منتدى الف توتة و حدوتة

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

    صفحة رقم [ 25 ] من كتاب الأصول في النحو

    avatar
    توتة
    Admin


    عدد المساهمات : 2017
    تاريخ التسجيل : 13/02/2014

    صفحة رقم [ 25 ] من كتاب الأصول في النحو Empty صفحة رقم [ 25 ] من كتاب الأصول في النحو

    مُساهمة من طرف توتة الأربعاء 6 أكتوبر - 3:24

    صفحة رقم [ 25 ] من كتاب الأصول في النحو Nahw10

    بّسم اللّه الرّحمن الرّحيم
    مكتبة الثقافة الأدبية
    الأصول في النحو
    صفحة رقم [ 25 ] من كتاب الأصول في النحو 1410
    ● [ باب مسائل من الألف واللام ] ●

    تقول : هذا ثالث ثلاثة قلت : الذين هذا ثالثهم ثلاثة فإن قيل لك : في حادي أحد عشر وثالث ثلاثة عشر أخبر عن أحد عشر وثلاثة عشر
    لم يجز أن تقول : الذين هذا حاديهم أحد عشر ولا الذين هذا ثالثهم ثلاثة عشر كما قلت : الذين هذا ثالثهم ثلاثة لأن أصل ( حادي ) أحد عشر وثالث ثلاثة عشر حادي عشر أحد عشر وثالث عشر ثلاثة عشر هذا الأصل ولكن استثقلوا أن يجيئوا باسم قد جمع من اسمين ويوقعوه على اسم قد جمع من اسمين فلما ذهب لفظ ( أحد عشر ) وقام مقامه ضمير رد حادي عشر إلى أصله ومع هذا فلو جاز أن تضمر أحد عشر واثني عشر من قولك حادي أحد عشر وثاني اثني عشر ولا ترد ما حذف لوجب أن تقول : حاديهم وثانيهم وثالثهم ورابعهم فيلبس بثالثهم وأنت تريد ثلث ثلاثة ولو أردت إدخال الألف واللام فقلت : الحادي عشر هم أنا أو الثاني الثاني عشرهم أنا لم يجز في شيء من هذا إلى العشرين لأن هذا مضاف ولا يجري مجرى الفعل لأنه اشتق من شيئين وكان حق هذا أن لا يجوز في القياس ولولا أن العرب تكلمت به لمنعه القياس وإنما ثاني اثني عشر في المعنى أحد اثني عشر وليس يراد به الفعل وثالث ثلاثة إنما يراد به أحد ثلاثة
    قال الأخفش : ألا ترى أن العرب لا تقول : هذا خامس خمسة عدداً ولا ثاني اثنين عدداً وقد يجوز فيما دون العشرة أن تنون وتدخل الألف واللام لأن ذلك بناء يكون في الأفعال وإن كانت العرب لا تتكلم به في هذا المعنى قال : ولكنه في القياس جائز أن تقول : الثاني اثنين أنا والثانيهما أنا اثنان ليس بكلام حسن وإذا قلت : هذا ثالث اثنين ورابع ثلاثة فهو بما يؤخذ من الفعل أشبه لأنك تريد : هذا الذي جعل اثنين ثلاثة والذي جعل ثلاثةً أربعةً ومع ذلك فهو ضعيفٌ لأنه ليس له فعل معلوم إنما هو مشتق من العدد وليس بمشتق من مصدر معروف كما يشتق ( ضارب ) من الضرب ومن ضرب فإذا قلت : هذا رابع ثلاثة تريد رابع ثلاثة
    فأخبرت عن ثلاثة قلت : الذين هذا رابعهم ثلاثةٌ وبالألف واللام : الرابعهم هذا ثلاثة وإنما يجوز مثل ذا عندي في ضرورة لأن هذه الأشياء التي اتسعت فيها العرب مجراها مجرى الأمثال ولا ينبغي أن يتجاوز بها استعمالهم ولا تصرف تصرف ما شبهت به فثالث ورابع مشبه بفاعل وليس به وتقول : مررت بالضاربين أجمعون زيداً فتؤكد المضمرين في ( الضاربين ) لأن المعنى : ( الذين ضربوا أجمعون زيداً ) ولو قلت : مررت بالضاربينَ أجمعين زيداً لم يجز لأن الصلة ما تمت ولا يجوز أن تؤكد ( الذين ) قبل أن يتم بالصلة ألا ترى أنك لو قلت : ( مررت بالذين أجمعين في الدار ) لم يجز أنك وصفت الإسم قبل أن يتم
    وتقول : ( زيد الذي كان أبوه راغبين فيه ) فزيد : مبتدأٌ و ( الذي ) خبره ولا بد من أن يرجع إليه ضمير أما الهاء في ( أبويه ) وأما الهاء في ( فيه ) لا بد من أن يرجع أحد الضميرين إلى ( الذي ) والآخر إلى ( زيد ) فكأنك قلت : ( زيد الرجل الذي من قصته كذا وكذا ) فإن جعلت ( الذي ) صفة لزيد احتجت إلى خبر فقلت : زيد الذي كان أبواه راغبين فيه منطلق
    فكأنك قلت : ( زيد الظريف منطلق ) فإن جعلت موضع زيد ( الذي ) فلا بد من صلة ولا يجوز أن تكون ( الذي ) الثانية صفة لأن ( الذي ) لا يوصف حتى يتم بصلته فإذا قلت : الذي الذي كان أبواه راغبين فيه فقد تم الذي الثاني بصلته والأول ما تم فإذا جئت بخبر تمت صلة الأولى ( بالذي الثانية ) وخبرها فصار جميعه يقوم مقام قولك : زيد فقط واحتجت إلى خبر فإن قلت : أخوك تم الكلام فقلت : الذي الذي كان أبواه راغبين فيه منطلق أخوك كأنك قلت : ( الذي أبوه منطلق أخوكَ ) فإن جعلت موضع ( منطلق ) مبتدأ وخبراً لأن كل مبتدأ يجوز أن تجعل خبره مبتدأ وخبراً قلت : ( الذي الذي كان أبواه راغبين فيه جاريته منطلقةٌ أخوك )
    فكأنك قلت ( الذي أبوه جاريته منطلقة أخوك ) فإن جعلت موضع ( أخوك ) مبتدأ وخبراً قلت الذي الذي كان أبواه راغبين فيه جاريته منطلقةٌ عمرو أخوه فالذي الثانية صلتها ( كان أبواه راغبين فيه ) وهي مع صلتها موضع مبتدأ وجاريته مبتدأ ومنطلقة خبر جاريته وجاريته ومنطلقة جميعاً خبر الذي الثانية والذي الثانية وصلتها وخبرها صلة للذي الأولى فقد تمت الأولى بصلتها وهي مبتدأ وعمرو مبتدا ثانٍ
    وأخوه خبر عمرو وعمرو وأخوه جميعاً خبر الذي الأولى فإن جعلت ( من ) موضع الذي فكذلك لا فرق بينهما تقول : مَنْ مَنْ كان أبواه راغبين فيه جاريته منطلقة عمرو أخوه فإن أدخلت ( كان ) على ( من ) الثانية قلت : ( من كان من أبواه راغبين فيه جاريته منطلقة عمرو أخوه ) لا فرق بينهما في اللفظ إلا أن موضع جاريته منطلقة نصب ألا ترى أنك لو جعلت خبر ( من ) الثانية اسماً مفرداً كمنطلق لقلت : ( من من كان أبواه راغبين فيه منطلقاً عمرو أخوه ) فإن أدخلت على ( من ) الأولى ( ليس ) فاللفظ كما كان في هذه المسألة إلا أن موضع قولك : ( عمرو أخوه ) نصب لأن ( من ) بجميع صلتها اسم ليس وعمرو أخوه الخبر فكأنك قلت : ( ليس زيد عمرو أخوه )
    وقال الأخفش : ( إذا قلت الضاربهما أنا رجلان ) جاز ولا يجوز : الثانيهما أنا اثنانِ لأنك إذا قلت : ( الضاربهما ) لم يعلم أرجلانِ أم امرأتان فقلت : رجلان أو أمرأتان وإذا قلت : الثانيهما أنا لم يكونا إلا اثنين فكان هذا الكلام فضلاً أن تقول : الثانيهما أنا اثنانِ قال : ولو قالت المرأة الثانيتهما أنا اثنان كان كاملاً لأنها قد تقول : الثانيتهما أنا اثنتان
    إذا كانت هي وامرأة قال : فإن قلت : الضاربتهن أنا إماء اللّهِ والضاربهن أنا إماء الله وقد علم إذا قلت : الضاربهن أنهن من المؤنث قلت : أجل : ولكن لا يدري لعلهن جوار أو بهائم وأشباه ذلك مما يجوز في هذا ولو قالت المرأة : ( الثالثتهن أنا ثلاث ) كان رديئاً لأنه قد علم إذا قالت : الثالثتهن أنه لا يكون إلا ثلاث وكذلك إذا قالت : الرابعتهن أنا أربع يكون رديئاً لأنه قد علم
    فإذا قلت : رأيت الذي قاما إليه فهو غير جائز لأن قولك : الذي قاما إليه ابتداء لا خبر له وتصحيح المسألة رأيت اللذين الذي قاما إليه أخوك فترجع الألف في ( قاما ) إلى ( اللذين ) والهاء في ( إليه ) إلى ( الذي ) وأخوك خبر ( الذي ) فتمت صلة اللذين وصح الكلام ولو قلت : ( ظننت الذي التي تكرمه يضربها ) لم يجز وإن تمت الصلة لأن ( التي ) ابتداء ثانٍ وتكرمه صلة لها وتضربها خبر ( التي ) وجميع ذلك صلة ( الذي ) فقد تم الذي بصلته وهو مفعول أول ( لظننت ) وتحتاج ( ظننت ) إلى مفعولين فهذا لا يجوز إلا أن تزيد في المسألة مفعولاً ثانياً فتقول : ( ظننت الذي التي تكرمه يضربها أخاك ) وما أشبه ذلك وتقول : ( ضرب اللذان القائمان إلى زيد أخواهما الذي المكرمهُ عبد الله ) فاللذان ارتفعا ( بضرب ) والقائمان إلى ( زيد ) مبتدأ وأخواهما خبرهما وجميع ذلك صلة اللذين فقد تمت صلة ( اللذينِ ) والذي مفعول والمكرمة مبتدأ وعبد الله خبره وجميع ذلك صلة ( الذي ) وقد تم بصلته وإن جعلت ( الذي ) الفاعل نصبت ( اللذينِ ) وتقول : رأيت الراكبَ الشاتمهُ فرسَكَ والتقدير رأيت الرجل الذي ركب الرجلُ الذي شتَمهُ فرسَكَ وتقول : ( مررت بالدار الهادمها المصلحُ داره عبد الله ) فقولك : ( الهادمها ) في معنى ( التي هدمها الرجل الذي أصلح دارَهُ عبدُ الله ) وتقول : ( رأيت الحاملَ المطعمَةُ طعامَك غلامُكَ ) أردت : رأيت الرجل الذي حمل الذي أطعمه غلامك طعامك وحق هذه المسائل إذا طالت أن تعتبرها بأن تقيم مقام ( الذي ) مع صلته اسماً مفرداً وموضع ( الذي ) صفة مفردة لتتبين صحة المسألة وتقدير هذه المسألة : رأيت الحاملَ الرجلَ الظريفَ وتقول : ( جاءني القائم إليه الشارب ماءهُ الساكن داره الضارب أخاه زيد ) فالقائم إليه اسم واحد وهذا كله في صلته والشارب ارتفع بقائم والساكن ارتفع ( بشارب ) والضارب ارتفع ( بساكن ) وزيد ( بضارب ) وتقول : ( الضارب الشاتم المكرم المعطيه درهماً القائم في داره أخوك سوطاً أكرم الآكلَ طعامَهُ غلامُهُ ) تريد : ( أكرم الآكلُ طعامَهُ غلامَهُ الضاربُ الشاتمَ المكرمَ المعطيهُ درهماً القائم في داره أخوك سوطاً ) كأنك قلت : أكرم زيد الضارب الرجل سوطاً
    واعلم : أنه لك أن تبدل من كل موصول إذا تم بصلته ولا يجوز أن تبدل من اسم موصول قبل تمامه بالصلة فتفقد ذا فمن قولك ( الضارب ) إلى أن تفرغ من قولك سوطاً اسم واحد فيجوز أن تبدل من القائم بشراً ومن المعطي بكراً ومن المكرم عمراً ومن الشاتم خالداً ثم لك أن تبدل من الضارب وما في صلته فتقول : ( عبد الله ) فتصير المسألة حينئذ : الضاربُ الشاتمُ المكرمُ المعطيهُ درهماً القائم في داره أخوك سوطاً بشر بكراً عمراً خالداً عبد الله أكرم الآكل طعامه غلامه وإنما ساغ لك أن تبدل من القائم مع صلته لأنك لو جعلت موضعه ما أبدلته منه ولم تذكره لصلح ولا يجوز أن تذكر البدل من ( المعطيه ) قبل البدل من ( القائم ) لأنك إذا فعلت ذلك فرقت بين الصلة والموصول والبدل من القائم في صلة المعطي والبدل من المعطي في صلة المكرم فحق هذه المسألة وما أشبهها إذا أردت الإِبدال أن تبدأ بالموصول الأخير فتبدل منه ثم الذي يليه وهو قبله فإذا استوفيت ذلك أبدلت من الموصول الأول لأنه ليس لك أن تبدل منه قبل تمامه ولا لك أن تقدم البدل من الضارب الذي هو الموصول الأول على اسم من المبدلات الباقيات لأنها كلها في صلة الضارب ولو فعلت ذلك كنت قد أبدلت منه قبل أن يتم
    فإن أبدلت من الفاعل وهو ( الآكل ) فلك ذاك فتقول : الضارب الشاتم المكرم المعطيه درهماً القائم في داره أخوك سوطاً أكرم الآكل طعامَهُ غلامهُ جعفر
    وتقول : الذي ضربني إياه ضربت فالذي مبتدأ وخبره إياه ضربت والهاء في ( إياه ) ترجع إلى الذي وإنما جاء الضمير منفصلاً لأنك قدمته وتقول بالذي مررت بأخيه مررت تريد : مررت بأخيه إذا قلت : ( الذي كان أخاه زيد ) إن أردت النسب لم يجز لأن النسب لازم في كل الأوقات وإن أردت من المؤاخاة والصداقة جاز تكون الهاء ضمير رجل مذكور وتقول : الذي ضربت داره دارك فالذي مبتدأ وضربت صلته وداره مبتدأ ثان ودارك خبرها وهما جميعاً خبر ( الذي ) وتقول : ( الذي ضربت زيد أخوك ) فالذي مبتدأ و ( ضربت ) صلته وزيد الخبر وأخوك بدل من زيد وتقول : الذي ضربت زيداً شتمت تريد : ( شتمت الذي ضربته زيداً ) فتجعل زيداً بدلاً من الهاء المحذوفة وتقول : ( الذي إياه ظننت زيد ) ( الذي ظننته زيداً ) وتجعل إياه لشيء مذكور ولا يجوز أن تقول : ( الذي إياه ظننت زيد )
    وإن جعلت ( إياه ) للذي لأن الظن لا بد أن يتعدى إلى مفعولين ولا يجوز أن تعديه إلى واحد فإن قلت : المفعول الثاني الهاء محذوفة من ( ظننت ) فلا يجوز في هذا في الموضع أن تحذف الهاء لأنها ليست براجعة إلى الذي وإنما هي راجعة إلى مذكور قبل الذي وإنما تحذف الهاء من صلة ( الذي ) متى كانت ترجع إلى ( الذي ) وكذاك : ( الذي أخاه ظننت زيد ) وإن أضمرت هاء في ( ظننت ) ترجع إلى الذي جاز وإن جعلت الهاء في ( أخيه ) ترجع إلى ( الذي ) لم يجز أن تحذف الهاء من ( ظننت ) لأنها حينئذ لمذكور غير الذي وإنما جاز حذف الهاء إذا كانت ضمير ( الذي ) لأنها حينئذ لا يتم الذي إلا بها فتحذف منه لطول الإسم كما حذفوا الياء من اشهيباب فقالوا : اشهباب لطول الإسم
    فأما إذا كانت الهاء ضميراً لغير الذي فقد يجوز أن تخلو الصلة من ذلك ألبتة فأفهم الفرق بين الضميرين وما يجوز أن يحذف منهما وما لا يجوز حذفه وتقول : ( الذي ضارب أخوك ) تريد الذي هو ضارب أخوك فتحذف هو وإثباتها أحسن ( فهو ) مبتدأ وضارب خبره وهما جميعاً صلة ( الذي ) وهو يرجع إلى ( الذي )
    وتقول : الذي هو وعبد الله ضاربان لي أخواك
    نسقت بعبد الله على ( هو ) فتقول في هذه المسألة على قول من حذف : ( هو الذي وعبد الله ضاربان لي أخوك ) عطفت ( عبد الله ) على ( هو ) المحذوف وهو عندي قبيح والفراء يجيزه وإنما استقبحته لأن المحذوف ليس كالموجود وإن كنا ننويه ويجب أن يكون بينهما فرق والعطف كالتثنية فإذا جئت بواو وليس قبلها اسم مسموع يعطف عليه كنت بمنزلة من ثنى اسماً واحداً لا ثاني له ألا ترى أن العرب قد استقبحت ما هو دون ذلك وذلك قولك : ( قمت وزيد ) يستقبحونه حتى يقولوا : قم أنت وزيد فاذهب أنت وربُّك لأنه لو قال ( اذهب وربكَ ) كأن في السمع العطف على الفعل وإن كان المعنى غير ذلك وهو يجوز على قبحه وتقول : ( الذي هو وعبد الله ضَرباني أخوكَ ) فإن حذفت ( هو ) من هذه المسألة لم يجز لا تقول : ( الذي وعبد الله ضرباني أخوكَ ) فتضمر ( هو ) لأن هو إنما تحذف إذا كان خبر المبتدأ اسماً ألا ترى أنكَ إذا قلت : ( الذي هو ضربني زيد ) لم يجز أن تحذف ( هو ) وأنت تريده فتقول : ( الذي ضربني زيد ) لأنَّ الذي قد وصلت بفعل وفاعل والفاعلُ ضمير ( الذي ) ولا دليل في ( ضربني ) على أن هنا محذوفاً كما يكون في الأسماء ألا ترى أنك إذا قلت : ( الذي منطلقٌ زيد ) فقد دلك ارتفاع ( منطلقٍ ) على أن ثم محذوفاً قد ارتفع به ولا يجوز حذف ما لا دليل عليه فلما لم يجز هذا في الأصل لم يجز في قولك : ( الذي وعبد الله ضرباني أخوكَ ) وجاز في قولك : ( الذي وعبد الله ضاربانِ لي أخوكَ ) فهذا فرق ما بين المسألتين ولا يجوز أيضاً : ( الذي وعبد اللّهِ خلفكَ زيد ) تريد : ( الذي هو ) فإن أظهرت ( هو ) جاز والفراء يجيز : الذي نفسه محسن أخوكَ تريد : الذي هو نفسهُ محسن أخوكَ يؤكد المضمر وكذاك : ( الذين أجمعون محسنون أخوتك ) تريد : ( الذين هم أجمعونَ ) فيؤكد المضمر قال : ومحال : ( الذي نفسهُ يقومُ زيد ) وقام أيضاً وكذلك في الصفة يعني الظرف محال الذي نفسه عندنا عبد اللّهِ فإن أبرزته فجيد في هذا كله ومن قال : ( الذي ضربتُ عبد اللّهِ ) لم يقل : ( الذي كان ضربتُ عبد الله ) وفي ( كان ) ذكر الذي لأن الضمير الراجع إلى الذي في ( كان ) فليس لك أن تحذفه من ( ضربت ) لأن الهاء إذا جاءت بعد ضميرٍ يرجع إلى ( الذي ) لم تحذف وكانت بمنزلة ضمير الأجنبي فإن جلعت في ( كان ) مجهولاً جاز أن تضمر الهاء لأنه لا راجع إلى الذي غيرها وليس في هذه المسألة ( ككان ) تقول : ( الذي ليس أضربُ عبد اللّهِ ) وفي ( ليس ) مجهول فإن كان فيه ذكر ( الذي ) لم يجز فإن ذهبت ( بليس ) مذهب ما جاز أن ترجع الهاء المضمرة إلى ( الذي ) فإذا قلت : ( الذي ما ضربتُ عبد اللّهِ ) الهاء المضمرة ترجع على ( الذي ) فإن قلت : ( الذي ما هو أكرمتُ زيد ) في قول من جعل ( هو ) مجهولاً جاز لأن الإِضمار يرجع على ( الذي ) وتقول : ( الذي كنت أكرمتُ عبد الله ) تريد أكرمتهُ
    وتقول : ( الذي أكرمتُ ورجلاً صالحاً عبد الله ) تريد : أكرمته وعطفت على الهاء والأحسن عندي أن تظهر الهاء إذا عطفت عليها وتقول : ( الذي محسناً ظننتُ أخوكَ ) تريد : ظننتهُ ومحسناً مفعول ثان فإذا قلت : ( الذي محسناً ظننتُ وعبد الله أخوك ) قلت : محسنينِ لأنك تريد : الذي ظننتهُ وعبد الله محسنينِ
    وأجاز الفراء : ( ما خلا أخاهُ سارَ الناسُ عبد اللّهِ ) تريد : الذي سارَ الناسُ ما خلا أخاهُ عبد اللّه
    ويقول : الذي قياماً ليقومن عبد الله تريد : ( الذي ليقومنَ قياماً عبد الله ) وكذلك : ( الذي عبد الله ليضربنَ محمدٌ ) ورد بعض أهل النحو ( الذي ليقومنَ زيدٌ ) فيما حكى الفراء وقال فاحتججنا عليه بقوله ( وإنَّ منكم لَمَنْ ليبطئنَ ) وإذا قلت : ( الذي ظنَّكَ زيداً منطلقاً عبد الله ) فهو خطأ لأنه لم يعد على الذي ذكره وإذا قلت : ( الذي ظنكَ زيداً إياهُ عبد الله ) فهو خطأ أيضاً لأنه لا خبر للظن وهو مبتدأ فإن قلت : ( الذي ظنكَ زيداً إياهُ صواب عبد الله ) جاز لأن الذكر قد عاد على ( الذي ) وقد جاء الظن بخبر ولا يجوز أن تقول : ( الذي مررتُ زيدٌ ) تريد : ( مررت به زيدٌ ) كما بينت فيما تقدم
    ويجوز : ( الذي مررت مَمرٌ حسنٌ ) لأن كل فعل يتعدى إلى مصدره بغير حرف جر و ( الذي ) هنا هي المصدر في المعنى ولك أن تقول : ( الذي مررتهُ ممرٌ حسنٌ ) وقال الفراء : لا إضمار هنا لأنه مصدر كأنك قلت : ( ممرُكَ مَمرٌ حَسنٌ ) واحتج بقول الله عز و جل : ( فاصدع بما تؤمر ) وقال : لا إضمار هنا لأنه في مذهب المصدر وكذاك ( ما خلق الذكر والأنثى ) لم يعد على ( ما ) ذكر لأنه في مذهب المصدر قال أبو بكر : أما قوله في ( ما ) ففيها خلاف من النحويين من يقول : أنها وما بعدها قد يكون بمعنى المصدر
    ومنهم من يقول : إنها إذا وقعت بمعنى المصدر فهي أيضاً التي تقومُ مقامَ ( الذي ) ولا أعلم أحداً من البصريين يجيز أن تكون ( الذي ) بغير صلة ولا يجيز أحدٌ منهم أن تكون صلتها ليس فيها ذكرها إما مظهراً وإما محذوفاً ولا أعرف لمن ادعى ذلك في ( الذي ) حجة قاطعة وقوله عز و جل : ( فاصدعْ بما تؤمرُ ) قد بينت ذلك : أن الأفعال كلها ما يتعدى منها وما لا يتعدى فإنه يتعدى إلى المصدر بغير حرف جرٍ وتقول : ( ما تضربُ أخويك عاقلين ) تجعل ( ما ) وتضرب في تأويل المصدر كأنك قلت : ( ضَرْبُكَ أَخويكَ إذا كانا عاقليِن ) ولا يجوز أن تقدم ( عاقلين ) فتقول : ( ما تضرب عاقلينِ أَخويكَ ) ولا يجوز أيضاً : ما عاقلينِ تضربُ أَخويكَ وإنما استحال ذلك من قبل أن صلة ( ما ) لا يجوز أن تفصل بين بعضها وبعض ولا بين ( ما ) وبينها بشيءٍ ليس من الصلة
    وتقول : ( الذي تضربُ أَخوينا ) ( قبيحينِ ) تريد : ( إذا كانا قبيحينِ ) فإن قلت : قبيحٌ رفعت فقلت : ( الذي تضربُ أخوينا قبيحٌ )
    واعلم : أن هذه الأسماء المبهمة التي توضحها صلاتها لا يحسن أن توصف بعد تمامها بصلاتها لأنهم إذا أرادوا ذلك أدخلوا النعت في الصلة إلا ( الذي ) وحدها لأن ( الذي ) لها تصرف ليس هو لمنْ وما ألا ترى أنك تقول : ( رأيتُ الرجلَ الذي في الدار ) ولا تقول : رأيتُ الرجلَ مَنْ في الدار وأنت تريد الصفة وتقول : ( رأيتُ الشيءَ الذي في الدار ) ولا تقول : ( رأيتُ الشيءَ ما في الدار ) وأنت تريد : الصفة فالذي لما كان يوصف بها حَسُنَ أن توصف و ( مَنْ وما ) لما لمْ يجز أن يوصف بهما لم يجز أن يوصفا ويفرق بين الذي وبين ( مَنْ ) وما أن الذي تصلح لكل موصوف مما يعقل ولا يعقلُ وللواحد العلمِ وللجنس وهي تقوم في كل موضع مقام الصفة و ( مَنْ ) مخصوصة بما يعقل ولا تقع موقع الصفة و ( ما ) مخصوصة بغير ما يعقل و لا يوصف بها
    وقال الفراء : مَنْ نعت ( مَنْ وما ) على القياس لم نردد عليه ونخبره أنه ليس من كلام العرب
    قال : وإنما جاز في القياس لأنه إذا ادعى أنه معرفة لزمه أن ينعته قال : وأما ( ما ومن ) فتؤكدان يقال : نظرتُ إلى ما عندكَ نفسه ومررت بمَن عندكَ نفسِه قال أبو بكر : والتأكيد عندي جائزٌ كَما قال وأما وصفهما فلا يجوز لأن الصلة توضحهما وقد بينت الفرق بينهما وبين ( الذي ) وقد يؤكد ما لا يوصف نحو المكنيات وأما ( أنْ ) إذا وصلتها فلا يجوز وصفها لأنها حرف والقصد أن يوصف الشيء الموصول وإنما الصلة بمنزلة بعض حروف الإسم وإنما تذكر ( أن ) إذا أردت أن تعلم المخاطب أن المصدر وقع من فاعله فيما مضى أو فيما يأتي إذا كان المصدر لا دليل فيه على زمانٍ بعينه فإذا احتجت إلى أن تصف المصدر تركته على لفظه ولم تقله إلى ( أنْ ) وتقول : ( مَنْ أحمرُ أخوكَ ) تريد : منْ هو أحمرُ أخوكَ مَنْ حمراءُ جاريتُكَ تريد : مَنْ هي حمراءُ جاريتُكَ وليس لك أن تقول منْ أَحمُر جاريتُكَ فتذكر أحمر للفظ مَنْ لأن أحمر ليس بفعل تدخل التاء في تأنيثه ولا هو أيضاً باسم فاعل يجري مجرى الفعل في تذكيره وتأنيثه لا يجوز أن تقول : ( مَنْ أحمرَ جاريتُكَ ) ويجوز أن تقول : منْ محسنٌ جاريتُكَ لأنك تقول : محسنٌ ومحسنةٌ كما تقول : ضَربَ وضربتُ فليس بين محسنٍ ومحسنةٍ في اللفظ والبناء إلا الهاء وأحمر وحمراء ليس كذلك للمذكر لفظ وبناء غير بناء المؤنث وهذا مجاز والأصل غيره وهو في الفعل عربي حَسنٌ تقول : منْ أحسَن جاريتُكَ ومن أحسنتَ جاريتكَ كلٌّ عربي فصيح ولست تحتاج أن تضمر ( هو ) ولا ( هي ) فإذا قلت : ( محسنٌ جاريتُكَ ) فكأنَّكَ قلت : ( مَنْ هو محسنٌ جاريتُكَ فأكدت تذكير ( مَنْ ) بهو ثم يأتي بعد ذلك بمؤنث فهو قبيح إذا أظهرت ( هو ) وهو مع الحذف أحسن وتقول : ( ضربتُ الذي ضربني زيداً ) إذا جعلته بدلاً من ( الذي ) فإن جعلته بدلاً من اسم الفاعل وهو المضمر في ( ضربني ) رفعته فقلت : ضربتُ الذي ضربني زيدٌ لأن في ( ضربني ) اسماً مرفوعاً تبدل زيداً منه وتقول : ( ضربتُ وجه الذي ضَربَ وجهي أخيكَ ) لأن الأخ بدل من ( الذي ) فإن أبدلتهُ من اسم الفاعل المضمر في ( ضربَ ) رفعته ولا يجوز أن تنصب ( الأخ ) على البدل من الوجه لأن الأخَ غير الوجه
    وتقول : ضربتُ وجوهَ اللذينِ ضربا وجهي أخويكَ إذا جعلت أخويكَ بدلاً من ( اللذينِ ) فإن جعلتهما بدلاً من الألف التي في ( ضربا ) رفعت وإنما قلت : ضربتُ وجوهَ ( اللذينِ ) لأن كل شيئين من شيئين إذا جمعتهما جعلت لفظهما على الجماعة
    قال الله جل ثناؤه : ( فاقطعوا أيديهما ) وقال : ( فقد صغت قلوبكما ) وتقول : ( ضربَ وجهي الذين ضربتُ وجوههم أُخوتُكَ ) ترفع الأخوة إذا جعلتهم بدلاً من ( الذينِ ) فإن جعلتهم بدلاً من الهاء والميم اللتين في جوههم جررت
    وتقول : ( مررت باللذينِ مَرا بي أخويكَ ) إذا كانا بدلاً من ( اللذينِ ) فإن كانا بدلاً من الألف في ( مَرا ) رفعت فقلت : ( أخواكَ ) لأن في ( مَرا ) اسمين مضمرين ولو قلت : ( ضربني اللذان ضربتُ الصالحانِ ) وأكرمتُ وأنت تريد أن تجعل : ( وأكرمت ) من الصلة لم يجز لأنك قد فرقت بين بعض الصلة وبعض بما ليس منها وتقول : المدخولُ به السجنَ زيدٌ لأن السجن قام مقام الفاعل وشغلت الباء بالهاء فالمدخولُ به السجنَ ابتداء وزيد خبر الإبتداء وتقول : المدخل السجن زيد : على خبر الإبتداء وأضمرت الإسم الذي يقوم مقامَ الفاعل في ( المدخل ) ويدلك على أن في ( المدخل ) إضماراً أنك لو ثنيته لظهر فقلت المدخلان وأقمت السجن مقام المفعول به والتأويل الذي أدخل السجن زيد وإن شئت قلت : ( المدخلهُ السجنَ زيدٌ ) كأنك قلت : ( الذي أَدخلهُ السجن زيد ) ولك أن تقول : ( الذي أُدخلَ السجن إياهُ زيد ) لأن ( أدخل ) في الأصل يتعدى إلى مفعولين فإذا بنيته للمفعول قام أحد المفعولين مقام الفاعل واقتضى مفعولاً آخر ولا بدّ من إظهار الهاء في ( المدخله ) وقد بينت هذا وضربه فيما تقدم
    وتقول : ( أُدخلَ المدخلُ السجنَ الدارَ ) لأن في ( المدخل ) ضمير الألف واللام وهو الذي قام مقام الفاعل والسجن مفعول للفعل الذي في الصلة والمدخلُ وصلته مرفوع بأدخل : والدار منصوبة بأدخل لأنه مفعول له كأنك قلت : أدخلَ زيد الدارَ وتقول : ( أُدخلَ المدخولُ به السجنُ الدارَ ) قام المدخول به مقام الفاعل ورفعت السجن لأنك شغلت الفعل به وشغلت الهاء بالباء ومن قال : ( دخلَ بزيدٍ السجنُ ) قال : أُدخلَ المدخولُ به السجنُ الدار
    وتقول : ( دُخلَ بالمدخلِ السجنَ الدار ) والتأويل : ( دخلَ بالذي أدخلَ السجنَ الدارُ ) فإن ثنيت قلت : ( باللذينِ أُدخلا السجنُ الدارَ ) وتقول : ( جاريةُ منْ تضربْ نضربْ ) تنصبهما بالفعل الثاني إذا جعلت ( مَنْ ) بمعنى ( الذي ) كأنك قلت : ( جارية الذي تضربه تضربُ ) فإن جعلت ( من ) للجزاء قلت : ( جاريةُ مَنْ تضربْ نضربْ ) تجزم الفعلين وتنصب الجارية بالفعل الأول لأن الثاني جواب فإن جعلت ( من ) استفهاماً قلت : ( جاريةُ من تضربْ ) جزمت ( أضرب ) لأنه جواب كما تقول : ( أتضربُ زيداً أضربْ ) أي : إنْ تفعل ذاك أفعل وتقول : جارية من تضربها نضربْ ترفع الجارية بالإبتداء وشغلت الفعل بالهاء و ( من ) وحدها اسم لأنه استفهام والكلام مستغن في الإستفهام والجزاء لا يحتاج ( من ) فيهما إلى صلة فإن جئت بالجواب بعد ذلك جزمت على الجزاء وإن أدخلت في الجواب الفاء نصبت وتقول : على منْ أنتَ نازلُ إذا كنت مستفهماً توصل نازلاً ( بعلى ) إلى ( من ) فإن جعلت ( من ) بمعنى الذي في هذه المسألة لم يكن كلاماً لأن الذي تحتاج إلى أن يوصل بكلام تام يكون فيه ما يرجع إليها فإن كانت مبتدأ احتاجت إلى خبر وإن لم تكن كذلك فلا بدّ من عامل يعمل فيها فلو قلت : على من أنت نازلٌ عليه لم يجز لأنك لم توصل بعلى إلى ( من ) شيئاً فإن قلت : ( نزلتُ على من أنتَ عليه نازلٌ ) جاز وتقول : أبا مَنْ تكنى وأبا من أنتَ مكنى ( فمنْ ) في هذا استفهام ولا يجوز أن تكون فيه بمعنى ( الذي ) أضمرت الإسم الذي يقوم مقام الفاعل في مكنى وتكنى ونصبت أبا منْ لأنه مفعول به متقدم وإنما نصبته ( بتكنى ) وهو لا يجوز أن يستقدم عليه لأنه استفهام فالإستفهام صدر أبداً مبتدأ كان أو مبنياً على فعل والفعل الذي بعده يعمل فيه إذا كان مفعولاً ولا يجوز تقديم الفعل على الإستفهام وكلما أضفته إلى الأسماء التي يستفهم بها فحكمها حكم الإستفهام لا تكون إلإ صدراً ولا يجوز أن يقدم على حرف الإستفهام شيء مما يستفهم عنه من الكلام وتقول : أبو مَنْ أنتَ مكنى به رفعت الأول لأنك شغلت الفعل بقولك ( به ) كأنك قلت : أأبو زيد أنتَ مكنىً به ولو قلت : بأبي من تكنى به كان خطأ لأنك إنما توصل الفعل بياء واحدة ألا ترى أنك تقول : ( بعبد الله مررتُ ) ولا يجوز : ( بعبد الله مررتُ به ) ولو جعلت ( من ) في هذه المسألة بمعنى ( الذي ) لم يجز حتى تزيد فيها فتقول : ( أبو منْ أنت مكنى به زيد ) ألا ترى أنك تقول : من قام فيكون كلاماً تاماً في الإستفهام فإن جعلت ( من ) بمعنى ( الذي ) صار ( قام ) صلة واحتاجت إلى الخبر فلا بدّ أن تقول : ( من قام زيد ) وما أشبههه وتقول : ( إنَّ بالذي به جراحات أخيكَ زيد عيبين ) فقولك : عيبين اسم ( إنَّ ) وجعلت الهاء بدلاً من الذي ثم جعلت زيداً بدلاً من الأخ وتقول : إن الذي به جراحات كثيرة أخاك زيدا به عيبان تجعل الأخ بدلاً من ( الذي ) وزيداً بدلاً من الأخ وبه عيبين خبر إنّ
    وتقول : ( إنّ الذي في الدار جالساً زيدٌ ) تريد : إنّ الذي هو في الدار جالساً زيد وإن شئت لم تضمر وأعملت الإستقرار في الحال ألا ترى أن ( الذي ) يتم بالظرف كما يتم بالجمل وإن شئت قلت : ( إنّ الذي في الدار جالس زيد ) تريد : ( الذي هو في الدار جالس ) فتجعل جالساً خبر هو وتقول : ( إنّ الذي فيكَ راغب زيد ) لا يكون في ( راغب ) إلا الرفع لأنه لا يجوز أن تقول : ( إن الذي فيك زيدٌ ) وتقول : ( إن اللذين بك كفيلان أخويك زيد وعمرو ) تريد : ( إنّ ) أخويك اللذين هما بك كفيلان زيد وعمرو فزيد وعمرو خبر ( إنّ ) ولا يجوز أن تنصب كفيلين لأن بك لا تتم بها صلة ( الذي ) في هذا المعنى وقال الأخفش : تقول : ( إنّ الذي به كفيل أخواك زيد ) لأنها صفة مقدمة قال : وإن شئت قلت : ( كفيلاً ) في قول من قال : أكلوني البراغيثُ
    قال أبو بكر : معنى قوله : صفة مقدمة يعني : أن كفيلا صفة وحقها التأخير فإذا قدمت أعملت عمل الفعل ولكن لا يحسن أن تعمل إلا وهي معتمدة على شيءٍ قبلها وقد بينا هذا في مواضع ومعنى قوله في قول من قال : ( أكلوني البراغيث ) أي تثنية على لغتهم وتجريه مجرى الفعل الذي يثنى قبل مذكور ويجمع ليدل على أن فاعله اثنان أو جماعة كالتاء التي تفصل فعل المذكر من فعل المؤنث نحو : قامَ وقامتْ وقد مضى تفسير هذا أيضاً
    وتقول : ( إن اللذين في دارهما جالسين أخواك أبوانا ) تريد : أن اللذين أخواكَ في دارهما جالسين تنصب ( جالسين ) على الحال من الظرف
    وإن رفعت ( جالسين ) فقلت : إن اللذين في دارهما جالسان أخواك أبوانا تريد أن اللذينْ أخواكض في دارهما جالسينِ رفعت وجعلتهما خبر الأخوينِ وتقول : منهنَ منْ كان أختُكَ وكانت أُختُكَ : فمن ذكر فللفظ ومن أنث فللتأويل وكذلك : منهن من كانتا أُختيكَ ومنهن من كان أخواتك وكنَّ أخواتكَ ومن يختصمان أخواك وإن شئت : من يختصمُ أخواكَ توحد اللفظ وكذاك : من يختصمُ إخوتُكَ ويختصمون وتقول : منْ ذاهب وعبد الله محمد نسقت بعبد الله على ما في ( ذاهب ) والأجود أن تقول : ( من هو وعبد الله ذاهبان محمد ) فإذا قلت : ( من ذاهب وعبد الله محمد ) فالتقدير من هو ذاهب هو وعبد الله محمد ( فهو الأول ) مبتدأ محذوف
    وتقول : ( من يحسن أخوتك ) ولك أن تقول : ( من يحسنون إخوتُكَ ) مرة على اللفظ ومرة على المعنى
    وتقول : ( من يحسنُ ويسيءُ إخوتُكَ ومن يحسنون ويسيئونَ أخوتك وقبيح أن تقول : ( من يحسنُ ويسيئونَ إخوتُكَ لخلطك المعنى باللفظ في حالٍ واحدة وتقول ( الذي ضربتُ عبد الله فيها ) تجعل عبد الله بدلاً من ( الذي ) بتمامها فإن أدخلت ( إن ) قلت : ( إن الذي ضربتُ عبد الله فيها ) نصبت عبد الله على البدل فإن قلت : ( الذي فيك عبد الله راغب ) لم يجز لأن ( راغباً ) مع ( فيك ) تمام الذي فلا يجوز أن يفرق بينهما وتقول : ( الذي هو هو مثلُكَ ) الأول كناية عن الذي والثاني كناية عن اسم قد ذكر وكان تقديم ضمير الذي أولى من تقديم ضمير الأجنبي ومن قال : ( الذي منطلق أخوك ) وهو يريد : ( الذي هو منطلق أخوك ) جاز أن تقول : ( الذي هو مثلك ) يريد : ( الذي هو هو مثلُكَ ) فتحذف ( هو ) التي هي ضمير الذي وتتركُ ( هو ) التي هي ضمير مذكور وقد تقدم لأنها موضع ( منطلق ) من قولك الذي منطلق مثلك
    وتقول : ( مررتُ بالذي هو مسرع ومسرعاً ) فمن رفع ( مسرعاً ) جعل هو مكنياً من ( الذي ) ومن نصب فعلَى إضمار ( هو ) أخرى كأنه قال : الذي هو هو مسرعاً لأن النصب لا يجوز إلا بعد تمام الكلام
    وتقول : ( مررت بالذي أنت محسناً ) تريد : الذي هو أنت محسناً ولا يجوز رفع ( محسن ) في هذه المسألة وتقول : من عندك اضرب نفسهُ تنصب ( نفسه ) لأنه تأكيد ( لمنْ ) فموضع ( من ) نصب ( بأضربُ ) فإن جعلت نفسه تأكيداً للمضمر في ( عند ) رفعت وقدمته قبل ( أضربُ ) ولم يجز تأخيره لأن وصف ما في الصلة وتأكيده في الصلة فتقول : إذا أردت ذلك من عندك نفسه أضرب وتقول : ( من من أضربُ أنفسهم عبد الله ) تؤكد ( من ) فتجر وإن شئت نصبت أنفسهم تتبعه المضمر كأنك قلت من من أضربُهم أنفسَهم وأجاز الفراء : ( من من أضربُ أنفسهُ ) يجعل الهاء ( لمْن ) ويوحد للفظ ( من ) وقال : حكى الكسائي عن العرب : ليت هذا الجراد قد ذهب فأراحنا من أنفسهِ الهاء للفظ الجراد وقال : تقول : ( من من داره تبنى زيد ) تريد : ( مِنَ الذينَ دورهم تبنى زيد ) قال : ولا يجوز أن تقول : ( مِنْ مَنْ رأسهُ يخضبُ بالحناء زيد ) حتى تقول : ( مِنْ مَنْ أَرأسهُ مخضوباتٌ ) فرق بين رأس ودار لأن الدار قد تكون لجماعة والرأس لا يكون لجماعة قال : ويجوز : ( مِنْ مَنْ رأسهُ يخضبُ بالحناء زيد ) فيمن أجاز ضربت رأسكم وتقول : ( مِنَ المضروبين أحدُهم محسنٌ زيدٌ ) تريد : ( مِنَ المضروبين وأحدهم محسن زيد ) والأحسن أن تجيء بالواو إلا أن لك أن تحذفها إذا كان في الكلام ما يرجع إلى الأول فإن لم يكن لم يجز حذف الواو فإن قلت : ( من المظنونين أحدُهم محسن زيد ) جاز بغير إضمار واو لأن قولك : ( أحدُهم محسنٌ ) مفعول للظن كما تقول : ( ظننت القوم أحدهم محسن ) فأحدهم محسن مبتدأ وخبر في موضع مفعول ثانٍ للظن فإذا رددته إلى ما لم يُسمَ فاعله قلت : ( ظُنَّ القومُ أحدُهم محسنٌ ) وتقول : ( مررت بالتي بنى عبد الله ) تريد : ( الدار التي بناها عبد الله ) وتقول : ( الذي بالجارية كفل أبوهُ أبوها ) ولا يجوز : ( الذي بالجارية كفل أبوهُ ) ولو جازَ هذا لجاز : زيد أبوهُ وهذا لا يجوز إذا لم يكن مذكور غير زيد لأنه لا يجب منه أن يكون زيد أبا نفسِه وهذا محال إلا أن تريد التشبيه أي : زيدُ كأبيهِ وتقول : ( مررت بالذي كَفلَ بالغلامين أبيهما ) تجعل ( الأبَ ) بدلاً من الذي ( وهما في أبيهما ضمير الغلامين ) وكذاك : ( إنَّ الذي كفلَ بالغلامين أبوهما ) فأبوهما خبر إن ( وهما ) من أبيهما يرجع إلى الغلامين وتقول : ( مررت بالذي أكرمني وألطفني عبد الله ) نسقت ( ألطفني ) على ( أكرمني ) وهما جميعاً في صلة الذي وعبد الله بدل من الذي فإن عطفت ( ألطفني ) على مررت رفعت عبد الله فقلت : ( مررت بالذي أكرمني وألطفني عبد الله ) فأخرجت ( ألطفني عبد الله ) من الصلة كأنك قلت : ( مررت بزيد وألطفني عبد الله ) وتقول : ( الذي مررت وأكرمني عبد الله ) رجع إلى الذي ما في ( أكرمني ) فصح الكلام ولا تبال أن لا تعدى ( مررت ) إلى شيءٍ هو نظير قولك : الذي قعدتُ وقمتُ إليه زيدٌ
    فإن قلت : ( الذي أكرمني ومررتُ عبد الله ) جاز أيضاً لأن الكلام لا خلل فيه كما تقول : ( أكرمني زيد ومررتُ ) لا تريد أنك : مررت بشيءٍ وإنما تريد : مضيتَ
    وقال قوم : ( الذي أكرمني ومررت عبد الله ) محال
    لا بدّ من إظهار الباء وهو قولك : ( الذي أكرمني ومررت به عبد الله ) وهذا إنما لا يجوز إذا أراد أن يعدى ( مررت ) إلى ضمير الذي فإن لم ترد ذلك فهو جائز وهم مجيزون : ( الذي مررت وأكرمني عبد الله ) على معنى الإِضمار وإذا قلت : ( الذي أكرمتُ وظننتُ محسناً زيد ) جاز تريد : ( ظننتهُ ) لا بدّ من إضمار الهاء في ( ظننتُ ) لأن الظن لا يتعدى إلى مفعول واحد وأما أكرمتُ فيجوز أن تضمرها معها ويجوز أن لا تضمر كما فعلت في ( مررت )
    وتقول : ( مررت بالذي ضربتُ ظننتُ عبد الله ) تلغي الظن فإن قدمت ( ظننت ) على ( ضربتُ ) قبح لأن الإِلغاء كلما تأخر كان أحسن وتقول : ( الذي ضربتُ ضربتُ عبد الله ) والتأويل : ( الذي ضربتهُ أمس ضربُ اليوم ) ( فالذي ) منصوب ( بضربتُ ) الثاني وعبد الله بدل من ( الذي )
    وتقول : ( للذي ظننتهُ عبد الله درهمان ) تريد : للذي ظننته عبد الله درهمان فإذا قلت : للذي ظننت ثم عبد الله درهمان صار ( ثم ) المفعول الثاني للظن والمفعول الأول الهاء المحذوفة من ( ظننت ) وجررت عبد الله مبدلاً له من الذي وتقول : تكلم الذي يكلم أخاكَ مرتين إن نصبت أخاك ( يتكلم ) الفعل الذي في الصلة فتكون مرتين إن شئت في الصلة وإن شئت كان منصوباً بتكلم بالفعل الناصب ( للذي ) فإن جعلت أخاك بدلاً من ( الذي ) لم يجز أن يكون ( مرتين ) منصوباً بالفعل الذي في الصلة لأنك تفرق بين بعض الصلة وبعض بما ليس منها
    وتقول : الذين كلمت عامةً أخوتك تريد : ( الذين كلمتهم عامة أخوتُكَ ) والذين كلمتُ جميعاً أخوتكَ مثله تنصب ( عامة ) وجميعاً نصب الحال فإن قلت : الذين ( عامةً ) كلمتُ إخوتُكَ قبحَ عندي لأنه في المعنى ينوب عن التأكيد والمؤكدُ لا يكون قبل المؤكَّدِ كما أن الصفة لا تكون قبل الموصوف وتقول : ( الذي عَن الذي عنكَ معرضٌ زيدٌ ) تريد : الذي هو معرض عن الذي هو عنك معرض زيد كأنك قلت : ( الذي معرض عن الرجل زيدٌ ) وهذا شيءٌ يقيسه النحويون ويستبعده بعضهم لوقوع صلة الأول وصلة الثاني في موضع واحد وتقول : ( أعجبني ما تصنع حسناً ) تريد : ( ما تصنعهُ حَسناً ) وكذلك : ( أعجبني ما تضربُ أخاكَ ) تريد : ( ما تضربهُ أخاكَ ) فما وصلتُها في معنى مصدر وكذلك : ( أعجبني الذي تضربُ أخاكَ ) تريد : الذي تضربهُ أخاكَ و ( ما ) أكثر في هذا من ( الذي ) إذا جاءت بمعنى المصدر
    ● [ لهذا الباب بقية ] ●

    صفحة رقم [ 25 ] من كتاب الأصول في النحو Fasel10

    كتاب : الأصول في النحو
    المؤلف : أبي بكر محمد بن سهل بن السراج النحوي البغدادي
    منتدى الرسالة الخاتمة - البوابة
    صفحة رقم [ 25 ] من كتاب الأصول في النحو E110


      الوقت/التاريخ الآن هو الأربعاء 27 نوفمبر - 3:05