بّسم الله الرّحمن الرّحيم
مختصر موسوعة المفاهيم العربية والإسلامية
الصادرة عن المجلس الأعلى للشئون الإسلامية
باق حرف الميم حتى نهايته
مفهوم : معاجم اللغة العربية
لم يسبق العرب فى صناعة المعاجم - من الناحية التاريخية - سوى عدد قليل من الشعوب القديمة ذات التراث الحضارى العريق كالهنود واليونانيين والصينيين والمصريين القدماء.
وإذا كان المعجم العربى - كغيره من سائر فروع الدراسات اللغوية - لم ينشأ إلا بعد ظهور الإسلام ، وباعتباره ثمرة من ثمار الدرس القرآنى، فقد استطاع - منذ ظهوره - أن يشق لنفسه طريقا مستقلا، وأن يحقق من التفوق والتميز ما جعله ينافس معاجم الشعوب الأخرى وقد كان هذا التفوق نتاج عوامل أربعة هى :
1- التفكير المبكر فى عمل معجم حيث ظهر أول معجم كامل فى منتصف القرن الثانى الهجرى (الثامن الميلادى) على يد العالم اللغوى الخليل بن أحمد الفراهيدى (100-175هـ).
2- التفرد بهدف غاب فى معاجم الشعوب الأخرى، وهو تسجيل المادة اللغوية بصورة شاملة، وشرحها بطريقة منظمة، فى حين أن معاجم الشعوب الأخرى مجرد قوائم لشرح الكلمات النادرة أو الصعبة.
3- كثرة ما ظهر من معاجم عربية على امتداد السنوات والقرون حتى إن عدها يكاد يندّ عن الحصر.
4- تنويع أشكال المعاجم العربية بصورة كبيرة، وبشكل يستنفد كل الاحتمالات العقلية الممكنة للترتيب ، كما يبدو من الجدول الآتى:
نوع المعجم ونماذج لكل منهما:
1- معاجم المعانى أو الموضوعات:
أ - الغريب المصنف لأبى عبيد القاسم بن سلام (157-224هـ).
ب - المخصص لابن سيدة (398-458هـ).
2- معاجم الترتيب الصوتى:
أ- العين للخليل بن أحمد (100-175هـ).
ب- تهذيب اللغة للأزهرى (282-370هـ).
3- معاجم الأبنية أو الأوزان:
أ- ديوان الأدب للفارابى (000-350هـ).
ب- شمس العلوم لنشوان بن سعيد الحميرى (467-538).
4- معاجم الترتيب الألفبائى حسب أوائل الكلمات:
أ- الجيم لأبى عمرو الشيبانى (94-206هـ).
ب- أساس البلاغة للزمخشرى (467-538هـ).
ج- المصباح المنير للفيومى (000-770هـ).
5- معاجم الترتيب الألفبائى حسب أواخر الكلمات:
أ- الصحاح للجوهرى (00-393هـ).
ب- لسان العرب لابن منظور (630-711هـ).
(أصدرت دار المعارف المصرية نسخة مرتبة ترتيب الألف باء حسب أوائل الكلمات).
ج- القاموس المحيط للفيروزآبادى (729-817هـ).
احتلت المعاجم العربية مكانا مرموقا بين المعاجم عبر عنه خبير المعاجم الأوروبى Haywood بقوله: "الحقيقة أن العرب فى مجال المعجم يحتلون مكان المركز سواء فى الزمان أو المكان بالنسبة للعالم القديم والحديث وبالنسبة للشرق والغرب".
أ.د/ أحمد مختار عمر
مفهوم : المعصية
لغة: الخروج عن الطاعة ومخالفة الأمر.
واصطلاحا: ما يثاب على تركه ويعاقب على فعله ، ويرادفها: المحظور والحرام. والذنب،
وإذا كانت المعصية عبارة عن مخالفة أمر الله وطاعته مما يوجب سخط الله تعالى ويتوجب العقاب فاعلم أنها تنتج عن مجموعة صفات فى الإنسان كل منها يتعلق به أنواع من المعاصى تختلف عن الأنواع الأخرى وهذه الصفات هى:
1- صفات ربوبية: ومنها يحدث الكبر والفخر، وحب المدح والثناء ، والعز، وطلب الإستعلاء ، ونحو ذلك ، وهذه ذنوب مهلكات ،وبعض الناس يغفل عنها فلا يعدها ذنوبا.
2- صفات شيطانية: ومنها يتشعب الحسد ، والبغى، والحيل ، والخداع ، والمكر والغش ، والنفاق ، والأمر بالفساد ، ونحو ذلك.
3- صفات بهيمية: ومنها يتشعب الشر، والحرص على قضاء شهوتى البطن والفرج ، فيتشعب من ذلك الزنا ، واللواط ، والسرقة، وأخذ الحطام لأجل الشهوات.
4- صفات سبعية: ومنها يتشعب الغضب ، والحقد ، والتهجم على الناس بالقتل والضرب ، وأخذ الأموال ، وهذه الصفات لها تدرج فى الفطرة.
فالصفة البهيمية هى التى تغلب أولا، ثم تتلوها الصفة السبعية ثانيا، فإذا اجتمعت هاتان استعملت العقل فى الصفات الشيطانية من المكر والخداع ، ثم تغلب الصفات الربوبية، فهذه أمهات المعاصى ومنابعها ، ثم تنفجر المعاصى من هذه المنابع إلى الجوارح ،فبعضها فى القلب كالكفر، والبدعة والنفاق وإضمار السوء، وبعضها فى العين ، وبعضها فى السمع ، وبعضها فى اللسان ، وبعضها فى البطن والفرج ، وبعضها فى اليدين والرجلين ،وبعضها فى جميع البدن ، وهذا كله واضح لا يحتاج إلى تفصيل.
وقد اختلف الفقهاء فى تصنيف الذنوب والمعاصى على ثلاثة أوجه:
الأول: أنها تنقسم إلى صغائر وكبائر، وهو المشهور بين الفقهاء، ويساعدهم إطلاقات الكتاب والسنة، لقوله تعالى: {وكره إليكم الكفر والفسوق والعصيان} الحجرات: 7 ، فجعل الفسوق وهو الكبائر تلى رتبة الكفر، وجعل الصغائر تلى رتبة الكبائر وقد خصص النبى صلى الله عليه وسلم بعض الذنوب باسم الكبائر. الثانى: أن الذنوب كلها قسم واحد وهو الكبائر، وهو طريقة جمع عند الأصوليين منهم الأستاذ أبو إسحاق ، ونفى الصغائر، وجرى عليه إمام الحرمين فى الإرشاد، وابن فورك فى كتابه " مشكل القرآن " فقال: المعاصى عندنا كبائر، وإنما يقال لبعضها: صغيرة بالنسبة إلى ما هو أكبر منها كما يقال: الزنا صغيرة بالنسبة إلى الكفر، والقبلة المحرمة صغيرة بالنسبة إلى الزنا، وكلها كبائر.
الثالث: أن المعاصى تنقسم إلى ثلاثة أقسام:
1- كبيرة: كقتل النفس بغير حق.
2- فاحشة: قتل ذا رحم.
3- صغيرة: سائر الذنوب كالخدشة والضرب مرة أو مرتين.
ويظهر من هذه الأقوال أن الخلاف لفظى، فإن رتبة الكبائر تتفاوت قطعا واختلف العلماء فى تعريف الكبيرة اختلافا كبيرا ، كذلك اختلفوا فى حصرها وعدد أنواعها. لكن الصحيح كما قال الواحدى فى البسيط: إنه ليس للكبائر حد يعرفه العباد،وتتميز به عن الصغائر تمييز إشارة، ولو عرف ذلك لكانت الصغائر مباحة، ولكن الله تعالى أخفى ذلك عن العباد ليجتهد كل واحد فى اجتناب ما نهى عنه ، رجاء أن يكون مجتنبا للكبائر، ونظيره إخفاء الصلاة الوسطى فى الصلوات ، وليلة القدر فى رمضان. هل الإصرار على الصغائر يجعلها فى منزلة الكبائر أم لا، نجد عند الأصوليين أن الإصرار له معنيان:
أحدهما: العزم على فعل المعصية بعد الفراغ منها.
والثانى: المداومة على فعل الصغائر.
وحكم الإصرار بالمعنى الأول حكم من كررها فعلا فيتحمل بذلك إثما، وحكم الإصرار بالمعنى الثانى أنه إن كان على نوع واحد من الصغائر غفرت بكثرة الطاعات ،وإن كان الإصرار على أنواع متعددة لا تغفر بكثرة الطاعات بل لابد من التوبة عنها حتى تغفر.
أ.د/ على جمعة محمد
مفهوم : المكتبات
لغة: جمع مكتبة، وهى مكان بيع الكتب والأدوات الكتابية، ومكان جمعها وحفظها كما فى الوسيط.
واصطلاحا: هى تلك المؤسسات الفكرية التى تتجمع فيها الكتب أيا كان نوعها وتنظم وتحفظ وتحلل محتوياتها وتيسر الإفادة منها للمستفيدين.
وهى قديمة قدم الفكر الإنسانى نفسه وقد عرفت فى مصر القديمة والعراق القديم وبرجاموم ولدى الصينيين القدماء واليونان والرومان.
ولما كان الإسلام يقدر العلم والعلماء فقد حث على تحصيل العلم وتدوينه ، ورفع شأن المؤلفين ، وعمل على تشجيعهم. وكان من الطبيعى أن يقوم المسلمون بالتأليف والتدوين فى جميع جوانب العلم الدينية والعلمية على السواء. وكانت هناك منذ نهاية القرن الثانى الهجرى حركة تأليف وترجمة ونشر قوية للغاية، وتبع هذه الحركة بالضرورة إنشاء المكتبات التى تسعى إلى جمع وحفظ وتنظيم وتيسير الإفادة من الكتب. وقد عرفت تلك المكتبات عند المسلمين بتسميات شتى من بينها بيت الحكمة، دار العلم ، خزانة الكتب ،دار الكتب.
والدارس لتاريخ الكتب والمكتبات عند المسلمين يعلم أن الأرض الإسلامية قد زرعت مكتبات ، حيث وصفت "زيجريد هونكه" المسلمين بأنهم "شعب يذهب إلى المدرسة" وقد تنوعت المكتبات عند المسلمين تنوعا شديدا ، لدرجة أنه كانت عندهم أنواع منها انقرضت ولا نعرفها الآن فى أى مكان فى العالم مثل مكتبات المقابر ومكتبات التكايا ومكتبات الربط ومكتبات الخانقاوات. ويمكننا أن نعدد أنواع المكتبات عند المسلمين على الوجوه الآتية:
1- المكتبات الخاصة الشخصية.
2- مكتبات الدولة.
3- المكتبات العامة.
4- مكتبات المدارس.
5- مكتبات البلاطات.
6- مكتبات المساجد والجوامع.
7- مكتبات دور الحديث ودور القراءة.
8- مكتبات المستشفيات.
9- مكتبات التربة والمقابر.
10- مكتبات الرباطات.
11- مكتبات الخانقاوات.
12- مكتبات التكايا.
ومن أشهر المكتبات الخاصة مكتبة الصاحب بن عباد الذى كان تلميذا ومصاحبا لابن العميد وكان وزيرا ، وأول من لقب بالصاحب من الوزراء، ويقال: إن مكتبته بلغت حمل أربعمائة جمل أو يزيد. وكان فهرست المكتبة وحده يقع فى عشرة مجلدات. ويقول ول ديورانت عن هذه المكتبة فى قصة الحضارة، وكان عند بعض الأمراء كالصاحب ابن عباد من الكتب بقدر ما فى دورالاكتب الأوريية مجتمعة".
ومن أشهر مكتبات الدولة الإسلامية:
1- مكتبة بيت الحكمة فى بغداد التى بلغت قمة ازدهارها أيام الرشيد وابنه المأمون ، وكان بها عدة أقسام:
- قسم الكتب.
- قسم الترجمة.
- قسم البحث والتأليف.
- قسم المرصد الفلكى.
- قسم النسخ والتجليد.
وكان من بين مديريها سهل بن هارون ،سعيد بن هارون ، سلم الحرانى، أحمد بن محمد ، الحسن بن مراد الضبى. ويقال: إن مجموعاتها قد بلغت أكثر من مليونى مجلد.
2- مكتبة دار العلم بالقاهرة وقد خطط لها الحاكم بأمرالله وافتتحت سنة (395هـ /1005م) وقد قال عنها بابا روما سلفستر الثانى عبارته الشهيرة: "إنه لمن المعلوم تماما أنه لا يوجد أحد فى روما له من العلم ما يؤهله لأن يعمل بوابا لتلك المكتبة، وأنى لنا أن نعلم الناس ونحن فى حاجة لمن يعلمنا ، إن فاقد الشىء لايعطيه". وقد بلغت مجلداتها هى الأخرى نحو مليونى مجلد.
3- مكتبة سابور بن أردشير فى بغداد التى أسسها وأوقفها على الناس سنة 382هـ فى الكرخ فى بغداد وكان أبوالعلاء المعرى من بين المنتفعين بها وبما فيها من ذخائر.
4- مكتبة المدرسة النظامية فى بغداد التى يقال: إن الوزير السلجوقى نظام الملك أسسها فى النصف الثانى من القرن الخامس الهجرى. وهو الوزيرالذى خطط لإنشاء المدارس الرسمية فى الدولة الإسلامية. وقد ضمت هذه المكتبة أكثرمن عشرة آلاف مجلد.
5- مكتبة المدرسة الفاضلية التى أسسها القاضى الفاضل وزير صلاح الدين الأيوبى والتى يقال: إن مجموعاتها بلغت مائة ألف مجلدة تقف شامخة بين المكتبات المدرسية بالقاهرة حيث لم تبلغ مكتبة مدرسية أخرى مكانتها.
6- ومن بين مكتبات البلاطات كانت مكتبات القصورالفاطمية التى وصفت فى المصادر بأنها من عجائب الدنيا وليس فى بلاد الإسلام جميعها دار كتب أعظم منها. وقد بلغت خزائن الكتب فيها أربعين خزانة.
ومن أسف أن مصائر المكتبات الإسلامية كانت مفزعة حيث كانت النهاية الحرق والتخريب والإغراق والسلب والتهريب للخارج ، ولم يصلنا من مقتنياتها أكثر من 5%.
أ.د/ شعبان عبد العزيز خليفة
مفهوم : الملاحظة
لغة: لاحظه ملاحظة ولحاظا: راعاه.
وراقبه. ولاحظ عليه كذا: أخذه عليه والملاحظة: النظر بشق العين الذى يلى الصدغ. وتعنى كذلك ما يؤخذ على الرأى أو الكتاب من هنات. كما أنها تعنى فى مناهج البحث العلمى: مشاهدة يقظة للظواهر كما هى ، دون تغيير أو تبديل.
والملحوظة: كلمة توضع على هامش الكتاب أو غيره عنوانا إلى ما ينبه عليه من خطأ أوسهو أو نقص. هذا ولم ترد كلمة "ملاحظة" ولا مادتها فى القرآن الكريم.
واصطلاحا: هى أن يوجه الباحث عقله وحواسه ، إلى طائفة خاصة من الظواهر، لا لمجرد مشاهدتها بل معرفة صفاتها وخواصها ، سواء أكانت شديدة الظهور أو الخفاء.
ويفهم من ذلك أن الملاحظة هى المشاهدة الدقيقة لظاهرة ما، مع الاستعانة بأساليب البحث التى تتلاءم مع تلك الظاهرة.
والملاحظة تطلق أيضا على الحقائق المشاهدة التى يقررها الباحث فى فرع خاص من فروع المعرفة،
كأن يقال: ملاحظات طبية، لكن يمكن أن يقال "طب إكلينيكى" وهو الذى يقوم على مجرد الملاحظة، فى مقابل "طب تجريبى" الذى يقوم على التجريب. والملاحظة هى إحدى صور المعرفة التجريبية، التى تستلزم اليقظة والانتباه. وهى ليست مجرد عملية حسية فى التفكير بل هى تتضمن تدخلا إيجابيا من جانب العقل ، الذى يقوم بنصيب كبير فى إدراك الصلات الدقيقة بين الظواهر، أو ما يسمى "الحدس بالقانون" ولابد فى كل ملاحظة من التفريق بين الذات المدركة والشىء المدرك. فلولا ذلك لما أمكن الانتقال من الذاتى إلى الموضوعى
والملاحظة نوعان:
أ- ملاحظة فجّة: وهى كل ملاحظة سريعة يقوم بها الإنسان فى ظروف الحياة العادية، مثل ملاحظة الرجل العامى لأطوار القمر هلالا ثم بدرا وغير ذلك. لكن ملاحظته هذه لا تعين له السبب فى اختلاف أوجه القمر، وهى لا تهدف إلى تحقيق غاية نظرية أو الكشف عن حقيقة علمية، لكن بعض الملاحظات السريعة قد تكون سببا فى الكشف عن بعض القوانين الطبيعية الكبرى، مثل كشف نيوتن عن قانون الجاذبية، بعد أن شاهد تفاحة تسقط من شجرتها.
ب - ملاحظة علمية: وهى كل ملاحظة منهجية يقوم بها الباحث فى صبر وأناة، للكشف عن تفاصيل الظواهر وعن العلاقات الخفية التى توجد بين عناصرها، أو بينها وبين ظواهر أخرى.
وهنا يمكن التفريق بين نوعين من الملاحظة العلمية:
1- ملاحظة الكيف: وتستخدم فى العلوم التى تعمل على تصنيف الأشياء إلى أجناس أو أنواع ، كعلوم الحيوان والنبات ،بواسطة تحديد الصفات النوعية.
2- ملاحظة الكم: وهى معرفة العلاقات بين العناصر التى تتألف منها ظاهرة معينة، ومنها الملاحظات الفلكية والكيميائية والفيزيائية. وهى ترمى إلى التعبيرعن العلاقات التى تكشف عنها بنسب عددية ، محاولة الوصول إلى مرحلة الدقة التى وصلت إليها العلوم الرياضية
والملاحظة فى مقابل التجريب EXPERI-MENTATION الذى هو منهج علمى يقوم على الملاحظة والتصنيف ووضع الفروض والتحقق من صحتها
لكن الملاحظة والتجربة تعبران عن مرحلتين متداخلتين من الناحية العلمية.
وكثيرا ما تكون التجربة مجرد ملاحظة لتوليد فكرة جديدة فى ذهن العالم ، لا لاختبار فكرة سابقة موجودة لديه.
ويمكن الجمع بين الملاحظة والتجربة بشرطين:
1- الموضوعية: بمعنى الدقة التامة مع التجرد من العاطفة.
2- تحقيق بعض الصفات العقلية: كأن يتسم الباحث ملاحظا أم مجربا بروع النقد والتمحيص والفطنة والحذر وعدم التسرع فى التفسير والتأويل.
ولا ينبغى أن يغيب عن الباحث ملاحظا أو مجربا أن البحث عن السبب شىء هام جدا، مع التأكيد على أن المسبب هو الثمرة المنشودة ، فتسخين الحديد مثلا سبب ، لكن تشكيله هو المسبب وهو الغاية.
وهناك ما يسمى "الملاحظة المنجدة" وهي التى يستعين بها العالم على اختبار فكرته ، مثلما يستعين بالتجربة تماما.
وأشيرا فإن هناك "الملاحظة فى علم الأخلاق" ويقصد بها المراقبة لسلوك ما ، لمعرفة مدى مطابقته للقواعد المرسومة.
أ.د/ عبد اللطيف محمد العبد
مفهوم : الملائكة
لغة: الملك والملاك: جنس نورانى لطيف من خلق الله تعالى وجمعها: ملائكة وملائك، كما أن لفظ ملك يشعر بأنه رسول منفذ لأمر مرسله {لا يسبقونه بالقول وهم بأمره يعملون} الأنبياء:27.
والملائكة حقيقة مؤكدة من حقائق هذا الكون وقد ورد ذكرهم فى القرآن الكريم ثمانيا وثمانين مرة، لما لهم من دور عظيم فى هذا الكون، حسب المشيئة الإلهية.
والملائكة عالم لطيف غيبى غير محسوس ، خلقهم الله تعالى من نور، فهم من أشرف خلق الله تعالى، وهم عباد مكرمون ، مبرءون من الميول النفسية والأهواء الشخصية، ومطهرون من الشهوات ، ومنزهون عن الخطايا والآثام.
وليسوا كالبشر يأكلون ويشربون وينامون ، وهم أيضا لا يتصفون بذكورة ولا بأنوثة، ولا بأى حالة مادية مما يتصف به البشر.
وللملائكة قدرة على التمثل بصورة بشرية أو غيرها مما يأذن به الله عز وجل.
لقد جاء جبريل إلى مريم متمثلا فى صورة بشرية: {واذكر فى الكتاب مريم إذ انتبذت من أهلها مكانا شرقيا. فاتخذت من دونهم حجابا فأرسلنا إليها روحنا فتمثل لها بشرا سويا} مريم:16-17.
وحكم الإيمان بالملائكة: أنه واجب ، لأنه يمثل الركن الثانى بعد الإيمان بالله ، كما قال تعالى: {آمن الرسول بما أنزل إليه من ربه والمؤمنون كل آمن بالله وملائكته وكتبه ورسله} البقرة:285. فجعل الله سبحانه وتعالى، الإيمان هو الإيمان بهذه الجملة، وسمى من آمن بهذه الجملة: "مؤمنين".
كما جعل الكفر بهذه الجملة، فقال عز وجل من قائل: {ومن يكفر بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر فقد ضل ضلالا بعيدا} النساء:136.
وفى حديث جبريل المتفق على صحته ، حيث سأل النبى صلى الله عليه وسلم عن الإيمان ، فأجاب بقوله: (أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر وتؤمن بالقدر خيره وشره) رواه مسلم.
وقد أوجب الله تعالى، الإيمان بالملائكة هكذا، لما لهم من شأن كبيرفى عالم الروح ،ودور إيجابى فى الكون ومخلوقاته ومنها الإنسان. وإن الإيمان بهم يدفع إلى محاولة المعرفة بأوصافهم والتخلق بشمائلهم ، وفى ذلك تطهير للقلب وتصفية للنفس، وهو من علامات البر، ومن دلائل الصدق والتقوى والتعاون على الخير:
{ولكن البر من آمن بالله واليوم الآخر والملائكة والكتاب والنبيين} البقرة:177.
وكما خلق الله الجان من نار، وآدم من طين ، خلق الملائكة من نور فعن عائشة رضى الله عنها أن النبى صلى الله عليه وسلم قال: (خلقت الملائكة من نور وخلق الجان من مارج من نار وخلق آدم مما وصف لكم)، أى من طين(رواه مسلم عن عائشة).
وخلق الملائكة متقدم على خلق الإنسان ، بدليل أن الله تعالى قد أخبرهم سلفا بأنه سيخلق الإنسان ، ويجعله خليفته فى الأرض: {وإذ قال ربك للملائكة إنى جاعل فى الأرض خليفة قالوا أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك قال إنى أعلم مالا تعلمون} البقرة:30.
ومسكن الملائكة عليهم السلام السماء، وينزلون منها حسب التوجيه الإلهى. فقد أخرج أحمد والبخارى من حديث ابن عباس ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لجبريل: (ما يمنعك أن تزورنا أكثر مما تزورنا) قال: فنزلت: {وما نتنزل إلا بأمر ربك له ما بين أيدينا وما خلفنا وما بين ذلك وما كان ربك نسيا} مريم:64.
ويرى بعض العلماء أن البشر عموما أفضل من الملائكة بحسب الظاهر. وحجة هؤلاء أن الملائكة عجروا عن الإجابة على الأسماء التى عرضت عليهم ، بينما أجاب عليها آدم ، فشرف بالعلم الذى خصه الله به.
وكدلك فى أمر الله للملائكة بالسجود لآدم ما يفيد تفضيله عليهم (انظرسورة البقرة من الآية 31 إلى 34)،
وأيضا فإن طاعة الملائكة جبلية، وتركهم للمعصية لا يحتاج لأدنى مجاهدة، فهم لا شهوة لهم ، بينما الإنسان يحتاج إلى مجاهدة لمصارعة هواه ،وترقية روحه.
وينسب إلى أهل السنة تفضيل الأنبياء وصالحى البشر فقط على الملائكة. كما ينسب إلى المعتزلة تفضيل الملائكة على البشر. وكذلك ينسب إلى الشيعة تفضيل أئمتهم على جميع الملائكة.
والواجب علينا الإيمان بالملائكة والنبيين ،ولسنا مكلفين بأن نعتقد أى الفريقين أفضل ، وإلا لبينه الكتاب والسنة، مثلما جاء تفضيل بعض الأنبياء والرسل على بعض فى {ولقد فضلنا بعض النبيين على بعض}الإسراء:55 {تلك الرسل فضلنا بعضهم على بعض} البقرة:253.
أما تفاوت الملائكة فيما بينهم فهو حاصل ، سواء في الخلق أم فى الأقدار، فالتفاوت فى الخلق مثل: {الحمد لله فاطر السموات والأرض جاعل الملائكة رسلا أولى أجنحة مثنى وثلاث ورباع يزيد فى الخلق ما يشاء إن الله على كل شىء قدير} فاطر:1 ، أى أن الله خلق الملائكة وجعل لهم أجنحة: فمنهم من له جناحان ، أو ثلاثة، أو أربعة، أو أكثر، فعن ابن مسعود (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى جبريل عليه السلام له ستمائة جناح) (رواه مسلم عن ابن مسعود) وإن كثرة الأجنحة دليل على شدة السرعة فى تنفيذ أوامر الله وتبليغ رسالته: {وما منا إلا له مقام معلوم. وإنا لنحن الصافون. وإنا لنحن المسبحون} الصافات:164-166.
فما من ملك إلا له موضع مخصوص فى السموات ، ومقام فى العبادة لا يتجاوزه ولا يتعداه. كما أنهم يصطفون فيسبحون الرب ويقدسونه وينزهونه ، فهم عبيد له ، فقراء إليه ، خاضعون له.
وفى الملائكة ثلاثة رؤساء مقربين أكثر من سواهم ، وهم جبريل وميكائيل وإسرافيل قال تعالى: {من كان عدوا لله وملائكته ورسله وجبريل وميكال فإن الله عدو للكافرين} البقرة:98. وفى الحديث: (اللهم رب جبريل وميكائيل وإسرافيل ، فاطر السموات والأرض ، عالم الغيب والشهادة، أنت تحكم بين عبادك فيما كانوا فيه يختلفون: اهدنى لما اختلف فيه من الحق بإذنك ، إنك تهدى من تشاء إلى صراط مستقيم) (رواه مسلم).
وهؤلاء موكلون بالحياة: فميكائيل موكل بالقطر الذى به حياة الأرض والنبات والحيوان ، وإسرافيل موكل بالنفخ فى الصور الذى به حياة الخلق بعد مماته ، أما جبريل عليه السلام فهو موكل بالوحى الذى به حياة القلوب والأرواح: {نزل به الروح الأمين} الشعراء:193. وسمى جبريل روحا ، لأنه حامل الوحى الذى به حياة القلوب ، إلى الرسل من البشر وهو كذلك أمين حق أمين.
وجاء فى وصفه أيضا: {إنه لقول رسول كريم. ذى قوة عند ذى العرش مكين. مطاع ثم أمين} التكوير:19-21.
وقد دل القرآن والسنة، على أصناف الملائكة، وأنهم موكلون بالسموات والأرض: من جبال وسحاب ومطر: {فالمدبرات أمرا} النازعات:5 ، وقد ظن الكفار أن النجوم هى التى تقوم بهذا التدبير.
والملائكة أعظم جنود الله تعالى، وفيهم طوائف وفرق مثل: المرسلات والعاصفات والناشرت والفارقات والملقيات ذكرا(انظر سورة المرسلات 1-4) والنازعات والناشطات والسابحات والسابقات والصافات والزاجرات والتاليت ذكرا (انظر سورة الصافات 1-3).
وكل من هؤلاء له مقام معلوم لايتخطاه ، وعمل قد أمربه ، لا يقصر عنه ولا يتعداه ، وهم رسل الله فى خلقه وأمره ، وسفراء بينه وبين عباده ، وهم لكثرتهم يدخل البيت المعمور منهم كل يوم سبعون ألفا لا يعودون إليه. والله عز وجل يكرمهم ، ويقرن اسمه باسمهم ،وصلاته بصلاتهم ، ويضيفهم إليه فى مواضع التشريف ، ويصفهم بالطهارة والإخلاص: {هو الذى يصلى عليكم وملائكته ليخرجكم من الظلمات إلى النور} الأحزاب:43.
والملائكة موكلون بكتابة أعمال العباد وأقوالهم ، بل نياتهم ، لأنها فعل القلوب فدخلت فى عموم {يعلمون ما تفعلون}الانفطار:12، ومما يشهد لذلك حديث الشيخين وأحمد والترمذى: (إذا هم بسيئة فلا تكتبوها عليه ، فإن عملها فاكتبوها عليه سيئة. وإذا هم عبدى بحسنة فلم يعملها فاكتبوها له حسنة، فإن عملها فاكتبوها عشرة).
ولا يمر سلوك للإنسان دون أن يسجله الملاثكة عليهم السلام: {ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد} ق:18.
وهم يسجلون ذلك فى سجل لكل فرد، ثم تعرض يوم القيامة: {وكل إنسان ألزمناه طائره فى عنقه ونخرج له يوم القيامة كتابا يلقاه منشورا. اقرأ كتابك كفى بنفسك اليوم عليك حسيبا} الإسراء:13-14.
بل إن الملائكة يشهدون على الإنسان يوم العرض بما شاهدوه منه من خيرأو شر: {ونفخ فى الصورذلك يوم الوعيد. وجاءت كل نفس معها سائق وشهيد. لقد كنت فى غفلة من هذا فكشفنا عنك غطاءك فبصرك اليوم حديد} ق:20-22.
وفى الصحيحين عن النبى صلى الله عليه وسلم أنه قال: (يتعاقبون فيكم ملائكة بالليل وملائكة بالنهار يجتمعون فى صلاة الصبح وصلاة العصر. فيصعد الذين كانوا فيكم فيسألهم - والله أعلم بهم - كيف تركتم عبادى، فيقولون: أتيناهم وهم يصلون ،وفارقناهم وهم يصلون).
والمرء بين أربعة أملاك بالنهار، وأربعة آخرين بالليل بدلا: حافظان: واحد من أمامه ، والآخر من ورائه فإذا جاء قدر الله خلوا عنه. وكاتبان: صاحب اليمين يكتب الحسنات ، وصاحب الشمال يكتب السيئات.
ومما يقوم به الملائكة الكرام التسبيح والخضوع التام لله تعالى (الأعراف 206 ، الزمر75)، وحمل العرش (غافر 7)، والتسليم على أهل الجنة (الرعد 23-24)، وتعذيب أهل النار (المدثر 27-31)، وحفظ الإنسان من بعض الحوادث ومن أذى الجن والشياطين ، وطلب المغفرة للتائبين (غافر 7-9) وتأمينهم مع المصلين: (فمن وافق تأمينه تأمين الملائكة غفرله ما تقدم من ذنبه) (رواه أحمد وأبو داود والنسائى).
ويحضرون صلاة العصر والفجر {إن قرآن الفجر كان مشهود}الإسراء:78 ، أى صلاة الفجر. وينزلون عند قراءة القرآن ويستمعون إليه ، كما حدث مع أسيد بن حضير، حين كان يقرأ بالليل فرأى مثل الظلة فيها أمثال السرج عرجت فى الجو، فقال له الرسول صلى الله عليه وسلم : (تلك الملائكة كانت تسمعلك) رواه الشيخان ، واللفظ لمسلم.
كما أنهم يحضرون مجالس الذكر، كما فى الحديث: (إن لله ملائكة يطوفون فى الطريق يلتمسون أهل الذكر) (رواه البخارى بهذا اللفظ ورواه مسلم بلفظ آخر).
وهم أيضا يصلون على المؤمنين ، ولاسيما أهل العلم منهم: (إن الله وملائكته وأهل السموات والأرض ليصلون على معلم الناس الخير) (رواه الترمذى، وقال حديث حسن). وفى حديث آخر: (إن الملائكة تضع أجنحتها لطالب العلم رضا بما يصنع). أبو داود والترمذى.
وقد تحمل الملائكة بشرى إلى شخص صاحب موقف طيب. فقد روى مسلم عن أبى هريرة رضى الله عنه عن النبى صلى الله عليه وسلم قال: (زار رجل أخا له فى قرية أخرى، قال: أريد أخا لى فى هذه القرية. قال: هل لك عليه من نعمة تربها -أى تصلحها - قال: لا، غير أنى أحببته فى الله عز وجل. قال: فإنى رسول الله إليك بأن الله قد أحبك ،كما أحببته فيه).
ومن تكريم الله عز وجل لملائكته أن يعلمهم بمن يحبه وبمن يبغضه ،كما فى الحديث: (إن الله تعالى إذا أحب عبدا دعا جبريل ، فقال: إنى أحب فلانا فأحبه ، فيحبه جبريل ، ثم ينادى فى السماء فيقول: إن الله يحب فلانا فأحبوه ، فيحبه أهل السماء، ثم يوضع له القبول فى الأرض. وإذا أبغض عبدا ... ). رواه مسلم ومما يقوم به الملائكة من وظائف سامية، أنهم يثبتون المؤمنين بما يلقونه فى قلوبهم من التأييد أثناء الجهاد: {إذ يوحى ربك إلى الملائكة أنى معكم فثبتوا الذين آمنوا} الأنفال:12.
والملائكة أيضا موكلون بقبض الأرواح بقضاء الله وقدره ،فيتولى ملك الموت قبضها واستخراجها ، ثم يتولاها ملائكة الرحمة أو ملائكة العذاب ، وهم أعوانه: {قل يتوفاكم ملك الموت الذى وكل بكم ثم إلى ربكم ترجعون} السجدة:11.
وتقوم الملائكة بتحية الطيبين عند قبض أرواحهم ، ويبشرونهم بالجنة: {الذين تتوفاهم الملائكة طيبين ، يقولون سلام عليكم ادخلوا الجنة بما كنتم تعملون} النحل:32.
أ.د/ عبد اللطيف محمد العبد
مفهوم : المِلكيَّة
لغة: مصدر صناعى من المُلك والمِلك والمَلك ، وهو احتواء الشىء والقدرة على التصرف فيه بانفراد، فهو مع القدرة على التصرف(كما فى اللسان) والملك والمالك الحقيقى هو الله تعالى فهو مالك يوم الدين.
واصطلاحا: عند الفقهاء: الاختصاص ، والعلاقة الشرعية بين الإنسان والشىء، التى ترتب له حق التصرف فيه ،وتحجز الغير عن هذا التصرف ، وهو قدرة يثبتها الشرع ابتداء على التصرف إلا لمانع.
وقيل: حكم شرعى يقدر فى عين أو منفعة يقتضى تمكن من ينسب إليه من انتفاعه به ، والعوض عنه من حيث هو كذلك.
- وعند الحكماء: هو هيئة تفرد للشىء بسبب ما يحيط به وينتقل بانتقاله ، ويطلق أيضا على الجدة وعلى القنية.
ويستعمل الملك أيضا فى ملك الرقبة أى ملك الذات ، وملك المنفعة أى الوظيفة، وملك اليمين يغلب استعماله فى الرقيق.
والملك باعتبار صاحبه ثلاثة أنواع:
- ملكية الدولة أو ملكية بيته المال: وتضم كل مال استحقه المسلمون ولم يتعين مالكه ، كبيت مال الزكاة بأنواعها ، وبيت مال المصالح ويضم: الخراج والفىء وخمس الغنائم والجزية والعشور والركاز، وبيت مال الضوائع. ويضم: وارث من لا وارث له ،واللقطة، وديات القتلى الذين لا أولياء لهم ،ويتصرف فيه ناظر بيت المال تصرف الملاك الخاصين فى أملاكهم بما يحقق مصلحة الجماعة المسلمة.
- الملكية العامة أو الجماعية: وهى ملكية مشتركة بين مجموع أفراد الأمة دون أن يختص بها أحد منهم ، إما لتجاوز المنفعة من هذه الأشياء على ما يبذل فى سبيلها من جهد ونفقة، وإما لكون نفعها ضروريا لمجموع الأمة ولا غنى لأفرادها عنها. وتشمل الملكية المشتركة المرافق العامة من أنهار وشوارع وطرقات ومراعى وغابات وغيرها. فقد جاء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم : " المسلمون شركاء فى ثلاث: فى الماء والكلأ والنار " رواه أحمد.
الحمى: وهى أرض لا يملكها أحد وتخصص لمصلحة عامة، كأن تكون مرعى لإبل الصدقة وخيل الجهاد. والأراضى الموقوفة لمصلحة المسلمين: كالأراضى التى فتحت عنوة ولم توزع على الغانمين. والمعادن المستقرة فى الأراضى بخلق الله ظاهرة وباطنة، كالذهب والفضة والنحاس والحديد والبترول.
- الملكية الخاصة: ويكون مستحقها وصاحبها فردا أو جماعة على سبيل الاشتراك ، وتشمل كل الأموال الحلال ، من نقود وعروض قنية وعروض تجارة وأصول ثابتة ووسائل الإنتاج ، والتى لا تقع ضمن الملكية العامة المشتركة للمسلمين أو ملكية بيته مال المسلمين.
والملكية فى الإسلام ذاته سمة فريدة فهى لجميع أنواعها ملكية استخلاف ، حيث إن الملك والملكية لله تعالى، فهو وحده سبحانه: {مالك يوم الدين}الفاتحة:4 ، وهو جل جلاله {مالك الملك} آل عمران:26. وهو سبحانه: {بيده ملكوت كل شىء} المؤمنون:88 ،يس:83 ، وهو المالك الأوحد {ولم يكن له شريك فى الملك} الفرقان:2 ، كما ذكرت آيات القرآن الكريم فى ثمانية عشر موضعا أنه سبحانه وتعالى له ملك السماوات والأرض ، والبشر مستخلفون - فرادى وجماعات - فى الأرض {ليستخلفنهم فى الأرض كما استخلف الذين من قبلهم}النور:55.
وقد قسم العلماء طرق وأسباب اكتساب الملكية إلى أربعة أقسام:
- باعتبار وجود الإرادة وعدمها: إلى أسباب اختيارية كالاستيلاء على المباح بما فى ذلك إحياء الأراضى الموات وسائر- العقود، وأسباب جبرية كما فى الميراث.
- باعتبار الصفة الأصلية إلى أسباب منشئه كالإحياء والصيد ، وأسباب ناقلة كما فى العقود والميراث.
- باعتبارالصيغة إلى أسباب فعلية كالاستيلاء على المباح ،وأسباب قولية كما فى العقود، وأسباب اعتبارية كما فى الميراث.
- باعتبار الشخص الذى تؤول إليه الملكية: إلى ما كان بعمل شرعى من أنواع السعى كالتجارة والصناعة والزراعة والصيد ، وما كان بحكم شرعى كالزكاة والنفقات والإرث والكفارات ، أو ما كان بإرادة الغير
كالهبة والصدقة والوقف والإقطاع.
وقد حفظت الشريعة الإسلامية حق الملكية الخاصة والمشتركة وملكية الدولة بتحريم التملك عن طريق وسائل الغش و الخداع كالتلاعب بالأسعار والغرر ، وعن طريق الظلم والاستغلال كالغصب والسرقة و الاختلاس والرشوة والربا والاحتكار، وعن طريق تحديد المصالح التى تبيح تدخل الحاكم لتقييد الملكية الخاصة أو مصادرتها.
كما حفظت الشريعة دور الملكية فى المجتمع عن طريق تحريم التملك لكل ما فيه ضرر عائد على الأفراد أو الجماعات فى أعراضهم وأموالهم وعقولهم ، كالإتجار بالأعراض والخمر والميسر وكافة المحرمات.
كذلك حفظت الشريعة السمحاء التوازن الدقيق بين مصلحة الفرد وحق الجماعة بما حددته من مبادىء تحفظ حق كل من الملكية الخاصة والملكية العامة وملكية الدولة، وكيفية استعمال كل منها، وانتقال الملكية الخاصة من شخص لآخر فى حياته وبعد موته.
أ.د/ نعمت عبد اللطيف مشهور
مفهوم : المَهْر
لغة: هو ما يلتزم الزوج بأدائه إلى زوجته حين يتم زواجه بها. كما فى المعجم الوجيز.
واصطلاحا: اسم للمال الذى يجب فى عقد النكاح على الزوج فى مقابل البضع ، إما بالتسمية أو بالعقد.
وقد أوجبه الشارع الحكيم للزوجة، كحق مقرر لها بعقد النكاح لقول الله تعالى {وآتوا النساء صدقاتهن نحلة} النساء:4 ، وما رواه سهل الساعدى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لمريد الزواج من امرأة: (التمس ولو خاتما من حديد) متفق عليه.
والمهر المسمى هو الذى يتفق المتعاقدان على مقداره ، ويذكر أنه عند التعاقد أو بعده ، وهو يجب للمرأة إذا صح عقد نكاحها، وكان المسمى مالا متقوما معلوما.
ومهر المثل: هو الذى يفرض بحسب العادة فى مثل المرأة التى يراد تزوجها إذا حدث أن فسد تسمية المهر، أو لا يسمى للمرأة مهر، أو يتفق المتعاقدان على نفى المهر، أو يحدث الدخول بالمرأة فى نكاح فاسد ، أو الاشتباه فى حل المدخول بها، فيجب للمرأة فى هذه الحالات مهر مثلها من النساء.
وإيجاب الصداق للمرأة على من يريد الزواج بها فيه إعزاز لها، ورفعة لشأنها عنده ،حيث يبذل لها ما يجهد المرء نفسه فى سبيل اكتسابه وما تضن به النفس عادة، وهذا أدعى إلى دوام العشرة بين الزوجين.
وقد تميز التشريع الإسلامى بذلك عن كثير من الشرائع والأعراف التى لا توجب للمرأة هذا الحق على زوجها، بل قد تفرض عليها بذل المال لمن يتزوجها فى مقابل زواجه بها.
أ.د/ عبد الفتاح محمود إدريس
مفهوم : المؤاخاة
لغة: أخا فلانا - أخوة، وإخاوة: اتخذه أخا (آخى فلانا مؤخاة وإخاء: اتخذه أخا) المعجم الوسيط مادة (أخو).
واصطلاحا: الأخوة فى الدين الإسلامى أعلى رباط اجتماعى، ذلك أن الأخوة فى الدين ناتجة عن الإيمان العميق به ، بحيث يخضع لأوامر ربه دون سواه ، ومن ثم تكون هناك عاطفة قوية موحدة تجمع المسلمين جميعا.
وقد أشار القرآن الكريم إلى هذه الحقيقة فى قوله تعالى: {إنما المؤمنون إخوة} الحجرات:10 ، كما أثر عن الرسول صلى الله عليه وسلم قوله: (المسلم أخو المسلم) وقوله: (وكونوا عباد الله إخوانا) بمعنى كونوا حريصين على أخوة الدين التى تجمع بينكم.
والحب الذى يجمع بين الأخوة فى الدين ليس حبا ينصب على الذات ، وإنما هو منصب على الإيمان الذى يربط بين المؤمنين ،بحيث يحب المسلم لأخيه ما يحب لنفسه ،فالإيمان هو الرباط الدائم بين إخوة الدين ،وهو الذى يضبط سلوك المؤمنين وعاداتهم. إذ يقول الله تعالى: {لاتجد قوما يؤمنون بالله واليوم الآخر يوادون من حاد الله ورسوله ، ولو كانوا آباءهم أو أبناءهم أو إخوانهم أو عشيرتهم أولئك كتب فى قلوبهم الإيمان وأيدهم بروح منه} المجادلة:22.
كذلك يوضح الله نعمته إذ جعل المؤمنين إخوانا يجمعهم الإيمان ، وعظم فضل الأخوة التى ارتبطت بفضل الإيمان ارتباطا وثيقا، إذ يقول تعالى: {واذكروا نعمت الله عليكم إذ كنتم أعداء فألف بين قلوبكم فأصبحتم بنعمته إخوانا وكنتم على شفا حفرة من النار فأنقذكم منها} آل عمران:103.
هكذا حرص الإسلام على المؤاخاة بين المسلمين ، حتى فى أكثر الأمور خصوصية مثل الميراث ، إذ كان الميراث فى بداية الإسلام بالأخوة فى الدين لا فى النسب ، ولم يكن المسلمون الأوائل يبخلون بمالهم على إخوانهم المسلمين الفقراء الذين عانوا وطأة الاضطهاد بسبب دينهم.
ولذلك فإن النبى صلى الله عليه وسلم حين رأى مجتمع المدينة ممزقا حينما هاجر إليه بسبب الخلافات بين الأوس والخررج من ناحية، وبسبب فقر معظم المهاجرين وعوزهم من ناحية أخرى، طبق مبدأ أخوة الإسلام بحيث يشعر كل مسلم أنه مكفول كفالة تامة فى المجتمع الإسلامى.
ويقوم مبدأ المؤاخاة الذى طبقه الرسول صلى الله عليه وسلم على أساس أن المسلمين جميعا أخوة، يعطى الغنى منهم فقيرهم بالمعروف ويعين القادر منهم غير القادر، إذ أمرهم الرسول صلى الله عليه وسلم بأن يتأخوا فى الله اثنين اثنين ، أو أخوين أخوين ، فقد أخذ بيد على بن أبى طالب وقال: هذا أخى، وكان حمزة بن عبدالمطلب أسد الله ، وزيد بن حارثة مولى النبى أخوين ،وأبو بكر وخارجة بن زيد الخزرجى أخوين.
وهكذا تآخى كل واحد من المهاجرين مع رجل من الأنصار.
كانت المؤاخاة بهذا المفهوم الاقتصادى الاجتماعى درسا فى التنظيم الاجتماعى ولم يكن معناها أبدا أن يركن المهاجرون إلى الدعة، ويتوقفوا عن السعى وراء الرزق بل كان الهدف ترسيخ قيمة التكافل الاجتماعى بين من يشتركون فى أخوة الدين الإسلامى، بحيث يعين المسلم أخاه المسلم في وقت الحاجة الملحة دون تواكل على الغير بدون لببه أو ضرورة، ولذلك اشتغل بعض المهاجرين بالتجارة، على حين عمل البعض الآخر، فى حقول الأنصار ومزارعهم.
ونخلص من هذا كله بأن الأخوة فى الإسلام منَّ بها الله على المؤمنين ، كما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم - طبقها عمليا فى المؤاخاة التى قام بها بين المهاجرين والأنصار تثبيتا لدعائم المجتمع المسلم ، وترسيخا للأسس التى قامت عليها أمة المسلمين.
أ.د/ قاسم عبده قاسم
مفهوم : الموازين
لغة: جمع ميزان ، وهو الآلة التى توزن بها الأشياء كما فى اللسان، كما تطلق على المقادير القياسية التى توزن تبعا لها الأشياء.
وقد تعامل العرب فى الإسلام وما قبله بالأوزان ، وكانت هذه الأوزان كثيرة، لكن الأساس منها يتمثل فى الدرهم والدينار.
وقد تنوعت الأوزان واختلفت مقاديرها ،ويلاحظ فيها أن الأوزان الصغيرة تستعمل للأشياء الثمينة، والمتوسطة لمتوسطة القيمة،والكبيرة لدنيئة القيمة.
واصطلاحا: الوزن أصل الكيل ، نلاحظ ذلك فى كلام الفقهاء، فإذا عرف الوزن عرف الكيل. ولذا فإنهم يقدرونه بالمد والصاع - وهما من الكيل - بالرطل والدرهم - وهما من الوزن - وقد خلط الفقهاء بين الكيل والوزن ،فجعلوا - مثلا - الرطل والدرهم وهما من الوزن من أجزاء المد والصاع وهما من الأكيال ، فيجب معرفة الدرهم والرطل أولا حتى يسهل معرفة المد والصاع.
وهناك فرق بين الكيل والوزن ، فالكيل للحجم والوزن للثقل ، قال تعالى: {أوفوا الكيل ولا تكونوا من المخسرين. وزنوا بالقسطاس المستقيم}الشعراء:181-182. ويظهر من الآية أنهما متغايران ، إذالعطف يقتضى المغايرة.
وقد ورد فى القرآن الكريم والسنة الغراء كثير من الأوزان مثل: المثقال ، القسطاس المستقيم ، والذرة، وحبة الخردل ، والقنطار ، والنقير، والأوقية ، والدرهم ، وغيرها.
وهناك أوزان أخرى عرفت فى صدر الإسلام مثل: الطسوج ، والقيراط ، والدانق ،والدرهم ، وهو أنواع مختلفة منها: الدراهم الطبرية ، والدرهم البغلى، والدرهم الحوراقى، والدرهم الجواز، والدينار وله أنواع عدة منها: الدينار الحرقلى الرومى، والدينار الكروى، دينار عبد الملك بن مروان ، وغيرها ، والنواة،والنش ، والرطل ، والمن.
والأوزان لها مكانة عليا فى معاملات الناس ، إذ تعتبر مقياسا مهما لها، وتتعلق بها بعض الأحكام الفقهية التى تسير بها الحياة، ومن المسائل الفقهية المهمة التى يلاحظ أن الموازين لها دخل وحظ عظيم فيها: زكاة النقدين ، ومقدار نصاب السرقة، وأقل المهر فى النكاح ، وكفارة الجماع فى الحيض ، ودية القتل العمد والقتل الخطأ وغيرها كثير.
أ.د/ على جمعه محمد
مفهوم : المواقيت
لغة: جمع ميقات ، وهو الحد، تقول: وقت الشىء يوقته ، ووقته يقته إذا بين حده، ثم اتسع فيه ، فأطلق على المكان فقيل للموضع: ميقات ، والميقات بصدد الوقت كما فى اللسان.
واصطلاحا: يطلق على الوقت المضروب للشىء، كما يقال للمكان الذى يجعل منه وقت الشىء كميقات الحج.
والمواقيت كما يظهر من التعريف زمانية ومكانية، وهى تعتبر حدودا لأداء العبادات سواء كان ذلك فى بدايتها أونهايتها.
والميقات الزمانى له علم خاص به يسمى "بعلم الميقات" وهو علم يعرف به أزمنة الأيام والليالى وأحوالها ، وفائدته تتلخص فى معرفة أوقات العبادات.
ويهتم علم الميقات الزمانى بتحديد أوائل الشهور القمرية ونهايتها حتى تقام العبادات بناء على ذلك ، كما يهتم بالنظر فى الكواكب والبروج من حيث سيرها،وهوعلم له خطر عظيم ، إذ هو وسيلة إلى المقاصد المطلوبة شرعا لمصالح الدين والدنيا، فالجهل بالأوقات سبب للجهل بأمر الصلاة والزكاة.. فقد يضعها الإنسان فى غير محلها، فيصلى فى غيرالوقت ويصوم وقت الإفطار ويفطر وقت الصوم.. وهكذا مما لا يخفى.
وبدرجة أهمية المواقيت الزمانية تكون درجة المواقيت المكانية وأهميتها ،إذ إن الاهتمام بزمن العبادة يتبعه بالتالى الاهتمام بمكانها.
وتظهر الأهمية بالنسبة للمواقيت المكانية مثلا فى الحج ، فالمسلمون يقصدون الأراضى المقدسة لتأدية فريضة الحج من كل فج عميق ، فوقت لهم الشارع الحكيم مواقيت مكانية لا يتعدونها ، وهناك مواقيت خمسة للحاج أن يراعيها:
- ذو الحليفة: وهو ميقات أهل المدينة.
- الجُحفة: وهو ميقاف أهل الشام ، ومصر، والمغرب.
- يلملم: وهو ميقات أهل اليمن.
- قرن: وهو ميقات أهل نجد.
- ذات عرق: وهو ميقات أهل العراق ،وخراسان ، والمشرق.
وهى مواقيت لأهلها، ولمن مر بها من غير أهلها، فمن مر عليها يريد النسك لزمه أن لا يجاوزها حتى يحرم ، فإذا جاوز الميقات يريد النسك ثم أحرم دونه فعليه دم سواء عاد إلى الميقات أو لم يعد.
أ.د/ على جمعه محمد
مفهوم : الميراث
لغة: انتقال الشىء من شخص إلى آخر بعد الوفاة، سواء كان الانتقال إلى وارث موجود، أو فى حكم الموجود كالجنين ، كما فى القاموس.
واصطلاحا: استحقاق نصيب فى تركة المتوفى، بسبب قرابة أو زوجية أو ولاء.
وأسباب الميراث المتفق عليها هى: القرابة والزوجية، ومن أدلة مشروعية الاستحقاق بسببهما: قول الله تعالى: {للرجال نصيب مما ترك الوالدان والأقربون وللنساء نصيب مما ترك الوالدان والأقربون} النساء:7 ، وقوله سبحانه: {ولكم نصف ما ترك أزواجكم إن لم يكن لهن ولد .. } النساء:12 ، وما رواه ابن عباس عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (ألحقوا الفرائض بأهلها، فما بقى فهو لأولى رجل ذكر) متفق عليه.
ونظام الميراث فى الإسلام نظام إلهى، لا دخل للبشر فى ترتيبه الحقوق فيه ، فهى مترتبة من قبل الشارع لكل من قام به سبب الإرث عند وفاة المورث ، حيثه يعطى كل وارث نصيبه المقدر له إن كان من أصحاب الفروض ، أو يأخذ الباقى من أصحاب الفروض إن كان يرث بالتعصيب.
ولا يحرم من الميراث أحد ممن قام به سبب الإرث ، إلا أن يكون قاتلا لمورثه أو مختلفا معه فى الدين.
ولم يمنع الإسلام المرأة من الإرث كما هو الحال فى الشريعة اليونانية أو اليهودية أو الأعراف القبلية القديمة، ولم يمنع الإسلام الطفل أو حتى الجنين فى الرحم من الإرث ،كما هو الحال فى الأعراف القبلية القديمة، حيث كان لا يعطى من التركة إلا الرجال الأقوياء، ولم يميز الإسلام عند توزيع الأنصبة فى الإرث بين الكبير والصغير، كما فى شريعة اليهود، حيث يعطى فيها الابن الأكبر للمتوفى ضعف ما يعطى الأصغر.
ومن خصائص نظام الميراث الإسلامى:
1- أنه نظام إجبارى فى حق المورث والوارث ، فليس للمورث حرمان أحد من الميراث ، وليس للوارث رد إرثه من قريبه ،خلافا لبعض النظم التى تجعل حق الإرث اختياريا لكليهما.
2- حرصت الشريعة الإسلامية على حفظ حق الورثة فى مال قريبهم قبل موته ، إذا مرض مرضا يسلمه إلى الموت ، حيث منعته من التصرف فى ماله بما يضر بورثته أو يضيع حقوقهم فى ماله ، بعد أن تركت له الحرية المطلقة فى التصرف فى ثلث هذا المال.
3- وقد جعلت الشريعة الإسلامية تركة الميت لأحب الناس إليه ، وأكثرهم صلة به ،وتعاونا معه فى حال حياته.
4- وجعلت التوارث داخل نطاق الأسرة الواحدة، بما يحقق الترابط بين أفرادها.
5- وجعلت أساس تقديم بعض الورثة على بعض: قوة القرابة، وشدة الصلة بالميت ، واتصال المنافع بين الوارث والمورث.
6- اعتبرت الشرعية الإسلامية الحاجة هى أساس التفاضل فى الميراث عند الاتفاق فى سبب الاستحقاق ، ولهذا جعلت نصيب البنت نصف نصيب أخيها الذكر،لأن حاجته إلى المال أشد من حاجتها إليه ، ومطالب الحياه وتبعتها بالنسبة له أكثرمنها.
7- ونظام الميراث فى الإسلام يحول درن جميع الثروة فى يد واحدة على حساب الآخرين ، ويؤدى إلى تفتيت الثروة على أكبر عدد من المستحقين للتركة، فيستفيد من خيرها طائفة كبيرة من أقارب الميت.
أ.د/ عبد الفتاح محمود إدريس
منتديات الرسالة الخاتمة
لم يسبق العرب فى صناعة المعاجم - من الناحية التاريخية - سوى عدد قليل من الشعوب القديمة ذات التراث الحضارى العريق كالهنود واليونانيين والصينيين والمصريين القدماء.
وإذا كان المعجم العربى - كغيره من سائر فروع الدراسات اللغوية - لم ينشأ إلا بعد ظهور الإسلام ، وباعتباره ثمرة من ثمار الدرس القرآنى، فقد استطاع - منذ ظهوره - أن يشق لنفسه طريقا مستقلا، وأن يحقق من التفوق والتميز ما جعله ينافس معاجم الشعوب الأخرى وقد كان هذا التفوق نتاج عوامل أربعة هى :
1- التفكير المبكر فى عمل معجم حيث ظهر أول معجم كامل فى منتصف القرن الثانى الهجرى (الثامن الميلادى) على يد العالم اللغوى الخليل بن أحمد الفراهيدى (100-175هـ).
2- التفرد بهدف غاب فى معاجم الشعوب الأخرى، وهو تسجيل المادة اللغوية بصورة شاملة، وشرحها بطريقة منظمة، فى حين أن معاجم الشعوب الأخرى مجرد قوائم لشرح الكلمات النادرة أو الصعبة.
3- كثرة ما ظهر من معاجم عربية على امتداد السنوات والقرون حتى إن عدها يكاد يندّ عن الحصر.
4- تنويع أشكال المعاجم العربية بصورة كبيرة، وبشكل يستنفد كل الاحتمالات العقلية الممكنة للترتيب ، كما يبدو من الجدول الآتى:
نوع المعجم ونماذج لكل منهما:
1- معاجم المعانى أو الموضوعات:
أ - الغريب المصنف لأبى عبيد القاسم بن سلام (157-224هـ).
ب - المخصص لابن سيدة (398-458هـ).
2- معاجم الترتيب الصوتى:
أ- العين للخليل بن أحمد (100-175هـ).
ب- تهذيب اللغة للأزهرى (282-370هـ).
3- معاجم الأبنية أو الأوزان:
أ- ديوان الأدب للفارابى (000-350هـ).
ب- شمس العلوم لنشوان بن سعيد الحميرى (467-538).
4- معاجم الترتيب الألفبائى حسب أوائل الكلمات:
أ- الجيم لأبى عمرو الشيبانى (94-206هـ).
ب- أساس البلاغة للزمخشرى (467-538هـ).
ج- المصباح المنير للفيومى (000-770هـ).
5- معاجم الترتيب الألفبائى حسب أواخر الكلمات:
أ- الصحاح للجوهرى (00-393هـ).
ب- لسان العرب لابن منظور (630-711هـ).
(أصدرت دار المعارف المصرية نسخة مرتبة ترتيب الألف باء حسب أوائل الكلمات).
ج- القاموس المحيط للفيروزآبادى (729-817هـ).
احتلت المعاجم العربية مكانا مرموقا بين المعاجم عبر عنه خبير المعاجم الأوروبى Haywood بقوله: "الحقيقة أن العرب فى مجال المعجم يحتلون مكان المركز سواء فى الزمان أو المكان بالنسبة للعالم القديم والحديث وبالنسبة للشرق والغرب".
أ.د/ أحمد مختار عمر
مفهوم : المعصية
لغة: الخروج عن الطاعة ومخالفة الأمر.
واصطلاحا: ما يثاب على تركه ويعاقب على فعله ، ويرادفها: المحظور والحرام. والذنب،
وإذا كانت المعصية عبارة عن مخالفة أمر الله وطاعته مما يوجب سخط الله تعالى ويتوجب العقاب فاعلم أنها تنتج عن مجموعة صفات فى الإنسان كل منها يتعلق به أنواع من المعاصى تختلف عن الأنواع الأخرى وهذه الصفات هى:
1- صفات ربوبية: ومنها يحدث الكبر والفخر، وحب المدح والثناء ، والعز، وطلب الإستعلاء ، ونحو ذلك ، وهذه ذنوب مهلكات ،وبعض الناس يغفل عنها فلا يعدها ذنوبا.
2- صفات شيطانية: ومنها يتشعب الحسد ، والبغى، والحيل ، والخداع ، والمكر والغش ، والنفاق ، والأمر بالفساد ، ونحو ذلك.
3- صفات بهيمية: ومنها يتشعب الشر، والحرص على قضاء شهوتى البطن والفرج ، فيتشعب من ذلك الزنا ، واللواط ، والسرقة، وأخذ الحطام لأجل الشهوات.
4- صفات سبعية: ومنها يتشعب الغضب ، والحقد ، والتهجم على الناس بالقتل والضرب ، وأخذ الأموال ، وهذه الصفات لها تدرج فى الفطرة.
فالصفة البهيمية هى التى تغلب أولا، ثم تتلوها الصفة السبعية ثانيا، فإذا اجتمعت هاتان استعملت العقل فى الصفات الشيطانية من المكر والخداع ، ثم تغلب الصفات الربوبية، فهذه أمهات المعاصى ومنابعها ، ثم تنفجر المعاصى من هذه المنابع إلى الجوارح ،فبعضها فى القلب كالكفر، والبدعة والنفاق وإضمار السوء، وبعضها فى العين ، وبعضها فى السمع ، وبعضها فى اللسان ، وبعضها فى البطن والفرج ، وبعضها فى اليدين والرجلين ،وبعضها فى جميع البدن ، وهذا كله واضح لا يحتاج إلى تفصيل.
وقد اختلف الفقهاء فى تصنيف الذنوب والمعاصى على ثلاثة أوجه:
الأول: أنها تنقسم إلى صغائر وكبائر، وهو المشهور بين الفقهاء، ويساعدهم إطلاقات الكتاب والسنة، لقوله تعالى: {وكره إليكم الكفر والفسوق والعصيان} الحجرات: 7 ، فجعل الفسوق وهو الكبائر تلى رتبة الكفر، وجعل الصغائر تلى رتبة الكبائر وقد خصص النبى صلى الله عليه وسلم بعض الذنوب باسم الكبائر. الثانى: أن الذنوب كلها قسم واحد وهو الكبائر، وهو طريقة جمع عند الأصوليين منهم الأستاذ أبو إسحاق ، ونفى الصغائر، وجرى عليه إمام الحرمين فى الإرشاد، وابن فورك فى كتابه " مشكل القرآن " فقال: المعاصى عندنا كبائر، وإنما يقال لبعضها: صغيرة بالنسبة إلى ما هو أكبر منها كما يقال: الزنا صغيرة بالنسبة إلى الكفر، والقبلة المحرمة صغيرة بالنسبة إلى الزنا، وكلها كبائر.
الثالث: أن المعاصى تنقسم إلى ثلاثة أقسام:
1- كبيرة: كقتل النفس بغير حق.
2- فاحشة: قتل ذا رحم.
3- صغيرة: سائر الذنوب كالخدشة والضرب مرة أو مرتين.
ويظهر من هذه الأقوال أن الخلاف لفظى، فإن رتبة الكبائر تتفاوت قطعا واختلف العلماء فى تعريف الكبيرة اختلافا كبيرا ، كذلك اختلفوا فى حصرها وعدد أنواعها. لكن الصحيح كما قال الواحدى فى البسيط: إنه ليس للكبائر حد يعرفه العباد،وتتميز به عن الصغائر تمييز إشارة، ولو عرف ذلك لكانت الصغائر مباحة، ولكن الله تعالى أخفى ذلك عن العباد ليجتهد كل واحد فى اجتناب ما نهى عنه ، رجاء أن يكون مجتنبا للكبائر، ونظيره إخفاء الصلاة الوسطى فى الصلوات ، وليلة القدر فى رمضان. هل الإصرار على الصغائر يجعلها فى منزلة الكبائر أم لا، نجد عند الأصوليين أن الإصرار له معنيان:
أحدهما: العزم على فعل المعصية بعد الفراغ منها.
والثانى: المداومة على فعل الصغائر.
وحكم الإصرار بالمعنى الأول حكم من كررها فعلا فيتحمل بذلك إثما، وحكم الإصرار بالمعنى الثانى أنه إن كان على نوع واحد من الصغائر غفرت بكثرة الطاعات ،وإن كان الإصرار على أنواع متعددة لا تغفر بكثرة الطاعات بل لابد من التوبة عنها حتى تغفر.
أ.د/ على جمعة محمد
مفهوم : المكتبات
لغة: جمع مكتبة، وهى مكان بيع الكتب والأدوات الكتابية، ومكان جمعها وحفظها كما فى الوسيط.
واصطلاحا: هى تلك المؤسسات الفكرية التى تتجمع فيها الكتب أيا كان نوعها وتنظم وتحفظ وتحلل محتوياتها وتيسر الإفادة منها للمستفيدين.
وهى قديمة قدم الفكر الإنسانى نفسه وقد عرفت فى مصر القديمة والعراق القديم وبرجاموم ولدى الصينيين القدماء واليونان والرومان.
ولما كان الإسلام يقدر العلم والعلماء فقد حث على تحصيل العلم وتدوينه ، ورفع شأن المؤلفين ، وعمل على تشجيعهم. وكان من الطبيعى أن يقوم المسلمون بالتأليف والتدوين فى جميع جوانب العلم الدينية والعلمية على السواء. وكانت هناك منذ نهاية القرن الثانى الهجرى حركة تأليف وترجمة ونشر قوية للغاية، وتبع هذه الحركة بالضرورة إنشاء المكتبات التى تسعى إلى جمع وحفظ وتنظيم وتيسير الإفادة من الكتب. وقد عرفت تلك المكتبات عند المسلمين بتسميات شتى من بينها بيت الحكمة، دار العلم ، خزانة الكتب ،دار الكتب.
والدارس لتاريخ الكتب والمكتبات عند المسلمين يعلم أن الأرض الإسلامية قد زرعت مكتبات ، حيث وصفت "زيجريد هونكه" المسلمين بأنهم "شعب يذهب إلى المدرسة" وقد تنوعت المكتبات عند المسلمين تنوعا شديدا ، لدرجة أنه كانت عندهم أنواع منها انقرضت ولا نعرفها الآن فى أى مكان فى العالم مثل مكتبات المقابر ومكتبات التكايا ومكتبات الربط ومكتبات الخانقاوات. ويمكننا أن نعدد أنواع المكتبات عند المسلمين على الوجوه الآتية:
1- المكتبات الخاصة الشخصية.
2- مكتبات الدولة.
3- المكتبات العامة.
4- مكتبات المدارس.
5- مكتبات البلاطات.
6- مكتبات المساجد والجوامع.
7- مكتبات دور الحديث ودور القراءة.
8- مكتبات المستشفيات.
9- مكتبات التربة والمقابر.
10- مكتبات الرباطات.
11- مكتبات الخانقاوات.
12- مكتبات التكايا.
ومن أشهر المكتبات الخاصة مكتبة الصاحب بن عباد الذى كان تلميذا ومصاحبا لابن العميد وكان وزيرا ، وأول من لقب بالصاحب من الوزراء، ويقال: إن مكتبته بلغت حمل أربعمائة جمل أو يزيد. وكان فهرست المكتبة وحده يقع فى عشرة مجلدات. ويقول ول ديورانت عن هذه المكتبة فى قصة الحضارة، وكان عند بعض الأمراء كالصاحب ابن عباد من الكتب بقدر ما فى دورالاكتب الأوريية مجتمعة".
ومن أشهر مكتبات الدولة الإسلامية:
1- مكتبة بيت الحكمة فى بغداد التى بلغت قمة ازدهارها أيام الرشيد وابنه المأمون ، وكان بها عدة أقسام:
- قسم الكتب.
- قسم الترجمة.
- قسم البحث والتأليف.
- قسم المرصد الفلكى.
- قسم النسخ والتجليد.
وكان من بين مديريها سهل بن هارون ،سعيد بن هارون ، سلم الحرانى، أحمد بن محمد ، الحسن بن مراد الضبى. ويقال: إن مجموعاتها قد بلغت أكثر من مليونى مجلد.
2- مكتبة دار العلم بالقاهرة وقد خطط لها الحاكم بأمرالله وافتتحت سنة (395هـ /1005م) وقد قال عنها بابا روما سلفستر الثانى عبارته الشهيرة: "إنه لمن المعلوم تماما أنه لا يوجد أحد فى روما له من العلم ما يؤهله لأن يعمل بوابا لتلك المكتبة، وأنى لنا أن نعلم الناس ونحن فى حاجة لمن يعلمنا ، إن فاقد الشىء لايعطيه". وقد بلغت مجلداتها هى الأخرى نحو مليونى مجلد.
3- مكتبة سابور بن أردشير فى بغداد التى أسسها وأوقفها على الناس سنة 382هـ فى الكرخ فى بغداد وكان أبوالعلاء المعرى من بين المنتفعين بها وبما فيها من ذخائر.
4- مكتبة المدرسة النظامية فى بغداد التى يقال: إن الوزير السلجوقى نظام الملك أسسها فى النصف الثانى من القرن الخامس الهجرى. وهو الوزيرالذى خطط لإنشاء المدارس الرسمية فى الدولة الإسلامية. وقد ضمت هذه المكتبة أكثرمن عشرة آلاف مجلد.
5- مكتبة المدرسة الفاضلية التى أسسها القاضى الفاضل وزير صلاح الدين الأيوبى والتى يقال: إن مجموعاتها بلغت مائة ألف مجلدة تقف شامخة بين المكتبات المدرسية بالقاهرة حيث لم تبلغ مكتبة مدرسية أخرى مكانتها.
6- ومن بين مكتبات البلاطات كانت مكتبات القصورالفاطمية التى وصفت فى المصادر بأنها من عجائب الدنيا وليس فى بلاد الإسلام جميعها دار كتب أعظم منها. وقد بلغت خزائن الكتب فيها أربعين خزانة.
ومن أسف أن مصائر المكتبات الإسلامية كانت مفزعة حيث كانت النهاية الحرق والتخريب والإغراق والسلب والتهريب للخارج ، ولم يصلنا من مقتنياتها أكثر من 5%.
أ.د/ شعبان عبد العزيز خليفة
مفهوم : الملاحظة
لغة: لاحظه ملاحظة ولحاظا: راعاه.
وراقبه. ولاحظ عليه كذا: أخذه عليه والملاحظة: النظر بشق العين الذى يلى الصدغ. وتعنى كذلك ما يؤخذ على الرأى أو الكتاب من هنات. كما أنها تعنى فى مناهج البحث العلمى: مشاهدة يقظة للظواهر كما هى ، دون تغيير أو تبديل.
والملحوظة: كلمة توضع على هامش الكتاب أو غيره عنوانا إلى ما ينبه عليه من خطأ أوسهو أو نقص. هذا ولم ترد كلمة "ملاحظة" ولا مادتها فى القرآن الكريم.
واصطلاحا: هى أن يوجه الباحث عقله وحواسه ، إلى طائفة خاصة من الظواهر، لا لمجرد مشاهدتها بل معرفة صفاتها وخواصها ، سواء أكانت شديدة الظهور أو الخفاء.
ويفهم من ذلك أن الملاحظة هى المشاهدة الدقيقة لظاهرة ما، مع الاستعانة بأساليب البحث التى تتلاءم مع تلك الظاهرة.
والملاحظة تطلق أيضا على الحقائق المشاهدة التى يقررها الباحث فى فرع خاص من فروع المعرفة،
كأن يقال: ملاحظات طبية، لكن يمكن أن يقال "طب إكلينيكى" وهو الذى يقوم على مجرد الملاحظة، فى مقابل "طب تجريبى" الذى يقوم على التجريب. والملاحظة هى إحدى صور المعرفة التجريبية، التى تستلزم اليقظة والانتباه. وهى ليست مجرد عملية حسية فى التفكير بل هى تتضمن تدخلا إيجابيا من جانب العقل ، الذى يقوم بنصيب كبير فى إدراك الصلات الدقيقة بين الظواهر، أو ما يسمى "الحدس بالقانون" ولابد فى كل ملاحظة من التفريق بين الذات المدركة والشىء المدرك. فلولا ذلك لما أمكن الانتقال من الذاتى إلى الموضوعى
والملاحظة نوعان:
أ- ملاحظة فجّة: وهى كل ملاحظة سريعة يقوم بها الإنسان فى ظروف الحياة العادية، مثل ملاحظة الرجل العامى لأطوار القمر هلالا ثم بدرا وغير ذلك. لكن ملاحظته هذه لا تعين له السبب فى اختلاف أوجه القمر، وهى لا تهدف إلى تحقيق غاية نظرية أو الكشف عن حقيقة علمية، لكن بعض الملاحظات السريعة قد تكون سببا فى الكشف عن بعض القوانين الطبيعية الكبرى، مثل كشف نيوتن عن قانون الجاذبية، بعد أن شاهد تفاحة تسقط من شجرتها.
ب - ملاحظة علمية: وهى كل ملاحظة منهجية يقوم بها الباحث فى صبر وأناة، للكشف عن تفاصيل الظواهر وعن العلاقات الخفية التى توجد بين عناصرها، أو بينها وبين ظواهر أخرى.
وهنا يمكن التفريق بين نوعين من الملاحظة العلمية:
1- ملاحظة الكيف: وتستخدم فى العلوم التى تعمل على تصنيف الأشياء إلى أجناس أو أنواع ، كعلوم الحيوان والنبات ،بواسطة تحديد الصفات النوعية.
2- ملاحظة الكم: وهى معرفة العلاقات بين العناصر التى تتألف منها ظاهرة معينة، ومنها الملاحظات الفلكية والكيميائية والفيزيائية. وهى ترمى إلى التعبيرعن العلاقات التى تكشف عنها بنسب عددية ، محاولة الوصول إلى مرحلة الدقة التى وصلت إليها العلوم الرياضية
والملاحظة فى مقابل التجريب EXPERI-MENTATION الذى هو منهج علمى يقوم على الملاحظة والتصنيف ووضع الفروض والتحقق من صحتها
لكن الملاحظة والتجربة تعبران عن مرحلتين متداخلتين من الناحية العلمية.
وكثيرا ما تكون التجربة مجرد ملاحظة لتوليد فكرة جديدة فى ذهن العالم ، لا لاختبار فكرة سابقة موجودة لديه.
ويمكن الجمع بين الملاحظة والتجربة بشرطين:
1- الموضوعية: بمعنى الدقة التامة مع التجرد من العاطفة.
2- تحقيق بعض الصفات العقلية: كأن يتسم الباحث ملاحظا أم مجربا بروع النقد والتمحيص والفطنة والحذر وعدم التسرع فى التفسير والتأويل.
ولا ينبغى أن يغيب عن الباحث ملاحظا أو مجربا أن البحث عن السبب شىء هام جدا، مع التأكيد على أن المسبب هو الثمرة المنشودة ، فتسخين الحديد مثلا سبب ، لكن تشكيله هو المسبب وهو الغاية.
وهناك ما يسمى "الملاحظة المنجدة" وهي التى يستعين بها العالم على اختبار فكرته ، مثلما يستعين بالتجربة تماما.
وأشيرا فإن هناك "الملاحظة فى علم الأخلاق" ويقصد بها المراقبة لسلوك ما ، لمعرفة مدى مطابقته للقواعد المرسومة.
أ.د/ عبد اللطيف محمد العبد
مفهوم : الملائكة
لغة: الملك والملاك: جنس نورانى لطيف من خلق الله تعالى وجمعها: ملائكة وملائك، كما أن لفظ ملك يشعر بأنه رسول منفذ لأمر مرسله {لا يسبقونه بالقول وهم بأمره يعملون} الأنبياء:27.
والملائكة حقيقة مؤكدة من حقائق هذا الكون وقد ورد ذكرهم فى القرآن الكريم ثمانيا وثمانين مرة، لما لهم من دور عظيم فى هذا الكون، حسب المشيئة الإلهية.
والملائكة عالم لطيف غيبى غير محسوس ، خلقهم الله تعالى من نور، فهم من أشرف خلق الله تعالى، وهم عباد مكرمون ، مبرءون من الميول النفسية والأهواء الشخصية، ومطهرون من الشهوات ، ومنزهون عن الخطايا والآثام.
وليسوا كالبشر يأكلون ويشربون وينامون ، وهم أيضا لا يتصفون بذكورة ولا بأنوثة، ولا بأى حالة مادية مما يتصف به البشر.
وللملائكة قدرة على التمثل بصورة بشرية أو غيرها مما يأذن به الله عز وجل.
لقد جاء جبريل إلى مريم متمثلا فى صورة بشرية: {واذكر فى الكتاب مريم إذ انتبذت من أهلها مكانا شرقيا. فاتخذت من دونهم حجابا فأرسلنا إليها روحنا فتمثل لها بشرا سويا} مريم:16-17.
وحكم الإيمان بالملائكة: أنه واجب ، لأنه يمثل الركن الثانى بعد الإيمان بالله ، كما قال تعالى: {آمن الرسول بما أنزل إليه من ربه والمؤمنون كل آمن بالله وملائكته وكتبه ورسله} البقرة:285. فجعل الله سبحانه وتعالى، الإيمان هو الإيمان بهذه الجملة، وسمى من آمن بهذه الجملة: "مؤمنين".
كما جعل الكفر بهذه الجملة، فقال عز وجل من قائل: {ومن يكفر بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر فقد ضل ضلالا بعيدا} النساء:136.
وفى حديث جبريل المتفق على صحته ، حيث سأل النبى صلى الله عليه وسلم عن الإيمان ، فأجاب بقوله: (أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر وتؤمن بالقدر خيره وشره) رواه مسلم.
وقد أوجب الله تعالى، الإيمان بالملائكة هكذا، لما لهم من شأن كبيرفى عالم الروح ،ودور إيجابى فى الكون ومخلوقاته ومنها الإنسان. وإن الإيمان بهم يدفع إلى محاولة المعرفة بأوصافهم والتخلق بشمائلهم ، وفى ذلك تطهير للقلب وتصفية للنفس، وهو من علامات البر، ومن دلائل الصدق والتقوى والتعاون على الخير:
{ولكن البر من آمن بالله واليوم الآخر والملائكة والكتاب والنبيين} البقرة:177.
وكما خلق الله الجان من نار، وآدم من طين ، خلق الملائكة من نور فعن عائشة رضى الله عنها أن النبى صلى الله عليه وسلم قال: (خلقت الملائكة من نور وخلق الجان من مارج من نار وخلق آدم مما وصف لكم)، أى من طين(رواه مسلم عن عائشة).
وخلق الملائكة متقدم على خلق الإنسان ، بدليل أن الله تعالى قد أخبرهم سلفا بأنه سيخلق الإنسان ، ويجعله خليفته فى الأرض: {وإذ قال ربك للملائكة إنى جاعل فى الأرض خليفة قالوا أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك قال إنى أعلم مالا تعلمون} البقرة:30.
ومسكن الملائكة عليهم السلام السماء، وينزلون منها حسب التوجيه الإلهى. فقد أخرج أحمد والبخارى من حديث ابن عباس ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لجبريل: (ما يمنعك أن تزورنا أكثر مما تزورنا) قال: فنزلت: {وما نتنزل إلا بأمر ربك له ما بين أيدينا وما خلفنا وما بين ذلك وما كان ربك نسيا} مريم:64.
ويرى بعض العلماء أن البشر عموما أفضل من الملائكة بحسب الظاهر. وحجة هؤلاء أن الملائكة عجروا عن الإجابة على الأسماء التى عرضت عليهم ، بينما أجاب عليها آدم ، فشرف بالعلم الذى خصه الله به.
وكدلك فى أمر الله للملائكة بالسجود لآدم ما يفيد تفضيله عليهم (انظرسورة البقرة من الآية 31 إلى 34)،
وأيضا فإن طاعة الملائكة جبلية، وتركهم للمعصية لا يحتاج لأدنى مجاهدة، فهم لا شهوة لهم ، بينما الإنسان يحتاج إلى مجاهدة لمصارعة هواه ،وترقية روحه.
وينسب إلى أهل السنة تفضيل الأنبياء وصالحى البشر فقط على الملائكة. كما ينسب إلى المعتزلة تفضيل الملائكة على البشر. وكذلك ينسب إلى الشيعة تفضيل أئمتهم على جميع الملائكة.
والواجب علينا الإيمان بالملائكة والنبيين ،ولسنا مكلفين بأن نعتقد أى الفريقين أفضل ، وإلا لبينه الكتاب والسنة، مثلما جاء تفضيل بعض الأنبياء والرسل على بعض فى {ولقد فضلنا بعض النبيين على بعض}الإسراء:55 {تلك الرسل فضلنا بعضهم على بعض} البقرة:253.
أما تفاوت الملائكة فيما بينهم فهو حاصل ، سواء في الخلق أم فى الأقدار، فالتفاوت فى الخلق مثل: {الحمد لله فاطر السموات والأرض جاعل الملائكة رسلا أولى أجنحة مثنى وثلاث ورباع يزيد فى الخلق ما يشاء إن الله على كل شىء قدير} فاطر:1 ، أى أن الله خلق الملائكة وجعل لهم أجنحة: فمنهم من له جناحان ، أو ثلاثة، أو أربعة، أو أكثر، فعن ابن مسعود (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى جبريل عليه السلام له ستمائة جناح) (رواه مسلم عن ابن مسعود) وإن كثرة الأجنحة دليل على شدة السرعة فى تنفيذ أوامر الله وتبليغ رسالته: {وما منا إلا له مقام معلوم. وإنا لنحن الصافون. وإنا لنحن المسبحون} الصافات:164-166.
فما من ملك إلا له موضع مخصوص فى السموات ، ومقام فى العبادة لا يتجاوزه ولا يتعداه. كما أنهم يصطفون فيسبحون الرب ويقدسونه وينزهونه ، فهم عبيد له ، فقراء إليه ، خاضعون له.
وفى الملائكة ثلاثة رؤساء مقربين أكثر من سواهم ، وهم جبريل وميكائيل وإسرافيل قال تعالى: {من كان عدوا لله وملائكته ورسله وجبريل وميكال فإن الله عدو للكافرين} البقرة:98. وفى الحديث: (اللهم رب جبريل وميكائيل وإسرافيل ، فاطر السموات والأرض ، عالم الغيب والشهادة، أنت تحكم بين عبادك فيما كانوا فيه يختلفون: اهدنى لما اختلف فيه من الحق بإذنك ، إنك تهدى من تشاء إلى صراط مستقيم) (رواه مسلم).
وهؤلاء موكلون بالحياة: فميكائيل موكل بالقطر الذى به حياة الأرض والنبات والحيوان ، وإسرافيل موكل بالنفخ فى الصور الذى به حياة الخلق بعد مماته ، أما جبريل عليه السلام فهو موكل بالوحى الذى به حياة القلوب والأرواح: {نزل به الروح الأمين} الشعراء:193. وسمى جبريل روحا ، لأنه حامل الوحى الذى به حياة القلوب ، إلى الرسل من البشر وهو كذلك أمين حق أمين.
وجاء فى وصفه أيضا: {إنه لقول رسول كريم. ذى قوة عند ذى العرش مكين. مطاع ثم أمين} التكوير:19-21.
وقد دل القرآن والسنة، على أصناف الملائكة، وأنهم موكلون بالسموات والأرض: من جبال وسحاب ومطر: {فالمدبرات أمرا} النازعات:5 ، وقد ظن الكفار أن النجوم هى التى تقوم بهذا التدبير.
والملائكة أعظم جنود الله تعالى، وفيهم طوائف وفرق مثل: المرسلات والعاصفات والناشرت والفارقات والملقيات ذكرا(انظر سورة المرسلات 1-4) والنازعات والناشطات والسابحات والسابقات والصافات والزاجرات والتاليت ذكرا (انظر سورة الصافات 1-3).
وكل من هؤلاء له مقام معلوم لايتخطاه ، وعمل قد أمربه ، لا يقصر عنه ولا يتعداه ، وهم رسل الله فى خلقه وأمره ، وسفراء بينه وبين عباده ، وهم لكثرتهم يدخل البيت المعمور منهم كل يوم سبعون ألفا لا يعودون إليه. والله عز وجل يكرمهم ، ويقرن اسمه باسمهم ،وصلاته بصلاتهم ، ويضيفهم إليه فى مواضع التشريف ، ويصفهم بالطهارة والإخلاص: {هو الذى يصلى عليكم وملائكته ليخرجكم من الظلمات إلى النور} الأحزاب:43.
والملائكة موكلون بكتابة أعمال العباد وأقوالهم ، بل نياتهم ، لأنها فعل القلوب فدخلت فى عموم {يعلمون ما تفعلون}الانفطار:12، ومما يشهد لذلك حديث الشيخين وأحمد والترمذى: (إذا هم بسيئة فلا تكتبوها عليه ، فإن عملها فاكتبوها عليه سيئة. وإذا هم عبدى بحسنة فلم يعملها فاكتبوها له حسنة، فإن عملها فاكتبوها عشرة).
ولا يمر سلوك للإنسان دون أن يسجله الملاثكة عليهم السلام: {ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد} ق:18.
وهم يسجلون ذلك فى سجل لكل فرد، ثم تعرض يوم القيامة: {وكل إنسان ألزمناه طائره فى عنقه ونخرج له يوم القيامة كتابا يلقاه منشورا. اقرأ كتابك كفى بنفسك اليوم عليك حسيبا} الإسراء:13-14.
بل إن الملائكة يشهدون على الإنسان يوم العرض بما شاهدوه منه من خيرأو شر: {ونفخ فى الصورذلك يوم الوعيد. وجاءت كل نفس معها سائق وشهيد. لقد كنت فى غفلة من هذا فكشفنا عنك غطاءك فبصرك اليوم حديد} ق:20-22.
وفى الصحيحين عن النبى صلى الله عليه وسلم أنه قال: (يتعاقبون فيكم ملائكة بالليل وملائكة بالنهار يجتمعون فى صلاة الصبح وصلاة العصر. فيصعد الذين كانوا فيكم فيسألهم - والله أعلم بهم - كيف تركتم عبادى، فيقولون: أتيناهم وهم يصلون ،وفارقناهم وهم يصلون).
والمرء بين أربعة أملاك بالنهار، وأربعة آخرين بالليل بدلا: حافظان: واحد من أمامه ، والآخر من ورائه فإذا جاء قدر الله خلوا عنه. وكاتبان: صاحب اليمين يكتب الحسنات ، وصاحب الشمال يكتب السيئات.
ومما يقوم به الملائكة الكرام التسبيح والخضوع التام لله تعالى (الأعراف 206 ، الزمر75)، وحمل العرش (غافر 7)، والتسليم على أهل الجنة (الرعد 23-24)، وتعذيب أهل النار (المدثر 27-31)، وحفظ الإنسان من بعض الحوادث ومن أذى الجن والشياطين ، وطلب المغفرة للتائبين (غافر 7-9) وتأمينهم مع المصلين: (فمن وافق تأمينه تأمين الملائكة غفرله ما تقدم من ذنبه) (رواه أحمد وأبو داود والنسائى).
ويحضرون صلاة العصر والفجر {إن قرآن الفجر كان مشهود}الإسراء:78 ، أى صلاة الفجر. وينزلون عند قراءة القرآن ويستمعون إليه ، كما حدث مع أسيد بن حضير، حين كان يقرأ بالليل فرأى مثل الظلة فيها أمثال السرج عرجت فى الجو، فقال له الرسول صلى الله عليه وسلم : (تلك الملائكة كانت تسمعلك) رواه الشيخان ، واللفظ لمسلم.
كما أنهم يحضرون مجالس الذكر، كما فى الحديث: (إن لله ملائكة يطوفون فى الطريق يلتمسون أهل الذكر) (رواه البخارى بهذا اللفظ ورواه مسلم بلفظ آخر).
وهم أيضا يصلون على المؤمنين ، ولاسيما أهل العلم منهم: (إن الله وملائكته وأهل السموات والأرض ليصلون على معلم الناس الخير) (رواه الترمذى، وقال حديث حسن). وفى حديث آخر: (إن الملائكة تضع أجنحتها لطالب العلم رضا بما يصنع). أبو داود والترمذى.
وقد تحمل الملائكة بشرى إلى شخص صاحب موقف طيب. فقد روى مسلم عن أبى هريرة رضى الله عنه عن النبى صلى الله عليه وسلم قال: (زار رجل أخا له فى قرية أخرى، قال: أريد أخا لى فى هذه القرية. قال: هل لك عليه من نعمة تربها -أى تصلحها - قال: لا، غير أنى أحببته فى الله عز وجل. قال: فإنى رسول الله إليك بأن الله قد أحبك ،كما أحببته فيه).
ومن تكريم الله عز وجل لملائكته أن يعلمهم بمن يحبه وبمن يبغضه ،كما فى الحديث: (إن الله تعالى إذا أحب عبدا دعا جبريل ، فقال: إنى أحب فلانا فأحبه ، فيحبه جبريل ، ثم ينادى فى السماء فيقول: إن الله يحب فلانا فأحبوه ، فيحبه أهل السماء، ثم يوضع له القبول فى الأرض. وإذا أبغض عبدا ... ). رواه مسلم ومما يقوم به الملائكة من وظائف سامية، أنهم يثبتون المؤمنين بما يلقونه فى قلوبهم من التأييد أثناء الجهاد: {إذ يوحى ربك إلى الملائكة أنى معكم فثبتوا الذين آمنوا} الأنفال:12.
والملائكة أيضا موكلون بقبض الأرواح بقضاء الله وقدره ،فيتولى ملك الموت قبضها واستخراجها ، ثم يتولاها ملائكة الرحمة أو ملائكة العذاب ، وهم أعوانه: {قل يتوفاكم ملك الموت الذى وكل بكم ثم إلى ربكم ترجعون} السجدة:11.
وتقوم الملائكة بتحية الطيبين عند قبض أرواحهم ، ويبشرونهم بالجنة: {الذين تتوفاهم الملائكة طيبين ، يقولون سلام عليكم ادخلوا الجنة بما كنتم تعملون} النحل:32.
أ.د/ عبد اللطيف محمد العبد
مفهوم : المِلكيَّة
لغة: مصدر صناعى من المُلك والمِلك والمَلك ، وهو احتواء الشىء والقدرة على التصرف فيه بانفراد، فهو مع القدرة على التصرف(كما فى اللسان) والملك والمالك الحقيقى هو الله تعالى فهو مالك يوم الدين.
واصطلاحا: عند الفقهاء: الاختصاص ، والعلاقة الشرعية بين الإنسان والشىء، التى ترتب له حق التصرف فيه ،وتحجز الغير عن هذا التصرف ، وهو قدرة يثبتها الشرع ابتداء على التصرف إلا لمانع.
وقيل: حكم شرعى يقدر فى عين أو منفعة يقتضى تمكن من ينسب إليه من انتفاعه به ، والعوض عنه من حيث هو كذلك.
- وعند الحكماء: هو هيئة تفرد للشىء بسبب ما يحيط به وينتقل بانتقاله ، ويطلق أيضا على الجدة وعلى القنية.
ويستعمل الملك أيضا فى ملك الرقبة أى ملك الذات ، وملك المنفعة أى الوظيفة، وملك اليمين يغلب استعماله فى الرقيق.
والملك باعتبار صاحبه ثلاثة أنواع:
- ملكية الدولة أو ملكية بيته المال: وتضم كل مال استحقه المسلمون ولم يتعين مالكه ، كبيت مال الزكاة بأنواعها ، وبيت مال المصالح ويضم: الخراج والفىء وخمس الغنائم والجزية والعشور والركاز، وبيت مال الضوائع. ويضم: وارث من لا وارث له ،واللقطة، وديات القتلى الذين لا أولياء لهم ،ويتصرف فيه ناظر بيت المال تصرف الملاك الخاصين فى أملاكهم بما يحقق مصلحة الجماعة المسلمة.
- الملكية العامة أو الجماعية: وهى ملكية مشتركة بين مجموع أفراد الأمة دون أن يختص بها أحد منهم ، إما لتجاوز المنفعة من هذه الأشياء على ما يبذل فى سبيلها من جهد ونفقة، وإما لكون نفعها ضروريا لمجموع الأمة ولا غنى لأفرادها عنها. وتشمل الملكية المشتركة المرافق العامة من أنهار وشوارع وطرقات ومراعى وغابات وغيرها. فقد جاء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم : " المسلمون شركاء فى ثلاث: فى الماء والكلأ والنار " رواه أحمد.
الحمى: وهى أرض لا يملكها أحد وتخصص لمصلحة عامة، كأن تكون مرعى لإبل الصدقة وخيل الجهاد. والأراضى الموقوفة لمصلحة المسلمين: كالأراضى التى فتحت عنوة ولم توزع على الغانمين. والمعادن المستقرة فى الأراضى بخلق الله ظاهرة وباطنة، كالذهب والفضة والنحاس والحديد والبترول.
- الملكية الخاصة: ويكون مستحقها وصاحبها فردا أو جماعة على سبيل الاشتراك ، وتشمل كل الأموال الحلال ، من نقود وعروض قنية وعروض تجارة وأصول ثابتة ووسائل الإنتاج ، والتى لا تقع ضمن الملكية العامة المشتركة للمسلمين أو ملكية بيته مال المسلمين.
والملكية فى الإسلام ذاته سمة فريدة فهى لجميع أنواعها ملكية استخلاف ، حيث إن الملك والملكية لله تعالى، فهو وحده سبحانه: {مالك يوم الدين}الفاتحة:4 ، وهو جل جلاله {مالك الملك} آل عمران:26. وهو سبحانه: {بيده ملكوت كل شىء} المؤمنون:88 ،يس:83 ، وهو المالك الأوحد {ولم يكن له شريك فى الملك} الفرقان:2 ، كما ذكرت آيات القرآن الكريم فى ثمانية عشر موضعا أنه سبحانه وتعالى له ملك السماوات والأرض ، والبشر مستخلفون - فرادى وجماعات - فى الأرض {ليستخلفنهم فى الأرض كما استخلف الذين من قبلهم}النور:55.
وقد قسم العلماء طرق وأسباب اكتساب الملكية إلى أربعة أقسام:
- باعتبار وجود الإرادة وعدمها: إلى أسباب اختيارية كالاستيلاء على المباح بما فى ذلك إحياء الأراضى الموات وسائر- العقود، وأسباب جبرية كما فى الميراث.
- باعتبار الصفة الأصلية إلى أسباب منشئه كالإحياء والصيد ، وأسباب ناقلة كما فى العقود والميراث.
- باعتبارالصيغة إلى أسباب فعلية كالاستيلاء على المباح ،وأسباب قولية كما فى العقود، وأسباب اعتبارية كما فى الميراث.
- باعتبار الشخص الذى تؤول إليه الملكية: إلى ما كان بعمل شرعى من أنواع السعى كالتجارة والصناعة والزراعة والصيد ، وما كان بحكم شرعى كالزكاة والنفقات والإرث والكفارات ، أو ما كان بإرادة الغير
كالهبة والصدقة والوقف والإقطاع.
وقد حفظت الشريعة الإسلامية حق الملكية الخاصة والمشتركة وملكية الدولة بتحريم التملك عن طريق وسائل الغش و الخداع كالتلاعب بالأسعار والغرر ، وعن طريق الظلم والاستغلال كالغصب والسرقة و الاختلاس والرشوة والربا والاحتكار، وعن طريق تحديد المصالح التى تبيح تدخل الحاكم لتقييد الملكية الخاصة أو مصادرتها.
كما حفظت الشريعة دور الملكية فى المجتمع عن طريق تحريم التملك لكل ما فيه ضرر عائد على الأفراد أو الجماعات فى أعراضهم وأموالهم وعقولهم ، كالإتجار بالأعراض والخمر والميسر وكافة المحرمات.
كذلك حفظت الشريعة السمحاء التوازن الدقيق بين مصلحة الفرد وحق الجماعة بما حددته من مبادىء تحفظ حق كل من الملكية الخاصة والملكية العامة وملكية الدولة، وكيفية استعمال كل منها، وانتقال الملكية الخاصة من شخص لآخر فى حياته وبعد موته.
أ.د/ نعمت عبد اللطيف مشهور
مفهوم : المَهْر
لغة: هو ما يلتزم الزوج بأدائه إلى زوجته حين يتم زواجه بها. كما فى المعجم الوجيز.
واصطلاحا: اسم للمال الذى يجب فى عقد النكاح على الزوج فى مقابل البضع ، إما بالتسمية أو بالعقد.
وقد أوجبه الشارع الحكيم للزوجة، كحق مقرر لها بعقد النكاح لقول الله تعالى {وآتوا النساء صدقاتهن نحلة} النساء:4 ، وما رواه سهل الساعدى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لمريد الزواج من امرأة: (التمس ولو خاتما من حديد) متفق عليه.
والمهر المسمى هو الذى يتفق المتعاقدان على مقداره ، ويذكر أنه عند التعاقد أو بعده ، وهو يجب للمرأة إذا صح عقد نكاحها، وكان المسمى مالا متقوما معلوما.
ومهر المثل: هو الذى يفرض بحسب العادة فى مثل المرأة التى يراد تزوجها إذا حدث أن فسد تسمية المهر، أو لا يسمى للمرأة مهر، أو يتفق المتعاقدان على نفى المهر، أو يحدث الدخول بالمرأة فى نكاح فاسد ، أو الاشتباه فى حل المدخول بها، فيجب للمرأة فى هذه الحالات مهر مثلها من النساء.
وإيجاب الصداق للمرأة على من يريد الزواج بها فيه إعزاز لها، ورفعة لشأنها عنده ،حيث يبذل لها ما يجهد المرء نفسه فى سبيل اكتسابه وما تضن به النفس عادة، وهذا أدعى إلى دوام العشرة بين الزوجين.
وقد تميز التشريع الإسلامى بذلك عن كثير من الشرائع والأعراف التى لا توجب للمرأة هذا الحق على زوجها، بل قد تفرض عليها بذل المال لمن يتزوجها فى مقابل زواجه بها.
أ.د/ عبد الفتاح محمود إدريس
مفهوم : المؤاخاة
لغة: أخا فلانا - أخوة، وإخاوة: اتخذه أخا (آخى فلانا مؤخاة وإخاء: اتخذه أخا) المعجم الوسيط مادة (أخو).
واصطلاحا: الأخوة فى الدين الإسلامى أعلى رباط اجتماعى، ذلك أن الأخوة فى الدين ناتجة عن الإيمان العميق به ، بحيث يخضع لأوامر ربه دون سواه ، ومن ثم تكون هناك عاطفة قوية موحدة تجمع المسلمين جميعا.
وقد أشار القرآن الكريم إلى هذه الحقيقة فى قوله تعالى: {إنما المؤمنون إخوة} الحجرات:10 ، كما أثر عن الرسول صلى الله عليه وسلم قوله: (المسلم أخو المسلم) وقوله: (وكونوا عباد الله إخوانا) بمعنى كونوا حريصين على أخوة الدين التى تجمع بينكم.
والحب الذى يجمع بين الأخوة فى الدين ليس حبا ينصب على الذات ، وإنما هو منصب على الإيمان الذى يربط بين المؤمنين ،بحيث يحب المسلم لأخيه ما يحب لنفسه ،فالإيمان هو الرباط الدائم بين إخوة الدين ،وهو الذى يضبط سلوك المؤمنين وعاداتهم. إذ يقول الله تعالى: {لاتجد قوما يؤمنون بالله واليوم الآخر يوادون من حاد الله ورسوله ، ولو كانوا آباءهم أو أبناءهم أو إخوانهم أو عشيرتهم أولئك كتب فى قلوبهم الإيمان وأيدهم بروح منه} المجادلة:22.
كذلك يوضح الله نعمته إذ جعل المؤمنين إخوانا يجمعهم الإيمان ، وعظم فضل الأخوة التى ارتبطت بفضل الإيمان ارتباطا وثيقا، إذ يقول تعالى: {واذكروا نعمت الله عليكم إذ كنتم أعداء فألف بين قلوبكم فأصبحتم بنعمته إخوانا وكنتم على شفا حفرة من النار فأنقذكم منها} آل عمران:103.
هكذا حرص الإسلام على المؤاخاة بين المسلمين ، حتى فى أكثر الأمور خصوصية مثل الميراث ، إذ كان الميراث فى بداية الإسلام بالأخوة فى الدين لا فى النسب ، ولم يكن المسلمون الأوائل يبخلون بمالهم على إخوانهم المسلمين الفقراء الذين عانوا وطأة الاضطهاد بسبب دينهم.
ولذلك فإن النبى صلى الله عليه وسلم حين رأى مجتمع المدينة ممزقا حينما هاجر إليه بسبب الخلافات بين الأوس والخررج من ناحية، وبسبب فقر معظم المهاجرين وعوزهم من ناحية أخرى، طبق مبدأ أخوة الإسلام بحيث يشعر كل مسلم أنه مكفول كفالة تامة فى المجتمع الإسلامى.
ويقوم مبدأ المؤاخاة الذى طبقه الرسول صلى الله عليه وسلم على أساس أن المسلمين جميعا أخوة، يعطى الغنى منهم فقيرهم بالمعروف ويعين القادر منهم غير القادر، إذ أمرهم الرسول صلى الله عليه وسلم بأن يتأخوا فى الله اثنين اثنين ، أو أخوين أخوين ، فقد أخذ بيد على بن أبى طالب وقال: هذا أخى، وكان حمزة بن عبدالمطلب أسد الله ، وزيد بن حارثة مولى النبى أخوين ،وأبو بكر وخارجة بن زيد الخزرجى أخوين.
وهكذا تآخى كل واحد من المهاجرين مع رجل من الأنصار.
كانت المؤاخاة بهذا المفهوم الاقتصادى الاجتماعى درسا فى التنظيم الاجتماعى ولم يكن معناها أبدا أن يركن المهاجرون إلى الدعة، ويتوقفوا عن السعى وراء الرزق بل كان الهدف ترسيخ قيمة التكافل الاجتماعى بين من يشتركون فى أخوة الدين الإسلامى، بحيث يعين المسلم أخاه المسلم في وقت الحاجة الملحة دون تواكل على الغير بدون لببه أو ضرورة، ولذلك اشتغل بعض المهاجرين بالتجارة، على حين عمل البعض الآخر، فى حقول الأنصار ومزارعهم.
ونخلص من هذا كله بأن الأخوة فى الإسلام منَّ بها الله على المؤمنين ، كما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم - طبقها عمليا فى المؤاخاة التى قام بها بين المهاجرين والأنصار تثبيتا لدعائم المجتمع المسلم ، وترسيخا للأسس التى قامت عليها أمة المسلمين.
أ.د/ قاسم عبده قاسم
مفهوم : الموازين
لغة: جمع ميزان ، وهو الآلة التى توزن بها الأشياء كما فى اللسان، كما تطلق على المقادير القياسية التى توزن تبعا لها الأشياء.
وقد تعامل العرب فى الإسلام وما قبله بالأوزان ، وكانت هذه الأوزان كثيرة، لكن الأساس منها يتمثل فى الدرهم والدينار.
وقد تنوعت الأوزان واختلفت مقاديرها ،ويلاحظ فيها أن الأوزان الصغيرة تستعمل للأشياء الثمينة، والمتوسطة لمتوسطة القيمة،والكبيرة لدنيئة القيمة.
واصطلاحا: الوزن أصل الكيل ، نلاحظ ذلك فى كلام الفقهاء، فإذا عرف الوزن عرف الكيل. ولذا فإنهم يقدرونه بالمد والصاع - وهما من الكيل - بالرطل والدرهم - وهما من الوزن - وقد خلط الفقهاء بين الكيل والوزن ،فجعلوا - مثلا - الرطل والدرهم وهما من الوزن من أجزاء المد والصاع وهما من الأكيال ، فيجب معرفة الدرهم والرطل أولا حتى يسهل معرفة المد والصاع.
وهناك فرق بين الكيل والوزن ، فالكيل للحجم والوزن للثقل ، قال تعالى: {أوفوا الكيل ولا تكونوا من المخسرين. وزنوا بالقسطاس المستقيم}الشعراء:181-182. ويظهر من الآية أنهما متغايران ، إذالعطف يقتضى المغايرة.
وقد ورد فى القرآن الكريم والسنة الغراء كثير من الأوزان مثل: المثقال ، القسطاس المستقيم ، والذرة، وحبة الخردل ، والقنطار ، والنقير، والأوقية ، والدرهم ، وغيرها.
وهناك أوزان أخرى عرفت فى صدر الإسلام مثل: الطسوج ، والقيراط ، والدانق ،والدرهم ، وهو أنواع مختلفة منها: الدراهم الطبرية ، والدرهم البغلى، والدرهم الحوراقى، والدرهم الجواز، والدينار وله أنواع عدة منها: الدينار الحرقلى الرومى، والدينار الكروى، دينار عبد الملك بن مروان ، وغيرها ، والنواة،والنش ، والرطل ، والمن.
والأوزان لها مكانة عليا فى معاملات الناس ، إذ تعتبر مقياسا مهما لها، وتتعلق بها بعض الأحكام الفقهية التى تسير بها الحياة، ومن المسائل الفقهية المهمة التى يلاحظ أن الموازين لها دخل وحظ عظيم فيها: زكاة النقدين ، ومقدار نصاب السرقة، وأقل المهر فى النكاح ، وكفارة الجماع فى الحيض ، ودية القتل العمد والقتل الخطأ وغيرها كثير.
أ.د/ على جمعه محمد
مفهوم : المواقيت
لغة: جمع ميقات ، وهو الحد، تقول: وقت الشىء يوقته ، ووقته يقته إذا بين حده، ثم اتسع فيه ، فأطلق على المكان فقيل للموضع: ميقات ، والميقات بصدد الوقت كما فى اللسان.
واصطلاحا: يطلق على الوقت المضروب للشىء، كما يقال للمكان الذى يجعل منه وقت الشىء كميقات الحج.
والمواقيت كما يظهر من التعريف زمانية ومكانية، وهى تعتبر حدودا لأداء العبادات سواء كان ذلك فى بدايتها أونهايتها.
والميقات الزمانى له علم خاص به يسمى "بعلم الميقات" وهو علم يعرف به أزمنة الأيام والليالى وأحوالها ، وفائدته تتلخص فى معرفة أوقات العبادات.
ويهتم علم الميقات الزمانى بتحديد أوائل الشهور القمرية ونهايتها حتى تقام العبادات بناء على ذلك ، كما يهتم بالنظر فى الكواكب والبروج من حيث سيرها،وهوعلم له خطر عظيم ، إذ هو وسيلة إلى المقاصد المطلوبة شرعا لمصالح الدين والدنيا، فالجهل بالأوقات سبب للجهل بأمر الصلاة والزكاة.. فقد يضعها الإنسان فى غير محلها، فيصلى فى غيرالوقت ويصوم وقت الإفطار ويفطر وقت الصوم.. وهكذا مما لا يخفى.
وبدرجة أهمية المواقيت الزمانية تكون درجة المواقيت المكانية وأهميتها ،إذ إن الاهتمام بزمن العبادة يتبعه بالتالى الاهتمام بمكانها.
وتظهر الأهمية بالنسبة للمواقيت المكانية مثلا فى الحج ، فالمسلمون يقصدون الأراضى المقدسة لتأدية فريضة الحج من كل فج عميق ، فوقت لهم الشارع الحكيم مواقيت مكانية لا يتعدونها ، وهناك مواقيت خمسة للحاج أن يراعيها:
- ذو الحليفة: وهو ميقات أهل المدينة.
- الجُحفة: وهو ميقاف أهل الشام ، ومصر، والمغرب.
- يلملم: وهو ميقات أهل اليمن.
- قرن: وهو ميقات أهل نجد.
- ذات عرق: وهو ميقات أهل العراق ،وخراسان ، والمشرق.
وهى مواقيت لأهلها، ولمن مر بها من غير أهلها، فمن مر عليها يريد النسك لزمه أن لا يجاوزها حتى يحرم ، فإذا جاوز الميقات يريد النسك ثم أحرم دونه فعليه دم سواء عاد إلى الميقات أو لم يعد.
أ.د/ على جمعه محمد
مفهوم : الميراث
لغة: انتقال الشىء من شخص إلى آخر بعد الوفاة، سواء كان الانتقال إلى وارث موجود، أو فى حكم الموجود كالجنين ، كما فى القاموس.
واصطلاحا: استحقاق نصيب فى تركة المتوفى، بسبب قرابة أو زوجية أو ولاء.
وأسباب الميراث المتفق عليها هى: القرابة والزوجية، ومن أدلة مشروعية الاستحقاق بسببهما: قول الله تعالى: {للرجال نصيب مما ترك الوالدان والأقربون وللنساء نصيب مما ترك الوالدان والأقربون} النساء:7 ، وقوله سبحانه: {ولكم نصف ما ترك أزواجكم إن لم يكن لهن ولد .. } النساء:12 ، وما رواه ابن عباس عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (ألحقوا الفرائض بأهلها، فما بقى فهو لأولى رجل ذكر) متفق عليه.
ونظام الميراث فى الإسلام نظام إلهى، لا دخل للبشر فى ترتيبه الحقوق فيه ، فهى مترتبة من قبل الشارع لكل من قام به سبب الإرث عند وفاة المورث ، حيثه يعطى كل وارث نصيبه المقدر له إن كان من أصحاب الفروض ، أو يأخذ الباقى من أصحاب الفروض إن كان يرث بالتعصيب.
ولا يحرم من الميراث أحد ممن قام به سبب الإرث ، إلا أن يكون قاتلا لمورثه أو مختلفا معه فى الدين.
ولم يمنع الإسلام المرأة من الإرث كما هو الحال فى الشريعة اليونانية أو اليهودية أو الأعراف القبلية القديمة، ولم يمنع الإسلام الطفل أو حتى الجنين فى الرحم من الإرث ،كما هو الحال فى الأعراف القبلية القديمة، حيث كان لا يعطى من التركة إلا الرجال الأقوياء، ولم يميز الإسلام عند توزيع الأنصبة فى الإرث بين الكبير والصغير، كما فى شريعة اليهود، حيث يعطى فيها الابن الأكبر للمتوفى ضعف ما يعطى الأصغر.
ومن خصائص نظام الميراث الإسلامى:
1- أنه نظام إجبارى فى حق المورث والوارث ، فليس للمورث حرمان أحد من الميراث ، وليس للوارث رد إرثه من قريبه ،خلافا لبعض النظم التى تجعل حق الإرث اختياريا لكليهما.
2- حرصت الشريعة الإسلامية على حفظ حق الورثة فى مال قريبهم قبل موته ، إذا مرض مرضا يسلمه إلى الموت ، حيث منعته من التصرف فى ماله بما يضر بورثته أو يضيع حقوقهم فى ماله ، بعد أن تركت له الحرية المطلقة فى التصرف فى ثلث هذا المال.
3- وقد جعلت الشريعة الإسلامية تركة الميت لأحب الناس إليه ، وأكثرهم صلة به ،وتعاونا معه فى حال حياته.
4- وجعلت التوارث داخل نطاق الأسرة الواحدة، بما يحقق الترابط بين أفرادها.
5- وجعلت أساس تقديم بعض الورثة على بعض: قوة القرابة، وشدة الصلة بالميت ، واتصال المنافع بين الوارث والمورث.
6- اعتبرت الشرعية الإسلامية الحاجة هى أساس التفاضل فى الميراث عند الاتفاق فى سبب الاستحقاق ، ولهذا جعلت نصيب البنت نصف نصيب أخيها الذكر،لأن حاجته إلى المال أشد من حاجتها إليه ، ومطالب الحياه وتبعتها بالنسبة له أكثرمنها.
7- ونظام الميراث فى الإسلام يحول درن جميع الثروة فى يد واحدة على حساب الآخرين ، ويؤدى إلى تفتيت الثروة على أكبر عدد من المستحقين للتركة، فيستفيد من خيرها طائفة كبيرة من أقارب الميت.
أ.د/ عبد الفتاح محمود إدريس
منتديات الرسالة الخاتمة