من طرف توتة الإثنين 4 أكتوبر - 9:47
بّسم اللّه الرّحمن الرّحيم
مكتبة الثقافة الأدبية
الأصول في النحو
● [ باب اللام التي تدخل في النداء للإستغاثة والتعجب ] ●
اعلم : أن اللام التي تدخل للإستغاثة هي لام الخفض وهي مفتوحة إذا أدخلتها على الإسم المنادى كأن المنادى كالمكنى
وقد بينا هذا فيما مضى فانفتحت مع المنادى كما تنفتح مع المكنى إلا ترى أنك تقول : لزيد ولبكر فتكسر
فإذا قلت : لك وله فتحت وقد تقدم قولنا في أن المبني كالمكنى فلذلك لم يتمكن في الإِعراب وبني فتقول : يا لبكر ويا لزيد ويا للرجال ويا للرجلين إذا كنت تدعوهم وقال أصحابنا : إنما فتحتها لتفصل بين المدعو والمدعو إليه
ووجب أن تفتحها لأن أصل اللام الخافضة إنما كان الفتح فكسرت مع المظهر ليفصل بينها وبين لام التوكيد ألا ترى أنك تقول : إن هذا لزيد إذا أردت : إن هذا زيد فاللام هنا مؤكدة وتقول : إن هذا لِزيد إذا أردت أنه في ملكه
ولو فتحت لألتبسا فإن وقعت اللام على مضمر فتحتها على أصلها فقلت : أن هذا لك وإن هذا لأنت لأنه ليس هنا لبس وتقول : يا للرجال للماء ويا للرجال للعجب ويا لزيد للخطب الجليل قال الشاعر :
( يا لَلِّرجَالِ لِيوْمِ الأربعاءِ أما ... يَنْفَكُّ يُحْدِثُ لِي بَعْدَ النُّهى طَربا )
وقال آخر :
( تَكَنَّفَني الوُشَاةُ فَأَزْعَجُوني ... فَيا للناسِ لِلواشي المُطَاعِ )
فالذي دخلت عليه اللام المفتوحة هو المدعو والمستغاث به والذي دخلت عليه اللام المكسورة هو الذي دعي له ومن أجله
واعلم : أنه لا يجوز أن تقول : يا لزيدٍ لمن هو قريب منك ومقبل عليك
وذكر سيبويه : أن هذه اللام التي للإستغاثة بمنزلة الألف التي تبين بها في الوقف إذا أردت أن تسمع بعيداً فإن قلت : يا لزيد ولعمرو، كسرت اللام في ( عمرو ) وهو مدعو لأنه يسوغ في المعطوف على المنادى ما لا يسوغ في المنادى
ألا ترى أن الألف واللام تدخل على المعطوف على المنادى ويجوز فيه النصب وإنما يتمكن في باب النداء ما لصق ( بيا ) يعني بحرف النداء
وأما أبو العباس رحمه الله فكان يقول في قولهم : يا لزيد ولعمرو إنما فتحت اللام في ( زيد ) ليفصل بين المدعو والمدعى إليه فلما عطفت على ( زيد ) استغنيت عن الفصل لأنك إذا عطفت عليه شيئاً صار في مثل حاله وقال الشاعر :
( يَبْكِيكَ نَاءٍ بَعِيدُ الدارِ مُغتَربٌ ... يا لَلْكُهُولِ ولِلشُّبان لِلْعِجبِ )
وأما التي في التعجب فقول الشاعر :
( لَخُطَّابُ لَيْلَى يا لبُرثُنَ مِنْكُمُ ... أَدَلُّ وأمضى مِنْ سُليكِ المقانبِ )
وقالوا : يا للعجب ويا للماء لما رأوا عجباً أو رأوا ماء كثيراً كأنه يقول : تعال يا عجب وتعال يا ماء فإنه من أيامك وزمانك وأبانك ومثل ذلك قولهم : يا للدواهي أي : تعالين فإنه لا يستنكر لكن لأنه من أحيانكن وكل هذا في معنى التعجب والإستغاثة فلا يكون موضع ( يا ) سواها من حروف النداء نحو : أي وهيا وأيا
وقد يجوز أن تدعو مستغيثاً بغير لام فتقول : يا زيد وتتعجب كذلك كما أن لك أن تنادي المندوب ولا تلحق آخره ألِفاً لأن النداء أصل لهذه أجمع وقد تحذف العرب المنادى المستغاث به مع ( يا ) لأن الكلام يدل عليه فيقولون : يا للعجب ويا للماء كأنه قال : يا لقوم للماء ويا لقوم للعجب وقال أبو عمرو قولهم : يا ويل لك ويا ويح لك كأنه نبه إنساناً ثم جعل الويل له ومن ذلك قول الشاعر :
( يَا لعنَةُ الله والأقوامِ كُلِّهِمِ ... والصالحينَ على سِمَعانَ مِن جَارِ )
فيا لغير اللعنة ولغير الويل كأنه قال : يا قوم لعنة الله على فلان
● [ باب الندبة ] ●
الندبة تكون بياء أو بواو ولا بد من أحدهما وتلحق الألف آخر الإسم المندوب إن شئت وإن شئت ندبت بغير ألف والألف أكثر من هذا الباب قال سيبويه : لأن الندبة كأنهم يترنمون فيها ومن شأنهم أن يزيدوا حرفاً إذا نادوا بعيداً ولا أبعد من المندوب فإذا وقفوا قالوا : يا زيداه واعمراه فيقفون على هاء لخفاء الألف فإن وصلوا النداء بكلام أسقطوا الهاء وإذا لم تلحق الألف قلت : وا زيد بكر والألف تفتح ما قبلها مضموما كان أو مكسورا تقول وا زيد فتضم فإن أدخلت الألف قلت : وا زيداه فإن أضفت إلى أسم ظاهر غير مكنى قلت : وا غلام زيد فإن أدخلت الألف قلت واغلام زيداه وحذفت التنوين لأنه لا يلتقي ساكنان
قال سيبويه : ولم يحركوها يعني التنوين في هذا الموضع لأن الألف زيادة فصارت تعاقب التنوين وكان أخف عليهم فإن أضفت إلى نفسك قتل وأزيدِ فكسرت الدال فإن أدخلت الأل قلت : وا زيداه يكون إذا أضفته إلى نفسك وإذا لم تضفه سواء ومن قال : يا غلامي قال : وا زيدياه فيحرك الياء في لغة من أسكن الياء للألف التي بعدها لأن الألف لا يكون ما قبلها إلا مفتوحاً
قال أبو العباس : ولك في وا غلامي في لغة من أسكن الياء وجهان : أن تحرك الياء لدخول الألف فقتول : واغلامياه وأن تسقطها لإلتقاء الساكنين فتقول : واغلاماه كما تقول جاء غلام العاقل فتحذف الياء فأما من كان يحرك الياء قبل الندبة فليس في لغته إلا إثباتها مع الألف تقول : وا غلاماه وذكر سيبويه : أنه يجوز في الندبة : واغلاميه فيبين الياء بالهاء كما هي في غير النداء فإن أضفت إلى مضاف إليك قلت : واغلام غلامي فإن أدخلت الألف قلت : واغلام غلامياه لا يكون إلا ذلك لأن المضاف الثاني غير منادى وقد بيناه لك فيما تقدم
وكذلك وانقطاع ظهرياه لا بد من إثبات الياء وإذا وافقت ياء الإِضافة الياء الساكنة في النداء لم يجدوا بداً من فتح ياء الإِضافة ولم يكسر ما قبلها كراهية للكسرة في الياء ولكنهم يفتحون ياء الإِضافة ويجمعون على ذلك لئلا يلتقي ساكنان
فإذا ناديت فأنت في إلحاق الألف بالخيار أيضاً وذلك قولك : وا غلامياه وواقاضياه وواغلاميَّ في تثنية غلام وواقاضيَّ
وإن وافقت ياء الإِضافة ألفاً لم تحرك الألف وأثبتوا الياء وفتحوها لئلا يلتقي ساكنان وأنت أيضاً بالخيار في إلحاق الألف وذلك قولك وامثناي ووا مثناه
فإن لم تضف إلى نفسك قلت : وامثناي وتحذف الألف الأولى لئلا يلتقي ساكنان ولم يخافوا التباساً فإن كان الإسم المندوب مضافاً إلى مخاطب مذكر قلت : واغلامك يا هذا فإن ألحقت ألف الندبة قلت : وا غلامكاه وإن ثنيت قلت : وا غلامكاه وإن جمعت قلت : وغلامكموه فقلبت الف الندبة واواً كيلا يلتبس بالتثنية وتقول للمؤنث : واغلامكيه
وكان القياس الألف لولا اللبس وفي التثنية وا غلامهماه والمذكر والمؤنث في التثنية سواء وتقول في الجمع : وا غلامكناه وتقول في الواحد المذكر الغائب واغلامهوه وللإثنين واغلامهماه وللجميع واغلامهموه وللمؤنث : واغلامهاه وفي التثنية : واغلامهاه وللجميع واغلامهمناه فإن كان المنادى مضافاً إلى مضاف نحو : وانقطاع ظهره ( ) قلت في قول من قال : مررت بظهرهوه قيل : وانقطاع ظهرهوه وفي قول من قال : بظهرهي قال : وانقطاع ظهرهيه
وقال قوم من النحويين : كل ما كان في أخره ضم أو فتح وكسر ليس يفرق بين شيء وبين شيء جاز فيه الإِتباع والفتح وغير الإِتباع مثل قطام تقول : واقطاميهْ ويا قطاماه ويقولون : يا رجلانية ويا رجلاناه ويا مسلموناه ويقولون : يا غلام الرجلية والرجلاه فإذا كانت الحركة فرقاً بين شيئين مثل : قمتُ وقمتَ فالإِتباع لا غير نحو : واقياماً قمتوه وقمتاه وقمتيه وقد مر تثنية المفرد وجمعه في النداء في ( هن ) فقس عليه
واعلم : أن ألف الندبة لا تدخل على الصفة ولا الموصوف إذا اجتمعا نحو وأزيد الظريف والظريفَ لأن الظريف غير منادى وليس هو بمنزلة المضاف والمضاف إليه لأن المضاف والمضاف إليه بمنزلة اسم واحد وأنت في الصفة بالخيار إن شئت وصفت وإن شئت لم تصف وهذا قول الخليل
وأما يونس فيلحق الألف الصفة ويقول : وا زيد الظريفاه ولا يجوز أن تندب النكرة وذلك : وارجلاه ويا رجلاه ولا المبهم لا تقول : واهذاه قال سيبويه : إنما ينبغي أن تتفجع بأعرف الأسماء ولا تبهم وكذلك قولك : وامَن في الداراه في الفتح وذكر يونس : أنه لا يستقبح : وا من حفر زمزماه لأن هذا معروف بعينه
وقال الأخفش : الندبة لا يعرفها كل العرب وإنما هي من كلام النساء فإذا أرادوا السجع وقطع الكلام بعضه من بعض أدخلوا ألف الندبة على كلام يريدون أن يسكتوا عليه وألحقوا الهاء لا يبالون أي كلام كان
● [ باب الترخيم ] ●
الترخيم حذف أواخر الأسماء المفردة الأعلام تحقيقاً ولا يكون ذلك إلا في النداء إلا أن يضطر شاعر ولا يكون في مضاف إليه ولا مضاف ولا في وصف ولا اسم منون في النداء ولا يرخم مستغاث به إذا كان مجروراً لأنه بمنزلة المضاف ولا يرخم المندوب هذا قول سيبويه والمعروف من مذاهب العرب
والترخيم يجري في الكلام على ضربين : فأجود ذلك أن ترخم الإسم فتدع ما قبل آخره على ما كان عليه وتقول في : حارث : يا حار أقبل فتترك الراء مكسورة كما كانت
وفي مسلمة : يا مسلم أقبل وفي جعفر : يا جعف أقبل تدع الفتحة على حالها وفي يعفر : يا يعف أقبل وفي برثن : يا برث أقبل تترك الضمة على حالها وفي هرقل أقبل تدع القاف على سكونها والوجه الآخر أن تحذف من أواخر الأسماء وتدع ما بقي اسماً على حياله نحو : زيد وعمرو فتقول : في حارث يا حار وفي جعفر يا جعفُ أقبل وفي هرقل : يا هرق أقبل
وكذلك كل اسم جاز ترخيمه فإن كان آخر الإسم حرفان زيدا معا حذفتهما لأنهما بمنزلة زيادة واحدة وذلك قولك : في عثمان : يا عثم وفي مروان يا مرو أقبل وفي أسماء يا أسم أقبلي وكذلك كل ألفين للتأنيث نحو : حمراء وصفراء وما أشبه ذلك
إذا سميت به وكذلك ترخيم رجل يقال له : مسلمون تحذف منه الواو والنون وكذلك رجل اسمه مسلمان قال سيبويه : فأما رجل اسمه بنون فلا يطرح منه إلا النّون لأنك لا تصير اسماً على أقل من ثلاثة احرف ومن قال يا حار قال يا بني فإن رخمت اسما آخره غير زائد إلا أن قبل آخره حرفاً زائداً وذلك الزائد واو ساكنة قبلها ضمة أو ياء ساكنة قبلها كسرة أو ألف ساكنة حذفت الزائد مع الأصلي وشبه بحذف الزائد ولم يكن ليحذف الأصل ويبقى الزائد وذلك قولك في منصور : يا منص أقبل تحذف الراء وهي أصل وتحذف الواو وهي زائدة وفي عمار يا عمَّ أقبل وفي رجل اسمه عنتريس : يا عنتر أقبل فإن كان الزائد الذي قبل حرف الإِعراب متحركاً ملحقاً كان أو زائداً جرى مجرى الأصل
فأما الملحق فقولك في قَنَّور : يا قنو أقبل وفي رجل اسمه هبينح يا هبي أقبل لأن هذا ملحق بسفرجل وسنبين لك هذا في موضعه من التصريف إن شاء الله
وأما الزائد غير الملحق فقولك في رجل سميته بحولايا وبردرايا يا حولاي أقبل ويا بردراي أقبل لأن الحرف الذي قبل آخره متحركاً فأشبهت الألف التي للتأنيث الهاء التي للتأنيث فحذفت الألف وحدها كما تحذف الهاء وحدها لأن الهاء بمنزلة اسم ضم إلى إسم ولا يكون ما قبلها ألا مفتوحاً والهاء لا تحذف إلا وحدها كان ما قبلها أصلياً أو زائداً أو ملحقاً أو منقوصاً وحذف الهاء في ترخيم الإسم العلم أكثر في كلام العرب من الترخيم فيما لا هاء فيه وكذلك إن كان اسماً عاماً غير علم
والعلم قولهم في سلمة : يا سلم أقبل تريد يا سلمة وقالت الجهنية في هوذة بن علي الحنفي وكان كسرى أقطعه وتوَّجَهُ بتاج :
( يا هَوذَ ذَا التاَّجِ إنَّا لا نَقُولُ سَوَى ... يا هَوذَ يا هَوذَ إما فَادحٌ دَهَمَا )
وأما العام فنحو قول العجاج :
( جَارِيَ لاَ تسْتَنْكِرِي عَذِيرِي ... )
أي : حالي وأما ما كان منقوصاً وكان مع الهاء على ثلاثة أحرف فقولهم : يا شاء ادجني
قال أبو علي : إذا وصلت سقطت همزة الوصل فالتقت الألف وهي ساكنة مع الراء مع ادجني وهي ساكنة أيضاً فحذفت الألف لإلتقاء الساكنين ووليت الشين المفتوحة الراء وإذا وقفت قلت : يا أدجني مثل أقبلي فلم يحذف الألف رخم شاة ويا ثبت أقبلي تريد : ثبة وناس من العرب يثبتون الهاء فيقولون : يا سلمة أقبلي يقحمون الهاء ويدعون الإسم مفتوحا على لفظ الترخيم والذين يحذفون في الوصل الهاء إذا وقفوا قالوا : يا سلمهْ ويا طلحهْ لبيان الحركة ولم يجعلوا المتكلم بالخيار في حذف الهاء عند الوقف والشعراء إذا اضطروا حذفوا هذه الهاء في الوقف لأنهم إذا اضطروا يجعلون المدة التي تلحق القوافي بدلاً منها قال ابن الخَرِع :
( وكَادَتْ فَزَارَةُ تَشَقَى بِنَا ... فَأَوْلَى فَزَارَةَ أَوْلى فَزَارا )
والضم جائز في البيت وكذلك إن رخمت اسماً مركباً من اسمين قد ضم أحدهما إلى الآخر فحكم الثاني حكم الهاء في الحذف وذلك
نحو : حضرموت ومعدي كرب ومار سرجس ومثل رجل سميته بخمسة عشر تحذف الثاني وتبقي الصدر على حاله فتقول : يا حضر أقبل ويا معدي أقبل ويا خمسة أقبل قال سيبويه : وإن وقفت قلت : يا خمسهْ بالهاء وإنما قال ذلك لأن تاء التأنيث لا ينطق بها إلا في الوصل
فإذا وقفت عليها وقفت بالهاء ومما شبه بحضر موت : عمرويه زعم الخليل : أنه يحذف الكلمة التي ضمت إلى الصدر فيقول : يا عمر أقبل قال : أراه مثل الهاء لأنهما كانا بائنين فضم أحدهما إلى الآخر
واعلم : أن من قال : يا حار فإنه لا يعتد بما حذف ويجعل حكم الإسم حكم ما لم تحذف منه شيئاً
فإن كان قبل الطرف حرفاً يعتل في أواخر الأسماء وينقلب أعل وقلب نحو : رجل سميته بعرقوة إن رخمت فيمن قال يا حار قلت : يا عرقي أقبل ولم يجز أن تقول : يا عرقوا لأن الإسم لا يكون آخره واواً قبلها حرف متحرك وهذا يبين في التصريف ومن قال : يا حار فإنما يجعل الراء حرف الإِعراب تقدير ما لا فاء فيه فيجب عليه أن لا يفعل ذاك إلا بما مثله في الأسماء فمن رخم اسماً فكان ما بيقى منه على مثال الأسماء فجائز وإن كان ما يبقى على غير مثال الأسماء فهو غير جائز وكذلك إن كان قبل المحذوف للترخيم شيء قد سقط لإلتقاء الساكنين فإنك إذا رخمت وحذفت رجع الحرف الذي كان سقط لإلتقاء الساكنين نحو : رجل سميته ( بقاضون ) كان الواحد ( قاضي ) قبل الجمع فلما جاءت واو الجمع سقطت الياء لإلتقاء الساكنين فإن رخمت ( قاضين ) وهو في الأصل قلت : يا قاضي فرجع ما كان سقط لإلتقاء الساكنين وشبيه بهذا وقفك على الهاء إذا رخمت رجلاً اسمه : خمسة عشر لأن التاء إنما جلبها الوصل فلما زال الوصل رجعت الهاء وكذلك إن كنت أسكنت حرفاً متحركاً للإِدغام في حرف مثله وقبله ساكن فحذفت الأخير للترخيم فإنك ترد الحركة لإلتقاء الساكنين وذلك قولك لرجل اسمه ( راد ) يا رادِ أقبل إذا رخمت وفي محمارٍّ أقبل لأن الأصل : رادد ومحمارر وأما مفر فإذا سميت به ورخمته قلت : يا مفر أقبل ولم تحرك الراء لأن ما قبلها متحرك وأما محمر إذا كان اسم رجل فإنك إذا رخمته تركت الراء الأولى مجزومة لأن ما قبلها متحرك فقلت : يا محمر أقبل ولقائل أن يقول : هلاَّ رددت الحركة فقلت : يا محمرُ أقبل إذ كان الأصل محمرراً كما رددت الياء في ( قاضي ) فالجواب في ذلك : أنك إنما رددت الياء في ( قاضي ) لأنك لم تبن الواحد على حذفها كما بنيت ( دم ) على الحذف ومحمر لم تلحق الراء الأخيرة بعد إن تم بالأولى ولم يتكلم بأصله
فإن كان آخر الإسم حرفاً مدغماً بعد الألف وأصل الأول منهما السكون أعني الحرفين المدغم أحدهما في الآخر حركته إذا رخمته بحركة ما قبله وذلك نحو : اسحارّ يا هذا تقول : يا اسحار فتحركه بحركة أقرب المتحركات منه
وكذلك تفعل بكل ساكن احتيج إلى حركته من هذا الضرب
قال رجل من أزد السراة :
( ألا رُبَّ مَوْلُودٍ وليَسْ لَه أبٌ ... وذي وََلَدٍ لَمْ يَلْدَهُ أبوانِ )
ففتحَ الدالَ بحركةِ الياءِ لما احتاجَ إلى تحريكها لأن الفتحة قريبةٌ مِنها وأسحارٌ اسم وقع مدغماً آخره وليس لرائه الأولى نصيب في الحركة
واعلم : أن الأسماء التي ليست في أواخرها هاء أن لا يحذف منها أكثر قال سيبويه : وليس الحذف لشيء من هذه الأسماء ألزم منه لحارث ومالك وعامر قال : وكل اسم خاص رخمته في النداء فالترخيم فيه جائز وإن كان في هذه الأسماء الثلاثة أكثر وكل اسم على ثلاثة أحرف لا يحذف منه شيء إذا لم يكن آخره الهاء لأن أقل الأصول ثلاثة فإنما يرخم من الأربعة وما زاد لأن ما بقي في الأسماء على عدته والفراء يرخم من ذلك ما كان محرك الثاني نحو : قدم وعضد وكتف إذا سمى به رجلاً وقال : إن من الأسماء ما يكون على حرفين كدم ويد ولم يجز أن تقول في بكر : يا بك أقبل لأنه لا يكون اسم على حرفين ثانيه ساكن إلا مبهماً نحو من وكم وليس من الأسماء اسم نكرة ليس في آخره هاء تحذف منه شيء إذا لم يكن اسماً غالباً إلا أنهم قد قالوا : يا صاح أقبل وهم يريدون : يا صاحب وذلك لكثرة استعمالهم هذا الحرف والفراء إذا رخم : قمطر حذف الطاء مع الراء لأنها حرف ساكن والنحويون على خلافه في حذف الطاء وما أشبهها من السواكن الواقعة ثالثة ويجيز الفراء في حمار : يا حما أقبل يصير مثل رضا
وفي سعيد يا سعى يصير مثل عمى ولا يجيز : يا ثمود في ثمود لأنه ليس له في الأسماء نظير
واعلم : أن الشعراء يرخمون في غير النداء اضطراراً فمن ذلك قول الأسود ابن يعفر:
( أَوْدَى ابنُ جَلْهُمَ عَبَّادٌ بِصِرْمَته ... إنَّ ابْنَ جُلْهَمَ أمسى حَيَّةَ الوادي )
أراد : جُلهمه والعربَ يسمون الرجل جُلهمة والمرأة جُلهم
● [ باب مضارع للنداء ] ●
اعلم : أن كل منادى مختص وإن العرب أجرت أشياء لما اختصتها مجرى المنادى كما أجروا التسوية مجرى الإستفهام إذ كان التسوية موجودة في الإستفهام وذلك قولهم : أما أنا فأفعل كذا وكذا أيها الرجل أو : نفعل نحن كذا وكذا أيها القوم
واللهم أغفر لنا أيتها العصابة
قال سيبويه : أراد أن يؤكذ لأنه اختص إذ قال : إنه لكنه أكد كما تقول لمن هو مقبل عليك كذا كان الأمر يا فلان ولا يدخل في هذا الباب لأنك لست تنبه غيرك
ومن هذا الباب قول الشاعر :
( إنَّا بني نَهْشَلٍ لا نَنْتَمي لأَبٍ ... عنْهُ ولا هُوَ بالأَبْناءِ يَشرِيناَ )
نصب بني مختصا على فعل مضمر كما يفعل في النداء نحو ( أعني ) وما أشبه ذلك
[ مسائل من هذا الباب ]
تقول : يا هذا الطويلُ أقبل في قول من قال : يا زيدُ الطويلُ ومن قال : يا زيدٌ الطويلَ قال : يا هذا الطويلَ وليس الطويل بنعت لهذا ولكنه عطف عليه وهو الذي يسمى عطف البيان لأن هذا وسائر المبهمات إنما تبينُ بالأجناس ألا ترى أنكَ إذا قلت : جاءني زيدٌ فخفت أن يلتبس الزيدان على السامع أو الزيود قلت : الطويل وما أشبه لتفصل بينه وبين غيره ممن له مثل اسمه وإذا قلت : جاءني هذا فق أو مأت له إلى واحد بحضرتك وبحضرتك أشياء كثيرة وإنما ينبغي لك أن تبين له عن الجنس الذي أومأت له إليه لتفصل ذلك عن جميع ما بحضرتك من الأشياء ألا ترى أنك لو قلت له : يا هذا الطويلُ وبحضرتك إنسان ورمح وغيرهما لم يدر إلى أي شيء تشير
وإن لم يكن بحضرتك إلا شيء طويل واحد وشيء قصير واحد فقلت : يا هذا الطويل جاز عندي لأنه غير ملبس والأصل ذاك وأنت في المبهمة تخص له ما يعرفه بعينه وفي غير المبهمة تخص له ما يعلمه بقلبه
وتقول في رجل سميته بقولك : زيد وعمرو يا زيداً وعمراً أقبل تنصب لطول الإسم ولو سميته : طلحة وزيداً لقلت : يا طلحة وزيداً أقبل فإن أردت بطلحة الواحدة من الطلح قلت : يا طلحةً وزيداً أقبل لأنك سميته بها منكورة ولم تكن ولم تكن جميع الإسم فتصير معرفة إنما هي في حشو الإسم كما كانت فيما نقلتها عنه وتقول : يا زيدٌ الظريفَ على أصلِ النداء عند البصريين وقال الكوفيون : يراد بها يا أيها الظريفَ فلما لم يأت ( بيا أيها ) نصبته وربما نصبوا المنعوت بغير تنوين فأتبعوه نعته وينشدون :
( فَما كَعْبُ بنُ مَاَمَة وابنُ سُعدى ... بأَجْودَ مِنْكَ يا عُمر الجَوادا )
والنصب عند الكوفيين في العطف على ( أيها ) كما كان في النعت فلما لم يأتي ( يا أيها ) نصب ويجيزون : يا عبد الله وزيداً ويقولون : يا أبا محمدٍ زيدٌ أقبل وهو عند البصريين بدل وهو عند الكوفيين من نداء ابن
وإذا قلت : زيداً فهو عند الكوفيين نداء واحد ويسميه البصريون عطف البيان ويجيز الكوفيون : يا أيها الرجلُ العاقلَ على تجديد النداء كذا حكي لي عنهم ويجيز البصريون : يا رجلاً ولا يجيز الكوفيون ذاك إلا فيما كان نعتاً نحو قوله :
( فيَا رَاكِبَاً إمَّا عَرَضْتَ فَبَلِّغَنْ ... نَدَاماي مِنْ نَجْرَانَ أنْ لا تلاقيا )
ولا يكادون يحذفون ( يا ) من النكرة ويقولون : وا زيدُ في النداء ويقولون : وأ أي زيد
قال أبو العباس : إنما قالوا : هذا ابنمٌ ورأيت ابنماً ومررت بابنمٍ فكسروا ما قبل الميم إذا انكسرت وفعلوا ذلك في الضم والنصب لأن هذه الميم زيدت على اسم كان منفرداً منها وكان الإِعراب يقع على آخره فلما زيدت عليه ميم أُعربت الميم إذ كانت طرفاً وأُعربت ما قبلها إذ كانت تسقط فرجع الإِعراب إليه وقولك وقد يخفف الهمز فتقول : مُرْ فيقع الإِعراب على الراء فلذلك تبعت الهمزة وكذلك إذا قلت : يا زيدَ بنَ عمرو جعلتهما بمنزلة واحدة اسم واحد واتبعت الدال حركة ابن فهو مثل ابنم وقال في قولهم : اللهم أغفر لنا ايتها العصابة
لا يجوز : اللهم أغفر لهم أيتها العصابة
وقال : قلت لأبي عثمان : ما أنكرت من الحال للمدعو قال : لم أنكر منه إلا أن العرب لم تدع على شريطة لا يقولون يا زيد راكباً أي ندعوك في هذه الحال ونمسك عن دعائك ماشياً لأنه إذا قال : يا زيد فقد وقع الدعاء على كل حال
قال : قلت : فإنه إن احتاج إليه راكباً ولم يحتج إليه في غير هذه الحال فقال : يا زيد راكباً أي أريدك في هذه الحال قال : ألست قد تقول : يا زيد دعاء حقاً قلت : بلى قال : علام تحمل المصدر قلت لأن قولي : يا زيد كقولي : أدعو زيداً فكأني قلت : أدعو دعاء حقاً قال : فلا أرى بأساً بأن تقول على هذا : يا زيد قائماً وألزم القياس
قال أبو العباس : ووجدت أنا تصديقاً لهذا قول النابغة :
( قَالت بنو عامرٍ خَالوا بني أسَد ... يا بُؤْسَ لِلَجْهِل ضَرَّاراً لأقوامِ )
وقال الأخفش : لو قلت : يا عبد الله صالحاً لم يكن كلاماً
وقال أبو إسحاق يعني الزيادي : كان الأصمعي : لا يجيز أن يوصف المنادى بصفة البتة مرفوعة ومنصوبة
وقال أبو عثمان لا أقول : يا زيد وخيراً من عمرو أقبلا إذا أردت بخير من عمرو المعرفة لأني أدخل الألف واللام إذا تباعد المنادى من حرف النداء كما أقول : يا زيد والرجل أقبلا ولكن أقول : يا زيد والأخير أقبلا ويا زيد ويا خيراً من عمرو أقبلا إذا أردت حرف النداء كان ما بعده معرفة
ولم يجىء معه الألف واللام كما تقول : يا خيراً من زيد العاقل أقبل فتنصب العاقل لأنه صفة له وكذلك : يا زيد ويا أخير أقبلا وقال أبو عثمان : أنا لا أرى أن أقول : يا زيد الطويل وذا الجمة إن عطفت على زيد والنحويون جميعاً في هذا على قول
قال : وأرى إن عطفت ( ذا الجمة ) على ( الطويل ) أن أرفعه كما فعلت في الصفة والنحويون كلهم يخالفونه ولا يجيزون إلا نصب ذي الجمة وهذا عنده كما تقول : يا زيدُ الطويلُ ذو الجمة إذا جعلته صفة للطويل
وإن كان وصفاً لزيد أو بدلاً منه نصبته وكان أبو عثمان يجيز يا زيد أقبل على حذف ألف الإِضافة لأنه يجوز في الإِضافة : يا زيدِ أردت : يا زيدي فأبدلت من الياء ألفاً
وعلى هذا قرئ : ( يا أبت لم تعبد ) و ( يا قوم لا أسألكم ) : قال : ومن زعم أنه على حذ ألف الندبة فهذا خطأ لأن من كان من العرب لا يلحق الندبة ألفاًُ فهي عنده نداء فلو حذفوها لصارت بدلاً على غير جهة الندبة
وقال أبو العباس : لا أرى ما قال أبو عثمان في حذف الألف إذا جعلتها مكان ياء الإِضافة
صواباً نحو : يا غلاماً أقبل لا يجوز حذف الألف لخفتها كما تحذف الياء إذا قلت : يا غلامِ أقبل
وقال : يا أبت . لا يجوز عندي إلا على الترخيم كما قال سيبويه مثل : يا طلحة أقبل وقال : زعم أبو عثمان أنه يجيز : يا زيد وعمراً أقبلا على الموضع كما أجاز : يا زيدُ زيداً أقبل فعطف زيد الثاني على الموضع عطف البيان وأهل بغداد يقولون : يا الرجلُ أقبل ويقولون لم نر موضعاً يدخله التنوين يمتنع من الألف واللام وينشدون :
( فَيا الغُلامَانِ اللَّذَانِ فَرّا ... إيَّاكُما أن تُكْسِبانا شَرّا )
وقال أبو عثمان : سألت الأخفش كيف يرخم طيلسان فيمن كسر اللام على قولك : يا حار فقال : يا طيلس أقبل قلت : أرأيت فيعل إسماً قط في الصحيح إنما يوجد هذا في المعتل نحو : سيد وميت
قال : فقال : قد علمت أني قد أخطأت لا يجوز ترخيمه إلا على قولك يا حار قال : وكان الأخفش لا يجوز عنده ترخيم حُبلوى اسم رجل فيمن قال : يا حار وذلك لأنه يلزمه أن يحذف يائي النسب ويقلب الواو ألفاً لإنفتاح ما قبلها فيقول : يا حُبلى فتصير ألف فعلى منقلبة وهذا لا يكون أبداً إلا للتأنيث
فلهذا لا يجوز لأن ألف التأنيث لا تكون منقلبة أبداً من شيء وهذا البناء لا يكون للمذكر أبداً وقال : كان الأخفش يقول : إذا رخمت سفيرج اسم رجل في قول من قال : يا حار
فحذفت الجيم لزمك أن ترد اللام التي حذفتها لطول الإسم وخروجه من باب التصغير فتقول : يا سفيرلُ أقبل لأنه لما صار إسماً على حياله فحذفت الجيم على أن يعتد بها وتجعله بمنزلة ( قاضون ) اسم رجل إذا قلت : يا قاضي الياء التي كانت ذهبت لإلتقاء الساكنين لما حذفت ما حذفت من أجله
قال أبو العباس : وليس هذا القول بشيء
ووجه الغلط فيه بينِّ وذلك لأنك لم تقصد به إلى سفرجل فتسميه به ولا هو منه في شيء إنما قصدت إلى هذا الذي هو سفيرج ولا لام فيه فهو على مثال ما يرخم فرخمته بعد أن ثبت إسماً ألا ترى أنك تقول : في تصغير سفرجل : سفيرج وسفيريج للعوض ولو سميته : سفيريج لم يجز أن تقول فيه : سفرجل واسمه سفيريج لأنك لست تقصد إلى ما كان يجوز في سفرجل وكذلك فرزدق
لو سميته بتصغيره فيمن قال : فريزد لم يجز في اسمه أن تقول : فريزق وإن كان ذلك يجوز في تصغير فرزدق لأنك سميته بشيء بعينه فلزمه
وتقول : يا زيد وعمرو الطويلين والطويلان لأنه بمنزلة قولك : يا زيد الطويل وتقول بلا هؤلاءِ وزيدٌ الطوالُ لأن كله رفع والطوال عطف عليهم ولا يجوز أن يكون صفة لإفتراق الموصوفين وتقول : يا هذا ويا هذان الطَّوالُ وإن شئت قلت : الطَّوالُ لأن هذا كله مرفوع والطوال عطف عليهم هنا وليس الطوال بمنزلة : يا هؤلاء الطوال لأن هذا يقبح من جهتين : من جهة أن المبهم إذا وصفته بمنزلة اسم واحد فلا يجوز أن تفرق بينه وبينه والجهة الأخرى أن حق المبهم أن يوصف بالأجناس لا بالنعوت وتقول : يا أيها الرجلُ وزيدُ الرجلين الصالحين تنصب ولا ترفع من قبل أن رفعهما مختلف وذلك أن زيداً على النداء والرجل نعت ( لأي ) وتقول في الندبة : يا زيدُ زيداه ويا زيداً زيداه وقوم يجيزون : يا زيداً زيداه وقوم يجيزون : يا زيداً يا زيداه ويا زيداه يا زيداه وقد مضى تفسير ما يجوز من ذا وما لا يجوز وقالوا : من قال يا هناهُ ويا هناهِ بالرفع والجر من رفع توهم أنه طرف للإسم ويكسر لأنه جاء بعد الألف
والتثنية : يا هنانيه ويا هناناه ويا هنوتاه في الجمع وهنتاه في المؤنث وهنتانيه في التثنية وهنتاناه ويا هناتوه في الجمع لا غير والفراء لا ينعت المرخم إلا أن يريد نداءين ونعت المرخم عندي قبيح كما قال الفراء من أجل أنه لا يرخم الإسم إلا وقد علم ما حذف منه وما يعني به
فإن احتيج إلى النعت للفرق فرد ما سقط منه أولى كقول الشاعر :
( أضمرَ بن ضمرةَ ماذا ذكرتَ ... من صرمةٍ أخذتْ بالمرار )
أراد : يا ضمر يا ابن ضمرة
والكوفيون يجيزون : يا جرجر في جرة وفي حولايان يا حول فيحذفون الزوائد كلها وهذا إخلال بالإسم
يسقطون فيه ثلاثة أحرف فيها حرف متحرك ولا نظير لهذا في كلام العرب ويقولون للمرأة : يا ذات الجمة أقبلي ويا ذواتي الجمم للإثنين وللجماعة يا ذوات الجمم بكسر التاء وقد يقال : يا ذواتي الجمة ويا ذوات الجمة
قال أبو بكر : وذلك أن ذات إنما هي ذاة فالتاء زائدة للجمع وإنما صارت الهاء في الواحدة تاء حين أضفتها ووصلتها بغيرها
وتقول : يا هذا الرجلُ . والرجلَ أقبل ويا هذان الرجلان والرجلين مثل : يا زيد الظريفُ والظريفَ النصب على الموضع والرفع على اللفظ وتقول : يا أخوينا زيد وعمرو على قولك يا : زيد وعمرو يعني البدل
وقال الأخفش : وإن شئت قلت : زيد وعمرو على التعويض كأنك قلت أحدهما زيد والآخر عمرو
قال أبو بكر : هذا عندي إنما يجوز إذا أراد أن يخبر بذلك بعد تمام النداء
وتقول : يا أيها الرجلُ زيدٌ لأن زيداً معطوف على الرجل عطف البيان يجري عليه كما يجري النعت للبيان ولو جاز أن لا تنون زيداً لجاز أن تقول : يا أيها الجاهلُ ذا التنزي
على النعت وإنما هو ذو التنزي وتقول : يا أيها الرجلُ عبدُ الله تعطف على الرجل عطف البيان
قال الأخفش : ولو نصبت كان في القياس جائز إلا أن العرب لا تكلم به نصباً ولكن تحمله على أن تبدله من ( أي ) لأن ( أي ) في موضع نصب على أصل النداء وقال : إذا رخمت رجلاً اسمه شاة قلت : يا شا أقبل ومن قال : يا حارُ فرفع قال : يا شاةُ أقبل فرد الهاء الأصلية لأنه لا يكون الإسم على حرفين أحدهما ساكن إلا مبهماً وقال : تقول في شية على ذا القياس يا وشي أقبل وفي دية : يا ودي أقبل فترد الواو في أوله لأنها ذهبت من الأول لأن الأصل : وديت ووشيت وإنما ردت الواو لأن مثل : شيء لا يكون اسماً
وذلك أن الإسم لا يكون على حرفين أحدهما ساكن قال : وتكسر الواو إذا رددتها لأن الأصل وشبه كما كانت قالت العرب : وجهة لما أتموا : وقالوا : ولدة والكوفيون وقوم يجيزون : يا رجل قام ويقولون : إن كان تعجباً نصبت كقولك : يا سيداً ما أنت من سيد ويكون مدحاً كقولك : يا رجلاً لم أرَ مثله وكذلك جميع النكرات عندهم وتقول : يا أيها الرجل ويا أيها الرجلان ويا أيها الرجال ويا أيها النساء على لفظ واحد والإختيار في الواحدة في المؤنث يا أيتها المرأة وإذا قلت : يا ضاربي فأردت به المعرفة كان مثل : يا صاحبي وغلامي ويجوز عندي أن تقول : يا ضاربِ أقبل كما تقول : يا غلامِ أقبل فإن أردت غير المعرفة لم يجز إلا إثبات الياء وتقول : يا ضاربي غداً وشاتمي لأنك تنوي الإنفصال وتقول : يا قاضي المدينة لك أن تنصبهما ولك أن ترفع الأول وتنصب الثاني والكوفيون يجيزون نصب الأول بتنوين لأنه يكون خلفاً وما لا يكون خلفاً فلا يجوز في الأول عندهم التنوين مثل : يا رجلُ رجلنا لا يجيزون النصب في الأول وقالوا كل ما كان يكون خلفاً فلك الرفع بلا تنوين والنصب بتنوين ويقولون : يا قائماً أقبل ويا قائمُ أقبل ويجيزون أن يؤكد ما فيه وينسق عليه ويقطع منه كما يصنع بالخلف ويجيزون : يا رجلُ قائماً أقبل على نداءين وإن شئت كان في الصلة ويجيزون : يا رجلُ قائمٌ أقبل، ينوون فيها الألف واللام
ويحكون عن العرب : يا مجنونُ مجنونُ أقبل، ويجيزون : يا أيها الذي قمت أقبل ويا أيها الذي قام أقبل وهو جائز ولا يجيزونه في من وكذا ينبغي ويقولون : يا رجلاً قمت أقبل ويا رجلُ قمت أقبل والفراء إذا خاطب رفع لا غير ويقولون : يا قاتلَ نفسك ويا عبدَ بطنك وهذا جائز قال أحمد بن يحيى : لو أجزت الرفع لم يكن خطأ قال : وكذلك : يا ضاربنا ولا شاتمنا يختار النصب مع كل ما ظهرت إضافته قال : ويجوز في القياس الرفع وأنت تنوي الألف واللام
فإذا كان لا يجوز فيه الألف واللام لم يجز إلا النصب مثل : يا أفضل منا ويا أفضلنا ويا غلام زيد ويا غلام رجل إنما يجوز الرفع في القياس مع ضارب زيدٍ وحسن الوجهِ وقال : أما مثلنا وشبهنا فالنصب لا غير
وقال الأخفش : تقول : إذا نسبت رجلاً إلى حباري وحبنطي قلت : حباريُّ وحبنطيُّ فإذا رخمت لم ترد الألف وكذلك إذا نسبت إلى مرمى فقلت : مرميُّ لم ترد الألف لو رخمته لأن هذا لم يحذف لإلتقاء الساكنين ولو كان حذف لإلتقاء الساكنين لبقي الحرف مفتوحاً فكان يكون حباريُّ وحبنطيُّ قال : وإن شئت قلت : إني أرد الألف وأقول ذهب لإجتماع الساكنين ولكنهم كسروا لأنهم رأوا جميع النسب يكسر ما قبله قال : ومن قال : احذفه على أني أبنيه بناء قال : لا أحذفه لإجتماع الساكنين وجب عليه أن لا يرد في : ناحي وقاضي إذا نسب إلى ناحية وقاضٍ وقال : إذا سميت رجلاً حبلاوي أو حمراوي إذا رخمته فيمن قال : يا حارُ فرفع همزت لأنها واو صارت آخراً فتهمزها وتصرفها في المعرفة والنكرة لأنها الآن ليست للتأنيث
قال أبو بكر : وجميع ما ذكرت من المسائل فينبغي أن تعرضه على الأصول التي قدمتها فما صح في القياس فأجزه وما لم يصح فلا تجزه وإنما أذكر لك قول القائلين كيلا تكون غريباً فيمن خالفك فإن الحيرة تقارن الغربة وقد ذكرنا الضم الذي يضارع الرفع ونحو نتبعه الفتح الذي يشبه النصب إن شاء الله
● [ باب النفي بلا ] ●
الفتح الذي يشبه النصب هو ما جاء مطرداً في الأسماء النكرات المفردة ولا تخص اسماً بعينه من النكرات إذا نفيتها ( بلا ) وذلك قولك : لا رجل في الدار ولا جارية فأي اسم نكرة ولي ( لا ) وكان جواباً لمن قال : هل من غلام فهو مفتوح فإن دخلت ( لا ) على ما عمل بعضه في بعض من معرفة أو نكرة لم تعمل هي شيئاً إنما تفتح الإسم الذي يليها إذا كانت قد نفت ما لم يوجبه موجب
فأما إذا دخلت على كلام قد أوجبه موجب فإنها لا تعمل شيئاً وإنما خولف بها إذا كانت تنفي ما لم يوجب وكل منفي فإنما ينفي بعد أن كان موجباً وأنت إذا قلت : لا رجل فيها إنما نفيت جماعة الجنس وكذلك إذا قلت : هل من رجل لم تسأل عن رجل واحد بعينه إنما سألت عن كل من له هذا الإسم ولو أسقطت ( من ) فقلت : هل رجل لصلح لواحد والجمع فإذا دخلت ( من ) لم يكن إلا للجنس
واعلم : أن ( لا ) إذا فتحت ما بعدها فقد يجيء الخبر محذوفاً كثيراً تقول : لا رجل ولا شيء تريد في مكان أو زمان وربما لم يحذف خالفت ما وليس ألا ترى أن ( ما ) تنفي بها ما أوجبه الموجب و ( ليس ) كذلك وهما يدخلان على المعارف و ( لا ) في هذا الموضع ليست كذلك وقد اختلف النحويون في تقديرها إختلافاً شديداً فقال سيبويه : ( لا ) تعمل فيما بعدها فتنصبه بغير تنوين ونصبها لما بعدها كنصب ( إنَّ ) لما بعدها وترك التنوين لما تعمل فيه لازم لأنها جعلت وما تعمل فيه بمنزلة اسم واحد نحو : خمسة عشر وذلك لأنه لا يشبه ما ينصب وهو الفعل ولا ما أجرى مجراه لأنها لا تعمل إلا في نكرة ( ولا ) ما بعدها في موضع ابتدء فلما خولف بها عن حال أخواتها خولف بلفظها كما خولف بخمسة عشر ولا تعمل إلا في نكرة كما أن : رُبَّ لا تعمل إلا في نكرة فجعلت وما بعدها كخمسة عشر في اللفظ وهي عاملة فيما بعدها كما قالوا : يا ابن أم فهي مثلها في اللفظ وفي أن الأول عامل في الثاني و ( لا ) : لا تعمل إلا في نكرة من قبل أنها جواب فيما زعم الخليل كقولك : هل من عبد أو جارية فصار الجواب نكرة كما أنه لا يقع في هذه المسألة إلا نكرة
( فلا ) وما عملت فيه في موضع إبتداء كما أنك إذا قلت : هل من رجل فالكلام بمنزلة اسم مبتدأ والذي يبني عليه في زمان أو مكان هو الخبر ولكنك تضمره وإن شئت أظهرته
قال أبو العباس محمد بن يزيد : فإن قال قائل : فهل يعمل في الإسم بعضه فالجواب في ذلك : بلغني أنك منطلق إنما هو بلغني إنطلاقك ( فإن ) عاملة في الكاف وفي منطلق وكذلك موقعها مفتوحة أبداص وكذلك ( أن ) الخفيفة هي عاملة في الفعل وبه تمت اسماً فكذلك ( لا ) عملت عنده فيما بعدها وهي وما بعدها بمنزلة اسم
قال : والدليل على أن ( لا ) وما عملت فيه اسم أنك تقول : غضبت من لا شيء وجئت بلا مال كما قال :
( حَنَّتْ قلُوصي حينَ لا حِينَ محن ... )
فجعلها اسماً واحداً فالموضع موضع نصب نصبته ( لا ) وسقوط التنوين لأنه جعل معها اسماً واحداص والدليل على ذلك : أنه إن اتصل بها اسم مفرد سقط منه التنوين وصار اسماً واحداً وموضع الإسم بأسره موضع رفع كما كان موضع ما هو جوابه كذلك
وأما الكسائي : فإنه يقول : النكرات يبتدأ بأخبارها قبلها لئلا يوهمك أخبارها أنها لها صلات فلما لزمت التبرئة الإسمَ وتأخر الخبر أرادوا أن يفصلوا بين ما ابتدئ خبره وما لا يكون خبره إلا بعده فغيروه من الرفع إلى النصب لهذا ونصبوه بغير تنوين لأنه ليس بنصب صحيح إنما هو مغير كما فعلوا في الندءا حين خالفوا به نصب المضاف فرفعوه بغير تنوين ولم يكسروه فيشبه ما أُضيف إليه
وقال الفراء : إنما أخرجت ( لا ) من معنى غير إلى ( ليس ) ولم تظهر ليس ولا إذا كانت في معنى ( غير ) عمل ما قبلها فيما بعدها كقولك : مررت برجل لا عالم ولا زاهد و ( لا ) إذا كانت تبرئة كان الخبر بعدها ففصلوا بهذا الإِعراب بين معنيين
وفي جميع هذه الأقوال نظر وإنما تضمنا في هذا الكتاب الأصول والوصول إلى الإِعراب فأما عدا ذلك من النظر بين المخالفين فإن الكلام يطول فيه ولا يصلح في هذا الكتاب على أنا ربما ذكرنا من ذلك الشيء القليل
● [ ذكر الأسماء المنفية في هذا الباب ] ●
واعلم : أن المنفي في هذا الباب ينقسم أربعة أقسام : نكرة مفردة غير موصوفة ونكرة موصوفة ونكرة مضافة ومضارع للمضاف
[ الأول : النكرة المفردة ]
أما الأول : وهو النكرة المفردة : فنحو ما خبرتك من قولك : لا رجل عندي ولا رجل في الدار ولا صاحب لك و ( لا ملجأ من الله إلا إليه ) ولا صنع لزيد ولا رجل ولا شيء تريد : لا رجل في مكان ولا شيء في زمان وتقول : لا غلامَ ظريفٌ في الدار
فقولك : ظريف خبر وقولك : في الدار خبر آخر وإن شئت جعلته لظريف خاصة ومن ذلك قول الله عز و جل : ( لا عاصم اليوم من أمر الله )
وقال : ( ألم ذلك الكتاب لا ريب فيه ) وأما قول الشاعر :
( لا هَيثَم الليلَة للمَطِّي ... )
فإنه جعله نكرة أراد لا مثل هيثم ومثل ذلك : لا بصرَ لكم
وقال ابن الزبير الأسدي :
( أَرَى الحَاجَاتِ عِنْدَ أبي خُبَيْبٍ ... نَكِدْنَ ولا أُمَيَّةَ في البلادِ )
أراد : ولا مثل أمية فإن ثنيت المنفي ( بلا ) قلت : لا غلامين لك ولا جاريتين لا بدّ من إثبات النون في التثنية والجمع الذي هو بالواو والنون قد تثبت في المواضع التي لا تثبت فيها التنوين بل قد يثنى بعض المبنيات بالألف والنون والياء والنون . نحو : هذا والذي . تقول : هذان واللذان
قال أبو العباس : وكان سيبويه والخليل يزعمان : أنك إذا قلت : لا غلامين لك أن غلامين مع ( لا ) اسم واحد النون كما تثبت مع الألف واللام في تثنية ما لا ينصرف وجمعه نحو : هذان أحمران وهذان المسلمان وقال : وليس القول عندي كذلك لأن الأسماء المثناة والمجموعة بالواو والنون لا تكون مع ما قبلها اسماً واحداً لم يوجد ذلك كما لو يوجد المضاف ولا الموصول مع ما قبلهما بمنزلة اسم واحد
[ الثاني : النكرة الموصوفة ]
اعلم : أنك إذا وصفت النكرة في هذا الباب فلك فيها ثلاثة أوجه : الأول منها : وهو الأحسن أي تجري الصفة على الموصوف وتنون الصفة وذلك قولك : لا رجل ظريفاً في الدار فتنون لأنه صفة ويكون قولك : في الدار وهو الخبر وحجة من فعل هذا أن النعت منفصل من المنعوت مستغني عنه وإنما جيء به بعد أن مضى الإسم على حاله فإن لم تأتِ به لم تحتج إليه
والوجه الثاني : أن تجعل المنفي ونعته اسماً واحدا وتبنيه معه فتقول : لا رجلَ ظريفَ في الدار بنيت رجل مع ظريف وحجة من رأى أن يجعله مع المنعوت اسماً واحداً أن يقول : لما كان موضع يصلح فيه بناء الإسمين اسماً واحداً كان بناء اسم مع ( اسم ) أكثر وأفشى من بناء اسم مع حرف فإن قلت : لا رجل ظريفاً عاقلاً فأنت في النعت الأول بالخيار فأما الثاني : فليس فيه إلا التنوين لأنه لا يكون ثلاثة أشياء اسماً واحداً وكذلك المعطوف لو قلت : لا رجل وغلاماً عندك لم يصلح في ( غلام ) إلا التنوين من أجل واو العطف لأنه لا يكون في الأسماء مثل حضرموت اسماً واحداً إذا كانت بينهما واو العطف
والتكرير والنعت : بمنزلة واحدة تقول في النعت : لا رجل ظريف لك والتكرير على ذلك يجري تقول : لا ماءَ ماءً بارداً وإن فصلت بين الموصوف والصفة بشيء لم يجز في الصفة إلا التنوين وذلك قولك : لا رجل اليوم ظريفاً ولا رجل فيها عاقلاً من قبل أنه لا يجوز لك أن تجعل الإسم والصفة بمنزلة اسم واحد وقد فصلت بينهما كما أنه لا يجوز لك أن تفصل بين : عشر وخمسة في خمسة عشر
والوجه الثالث : أن تجعل النعت على الموضع فترفع لأن ( لا ) وما علمت فيه في موضع اسم مبتدأ فتقول : لا رجلَ ظريفَ فتجري ( ظريف ) على الموضع فيكون موضع اسم مبتدأ والخبر محذوف وإن شئت جئت بخبر فقلت : ( لك ) أو عندك كما بينت لك فيما تقدم قال الشاعر :
( ورَدَّ جَازِرُهُم حَرْفاً مُصَرَّمةً ... ولا كَرِيمَ مِن الوِلْدَانِ مَصْبُوحُ )
والنعت على اللفظ أحسن وكذلك إذا قلت : لا ماءَ ماءً بارداً وإن
شئت قلت : لا ماءَ ماءٌ باردٌ فإن جعلت الإسمين اسماص واحدا قلت : لا ماءَ ماءَ باردٌ جعلت ماء الأول والثاني اسماً واحداً وجعلت ( بارد ) نعتاً على الموضع
ومن ذا قول العرب : لا مالَ لهُ قليلٌ ولا كثيرٌ
قال سيبويه : والدليل على أن ( لا رجل ) في موضع اسم ( مبتدأ ) في لغة تميم قول العرب من أهل الحجاز : لا رجلَ أفضل منك والعطف في هذا الباب على الموضع كالنعت فمن ذلك قول الشاعر وهو رجل من مذحج :
( هَذا لَعَمْرُكُم الصَّغَارُ بَعْينِه ... لا أُمَّ لي إِنْ كَانَ ذاكَ ولا أَبُ )
والأجود أن تعطِفَ على اللفظ فتقول : لا حولَ ولا قوةٌ هذا إذا جعلت لا الثانية مؤكدة للنفي ولم يقدر أنك ابتدأت النفي بها فإن قدرت ذلك كان حكمها حكم الأول فقلت : لا حولَ ولا قوةَ وإن شئت عطفت على الموضع كما اخبرتك
●[ باب ما يثبت فيه التنوين والنون من الأسماء المنفية ]●
فإن ثنيت فلا بد من النون تقول : لا غلامين ولا جاريتين تثبت النون هنا كما تثبت في النداء والأسماء المبنية فيها ما يبنى وتثبت فيه النون وإن كان المفرد مبنياً ألا ترى أنك تثني هذا فتقول : هذان وهذين وكذلك : اللذان واللذين
وتقول : لا غلامين ظريفين لك ولا مسلمين صالحين لك ولا عشرين درهماً لك ونظير هذه النون التنوين إذا لم يكن منتهى الإسم وصار كأنه حرف قبل آخر الإسم وهو قولك : لا خيراً منه ولا حسناً وجهه لك ولا ضارباً زيداً لك لأن ما بعد حسن وضارب وخير صار من تمام الإسم فقبح أن يحذفوا قبل أن ينتهوا منتهى الإسم
وقال الخليل : كذلك : لا آمراً بالمعروف لك إذا جعلت ( بالمعروف ) من تمام الإسم وجعلته متصلاً به كأنك قلت : لا آمراً معروفاً لك
وإن قلت : لا آمر بمعروف لك فكأنك جئت بمعروف بعد ما بنيت على الأول كلاماً
كتاب : الأصول في النحو
المؤلف : أبي بكر محمد بن سهل بن السراج النحوي البغدادي
منتدى الرسالة الخاتمة - البوابة