ففرح الناس بالشخوص، ثم صلى بالناس العصر وقد حشدوا وحضر أهل العوالي، ثم دخل رسول الله، صلى الله عليه وسلم، بيته ومعه أبو بكر وعمر فعمماه ولبساه وصف الناس له ينتظرون خروجه، فقال لهم سعد بن معاذ وأسيد بن حضير: استكرهتم رسول الله، صلى الله عليه وسلم، على الخروج والأمر ينزل عليه من السماء فردوا الأمر إليه. فخرج رسول الله، صلى الله عليه وسلم، قد لبس لأمته وأظهر الدرع وحزم وسطها بمنطقة من أدم من حمائل السيف، واعتم وتقلد السيف وألقى الترس في ظهره، فندموا جميعاً على ما صنعوا وقالوا: ما كان لنا أن نخالفك فاصنع ما بدا لك، فقال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: لا ينبغي لنبي إذا لبس لأمته أن يضعها حتى يحكم الله بينه وبين أعدائه، فانظروا ما أمرتكم به فافعلوه وامضوا على اسم الله فلكم النصر ما صبرتم. ثم دعا بثلاثة أرماح فعقد ثلاثة ألوية، فدفع لواء الأوس إلى أسيد بن حضير، ودفع لواء الخزرج إلى الحباب بن المنذر، ويقال إلى سعد بن عبادة، ودفع لواءه لواء المهاجرين إلى علي بن أبي طالب، رضي الله عنه، ويقال إلى مصعب بن عمير، واستخلف على المدينة عبد الله بن أم مكتوم، ثم ركب رسول الله، صلى الله عليه وسلم، فرسه وتنكب القوس وأخذ قناة بيده والمسلمون عليهم السلاح قد أظهروا الدروع فيهم مائة دارع، وخرج السعدان أمامه يعدوان: سعد بن معاذ وسعد بن عبادة، وكل واحد منهما دارع والناس عن يمينه وشماله. فمضى حتى إذا كان بالشيخين، وهما أطمان، التفت فنظر إلى كتيبة خشناء لها زجل فقال: ما هذه ؟ قالوا: حلفاء ابن أبي من يهود؛ فقال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: لا تستنصروا بأهل الشرك على أهل الشرك. وعرض من عرض بالشيخين فرد من رد وأجاز من أجاز، وغابت الشمس وأذن بلال المغرب فصلى النبي، صلى الله عليه وسلم، بأصحابه وبات بالشيخين وكان نازلاً في بني النجار، واستعمل على الحرس تلك الليلة محمد بن مسلمة في خمسين رجلاً يطيفون بالعسكر. وكان المشركون قد رأوا رسول الله، صلى الله عليه وسلم، حيث راح ونزل، فاجتمعوا واستعملوا على حرسهم عكرمة بن أبي جهل في خيل من المشركين، وأدلج رسول الله، صلى الله عليه وسلم، في السحر ودليله أبو حثمة الحارثي فانتهى إلى أحد إلى موضع القنطرة اليوم فحانت الصلاة، وهو يرى المشركين، فأمر بلالاً وأذن وأقام فصلى بأصحابه الصبح صفوفاً، وانخزل ابن أبي من ذلك المكان في كتيبة كأنه هيق يقدمهم وهو يقول: عصاني وأطاع الولدان ومن لا رأي له، وانخزل معه ثلاثمائة، فبقي رسول الله، صلى الله عليه وسلم، في سبعمائة ومعه فرسه وفرس لأبي بردة بن نيار، وأقبل يصف أصحابه ويسوي الصفوف على رجليه، وجعل ميمنةً وميسرةً وعليه درعان ومغفر وبيضة، وجعل أحداً خلف ظهره واستقبل المدينة، وجعل عينين جبلاً بقناة عن يساره وجعل عليه خمسين من الرماة، واستعمل عليهم عبد الله بن جبير وأوعز إليهم فقال: قوموا على مصافكم هذه فاحموا ظهورنا، فإن رأيتمونا قد غنمنا فلا تشركونا، وإن رأيتمونا نقتل فلا تنصرونا، وأقبل المشركون قد صفوا صفوفهم واستعملوا على الميمنة خالد بن الوليد وعلى الميسرة عكرمة بن أبي جهل، ولهم مجنبتان مائتا فرس، وجعلوا على الخيل صفوان ابن أمية، ويقال عمرو بن العاص، وعلى الرماة عبد الله بن أبي ربيعة، وكانوا مائة رام، ودفعوا اللواء إلى طلحة بن أبي طلحة، واسم أبي طلحة عبد الله بن عبد العزى بن عثمان بن عبد الدار بن قصي. وسأل رسول الله، صلى الله عليه وسلم: من يحمل لواء المشركين ؟ قيل: عبد الدار، قال: نحن أحق بالوفاء منهم، أين مصعب بن عمير ؟ قال: هأنذا، قال: خذ اللواء، فأخذه مصعب بن عمير فتقدم به بين يدي رسول الله، صلى الله عليه وسلم، فكان أول من أنشب الحرب بينهم أبو عامر الفاسق، طلع في خمسين من قومه فنادى: أنا أبو عامر، فقال المسلمون: لا مرحباً بك ولا أهلاً، يا فاسق ! قال: لقد أصاب قومي بعدي شر، ومعه عبيد قريش، فتراموا بالحجارة هم والمسلمون حتى ولى أبو عامر وأصحابه، وجعل نساء المشركين يضربن بالأكبار والدفوف والغرابيل ويحرضن ويذكرنهم قتلى بدر ويقلن:الله عنه، ويقال إلى مصعب بن عمير، واستخلف على المدينة عبد الله بن أم مكتوم، ثم ركب رسول الله، صلى الله عليه وسلم، فرسه وتنكب القوس وأخذ قناة بيده والمسلمون عليهم السلاح قد أظهروا الدروع فيهم مائة دارع، وخرج السعدان أمامه يعدوان: سعد بن معاذ وسعد بن عبادة، وكل واحد منهما دارع والناس عن يمينه وشماله. فمضى حتى إذا كان بالشيخين، وهما أطمان، التفت فنظر إلى كتيبة خشناء لها زجل فقال: ما هذه ؟ قالوا: حلفاء ابن أبي من يهود؛ فقال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: لا تستنصروا بأهل الشرك على أهل الشرك. وعرض من عرض بالشيخين فرد من رد وأجاز من أجاز، وغابت الشمس وأذن بلال المغرب فصلى النبي، صلى الله عليه وسلم، بأصحابه وبات بالشيخين وكان نازلاً في بني النجار، واستعمل على الحرس تلك الليلة محمد بن مسلمة في خمسين رجلاً يطيفون بالعسكر. وكان المشركون قد رأوا رسول الله، صلى الله عليه وسلم، حيث راح ونزل، فاجتمعوا واستعملوا على حرسهم عكرمة بن أبي جهل في خيل من المشركين، وأدلج رسول الله، صلى الله عليه وسلم، في السحر ودليله أبو حثمة الحارثي فانتهى إلى أحد إلى موضع القنطرة اليوم فحانت الصلاة، وهو يرى المشركين، فأمر بلالاً وأذن وأقام فصلى بأصحابه الصبح صفوفاً، وانخزل ابن أبي من ذلك المكان في كتيبة كأنه هيق يقدمهم وهو يقول: عصاني وأطاع الولدان ومن لا رأي له، وانخزل معه ثلاثمائة، فبقي رسول الله، صلى الله عليه وسلم، في سبعمائة ومعه فرسه وفرس لأبي بردة بن نيار، وأقبل يصف أصحابه ويسوي الصفوف على رجليه، وجعل ميمنةً وميسرةً وعليه درعان ومغفر وبيضة، وجعل أحداً خلف ظهره واستقبل المدينة، وجعل عينين جبلاً بقناة عن يساره وجعل عليه خمسين من الرماة، واستعمل عليهم عبد الله بن جبير وأوعز إليهم فقال: قوموا على مصافكم هذه فاحموا ظهورنا، فإن رأيتمونا قد غنمنا فلا تشركونا، وإن رأيتمونا نقتل فلا تنصرونا، وأقبل المشركون قد صفوا صفوفهم واستعملوا على الميمنة خالد بن الوليد وعلى الميسرة عكرمة بن أبي جهل، ولهم مجنبتان مائتا فرس، وجعلوا على الخيل صفوان ابن أمية، ويقال عمرو بن العاص، وعلى الرماة عبد الله بن أبي ربيعة، وكانوا مائة رام، ودفعوا اللواء إلى طلحة بن أبي طلحة، واسم أبي طلحة عبد الله بن عبد العزى بن عثمان بن عبد الدار بن قصي. وسأل رسول الله، صلى الله عليه وسلم: من يحمل لواء المشركين ؟ قيل: عبد الدار، قال: نحن أحق بالوفاء منهم، أين مصعب بن عمير ؟ قال: هأنذا، قال: خذ اللواء، فأخذه مصعب بن عمير فتقدم به بين يدي رسول الله، صلى الله عليه وسلم، فكان أول من أنشب الحرب بينهم أبو عامر الفاسق، طلع في خمسين من قومه فنادى: أنا أبو عامر، فقال المسلمون: لا مرحباً بك ولا أهلاً، يا فاسق ! قال: لقد أصاب قومي بعدي شر، ومعه عبيد قريش، فتراموا بالحجارة هم والمسلمون حتى ولى أبو عامر وأصحابه، وجعل نساء المشركين يضربن بالأكبار والدفوف والغرابيل ويحرضن ويذكرنهم قتلى بدر ويقلن:
    نحن بنات طارق ● نمشي على النّمارق
    إن تقبلوا نعانق ● أو تـدبـروا نـفارق
    فراق غير وامق
    قال: ودنا القوم بعضهم من بعض والرماة يرشقون خيل المشركين بالنبل فتولى هوازن، فصاح طلحة بن أبي طلحة صاحب اللواء: من يبارز ؟ فبرز له علي بن أبي طالب، رضي الله عنه، فالتقيا بين الصفين فبدره علي فضربه على رأسه حتى فلق هامته فوقع، وهو كبش الكتيبة، فسر رسول الله، صلى الله عليه وسلم، بذلك وأظهر التكبير، وكبر المسلمون وشدوا على كتائب المشركين يضربونهم حتى نغضت صفوفهم، ثم حمل لواءهم عثمان بن أبي طلحة أبو شيبة وهو أمام النسوة يرتجز ويقول:
    إنّ على أهل اللّواء حقّاً ● أن تخضب الصّعدة أو تندقّا
    وحمل عليه حمزة بن عبد المطلب فضربه بالسيف على كاهله فقطع يده وكتفه حتى انتهى إلى مؤتزره وبدا سحره، ثم رجع وهو يقول: أنا ابن ساقي الحجيج، ثم حمله أبو سعد بن أبي طلحة فرماه سعد بن أبي وقاص فأصاب حنجرته فأدلع لسانه إدلاع الكلب فقتله، ثم حمله مسافع بن طلحة بن أبي طلحة فرماه عاصم بن ثابت بن أبي الأقلح فقتله، ثم حمله الحارث ابن طلحة بن أبي طلحة فرماه عاصم بن ثابت فقتله، ثم حمله كلاب بن طلحة ابن أبي طلحة فقتله الزبير بن العوام، ثم حمله الجلاس بن طلحة بن أبي طلحة فقتله طلحة بن عبيد الله، ثم حمله أرطاة بن شرحبيل فقتله علي بن أبي طالب، ثم حمله شريح بن قارظ فلسنا ندري من قتله، ثم حمله صؤاب غلامهم وقال قائل: قتله سعد بن أبي وقاص، وقال قائل: قتله علي بن أبي طالب، وقال قائل: قتله قزمان، وهو أثبت القول.
    فلما قتل أصحاب اللواء انكشف المشركون منهزمين لا يلوون على شيء، ونساؤهم يدعون بالويل، وتبعهم المسلمون يضعون السلاح فيهم حيث شاؤوا حتى أجهضوهم عن العسكر، ووقعوا ينتهبون العسكر ويأخذون ما فيه من الغنائم، وتكلم الرماة الذين على عينين واختلفوا بينهم، وثبت أميرهم عبد الله بن جبير في نفر يسير دون العشرة مكانهم، وقال: لا أجاوز أمر رسول الله، صلى الله عليه وسلم، ووعظ أصحابه وذكرهم أمر رسول الله، صلى الله عليه وسلم، فقالوا: لم يرد رسول الله، صلى الله عليه وسلم، هذا، قد انهزم المشركون فما مقامنا ها هنا ؟ فانطلقوا يتبعون العسكر ينتهبون معهم وخلوا الجبل، ونظر خالد بن الوليد إلى خلاء الجبل وقلة أهله فكر بالخيل وتبعه عكرمة ابن أبي جهل فحملوا على من بقي من الرماة فقتلوهم، وقتل أميرهم عبد الله ابن جبير، رحمه الله، وانتقضت صفوف المسلمين واستدارت رحاهم وحالت الريح فصارت دبوراً، وكانت قبل ذلك صباً. ونادى إبليس لعنه الله أن محمداً قد قتل. واختلط المسلمون فصاروا يقتتلون على غير شعار ويضرب بعضهم بعضاً ما يشعرون به من العجلة والدهش، وقتل مصعب بن عمير فأخذ اللواء ملك في صورة مصعب، وحضرت الملائكة يومئذ ولم تقاتل، ونادى المشركون بشعارهم: يا للعزى ! يا لهبل ! وأوجعوا في المسلمين قتلاً ذريعاً، وولى من ولى منهم يومئذ وثبت رسول الله، صلى الله عليه وسلم، ما يزول يرمي عن قوسه حتى صارت شظايا ويرمي بالحجر، وثبت معه عصابة من أصحابه أربعة عشر رجلاً: سبعة من المهاجرين فيهم أبو بكر الصديق، رضي الله عنه، وسبعة من الأنصار، حتى تحاجزوا ونالوا من رسول الله، صلى الله عليه وسلم، في وجهه ما نالوا، أصيبت رباعيته وكلم في وجنتيه وجبهته وعلاه ابن قميئة بالسيف فضربه على شقه الأيمن، واتقاه طلحة بن عبيد الله بيده فشلت إصبعه، وادعى ابن قميئة أنه قد قتله، وكان ذلك مما رعب المسلمين وكسرهم.
    ● ● من قتل من المسلمين يوم أحد
    ● وقتل يومئذ حمزة بن عبد المطلب، رحمه الله، قتله وحشي، وعبدا لله ابن جحش، قتله أبو الحكم بن الأخنس بن شريق، ومصعب بن عمير، قتله ابن قميئة، وشماس بن عثمان بن الشريد المخزومي، قتله أبي بن خلف الجمحي، وعبد الله وعبد الرحمن ابنا الهبيب من بني سعد بن ليث، ووهب ابن قابوس المزني، وابن أخيه الحارث بن عقبة بن قابوس.
    ● وقتل من الأنصار سبعون رجلاً، فيهم عمرو بن معاذ أخو سعد بن معاذ، واليمان أبو حذيفة، قتله المسلمون خطأ، وحنظلة بن أبي عامر الراهب، وخيثمة أبو سعد بن خيثمة، وخارجة بن زيد بن أبي زهير صهر أبي بكر، وسعد بن الربيع، ومالك بن سنان أبو أبي سعيد الخدري، والعباس بن عبادة ابن نضلة، ومجذر بن ذياد، وعبد الله بن عمرو بن حرام، وعمرو بن الجموح في ناس كثير من أشرافهم.
    ● ● وقتل من المشركين ثلاثة وعشرون رجلاً، فيهم حملة اللواء وعبد الله ابن حميد بن زهير بن الحارث بن أسد بن عبد العزى، وأبو عزيز بن عمير، وأبو الحكم بن الأخنس بن شريق الثقفي، قتله علي بن أبي طالب، وسباع ابن عبد العزى الخزاعي، وهو ابن أم أنمار قتله حمزة بن عبد المطلب، رضي الله عنه، وهشام بن أبي أمية بن المغيرة، والوليد بن العاص بن هشام، وأمية ابن أبي حذيفة بن المغيرة، وخالد بن الأعلم العقيلي، وأبي بن خلف الجمحي قتله رسول الله، صلى الله عليه وسلم، بيده، وأبو عزة الجمحي واسمه عمرو بن عبد الله بن عمير بن وهب بن حذافة بن جمح، وقد كان أسر يوم بدر فمن عليه رسول الله، صلى الله عليه وسلم، فقال: لا أكثر عليك جمعاً، ثم خرج مع المشركين يوم أحد فأخذه رسول الله، صلى الله عليه وسلم، أسيراً ولم يأخذ أسيراً غيره فقال: من علي يا محمد ! فقال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: إن المؤمن لا يلدغ من جحر مرتين، لا ترجع إلى مكة تمسح عارضيك تقول: سخرت بمحمد مرتين، ثم أمر به عاصم بن ثابت ابن أبي الأقلح فضرب عنقه.
    فلما انصرف المشركون عن أحد أقبل المسلمون على أمواتهم وأتي رسول الله، صلى الله عليه وسلم، بحمزة بن عبد المطلب فلم يغسله ولم يغسل الشهداء وقال: لفوهم بدمائهم وجراحهم، أنا الشهيد على هؤلاء، ضعوهم. فكان حمزة أول من كبر عليه رسول الله، صلى الله عليه وسلم، أربعاً ثم جمع إليه الشهداء، فكان كلما أتي بشهيد وضع إلى جنب حمزة فصلى عليه وعلى الشهيد حتى صلى عليه سبعين مرة، وقد سمعنا من يقول: لم يصل رسول الله، صلى الله عليه وسلم، على قتلى أحد. وقال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: احفروا وأعمقوا وأوسعوا وقدموا أكثرهم قرآناً. فكان ممن نعرف أنه دفن في قبر واحد عبد الله بن عمرو بن حرام، وعمرو بن الجموح في قبر، وخارجة ابن زيد وسعد بن الربيع في قبر، والنعمان بن مالك وعبدة بن الحسحاس في قبر واحد، فكان الناس أو عامتهم قد حملوا قتلاهم إلى المدينة فدفنوهم في نواحيها. فنادى منادي رسول الله، صلى الله عليه وسلم: ردوا القتلى إلى مضاجعهم. فأدرك المنادي رجلاً واحداً لم يكن دفن فرد، وهو شماس بن عثمان المخزومي.
    ثم انصرف رسول الله، صلى الله عليه وسلم، يومئذ فصلى المغرب بالمدينة وشمت ابن أبي والمنافقون بما نيل من رسول الله، صلى الله عليه وسلم، في نفسه وأصحابه، فقال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: لن ينالوا منا مثل هذا اليوم حتى نستلم الركن، وبكت الأنصار على قتلاهم فسمع ذلك رسول الله، صلى الله عليه وسلم، فقال: لكن حمزة لا بواكي له. فجاء نساء الأنصار إلى باب رسول الله، صلى الله عليه وسلم، فبكين على حمزة فدعا لهن رسول الله، صلى الله عليه وسلم، وأمرهن بالانصراف؛ فهن إلى اليوم إذا مات الميت من الأنصار بدأ النساء فبكين على حمزة ثم بكين على ميتهن.
    أخبرنا جرير بن عبد الحميد عن عطاء بن السائب عن الشعبي قال: مكر رسول الله، صلى الله عليه وسلم، يوم أحد بالمشركين، وكان ذلك أول يوم مكر فيه.
    أخبرنا هشيم بن بشير قال: أخبرنا حميد الطويل عن أنس بن مالك أن النبي، صلى الله عليه وسلمن كسرت رباعيته يوم أحد وشج في جبهته حتى سال الدم على وجهه، صلوات الله عليه ورضوانه ورحمته وبركاته. فقال: كيف يفلح قوم فعلوا هذا بنبيهم وهو يدعوهم إلى ربهم ؟ فنزلت هذه الآية: ( لَيْسَ لَكَ مِنَ الأمْرِ شَيْءٌ أوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ أوْ يُعَذّبَهُمْ فَإنّهُمْ ظَالِمُونَ ).
    أخبرنا أبو أسامة حماد بن أسامة عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة قالت: لما كان يوم أحد هزم المشركون فصاح إبليس: أي عباد الله أخراكم. قال: فرجعت أولاهم فاجتلدت هي وأخراهم، فنظر حذيفة فإذا هو بأبيه اليمان فقال: عباد الله، أبي ! أبي ! قالت: والله ما احتجزوا حتى قتلوه، فقال حذيفة: غفر الله لكم. قال عروة: فوالله ما زال في حذيفة منه بقية خير حتى لحق بالله.
    أخبرنا عفان بن مسلم قال: أخبرنا حماد بن سلمة عن أبي الزبير عن جابر بن عبد الله أن رسول الله، صلى الله عليه وسلم، قال: رأيت كأني في درع حصينة ورأيت بقراً منحرة فأولت أن الدرع المدينة والبقر نفر، فإن شئتم أقمنا بالمدينة، فإن دخلوا علينا قاتلناهم فيها. فقالوا: والله ما دخلت علينا في الجاهلية فتدخل علينا في الإسلام. قال: فشأنكم إذاً، فذهبوا فلبس رسول الله، صلى الله عليه وسلم، لأمته. فقالوا: ما صنعنا ؟ رددنا على رسول الله، صلى الله عليه وسلم، رأيه. فجاؤوا فقالوا: شأنك يا رسول الله. فقال: الآن ليس لنبي إذا لبس لأمته أن يضعها حتى يقاتل.
    حدثنا محمد بن حميد العبدي عن معمر عن قتادة: أن رباعية النبي، صلى الله عليه وسلم، أصيبت يوم أحد، أصابها عتبة بن أبي وقاص وشجه في جبهته، فكان سالم مولى أبي حذيفة يغسل عن النبي، صلى الله عليه وسلم، الدم والنبي، صلى الله عليه وسلم، يقول: كيف يفلح قوم صنعوا هذا بنبيهم ؟ فأنزل الله، تباك وتعالى: ( لَيسَ لَكَ من الأمرِ شَيْءٌ أوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ أوْ يُعَذّبَهُمْ ) إلى آخر الآية.
    أخبرنا محمد بن حميد عن معمر عن الزهري أن الشيطان صاح يوم أحد: إن محمداً قد قتل. قال كعب بن مالك: فكنت أنا أول من عرف النبي، صلى الله عليه وسلم، عرفت عينيه تحت المغفر فناديت بصوتي الأعلى: هذا رسول الله ! فأشار إلي أن أسكت فأنزل الله، تعالى جده: ( ومَا مُحَمّدٌ إلاّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرّسُلُ أفَإنْ مَاتَ أوْ قُتِلَ ) الآية.
    أخبرنا قتيبة بن سعيد البلخي، أخبرنا ليث بن سعد عن عبد الرحمن بن خالد عن ابن شهاب عن سعيد بن المسيب أن أبي بن خلف الجمحي أسر يوم بدر، فلما افتدي من رسول الله، صلى الله عليه وسلم، قال لرسول الله، صلى الله عليه وسلم: إن عندي فرساً أعلفها كل يوم فرق ذرة لعلي أقتلك عليها، فقال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: بل أنا أقتلك عليها إن شاء الله، فلما كان يوم أحد أقبل أبي بن خلف يركض فرسه تلك حتى دنا من رسول الله، صلى الله عليه وسلم، فاعترض رجال من المسلمين له ليقتلوه فقال لهم رسول الله، صلى الله عليه وسلم: استأخروا استأخروا ! فقام رسول الله، صلى الله عليه وسلم، بحربة في يده فرمى بها أبي بن خلف فكسرت الحربة ضلعاً من أضلاعه، فرجع إلى أصحابه ثقيلاً فاحتملوه حتى ولوا به وطفقوا يقولون له: لا بأس بك ! فقال لهم أبي: ألم يقل لي: بل أنا أقتلك إن شاء الله ؟ فانطلق به أصحابه فمات ببعض الطريق فدفنوه، قال سعيد بن المسيب: وفيه أنزل الله، تبارك وتعالى: ( وَمَا رَمَيْتَ إذْ رَمَيْتَ وَلَكِنّ اللّهَ رَمَى ) الآية.
    أخبرنا عتاب بن زياد، أخبرنا عبد الله بن المبارك عن سفيان بن عيينة عن يزيد بن خصيفة عن السائب بن يزيد أو غيره قال: كانت على رسول الله، صلى الله عليه وسلم، يوم أحد درعان.
    أخبرنا عتاب بن زياد، أخبرنا ابن المبارك قال: أخبرنا سفيان بن عيينة قال: لقد أصيب مع رسول الله، صلى الله عليه وسلم، يوم أحد نحو من ثلاثين كلهم يجيء حتى يجثو بين يديه، أو قال: يتقدم بين يديه، ثم يقول: وجهي لوجهك الوفاء ونفسي لنفسك الفداء وعليك سلام الله غير مودع.
    أخبرنا الحسن بن موسى الأشيب وعمرو بن خالد المصري قالا: أخبرنا زهير بن معاوية، أخبرنا أبو إسحاق عن البراء بن عازب قال: لما كان يوم أحد جعل رسول الله، صلى الله عليه وسلم، على الرماة، وكانوا خمسين رجلاً، عبد الله بن جبير الأنصاري ووضعهم موضعاً وقال: إن رأيتمونا تخطفنا الطير فلا تبرحوا مكانكم حتى أرسل إليكم، وإن رأيتمونا قد هزمنا القوم وظهرنا عليهم وأوطأناهم فلا تبرحوا حتى أرسل إليكم، قال: فهزمهم رسول الله، صلى الله عليه وسلم، فأنا والله رأيت النساء يشتددن على الجبل قد بدت أسؤقهن وخلاخلهن رافعات ثيابهن، فقال أصحاب عبد الله بن جبير: الغنيمة ! أي قوم الغنيمة ! قد ظهر أصحابكم فما تنظرون ؟ فقال عبد الله بن جبير: أنسيتم ما قال لكم رسول الله، صلى الله عليه وسلم ؟ فقالوا: إنا والله لنأتين الناس فنصيبن من الغنيمة. قال: فلما أتوهم صرفت وجوههم فأقبلوا منهزمين، فذلك إذ يدعوهم الرسول في أخراهم فلم يبق مع رسول الله، صلى الله عليه وسلم، غير اثني عشر رجلاً فأصابوا منا سبعين رجلاً. وكان رسول الله، صلى الله عليه وسلم وأصحابه، أصاب من المشركين يوم بدر أربعين ومائة: سبعين أسيراً وسبعين قتيلاً، فأقبل أبو سفيان فقال: أفي القوم محمد ؟ ثلاث مرات، قال: فنهاهم رسول الله، صلى الله عليه وسلم، أن يجيبوه، ثم قال: أفي القوم ابن أبي قحافة ؟ أفي القوم ابن أبي قحافة ؟ أفي القوم ابن أبي قحافة؟ أفي القوم ابن الخطاب ؟ أفي القوم ابن الخطاب ؟ أفي القوم ابن الخطاب ؟ قال أبو إسحاق: اتهم، قال الحسن بن موسى أي ليس فوقهم أحد. ثم أقبل أبو سفيان على أصحابه فقال: أما هؤلاء فقد قتلوا وقد كفيتموهم، فما ملك عمر نفسه أن قال: كذبت والله يا عدو الله ! إن الذين عددت لأحياء كلهم وقد بقي لك ما يسوءك. قال: فقال يوم بيوم بدر والحرب سجال ثم إنكم ستجدون في القوم مثلةً لم آمر بها ولم تسؤني. ثم جعل يرتجز ويقول: أعل هبل، أعل هبل ! فقال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: ألا تجيبونه ؟ قالوا: يا رسول الله بماذا نجيبه ؟ قال: قولوا الله أعلى وأجل. قال أبو سفيان: لنا العزى ولا عزى لكم ! فقال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: ألا تجيبونه ؟ قالوا: وبماذا نجيبه يا رسول الله ؟ قال: قولوا الله مولانا ولا مولى لكم.
    أخبرنا خالد بن خداش، أخبرنا عبد العزيز بن أبي حازم، حدثني أبي عن سهل بن سعد قال: كسرت رباعية رسول الله، صلى الله عليه وسلم، يوم أحد وجرح وجهه وكسرت البيضة على رأسه، فكانت فاطمة عليها السلام، تغسل جرحه وعلي يسكب الماء عليها بالمجن يعني الترس، فلما رأت فاطمة أن الماء لا يزيد الدم إلا كثرة أخذت فاطمة قطعة حصير فأحرقته فألصقته عليه فاستمسك الدم.
    أخبرنا خالد بن خداش، أخبرنا الفضل بن موسى السيناني عن محمد ابن عمرو عن سعد بن المنذر عن أبي حميد الساعدي: أن رسول الله، صلى الله عليه وسلم، خرج يوم أحد حتى إذا جاوز ثنية الوداع إذا هو بكتيبة خشناء فقال: من هؤلاء ؟ قالوا: هذا عبد الله بن أبي بن سلول في ستمائة من مواليه من اليهود من أهل قينقاع، وهم رهط عبد الله بن سلام. قال: وقد أسلموا؟ قالوا: لا يا رسول الله. قال: قولوا لهم فليرجعوا فإنا لا نستعين بالمشركين على المشركين.
    أخبرنا أبو المنذر البزاز، أخبرنا سفيان الثوري عن حصين عن أبي مالك: أن رسول الله، صلى الله عليه وسلم، صلى على قتلى أحد.

    غـزوة أحـدا. Fasel10

    كتاب غزوات الرسول وسراياه
    المؤلف : ابن سعد
    منتدى ميراث الرسول . البوابة

    غـزوة أحـدا. E110


      الوقت/التاريخ الآن هو الإثنين 25 نوفمبر - 8:48