من طرف توتة الجمعة 7 مايو - 13:04
بّسم اللّه الرّحمن الرّحيم
مكتبة فقه اللغة العربية
خلق الإنسان
الجوف والبطن والوركان
● [ ثم الجوف ] ●
فالجوف فيه القلب وهو الفؤاد، وفيه غشاوة وهو غلافه الذي فيه الفؤاد وربما خرج فؤاد الإنسان أو الداببة من غشائه وذلك من فزعه فيموت مكانه، فلذلك تقول العرب انخلع فؤاده. وفيه أذناه وهما كالأذنين، وفيه سويداؤه وهي علقة سوداء في جوف القلبب إذا انشقت بدت كأنها قطعة كبدٍ، يقال للرجل إذا أوصي ببشيء اجعله في سويداء قلبك.
ثم الخلب : وهو الحجاب الذي بين الفؤاد وسواد البطن.
● [ ثم البطن ] ●
فالبطن فيه الكبد، وفي الكبد الزوائد وهي الهنية المعلقة فيها، وفي الكبد القصب وهي شعبها التي تتفرق فيها. وفيها عمودها وأظنه المشرف الذي في وسطها. وفي البطن الطحال وهو لاصق بالأضلاع مما تلي الجانب الأيسر، فإذا اشتد لصوقه قيل قط طني يطنى طناً شديداً. قال رؤبة:
وقعك داواني وقد جويت * من داء دري بعد ما طنيت
وقال الحارث بن مصرف:
أكويه إما أراد الكي معترضاً * كي المطني من النحز الطني الطحلا
وفي البطن المعدة والمعدة مخففة ومثقلة وهي أم الطعام وأول ما يقع فيه الطعام وهي من الإنسان بمنزلة الكرش من الشاة ثم تؤديه إلى الأمعاء وواحدها معي مقصور، وفي البطن الحشى وهو جماع موضع الطعام، وفي البطن السحر ليس غيره وهو الرئة يقال للرجل انتفخ سحره إذا ذكر بالجبن. وفيه المصارين وهي جماع الجماع والواحد مصير ثم مصران ثم المصارين. قال حميد بن ثور:
خفيف المعى إلا مصيراً يبله * دم الجوفِ أو سؤرٌ من الحوضِ ناقعُ
وقال العجاج:
ونازع حشرجة الكرير * وخابطٍ ثنيين من مصير
وفي البطن الأعفاج والواحد عفجٌ جميعاً بكسر الفاء وفتحها. ويه الاقتاب والواحدة قتب وتصغيرها قتيبة وبها سمي الرجل قتيبة وإليها تصير الطعام بعد المعدة، ويقال لذلك كله القصب خفف يقال رجل مضطمر القصب أي ضامر البطن، قال ذو الرمة:
خدبٍ حنا من ظهره بعد سلوةٍ * على صبب منضم الثميلة شازب
شازب يابس، ويقال طعن طعنة فانتشر قصبه، وأسفل من موضع الطعام يقال له المحشى بكسر الميم غير مهموز وهو المبعر من كل ذي أربع. وفي البطن الحوايا والواحدة حاوية مخففة وحوية مثقلة وحاوياء وكل ذلك واحد، فمن قال حاوياء فقال حاوياوات. ومن قال حاوية قال حوايا مثل راوية روايا، ومن قال حوية قال حويات، قال الشاعر:
أقتلهم ولا أرى معاويه * الجاحظ العين العظيم الحاويه
وفي البطن الطحال وهو لازق بالجنب. وفيه الكليتان. وبينهما عرقان يقال لهما الحالبان، وفي البطن السرة والسرة فالسرة ما يبقى والسرر ما تقطعه القابلو، ويقال ودقت سرته تدق ودقا إذا سالت وهو خروجها واسترخاؤها، ويقال اندحت سرته مثله. وما بين السرة والعانة يقال له الثنة، والمريطاء مخففة ممدودة جلدة رقيقة بين السرة والعانة من باطن، قال عمرو بن الخطاب رحمة الله عليه لأبي محذورة وشدد أذانه أما خشيت أن تنشق مريطاؤك. والعانة منبت الشعر، والسرة موضع السرر الذي يقطع من الصبي. وفي السرة البجر وهو أن يغلظ وسط السرة فيلتحم من حيث دق ويبقى الغليظ فيه ريح، ويقال للعظيم البطن إنه لأبجر، واسم ذلك المنتفخ الذي يقى البجر. ومثل من الأمثال عير بجير بجره نسي بجير خبره، وفيه السول وهو استرخاء ما تحت السرة من البطن يقال رجل أسول وامرأة سولاء ورجال ونساء سول، والصفاق من البطن الجلدة السفلى تستبطن جلدة البطن إذا انخرق كان فتقاً، وظاهر الجلدة من البطن والجسد يقال له الليط يقال ما أحسن ليطه والجماع لياط. والخصران ناحيتا البطن من عن يمين وشمال عليهما يقع معقد الإزار من كل ناحية. والحقو معقد والإزار من كل ناحية. ويقال إنه لعظيم الزفرة وعظيم الجفرة وعظيم البهرة وهي الوسط، وبهرة الوادي وسطه، ويقال للرجل إنه لعظيم الجوز إذا كان عظيم الوسط. قال العجاج:
عن جرزٍ منه وجوزٍ عاري
وجوز الفلاة وسطها، قال رؤبة:
أيهات من جوز الفلاة ماؤهُ
والكبد هو عظم البطن من أعلاه يقال رجل أكبد وامرأة كبداء قال الشاعر:
أجد مداخلة وآدم مصلقٌ * كبداءُ لاحقة الرحى وشميذرُ
والأجد موثقة الخلق. والمصلق الشديد الصوت، والشميذر الغليظ الضخم. يصف إبلا، ومن البطون الأهيف وهو الضامر، ومنها الأثجل وهو استرخاء أسفل البطن، وفيه القبب وهو حمصه يقال خمص وحمص وهو انطواؤه، وفيه اللخى وهو استرخاء شقي البطن يقال رجل ألخى وامرأة لخواء ورجالٌ ونساء لخو. والعانة منبت الشعر من الركب وإنما كني بالعانة عن الشعر، والركب ما انحدر عن البطن فصار على العظم، وفي الإنسان القحقح وهو العظم الذي عليه مغرز الذكر من أسفلِ الركب، وفي الإنسان الخوران وهو الهواء الذي فيه الدبر ومخرج الذكر وموضع القبل من المرأة يقال للرجل طعن الحمار فخاره وطعن الصير فخاره، والعصعص طرف عجب الذنب الناتي، وفي الجوف من الأدواء الغاشية، والحبن، والمحنجر، والقداد، والعلوص، والشغاف، والجحاف.
● [ ثم الذكر ] ●
وفيه الإحليل وهو مخرج بوله. ومخارج اللبن والبول كلها أحاليل من ذوات الأربع والناس وواحدها إحليلٌ. وفيه الكمرة والحشفة وهما شيء واحدٌ وبعض العرب يسمي الحشفة الفيشة. وبعضهم يسميه الفيشلة. وهي الكمهدة. والقهبلس. وفيه الحوق وهو حرفها المحيط بها وهو إطار الحشفة. وفيه الغرلة. والقلفة مضمومة مخففة والقلفة مثقلة لغتان وهما شيء واحد يقال رجل أغرل وأقلف وأغلف. وفيه الوترة وهي العرق الذي في باطن الحشفة. وفيه محامله وهي العروق التي في أضله وجلده ما علق به. ويقال لجلد الخصيه الصفن. وفيه البيضتان. فمن قال خصية قال خصيتان. وفي الخصية الشرج والأدر، فالأدر عظمها، والشرج أن تعظم إحداهما وتصغر الأخرى حتى لا تكاد ترى يقال رجل أشرج ورجل آدر وقد أدر يأدر أدراً وهي الأدرة. والعرب تسمي الذكر بأسماء كثيرة. يقال له الغرمول وهي الغراميل، قال لما رأى ابن عمر بن الخطاب غراميل الرجال في الحمام قال أخرجوني أخرجوني. ويقال له الجردان والجوفان وفي الذكر القسوح يقال قسح يقسح قسوحاً وهو شدة النعظ. وفيه الترويل وهو داء يمتد ولا يشتد يقال قد رول يرول ترويلاً، وفيه الإكسال وهو أن يجامع فلا ينزل.
● [ ثم الوركان ] ●
وما بين الوركين إلى الصلب يقال له العجز، ويقال له الكفل. وفي العجز عجب الذنب وهو الذي يجد اللامس حجمه إذا لمسه. وفي العجز الأليتان. وفي الألية الرانفة والرانفة أسفل الألية وهي طرفها الذي يلي الأرض من الإنسان. ويقال للإنسان إذا كان قائماً إنه لذو روانف. قال عنترة:
متى ما تلقني فردين ترجف * روانف أليتيك فتستطارا
وفي الورك الخربة وهي الخرق الذي في عرض الورك والعظمان الشاخصان اللذان يبتدان الصلب يقال لهما الغرابان والحجبتان العظمان اللذان يشرفان بها الخاصرة من عن يمين وشمال وكل واحدة حجبة. واللحمتان اللتان على رؤوس الوركين المأكمتان الواحدة مأكمة. قال العجاج:
إلى سواء قطنٍ مُؤَكَّمِ
ويقال للرجل إنه لمؤكم وإنها لمؤكمة، والجاعرتان اللحمتان اللتان تبتدان الذنب وهما موضع الرقمتين من عجز الحمار. والحق من الورك مغرز رأس الفخذ وفيها عصبة إلى راس الفخذ إذا انقطعت قيل أصابه حرق وقد حرق الرجل وهو محروق، والحرقفتان مجتمع رأس الفخذ ورأس الورك حيث يلتقيان من ظاهر، ويقال للمريض إذا طالت ضجعته قد دبرت حراقفه. وفي الأعجاز الرسح وهو صغر العجز وقلة لحمها. ومثل ذلك الرصع يقال رجل أرصع وامرأة رصعاء ورجل أرسح وامرأة رسحاء، ومثل ذلك الزلل يقال رجلٌ أزلُّ وامرأةٌ زلاء، قال أبو النجم:
والقلب فيه لكلهنّ مودَّةٌ * لا لكـل دمـيمةٍ زلاءَ
وفيه الورك يقال رجل أورك وامرأة وركاء إذا كانا عظيمي العجز والأوراك والنسا عرق في الورك إلى الكعب قال الشاعر:
ولكنه هينٌ لينٌ * كعاليةِ الرمحِ عردٌ نساهُ
والرسح والزلل والرصع يستحب من الرجال وهو ذمٌ في النساء.
كتاب خلق الإنسان
تأليف الأصمعي
منتدى نافذة ثقافية - البوابة