منتدى الف توتة و حدوتة
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
أهلا وسهلا بك زائرنا الكريم, أنت لم تقم بتسجيل الدخول بعد!
يشرفنا أن تقوم
بالدخول
أو
التسجيل
إذا رغبت بالمشاركة في المنتدى
منتديات الرسالة الخاتمة
منتدى ميراث الرسول
منتدى حكماء رحماء الطبى
منتدى غذاؤك دواؤك
منتدى دليل الثقافة الغذائية
منتدى بنات بنوتات
منتدى قوت القلوب
منتدى نافذة ثقافية
منتدى دنيا الكراكيب
منتدى صبايا مصرية
منتدى همسات الحموات
منتدى الف توتة و حدوتة
مكتبة السيرة والقصص والتاريخ
السيرة النبوية المطهرة
المُجلد ألثانى
من شَأْنُ عَلِيّ يَوْمَ خَيْبَرَ إلى عِدّةُ مَنْ قُسِمَتْ عَلَيْهِمْ خَيْبَرُ
توتة
توتة
Admin
عدد المساهمات
:
2017
تاريخ التسجيل
:
13/02/2014
مساهمة رقم 1
من شَأْنُ عَلِيّ يَوْمَ خَيْبَرَ إلى عِدّةُ مَنْ قُسِمَتْ عَلَيْهِمْ خَيْبَرُ
من طرف
توتة
الخميس 4 فبراير - 14:18
بّسم الله الرّحمن الرّحيم
السيرة النبوية المطهرة
السيرة النبوية لابن هشام
المُجلد ألثانى
من شَأْنُ عَلِيّ يَوْمَ خَيْبَرَ
إلى عِدّةُ مَنْ قُسِمَتْ عَلَيْهِمْ خَيْبَرُ
● [ شَأْنُ عَلِيّ يَوْمَ خَيْبَرَ ]
قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ : وَحَدّثَنِي بُرَيْدَةُ بْنُ سُفْيَانَ بْنِ فَرْوَةَ الْأَسْلَمِيّ ، عَنْ أَبِيهِ سُفْيَانَ عَنْ سَلَمَةَ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْأَكْوَعِ ، قَالَ بَعَثَ رَسُولُ اللّهِ - صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ - أَبَا بَكْرٍ الصّدّيقَ - رَضِيَ اللّهُ عَنْهُ - بِرَايَتِهِ وَكَانَتْ بَيْضَاءَ فِيمَا قَالَ ابْنُ هِشَامٍ ، إلَى بَعْضِ حُصُونِ خَيْبَرَ ، فَقَاتَلَ فَرَجَعَ وَلَمْ يَكُ فَتْحٌ وَقَدْ جَهَدَ ثُمّ بَعَثَ الْغَدَ عُمَرَ بْنَ الْخَطّابِ ، فَقَاتَلَ ثُمّ رَجَعَ وَلَمْ يَكُ فَتَحَ وَقَدْ جَهَدَ فَقَالَ رَسُولُ اللّهِ - صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ - : لَأُعْطِيَن الرّايَةَ غَدًا رَجُلًا يُحِبّ اللّهَ وَرَسُولَهُ يَفْتَحُ اللّهُ عَلَى يَدَيْهِ لَيْسَ بِفَرّارٍ قَالَ يَقُولُ سَلَمَةُ فَدَعَا رَسُولُ اللّهِ - صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ - عَلِيّا - رِضْوَانُ اللّهِ عَلَيْهِ - وَهُوَ أَرْمَدُ فَتَفَلَ فِي عَيْنِهِ ثُمّ قَالَ خُذْ هَذِهِ الرّايَةَ فَامْضِ بِهَا حَتّى يَفْتَحَ اللّهُ عَلَيْك [ ص 335 ] قَالَ يَقُولُ سَلَمَةُ فَخَرَجَ وَاَللّهِ بِهَا يَأْنِحُ يُهَرْوِلُ هَرْوَلَةً وَإِنّا لَخَلْفَهُ نَتّبِعُ أَثَرَهُ حَتّى رَكَزَ رَايَتَهُ فِي رَضْمٍ مِنْ حِجَارَةٍ تَحْتَ الْحِصْنِ فَاطّلَعَ إلَيْهِ يَهُودِيّ مِنْ رَأْسِ الْحِصْنِ فَقَالَ مَنْ أَنْتَ ؟ قَالَ أَنَا عَلِيّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ . قَالَ يَقُولُ الْيَهُودِيّ : عَلَوْتُمْ وَمَا أُنْزِلَ عَلَى مُوسَى ، أَوْ كَمَا قَالَ . قَالَ فَمَا رَجَعَ حَتّى فَتَحَ اللّهُ عَلَى يَدَيْهِ . قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ : حَدّثَنِي عَبْدُ اللّهِ بْنُ الْحَسَنِ عَنْ بَعْضِ أَهْلِهِ عَنْ أَبِي رَافِعٍ مَوْلَى رَسُولِ اللّهِ - صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ - قَالَ خَرَجْنَا مَعَ عَلِيّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ - رَضِيَ اللّهُ تَعَالَى عَنْهُ - حِينَ بَعَثَهُ رَسُولُ اللّهِ - صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ - بِرَايَتِهِ فَلَمّا دَنَا مِنْ الْحِصْنِ خَرَجَ إلَيْهِ أَهْلُهُ فَقَاتَلَهُمْ فَضَرَبَهُ رَجُلٌ مِنْ يَهُودَ فَطَاحَ تُرْسُهُ مِنْ يَدِهِ فَتَنَاوَلَ عَلِيّ - عَلَيْهِ السّلَامُ - بَابًا كَانَ عِنْدَ الْحِصْنِ فَتَرّسَ بِهِ عَنْ نَفْسِهِ فَلَمْ يَزَلْ فِي يَدِهِ وَهُوَ يُقَاتِلُ حَتّى فَتَحَ اللّهُ عَلَيْهِ ثُمّ أَلْقَاهُ مِنْ يَدِهِ حِينَ فَرَغَ فَلَقَدْ رَأَيْتنِي فِي نَفَرٍ سَبْعَةٍ مَعِي ، أَنَا ثَامِنُهُمْ نَجْهَدُ عَلَى أَنْ نَقْلِبَ ذَلِكَ الْبَابَ فَمَا نُقَلّبُهُ.
[ أَمْرُ أَبِي الْيُسْرِ كَعْبَ بْنَ عَمْرٍو ]
قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ : وَحَدّثَنِي بُرَيْدَةُ بْنُ سُفْيَانَ الْأَسْلَمِيّ ، عَنْ بَعْضِ رِجَالِ بَنِي سَلِمَةَ عَنْ أَبِي الْيُسْرِ كَعْبِ بْنِ عَمْرٍو ، قَالَ وَاَللّهِ إنّا لَمَعَ رَسُولِ اللّهِ - صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ - بِخَيْبَرِ ذَات عَشِيّةٍ إذْ أَقْبَلَتْ غَنَمٌ لِرَجُلِ مِنْ يَهُودَ تُرِيدُ حِصْنَهُمْ وَنَحْنُ مُحَاصِرُوهُمْ . فَقَالَ رَسُولُ اللّهِ - صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ - : مَنْ رَجُلٌ يُطْعِمُنَا مِنْ هَذِهِ الْغَنَمِ ؟ قَالَ أَبُو الْيُسْرِ فَقُلْت : أَنَا يَا رَسُولَ اللّهِ قَالَ فَافْعَلْ قَالَ فَخَرَجْت أَشْتَدّ مِثْلَ الظّلِيمِ فَلَمّا نَظَرَ إلَيّ رَسُولُ اللّهِ - صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ - مُوَلّيًا قَالَ اللّهُمّ أَمْتِعْنَا بِه قَالَ فَأَدْرَكْتُ الْغَنَمَ وَقَدْ دَخَلَتْ أُولَاهَا الْحِصْنَ فَأَخَذْت شَاتَيْنِ مِنْ أُخْرَاهَا ، فَاحْتَضَنْتهمَا تَحْتَ يَدَيّ ثُمّ أَقْبَلْت بِهِمَا أَشْتَدّ ، كَأَنّهُ لَيْسَ مَعِي شَيْءٌ حَتّى أَلْقَيْتهمَا [ ص 336 ] - صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ - فَذَبَحُوهُمَا فَأَكَلُوهُمَا ، فَكَانَ أَبُو الْيُسْرِ مِنْ آخِرِ أَصْحَابِ رَسُولِ اللّهِ - صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ - هَلَاكًا فَكَانَ إذَا حَدّثَ هَذَا الْحَدِيثَ بَكَى ، ثُمّ قَالَ أُمْتِعُوا بِي ، لَعَمْرِي ، حَتّى كُنْت مِنْ آخِرِهِمْ هُلْكًا .
[ أَمْرُ صَفِيّةَ أُمّ الْمُؤْمِنِينَ ]
قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ : وَلَمّا افْتَتَحَ رَسُولُ اللّهِ - صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ - الْقَمُوصَ ، حِصْنُ بَنِي أَبِي الْحُقَيْقِ أُتِيَ رَسُولُ اللّهِ - صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ - بِصَفِيّةَ بِنْتِ حُيَيّ بْنِ أَخْطَبَ ، وَبِأُخْرَى مَعَهَا ، فَمَرّ بِهِمَا بِلَالٌ وَهُوَ الّذِي جَاءَ بِهِمَا عَلَى قَتْلَى مِنْ قَتْلَى يَهُودَ فَلَمّا رَأَتْهُمْ الّتِي مَعَ صَفِيّةَ صَاحَتْ . وَصَكّتْ وَجْهَهَا وَحَثّتْ التّرَابَ عَلَى رَأْسِهَا ؛ فَلَمّا رَآهَا رَسُولُ اللّهِ - صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ - قَالَ أَعْزِبُوا عَنّي هَذِهِ الشّيْطَانَةَ وَأَمَرَ بِصَفِيّةَ فَحِيزَتْ خَلْفَهُ . وَأَلْقَى عَلَيْهَا رِدَاءَهُ فَعَرَفَ الْمُسْلِمُونَ أَنّ رَسُولَ اللّهِ - صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ - قَدْ اصْطَفَاهَا لِنَفْسِهِ . فَقَالَ رَسُولُ اللّهِ - صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ - لِبِلَالِ فِيمَا بَلَغَنِي ، حِينَ رَأَى بِتِلْكَ الْيَهُودِيّةِ مَا رَأَى : أَنُزِعَتْ مِنْك الرّحْمَةُ يَا بِلَالُ ، حِينَ تَمُرّ بِامْرَأَتَيْنِ عَلَى قَتْلَى رِجَالِهِمَا ؟ وَكَانَتْ صَفِيّةُ قَدْ رَأَتْ فِي الْمَنَامِ وَهِيَ عَرُوسٌ بِكِنَانَةِ بْنِ الرّبِيعِ بْنِ أَبِي الْحُقَيْقِ أَنّ قَمَرًا وَقَع حِجْرُهَا . فَعَرَضَتْ رُؤْيَاهَا عَلَى زَوْجِهَا ؟ فَقَالَ مَا هَذَا إلّا أَنّك تَمَنّيْنَ مُلْكَ الْحِجَازِ مُحَمّدًا ، فَلَطَمَ وَجْهَهَا لَطْمَةً خَضّرَ عَيْنَهَا مِنْهَا . فَأُتِيَ بِهَا رَسُولُ اللّهِ - صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ - وَبِهَا أَثَرٌ مِنْهُ فَسَأَلَهَا مَا هُوَ ؟ فَأَخْبَرَتْهُ هَذَا الْخَبَرَ .
[ بَقِيّةُ أَمْرِ خَيْبَرَ ]
[ عُقُوبَةُ كِنَانَةَ بْنِ الرّبِيعِ ]
وَأُتِيَ رَسُولُ اللّهِ - صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ - بِكِنَانَةَ بْنِ الرّبِيعِ وَكَانَ عِنْدَهُ كَنْزُ بَنِي النّضِيرِ فَسَأَلَهُ عَنْهُ . فَجَحَدَ أَنْ يَكُونَ يَعْرِفُ مَكَانَهُ فَأَتَى رَسُولَ اللّهِ - صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ - رَجُلٌ مِنْ يَهُودَ فَقَالَ لِرَسُولِ اللّهِ - صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ - : إنّي رَأَيْت كِنَانَةَ يُطِيفُ بِهَذِهِ الْخَرِبَةِ كُلّ غَدَاةٍ فَقَالَ رَسُولُ اللّهِ - صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ - لِكِنَانَةَ [ ص 337 ] أَرَأَيْت إنْ وَجَدْنَاهُ عِنْدَك ، أَأَقْتُلُك ؟ قَالَ نَعَمْ . فَأَمَرَ رَسُولُ اللّهِ - صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ - بِالْخَرِبَةِ فَحُفِرَتْ فَأَخْرَجَ مِنْهَا بَعْضَ كَنْزِهِمْ ثُمّ سَأَلَهُ عَمّا بَقِيَ فَأَبَى أَنْ يُؤَدّيَهُ فَأَمَرَ بِهِ رَسُولُ اللّهِ - صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ - الزّبَيْرَ بْنَ الْعَوّامِ ، فَقَالَ عَذّبْهُ حَتّى تَسْتَأْصِل مَا عِنْدَهُ فَكَانَ الزّبَيْرُ يَقْدَحُ بِزَنْدٍ فِي صَدْرِهِ حَتّى أَشْرَفَ عَلَى نَفْسِهِ ثُمّ دَفَعَهُ رَسُولُ اللّهِ - صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ - إلَى مُحَمّدِ بْنِ مَسْلَمَةَ فَضَرَبَ عُنُقَهُ بِأَخِيهِ مَحْمُودِ بْنِ مَسْلَمَةَ .
[ مُصَالَحَةُ الرّسُولِ أَهْلَ خَيْبَرَ ]
وَحَاصَرَ رَسُولُ اللّهِ - صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ - أَهْلَ خَيْبَرَ فِي حِصْنَيْهِمْ الْوَطِيحِ وَالسّلَالِمِ ، حَتّى إذَا أَيْقَنُوا بِالْهَلَكَةِ سَأَلُوهُ أَنْ يُسَيّرَهُمْ وَأَنْ يَحْقِنَ لَهُمْ دِمَاءَهُمْ فَفَعَلَ . وَكَانَ رَسُولُ اللّهِ - صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ - قَدْ حَازَ الْأَمْوَالَ كُلّهَا : الشّقّ وَنَطَاةَ وَالْكَتِيبَةَ وَجَمِيعَ حُصُونِهِمْ إلّا مَا كَانَ مِنْ ذَيْنِك الْحِصْنَيْنِ . فَلَمّا سَمِعَ بِهِمْ أَهْلُ فَدَكَ قَدْ صَنَعُوا مَا صَنَعُوا ، بَعَثُوا إلَى رَسُولِ اللّهِ - صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ - يَسْأَلُونَهُ أَنْ يُسَيّرَهُمْ وَأَنّ يَحْقِنَ دِمَاءَهُمْ وَيُخَلّوا لَهُ الْأَمْوَالَ فَفَعَلَ . وَكَانَ فِيمَنْ مَشَى بَيْنَ رَسُولِ اللّهِ - صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ - وَبَيْنَهُمْ فِي ذَلِكَ مُحَيّصَةُ بْنُ مَسْعُودٍ ، أَخُو بَنِي حَارِثَةَ فَلَمّا نَزَلَ أَهْلُ خَيْبَرَ عَلَى ذَلِكَ سَأَلُوا رَسُولَ اللّهِ - صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ - أَنْ يُعَامِلَهُمْ فِي الْأَمْوَالِ عَلَى النّصْفِ وَقَالُوا : نَحْنُ أَعْلَمُ بِهَا مِنْكُمْ وَأَعْمَرُ لَهَا ؛ فَصَالَحَهُمْ رَسُولُ اللّهِ - صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ - عَلَى النّصْفِ عَلَى أَنّا إذَا شِئْنَا أَنْ نُخْرِجَكُمْ أَخْرَجْنَاكُمْ فَصَالَحَهُ أَهْلُ فَدَكَ عَلَى مِثْلِ ذَلِكَ فَكَانَتْ خَيْبَرُ فَيْئًا بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ وَكَانَتْ فَدَكُ خَالِصَةً لِرَسُولِ اللّهِ - صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ - ، لِأَنّهُمْ لَمْ يَجْلِبُوا عَلَيْهَا بِخَيْلِ وَلَا رِكَابٍ .
[ أَمْرُ الشّاةِ الْمَسْمُومَةِ ]
فَلَمّا اطْمَأَنّ رَسُولُ اللّهِ - صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ - أَهْدَتْ لَهُ زَيْنَبُ بِنْتُ الْحَارِثِ ، امْرَأَةُ سَلّامِ بْنِ مِشْكَمٍ ، شَاةً مَصْلِيّةً وَقَدْ سَأَلَتْ أَيّ عُضْوٍ مِنْ الشّاةِ أَحَبّ إلَى رَسُولِ اللّهِ - صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ - ؟ فَقِيلَ لَهَا : الذّرَاعُ فَأَكْثَرَتْ فِيهَا مِنْ السّمّ [ ص 338 ] سَمّتْ سَائِرَ الشّاةِ ثُمّ جَاءَتْ بِهَا ؛ فَلَمّا وَضَعَتْهَا بَيْنَ يَدَيْ رَسُولِ اللّهِ - صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ - تَنَاوَلَ الذّرَاعَ فَلَاكَ مِنْهَا مُضْغَةً فَلَمْ يُسِغْهَا ، وَمَعَهُ بِشْرُ بْنُ الْبَرَاءِ بْنِ مَعْرُورٍ ، قَدْ أَخَذَ مِنْهَا كَمَا أَخَذَ رَسُولُ اللّهِ - صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ - . فَأَمّا بِشْرٌ فَأَسَاغَهَا ؛ وَأَمّا رَسُولُ اللّهِ - صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ - فَلَفَظَهَا ، ثُمّ قَالَ إنّ هَذَا الْعَظْمَ لَيُخْبِرُنِي أَنّهُ مَسْمُومٌ ثُمّ دَعَا بِهَا ، فَاعْتَرَفَتْ فَقَالَ مَا حَمَلَك عَلَى ذَلِكِ ؟ قَالَ بَلَغْتَ مِنْ قَوْمِي مَا لَمْ يَخْفَ عَلَيْك ، فَقُلْت : إنْ كَانَ مَلِكًا اسْتَرَحْتُ مِنْهُ وَإِنْ كَانَ نَبِيّا فَسَيُخْبَرُ قَالَ فَتَجَاوَزَ عَنْهَا رَسُولُ اللّهِ - صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ - وَمَاتَ بِشْرٌ مِنْ أَكْلَتِهِ الّتِي أَكَلَ . قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ : وَحَدّثَنِي مَرْوَانُ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ أَبِي سَعِيدِ بْنِ الْمُعَلّى ، قَالَ كَانَ رَسُولُ اللّهِ - صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ - قَدْ قَالَ فِي مَرَضِهِ الّذِي تُوُفّيَ فِيهِ وَدَخَلَتْ أُمّ بِشْرٍ بِنْتُ الْبَرَاءِ بْنِ مَعْرُورٍ تَعُودُهُ يَا أُمّ بِشْرٍ إنّ هَذَا الْأَوَانَ وَجَدْتُ فِيهِ انْقِطَاعَ أَبْهَرِي مِنْ الْأَكْلَةِ الّتِي أَكَلْت مَعَ أَخِيك بِخَيْبَرِ قَالَ فَإِنْ كَانَ الْمُسْلِمُونَ لَيَرَوْنَ أَنّ رَسُولَ اللّهِ - صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ - مَاتَ شَهِيدًا ، مَعَ مَا أَكْرَمَهُ اللّهُ بِهِ مِنْ النّبُوّةِ
[ رُجُوعُ الرّسُولِ إلَى الْمَدِينَةِ ]
قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ : فَلَمّا فَرَغَ رَسُولُ اللّهِ - صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ - مِنْ خَيْبَرَ انْصَرَفَ إلَى وَادِي الْقُرَى ، فَحَاصَرَ أَهْلَهُ لَيَالِيَ ثُمّ انْصَرَفَ رَاجِعًا إلَى الْمَدِينَةِ .
[ مَقْتَلُ غُلَامِ رِفَاعَةَ الّذِي أَهْدَاهُ لِلرّسُولِ ]
قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ : فَحَدّثَنِي نُورُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ سَالِمٍ مَوْلَى عَبْدِ اللّهِ بْنِ مُطِيعٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ فَلَمّا انْصَرَفْنَا مَعَ رَسُولِ اللّهِ - صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ - عَنْ خَيْبَرَ إلَى وَادِي الْقُرَى نَزَلْنَا بِهَا أَصِيلًا مَعَ مَغْرِبِ الشّمْسِ وَمَعَ رَسُولِ اللّهِ - صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ - غُلَامٌ لَهُ أَهْدَاهُ لَهُ رِفَاعَةُ بْنُ زَيْدٍ الْجُذَامِيّ ، ثُمّ الضّبِينِيّ . [ ص 339 ] قَالَ ابْنُ هِشَامٍ : جُذَامٌ ، أَخُو لَخْمٍ . قَالَ فَوَاَللّهِ إنّهُ لَيَضَعُ رَحْلَ رَسُولِ اللّهِ - صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ - إذْ أَتَاهُ سَهْمٌ غَرْبٌ فَأَصَابَهُ فَقَتَلَهُ فَقُلْنَا : هَنِيئًا لَهُ الْجَنّةُ فَقَالَ رَسُولُ اللّهِ - صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ - : كَلّا ، وَاَلّذِي نَفْسُ مُحَمّدٍ بِيَدِهِ إنّ شَمْلَتَهُ الْآنَ لَتَحْتَرِقُ عَلَيْهِ فِي النّارِ كَانَ غَلّهَا مِنْ فَيْءِ الْمُسْلِمِينَ يَوْمَ خَيْبَرَ قَالَ فَسَمِعَهَا رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللّهِ - صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ - فَأَتَاهُ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللّهِ أَصَبْتُ شِرَاكَيْنِ لِنَعْلَيْنِ لِي ؛ قَالَ فَقَالَ يُقَدّ لَك مِثْلَهُمَا مِنْ النّارِ .
[ ابْنُ مُغَفّلٍ وَجِرَابُ شَحْمٍ أَصَابَهُ ]
قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ : وَحَدّثَنِي مَنْ لَا أَتّهِمُ عَنْ عَبْدِ اللّهِ بْنِ مُغَفّلٍ الْمُزَنِيّ ، قَالَ أَصَبْت مِنْ فَيْءِ خَيْبَرَ جِرَابَ شَحْمٍ فَاحْتَمَلْته عَلَى عَاتِقِي إلَى رَحْلِي وَأَصْحَابِي . قَالَ فَلَقِيَنِي صَاحِبُ الْمَغَانِمِ الّذِي جُعِلَ عَلَيْهَا ، فَأَخَذَ بِنَاحِيَتِهِ وَقَالَ هَلُمّ هَذَا نَقْسِمُهُ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ قَالَ قُلْت : لَا وَاَللّهِ لَا أُعْطِيكَهُ قَالَ فَجَعَلَ يُجَابِذُنِي الْجِرَابَ . قَالَ فَرَآنَا رَسُولُ اللّهِ - صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ - وَنَحْنُ نَصْنَعُ ذَلِكَ . قَالَ فَتَبَسّمَ رَسُولُ اللّهِ - صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ - ضَاحِكًا ، ثُمّ قَالَ لِصَاحِبِ الْمَغَانِمِ لَا أَبَا لَك ، خَلّ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ قَالَ فَأَرْسَلَهُ فَانْطَلَقْتُ بِهِ إلَى رَحْلِي وَأَصْحَابِي ، فَأَكَلْنَاهُ .
[ بِنَاءُ الرّسُولِ بِصَفِيّةَ وَحِرَاسَةُ أَبِي أَيّوبَ لِلْقُبّةِ ]
قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ : وَلَمّا أَعْرَسَ رَسُولُ اللّهِ - صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ - بِصَفِيّةَ . بِخَيْبَرِ أَوْ بِبَعْضِ الطّرِيقِ وَكَانَتْ الّتِي جَمّلَتْهَا لِرَسُولِ اللّهِ - صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ - وَمَشّطَتْهَا [ ص 340 ] أَمْرِهَا أُمّ سُلَيْمٍ بِنْتُ مِلْحَانَ أُمّ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ . فَبَاتَ بِهَا رَسُولُ اللّهِ - صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ - فِي قُبّةٍ لَهُ . وَبَاتَ أَبُو أَيّوبَ خَالِدُ بْنُ زَيْدٍ ، أَخُو بَنِي النّجّارِ مُتَوَشّحًا سَيْفَهُ يَحْرَسُ رَسُولَ اللّهِ - صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ - وَيُطِيفُ بِالْقُبّةِ حَتّى أَصْبَحَ رَسُولُ اللّهِ - صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ - فَلَمّا رَأَى مَكَانَهُ قَالَ مَا لَك يَا أَبَا أَيّوبَ ؟ قَالَ يَا رَسُولَ اللّهِ خِفْت عَلَيْك مِنْ هَذِهِ الْمَرْأَةِ وَكَانَتْ امْرَأَةً قَدْ قَتَلْتَ أَبَاهَا وَزَوْجَهَا وَقَوْمَهَا ، وَكَانَتْ حَدِيثَةَ عَهْدٍ بِكُفْرٍ فَخِفْتهَا عَلَيْك . فَزَعَمُوا أَنّ رَسُولَ اللّهِ - صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ - ، قَالَ اللّهُمّ احْفَظْ أَبَا أَيّوبَ كَمَا بَاتَ يَحْفَظُنِي
[ تَطَوّعُ بِلَالٍ لِلْحِرَاسَةِ وَغَلَبَةُ النّوُمُ عَلَيْهِ ]
قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ : وَحَدّثَنِي الزّهْرِيّ ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيّبِ ، قَالَ لَمّا انْصَرَفَ رَسُولُ اللّهِ - صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ - مِنْ خَيْبَرَ فَكَانَ بِبَعْضِ الطّرِيقِ قَالَ مِنْ آخِرِ اللّيْلِ مَنْ رَجُلٌ يَحْفَظُ عَلَيْنَا الْفَجْرَ لَعَلّنَا نَنَام قَالَ بِلَالٌ أَنَا يَا رَسُولَ اللّهِ أَحْفَظُهُ عَلَيْك . فَنَزَلَ رَسُولُ اللّهِ - صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ - وَنَزَلَ النّاسُ فَنَامُوا ، وَقَامَ بِلَالٌ يُصَلّي ، فَصَلّى مَا شَاءَ اللّهُ - عَزّ وَجَلّ - أَنْ يُصَلّيَ . ثُمّ اسْتَنَدَ إلَى بَعِيرِهِ . وَاسْتَقْبَلَ الْفَجْرَ يَرْمُقُهُ فَغَلَبَتْهُ عَيْنُهُ فَنَامَ فَلَمْ يُوقِظْهُمْ إلّا مَسّ الشّمْسِ . وَكَانَ رَسُولُ اللّهِ - صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ - أَوّلَ أَصْحَابِهِ هَبّ فَقَالَ مَاذَا صَنَعْتَ بِنَا يَا بِلَالُ ؟ قَالَ يَا رَسُولَ اللّهِ أَخَذَ بِنَفْسِي الّذِي أَخَذَ بِنَفْسِك ؛ قَالَ صَدَقْت ؛ ثُمّ اقْتَادَ رَسُولُ اللّهِ - صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ - بَعِيرَهُ غَيْرَ كَثِيرٍ ثُمّ أَنَاخَ فَتَوَضّأَ وَتَوَضّأَ النّاسُ ثُمّ أَمَرَ بِلَالًا فَأَقَامَ الصّلَاةَ فَصَلّى رَسُولُ اللّهِ - صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ - بِالنّاسِ فَلَمّا سَلّمَ أَقْبَلَ عَلَى النّاسِ فَقَالَ إذَا نَسِيتُمْ الصّلَاةَ فَصَلّوهَا إذَا ذَكَرْتُمُوهَا ، فَإِنّ اللّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى يَقُولُ { وَأَقِمِ الصّلَاةَ لِذِكْرِي }
[ شِعْرُ ابْنِ لُقَيْمٍ فِي فَتْحِ خَيْبَرَ ]
قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ : وَكَانَ رَسُولُ اللّهِ - صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ - فِيمَا بَلَغَنِي ، قَدْ أَعْطَى [ ص 341 ] لُقَيْمٍ الْعَبْسِيّ حِينَ افْتَتَحَ خَيْبَرَ ، مَا بِهَا مِنْ دَجَاجَةٍ أَوْ دَاجِنٍ وَكَانَ فَتْحُ خَيْبَرَ فِي صَفَرٍ فَقَالَ ابْنُ لُقَيْمٍ الْعَبْسِيّ فِي خَيْبَر َ :
رُمِيَتْ نَطَاةٌ مِنْ الرّسُولِ بِفَيْلَقٍ ... شَهْبَاءَ ذَاتِ مَنَاكِبَ وَفَقَارِ
وَاسْتَيْقَنَتْ بِالذّلّ لَمَا شُيّعَتْ ... وَرِجَالُ أَسْلَمَ وَسْطَهَا وَغِفَارِ
صَبّحَتْ بَنِي عَمْرِو بْنِ زُرْعَةَ غُدْوَةً ... وَالشّقّ أَظْلَمَ أَهْلُهُ بِنَهَارِ
جَرّتْ بِأَبْطَحِهَا الذّيُولُ فَلَمْ تَدَعْ ... إلّا الدّجَاجَ تَصِيحُ فِي الْأَسْحَارِ
وَلِكُلّ حِصْنٍ شَاغِلٌ مِنْ خَيْلِهِمْ ... مِنْ عَبْدِ أَشْهَلَ أَوْ بَنِي النّجّارِ
وَمُهَاجِرِينَ قَدْ اعْلَمُوا سِيمَاهُمْ ... فَوْقَ الْمَغَافِرِ لَمْ يَنُوا لِفِرَارِ
وَلَقَدْ عَلِمْتُ لَيَغْلِبَن مُحَمّدٌ ... وَلَيَثْوِيَن بِهَا إلَى أَصْفَارِ
فَرّتْ يَهُودٌ يَوْمَ ذَلِكَ فِي الْوَغَى ... تَحْتَ الْعَجَاجِ غَمَائِمَ الْأَبْصَارِ
[ تَفْسِيرُ ابْنِ هِشَامٍ لِبَعْضِ الْغَرِيبِ ]
قَالَ ابْنُ هِشَامٍ [ ص 342 ] فَرّتْ كَشَفَتْ كَمَا تُفَرّ الدّابّةُ بِالْكَشَفِ عَنْ أَسْنَانِهَا ؛ يُرِيدُ كَشَفَتْ عَنْ جُفُونِ الْعُيُونِ غَمَائِمَ الْأَبْصَارِ يُرِيدُ الْأَنْصَارَ .
[ شُهُودُ النّسَاءِ خَيْبَرَ وَحَدِيثُ الْمَرْأَةِ الْغِفَارِيّةِ ]
قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ : وَشَهِدَ خَيْبَرَ مَعَ رَسُولِ اللّهِ - صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ - نِسَاءٌ مِنْ نِسَاءِ الْمُسْلِمِينَ فَرَضَخَ لَهُنّ رَسُولُ اللّهِ - صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ - مِنْ الْفَيْءِ وَلَمْ يَضْرِبْ لَهُنّ بِسَهْمٍ . قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ : حَدّثَنِي سُلَيْمَانُ بْنُ سُحَيْمٍ عَنْ أُمَيّةَ بْنِ أَبِي الصّلْتِ ، عَنْ امْرَأَةٍ مِنْ بَنِي غِفَارٍ ، قَدْ سَمّاهَا لِي ، قَالَتْ أَتَيْت رَسُولَ اللّهِ - صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ - فِي نِسْوَةٍ مِنْ بَنِي غِفَارٍ ، فَقُلْنَا : يَا رَسُولَ اللّهِ قَدْ أَرَدْنَا أَنْ نَخْرُجَ مَعَك إلَى وَجْهِك هَذَا ، وَهُوَ يَسِيرُ إلَى خَيْبَرَ ، فَنُدَاوِي الْجَرْحَى ، وَنُعِينُ الْمُسْلِمِينَ بِمَا اسْتَطَعْنَا ؛ فَقَالَ عَلَى بَرَكَةِ اللّهِ . قَالَتْ فَخَرَجْنَا مَعَهُ وَكُنْت جَارِيَةً حَدَثَةً فَأَرْدَفَنِي رَسُولُ اللّهِ - صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ - عَلَى حَقِيبَةِ رَحْلِهِ . قَالَتْ فَوَاَللّهِ لَنَزَلَ رَسُولُ اللّهِ - صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ - إلَى الصّبْحِ وَأَنَاخَ وَنَزَلْت عَنْ حَقِيبَةِ رَحْلِهِ وَإِذَا بِهَا دَمٌ مِنّي ، وَكَانَتْ أَوّلَ حَيْضَةٍ حِضْتَهَا ، قَالَتْ فَتَقَبّضْت إلَى النّاقَةِ وَاسْتَحْيَيْت ؛ فَلَمّا رَأَى رَسُولُ اللّهِ - صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ - مَا بِي وَرَأَى الدّمَ قَالَ مَا لَك ؟ لَعَلّك نُفِسْت قَالَتْ قُلْت : نَعَمْ قَالَ فَأَصْلِحِي مِنْ نَفْسِك ، ثُمّ خُذِي إنَاءً مِنْ مَاءٍ فَاطْرَحِي فِيهِ مِلْحًا ، ثُمّ اغْسِلِي بِهِ مَا أَصَابَ الْحَقِيبَةَ مِنْ الدّمِ ثُمّ عُودِي لِمَرْكَبِك . قَالَتْ فَلَمّا فَتَحَ رَسُولُ اللّهِ - صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ - خَيْبَرَ ، رَضَخَ لَنَا مِنْ الْفَيْءِ [ ص 343 ] وَأَخَذَ هَذِهِ الْقِلَادَةَ الّتِي تَرَيْنَ فِي عُنُقِي فَأَعْطَانِيهَا ، وَعَلّقَهَا بِيَدِهِ فِي عُنُقِي ، فَوَاَللّهِ لَا تُفَارِقُنِي أَبَدًا . قَالَتْ فَكَانَتْ فِي عُنُقِهَا حَتّى مَاتَتْ ثُمّ أَوْصَتْ أَنْ تُدْفَنَ مَعَهَا . قَالَتْ وَكَانَتْ لَا تَطَهّرَ مِنْ حَيْضَةٍ إلّا جَعَلَتْ فِي طَهُورِهَا مِلْحًا ، وَأَوْصَتْ بِهِ أَنْ يُجْعَلَ فِي غُسْلِهَا حِينَ مَاتَتْ .
[ شُهَدَاءُ خَيْبَرَ ]
مِنْ بَنِي أُمَيّةَ : قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ : وَهَذِهِ تَسْمِيَةُ مَنْ اُسْتُشْهِدَ بِخَيْبَرِ مِنْ الْمُسْلِمِينَ مِنْ قُرَيْشٍ ، ثُمّ مِنْ بَنِي أُمَيّةَ بْنِ عَبْدِ شَمْسٍ ، ثُمّ مِنْ حَلْفَائِهِمْ رَبِيعَةُ بْنُ أَكْثَمَ بْنِ سَخْبَرَةَ بْنِ عَمْرِو بْنِ بُكَيْرِ بْنِ عَامِرِ بْنِ غَنْمِ بْنِ دُودَانَ بْنِ أَسَدٍ ؛ وَثَقِيفُ بْنُ عَمْرٍو ، وَرِفَاعَةُ بْنُ مَسْرُوحٍ .
وَمِنْ بَنِي أَسَدِ بْنِ عَبْدِ الْعُزّى : عَبْدُ اللّهِ بْنُ الْهُبَيْبِ ، وَيُقَالُ ابْنُ الْهَبِيبِ فِيمَا قَالَ ابْنُ هِشَامٍ ، ابْنُ أُهَيْبِ بْنِ سُحَيْمِ بْنِ غِيرَةَ مِنْ بَنِي سَعْدِ بْنِ لَيْثٍ حَلِيفٌ لِبَنِي أَسَدٍ ، وَابْنُ أُخْتِهِمْ .
وَمِنْ الْأَنْصَارِ ثُمّ مِنْ بَنِي سَلِمَةَ بِشْرُ بْنُ الْبَرَاءِ بْنِ مَعْرُورٍ ، مَاتَ مِنْ الشّاةِ الّتِي سُمّ فِيهَا رَسُولُ اللّهِ - صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ - : وَفُضَيْلُ بْنُ النّعْمَانِ . رَجُلَانِ . وَمِنْ بَنِي زُرَيْقٍ مَسْعُودُ بْنُ سَعْدِ بْنِ قَيْسِ بْنِ خَلَدَةَ بْنِ عَامِرِ بْنِ زُرَيْقٍ . وَمِنْ الْأَوْسِ ثُمّ مِنْ بَنِي عَبْدِ الْأَشْهَلِ مَحْمُودُ بْنُ مَسْلَمَةَ بْنِ خَالِدِ بْنِ عَدِيّ بْنِ مَجْدَعَةَ بْنِ حَارِثَةَ بْنِ الْحَارِثِ ، حَلِيفٌ لَهُمْ مِنْ بَنِي حَارِثَةَ . [ ص 344 ] بَنِي عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ أَبُو ضَيّاحِ بْنُ ثَابِتِ بْنِ النّعْمَانِ بْنِ أُمَيّةَ بْنِ امْرِئِ الْقَيْسِ بْنِ ثَعْلَبَةَ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ وَالْحَارِثُ بْنُ حَاطِبٍ ؛ وَعُرْوَةُ بْنُ مُرّةَ بْنِ سُرَاقَةَ ؛ وَأَوْسُ بْنُ الْقَائِدِ وَأُنَيْفُ بْنُ حَبِيبٍ وَثَابِتُ بْنُ أَثَلَةَ ؛ وَطَلْحَةُ . وَمِنْ بَنِي غِفَارٍ : عِمَارَةُ بْنُ عُقْبَةَ ، رُمِيَ بِسَهْمِ وَمِنْ أَسْلَمَ : عَامِرُ بْنُ الْأَكْوَعِ ؛ وَالْأَسْوَدُ الرّاعِي ، وَكَانَ اسْمُهُ أَسْلَمَ . قَالَ ابْنُ هِشَامٍ : الْأَسْوَدُ الرّاعِي مِنْ أَهْلِ خَيْبَرَ وَمِمّنْ اُسْتُشْهِدَ بِخَيْبَرِ فِيمَا ذَكَرَ ابْنُ شِهَابٍ الزّهْرِيّ ، مِنْ بَنِي زُهْرَةُ مَسْعُودُ بْنُ رَبِيعَةَ ، حَلِيفٌ لَهُمْ مِنْ الْقَارَةِ . وَمِنْ الْأَنْصَارِ بَنِي عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ أَوْسُ بْنُ قَتَادَةَ .
[ أَمْرُ الْأَسْوَدِ الرّاعِي فِي حَدِيثِ خَيْبَرَ ]
قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ : وَكَانَ مِنْ حَدِيثِ [ ص 345 ] الْأَسْوَدِ الرّاعِي ، فِيمَا بَلَغَنِي : أَنّهُ أَتَى رَسُولَ اللّهِ - صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ - وَهُوَ مُحَاصِرٌ لِبَعْضِ حُصُونِ خَيْبَرَ ، وَمَعَهُ غَنَمٌ لَهُ كَانَ فِيهَا أَجِيرًا لِرَجُلِ مِنْ يَهُودَ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللّهِ اعْرِضْ عَلَيّ الْإِسْلَامَ فَعَرّضَهُ عَلَيْهِ فَأَسْلَمَ - وَكَانَ رَسُولُ اللّهِ - صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ - لَا يَحْقِرُ أَحَدًا أَنْ يَدْعُوَهُ إلَى الْإِسْلَامِ وَيَعْرِضَهُ عَلَيْهِ - فَلَمّا أَسْلَمَ قَالَ يَا رَسُولَ اللّهِ إنّي كُنْت أَجِيرًا لِصَاحِبِ هَذِهِ الْغَنَمِ وَهِيَ أَمَانَةٌ عِنْدِي ، فَكَيْفَ أَصْنَعُ بِهَا ؟ قَالَ اضْرِبْ فِي وُجُوهِهَا ، فَإِنّهَا سَتَرْجِعُ إلَى رَبّهَا - أَوْ كَمَا قَالَ - فَقَالَ الْأَسْوَدُ فَأَخَذَ حَفْنَةً مِنْ الْحَصَى ، فَرَمَى بِهَا فِي وُجُوهِهَا ، وَقَالَ ارْجِعِي إلَى صَاحِبِك ، فَوَاَللّهِ لَا أَصْحَبُك أَبَدًا ، فَخَرَجَتْ مُجْتَمَعَةً كَأَنّ سَائِقًا يَسُوقُهَا حَتّى دَخَلَتْ الْحِصْنَ . ثُمّ تَقَدّمَ إلَى ذَلِكَ الْحِصْنِ لِيُقَاتِلَ مَعَ الْمُسْلِمِينَ فَأَصَابَهُ حَجَرٌ فَقَتَلَهُ وَمَا صَلّى لِلّهِ صَلَاةً قَطّ ؛ فَأُتِيَ بِهِ رَسُولُ اللّهِ - صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ - ، فَوُضِعَ خَلْفَهُ وَسُجّيَ بِشَمْلَةٍ كَانَتْ عَلَيْهِ . فَالْتَفَتَ إلَيْهِ رَسُولُ اللّهِ - صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ - وَمَعَهُ نَفَرٌ مِنْ أَصْحَابِهِ ثُمّ أَعَرَضَ عَنْهُ فَقَالُوا : يَا رَسُولَ اللّهِ لِمَ أَعَرَضْت عَنْهُ ؟ قَالَ إنّ مَعَهُ الْآنَ زَوْجَتَيْهِ مِنْ الْحُورِ الْعِينِ .
قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ : وَأَخْبَرَنِي عَبْدُ اللّهِ بْنُ أَبِي نَجِيحٍ أَنّهُ ذُكِرَ لَهُ أَنّ الشّهِيدَ إذَا مَا أُصِيبَ تَدَلّتْ ( لَهُ ) زَوْجَتَاهُ مِنْ الْحُورِ الْعِينِ عَلَيْهِ تَنْفُضَانِ التّرَابَ عَنْ وَجْهِهِ وَتَقُولَانِ تَرّبَ اللّهُ وَجْهَ مَنْ تَرّبَك ، وَقَتَلَ مَنْ قَتَلَك.
[ أَمْرُ الْحَجّاجِ بْنِ عِلَاطٍ السّلَمِيّ ]
قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ : وَلَمّا فُتِحَتْ خَيْبَرُ ، كَلّمَ رَسُولَ اللّهِ - صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ - الْحَجّاجُ بْنُ عِلَاطٍ السّلَمِيّ ثُمّ الْبَهْزِيّ ، فَقَالَ يَا رَسُولَ اللّهِ إنّ لِي بِمَكّةَ مَالًا عِنْدَ صَاحِبَتِي أُمّ شَيْبَةَ بِنْتِ أَبِي طَلْحَةَ - وَكَانَتْ عِنْدَهُ لَهُ مِنْهَا مُعْرِضُ بْنِ الْحَجّاجِ وَمَالٌ مُتَفَرّقٌ فِي تُجّارِ أَهْلِ مَكّةَ ، فَأْذَنْ لِي يَا رَسُولَ اللّهِ فَأَذِنَ لَهُ قَالَ إنّهُ لَا بُدّ لِي يَا رَسُولَ اللّهِ مِنْ أَنْ أَقُولَ قَالَ قُلْ . قَالَ الْحَجّاجُ فَخَرَجْتُ حَتّى إذَا قَدِمْت مَكّةَ وَجَدْت بِثَنِيّةِ الْبَيْضَاءِ رِجَالًا مِنْ قُرَيْشٍ يَتَسَمّعُونَ الْأَخْبَارَ وَيَسْأَلُونَ عَنْ أَمْرِ رَسُولِ اللّهِ - صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ - وَقَدْ بَلَغَهُمْ أَنّهُ قَدْ سَارَ إلَى خَيْبَرَ ، وَقَدْ عَرَفُوا أَنّهَا قَرْيَةُ الْحِجَازِ ، رِيفًا وَمَنَعَةً وَرِجَالًا ، فَهُمْ يَتَحَسّسُونَ الْأَخْبَارَ وَيَسْأَلُونَ [ ص 346 ] قَالُوا : الْحَجّاجُ بْنُ عِلَاطٍ - قَالَ وَلَمْ يَكُونُوا عَلِمُوا بِإِسْلَامِي عِنْدَهُ وَاَللّهِ الْخَبَرُ - أَخْبِرْنَا يَا أَبَا مُحَمّدٍ . فَإِنّهُ قَدْ بَلَغْنَا أَنّ الْقَاطِعَ قَدْ سَارَ إلَى خَيْبَرَ ، وَهِيَ بَلَدُ يَهُودُ وَرِيفُ الْحِجَازِ . قَالَ قُلْت : قَدْ بَلَغَنِي ذَلِكَ وَعِنْدِي مِنْ الْخَبَرِ مَا يَسُرّكُمْ قَالَ فَالْتَبَطُوا بِجَنْبَيْ نَاقَتِي يَقُولُونَ إيهِ يَا حَجّاجُ قَالَ قُلْت : هُزِمَ هَزِيمَةً لَمْ تَسْمَعُوا بِمِثْلِهَا قَطّ ، وَقُتِلَ أَصْحَابُهُ قَتْلًا لَمْ تَسْمَعُوا بِمِثْلِهِ قَطّ ، وَأُسِرَ مُحَمّدٌ أَسْرًا ، وَقَالُوا : لَا نَقْتُلُهُ حَتّى نَبْعَثَ بِهِ إلَى أَهْلِ مَكّةَ ، فَيَقْتُلُوهُ بَيْنَ أَظْهُرِهِمْ بِمَنْ كَانَ أَصَابَ مِنْ رِجَالِهِمْ . قَالَ فَقَامُوا وَصَاحُوا بِمَكّةَ وَقَالُوا : قَدْ جَاءَكُمْ الْخَبَرُ ، وَهَذَا مُحَمّدُ إنّمَا تَنْتَظِرُونَ أَنْ يُقْدَمَ بِهِ عَلَيْكُمْ فَيُقْتَلُ بَيْنَ أَظْهُرِكُمْ . قَالَ قُلْت : أَعِينُونِي عَلَى جَمْعِ مَالِي بِمَكّةَ وَعَلَى غُرَمَائِي ، فَإِنّي أُرِيدُ أَنْ أَقْدَمَ خَيْبَر ، فَأُصِيبُ مِنْ فَلّ مُحَمّدٍ وَأَصْحَابِهِ قَبْلَ أَنْ يَسْبِقَنِي التّجّارُ إلَى مَا هُنَالِكَ . قَالَ ابْنُ هِشَامٍ : وَيُقَالُ مِنْ فَيْءِ مُحَمّدٍ.
[ الْعَبّاسُ يَسْتَوْثِقُ مِنْ خَبَرِ الْحَجّاجِ وَيُفَاجِئُ قُرَيْشًا ]
قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ : قَالَ فَقَامُوا فَجَمَعُوا لِي مَالِي كَأَحَثّ جَمْعٍ سَمِعْت بِهِ . قَالَ وَجِئْت صَاحِبَتِي فَقُلْت : مَالِي ، وَقَدْ كَانَ لِي عِنْدَهَا مَالٌ مَوْضُوعٌ لَعَلّي أَلْحَقُ بِخَيْبَرِ فَأُصِيبَ مِنْ فُرَصِ الْبَيْعِ قَبْلَ أَنْ يَسْبِقَنِي التّجّارُ قَالَ فَلَمّا سَمِعَ الْعَبّاسُ بْنُ عَبْدِ الْمُطّلِبِ الْخَبَرَ ، وَجَاءَهُ عَنّي ، أَقْبَلَ حَتّى وَقَفَ إلَى جَنْبِي وَأَنَا فِي خَيْمَةٍ مِنْ خِيَامِ التّجّارِ فَقَالَ يَا حَجّاجُ مَا هَذَا الْخَبَرُ الّذِي جِئْت بِهِ ؟ قَالَ فَقُلْت : وَهَلْ عِنْدَك حِفْظٌ لِمَا وَضَعْتُ عِنْدَك ؟ قَالَ نَعَمْ قَالَ قُلْت : فَاسْتَأْخِرْ عَنّي حَتّى أَلْقَاك عَلَى خَلَاءٍ فَإِنّي فِي جَمْعِ مَالِي كَمَا تَرَى ، فَانْصَرِفْ عَنّي حَتّى أَفَرُغَ . قَالَ حَتّى إذَا فَرَغْت مِنْ جَمْعِ كُلّ شَيْءٍ كَانَ لِي بِمَكّةَ وَأَجْمَعْت الْخُرُوجَ لَقِيت الْعَبّاسَ فَقُلْت [ ص 347 ] احْفَظْ عَلَيّ حَدِيثِي يَا أَبَا الْفَضْلِ ، فَإِنّي أَخْشَى الطّلَبَ ثَلَاثًا ، ثُمّ قُلْ مَا شِئْت ، قَالَ أَفْعَلُ ؟ قُلْت : فَإِنّي وَاَللّهِ لَقَدْ تَرَكْت ابْنَ أَخِيك عَرُوسًا عَلَى بِنْتِ مَلِكِهِمْ يَعْنِي صَفِيّةَ بِنْتَ حُيَيّ وَلَقَدْ افْتَتَحَ خَيْبَرَ ، وَانْتَثَلَ مَا فِيهَا ، وَصَارَتْ لَهُ وَلِأَصْحَابِهِ فَقَالَ مَا تَقُولُ يَا حَجّاجُ ؟ قَالَ قُلْت : إي وَاَللّهِ فَاكْتُمْ عَنّي ، وَلَقَدْ أَسْلَمْتُ وَمَا جِئْت إلّا لِآخُذَ مَالِي ، فَرَقًا مِنْ أَنْ أُغْلَبَس عَلَيْهِ فَإِذَا مَضَتْ ثَلَاثٌ فَأَظْهِرْ أَمْرَك ، فَهُوَ وَاَللّهِ عَلَى مَا تُحِبّ ، قَالَ حَتّى إذَا كَانَ الْيَوْمُ الثّالِثُ لَبِسَ الْعَبّاسُ حُلّةً لَهُ وَتَخَلّقَ وَأَخَذَ عَصَاهُ ثُمّ خَرَجَ حَتّى أَتَى الْكَعْبَةَ ، فَطَافَ بِهَا ، فَلَمّا رَأَوْهُ قَالُوا : يَا أَبَا الْفَضْلِ هَذَا وَاَللّهِ التّجَلّدُ لِحَرّ الْمُصِيبَةِ ؛ قَالَ كَلّا ، وَاَللّهِ الّذِي حَلَفْتُمْ بِهِ لَقَدْ افْتَتَحَ مُحَمّدٌ خَيْبَرَ وَتُرِكَ عَرُوسًا عَلَى بِنْتِ مَلِكِهِمْ وَأَحْرَزَ أَمْوَالَهُمْ وَمَا فِيهَا فَأَصْبَحَتْ لَهُ وَلِأَصْحَابِهِ قَالُوا : مَنْ جَاءَك بِهَذَا الْخَبَرِ ؟ قَالَ الّذِي جَاءَكُمْ بِمَا جَاءَكُمْ بِهِ وَلَقَدْ دَخَلَ عَلَيْكُمْ مُسْلِمًا ، فَأَخَذَ مَالَهُ فَانْطَلَقَ لِيَلْحَقَ بِمُحَمّدِ وَأَصْحَابِهِ فَيَكُونُ مَعَهُ قَالُوا : يَا لِعِبَادِ اللّهِ انْفَلَتَ عَدُوّ اللّهِ أَمَا وَاَللّهِ لَوْ عَلِمْنَا لَكَانَ لَنَا وَلَهُ شَأْنٌ قَالَ وَلَمْ يَنْشَبُوا أَنْ جَاءَهُمْ الْخَبَرُ بِذَلِكَ
[ شِعْرُ حَسّانَ فِي يَوْمِ خَيْبَرَ ]
قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ : وَكَانَ مِمّا قِيلَ مِنْ الشّعْرِ فِي يَوْمِ خَيْبَرَ قَوْلُ حَسّانَ بْنِ ثَابِتٍ :
بِئْسَمَا قَاتَلَتْ خَيَابِرُ عَمّا ... جَمَعُوا مِنْ مَزَارِعَ وَنَخِيلِ
كَرِهُوا الْمَوْتَ فَاسْتُبِيحَ حِمَاهُمْ ... وَأَقَرّوا فِعْلَ اللّئِيمِ الذّلِيلِ
أَمِنْ الْمَوْتِ يَهْرَبُونَ فَإِنّ الْ ... مَوْتَ مَوْتُ الْهُزَالِ غَيْرُ جَمِيلِ
[ شِعْرُ حَسّانَ فِي عُذْرِ أَيْمَنَ لِتَخَلّفِهِ عَنْ خَيْبَرَ ]
وَقَالَ حَسّانُ بْنُ ثَابِتٍ أَيْضًا ، وَهُوَ يَعْذِرُ أَيْمَنَ بْنِ أُمّ أَيْمَنَ بْنِ عُبَيْدٍ ، وَكَانَ قَدْ تَخَلّفَ عَنْ خَيْبَرَ ، وَهُوَ مِنْ بَنِي عَوْفِ بْنِ الْخَزْرَجِ ، وَكَانَتْ أُمّهُ أُمّ أَيْمَنَ مَوْلَاةَ رَسُولِ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ وَهِيَ أُمّ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ ، فَكَانَ أَخَا أُسَامَةَ لِأُمّهِ [ ص 348 ]
عَلَى حِينِ أَنْ قَالَتْ لِأَيْمَنَ أُمّهُ ... جَبُنْتَ وَلَمْ تَشْهَدْ فَوَارِسَ خَيْبَر
وَأَيْمَنُ لَمْ يَجْبُنْ وَلَكِنّ مُهْرَهُ ... أَضَرّ بِهِ شُرْبُ الْمَدِيدِ الْمُخَمّرِ
وَلَوْلَا الّذِي قَدْ كَانَ مِنْ شَأْنِ مُهْرِهِ ... لَقَاتَلَ فِيهِمْ فَارِسًا غَيْرَ أَعْسَرَ
وَلَكِنّهُ قَدْ صَدّهُ فِعْلُ مُهْرِهِ ... وَمَا كَانَ مِنْهُ عِنْدَهُ غَيْرَ أَيْسَرَ
قَالَ ابْنُ هِشَامٍ : أَنْشَدَنِي أَبُو زَيْدٍ هَذِهِ الْأَبْيَاتَ لِكَعْبِ بْنِ مَالِكٍ وَأَنْشَدَنِي :
وَلَكِنّهُ قَدْ صَدّهُ شَأْنُ مُهْرِهِ ... وَمَا كَانَ لَوْلَا ذَاكُمْ بِمُقَصّرِ
[ شِعْرُ نَاجِيَةَ فِي يَوْمِ خَيْبَرَ ]
قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ : وَقَالَ نَاجِيَةُ بْنُ جُنْدُبٍ الْأَسْلَمِيّ :
يَا لِعِبَادِ لَلّهَ فِيمَ يُرْغَبُ ... مَا هُوَ إلّا مَأْكَلٌ وَمَشْرَبُ
وَجَنّةٌ فِيهَا نَعِيمٌ مُعْجِبُ وَقَالَ نَاجِيَةُ بْنُ جُنْدُبٍ الْأَسْلَمِيّ أَيْضًا :
أَنَا لِمَنْ أَنْكَرَنِي ابْنُ جُنْدُبِ ... يَا رُبّ قِرْنٍ فِي مَكَرّي أَنْكَبِ
طَاحَ بِمَغْدَى أَنْسُرٍ وَثَعْلَبِ قَالَ ابْنُ هِشَامٍ : وَأَنْشَدَنِي بَعْضُ الرّوَاةِ لِلشّعْرِ قَوْلَهُ " في مَكَرّي " ، و " طاح بِمَغْدَى " .
[ شِعْرُ كَعْبٍ فِي يَوْمِ خَيْبَرَ ]
وَقَالَ كَعْبُ بْنُ مَالِكٍ فِي يَوْمِ خَيْبَرَ ، فِيمَا ذَكَرَ ابْنُ هِشَامٍ ، عَنْ أَبِي زَيْدٍ الْأَنْصَارِيّ [ ص 349 ]
وَنَحْنُ وَرَدْنَا خَيْبَرًا وَفُرُوضَهُ ... بِكُلّ فَتًى عَارِي الْأَشَاجِعِ مِذْوَدِ
جَوَادٍ لَدَى الْغَايَاتِ لَا وَاهِنِ الْقُوَى ... جَرِيءٍ عَلَى الْأَعْدَاءِ فِي كُلّ مَشْهَدِ
عَظِيمِ رَمَادِ الْقِدْرِ فِي كُلّ شَتْوَةٍ ... ضَرُوبٍ بِنَصْلِ الْمَشْرَفِيّ الْمُهَنّدِ
يَرَى الْقَتْلَ مَدْحًا إنْ أَصَابَ شَهَادَةً ... مِنْ اللّهِ يَرْجُوهَا وَفَوْزًا بِأَحْمَدِ
يَذُودُ وَيَحْمِي عَنْ ذِمَارِ مُحَمّدٍ ... وَيَدْفَعُ عَنْهُ بِاللّسَانِ وَبِالْيَدِ
وَيَنْصُرُهُ مِنْ كُلّ أَمْرٍ يَرِيبُهُ ... يَجُودُ بِنَفْسٍ دُونَ نَفْسِ مُحَمّدٍ
يُصَدّقُ بِالْأَنْبَاءِ بِالْغَيْبِ مُخْلِصًا ... يُرِيدُ بِذَاكَ الْفَوْزَ وَالْعِزّ فِي غَدٍ
[ ذِكْرُ مَقَاسِمِ خَيْبَرَ وَأَمْوَالِهَا ]
قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ : وَكَانَتْ الْمَقَاسِمُ عَلَى أَمْوَالِ خَيْبَرَ عَلَى الشّقّ وَنَطَاةَ وَالْكَتِيبَةِ فَكَانَتْ الشّقّ وَنَطَاةُ فِي سُهْمَانِ الْمُسْلِمِينَ وَكَانَتْ الْكَتِيبَةُ خُمُسَ اللّهِ وَسَهْمَ النّبِيّ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ وَسَهْمَ ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَطُعْمَ أَزْوَاجِ النّبِيّ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ وَطُعْمَ رِجَالٍ مَشَوْا بَيْنَ رَسُولِ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ وَبَيْنَ أَهْلِ فَدَكَ بِالصّلْحِ مِنْهُمْ مُحَيّصَةُ بْنُ مَسْعُودٍ ، أَعْطَاهُ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ ثَلَاثِينَ وَسْقًا مِنْ شَعِيرٍ وَثَلَاثِينَ وَسْقًا مِنْ تَمْرٍ . وَقُسِمَتْ خَيْبَرُ عَلَى أَهْلِ الْحُدَيْبِيَةِ ، مَنْ شَهِدَ خَيْبَر َ ، وَمَنْ غَابَ عَنْهَا ، وَلَمْ يَغِبْ عَنْهَا إلّا جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَرَامٍ فَقَسَمَ لَهُ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ كَسَهْمِ مَنْ حَضَرَهَا ، وَكَانَ وَادِيَاهَا ، وَادِي السّرَيْرَةِ ، وَوَادِي خَاصّ ، وَهُمَا اللّذَانِ قُسِمَتْ عَلَيْهِمَا خَيْبَرُ ، وَكَانَتْ نَطَاةُ وَالشّقّ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ سَهْمًا ، نَطَاةُ مِنْ ذَلِكَ خَمْسَةُ أَسْهُمٍ [ ص 350 ] وَالشّقّ ثَلَاثَةَ عَشَرَ سَهْمًا ، وَقُسِمَتْ الشّقّ وَنَطَاةُ عَلَى أَلْفِ سَهْمٍ وَثَمَانِ مِئَةِ سَهْمٍ.
[ عِدّةُ مَنْ قُسِمَتْ عَلَيْهِمْ خَيْبَرُ ]
وَكَانَتْ عِدّةُ الّذِينَ قُسِمَتْ عَلَيْهِمْ خَيْبَرُ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ أَلْفَ سَهْمٍ وَثَمَانَ مِئَةِ سَهْمٍ بِرِجَالِهِمْ وَخَيْلِهِمْ الرّجَالُ أَرْبَعَ عَشَرَةَ مِئَةٍ وَالْخَيْلُ مِئَتَا فَارِسٍ ؛ فَكَانَ لِكُلّ فَرَسٍ سَهْمَانِ وَلِفَارِسِهِ سَهْمٌ وَكَانَ لِكُلّ رَاجِلٍ سَهْمٌ فَكَانَ لِكُلّ سَهْمٍ رَأْسٌ جُمِعَ إلَيْهِ مِئَةُ رَجُلٍ فَكَانَتْ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ سَهْمًا جُمِعَ . قَالَ ابْنُ هِشَامٍ : وَفِي يَوْم خَيْبَرَ عَرّبَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ الْعَرَبِيّ مِنْ الْخَيْلِ وَهَجّنَ الْهَجِينَ.
كتاب : السيرة النبوية لابن هشام
المؤلف : أبو محمد عبد الملك بن هشام البصري
منتديات الرسالة الخاتمة - البوابة
أعجبني
لم يعجبني
مواضيع مماثلة
مواضيع مماثلة
»
من حَجّةُ الْوَدَاعِ إلى شَأْنُ حَسّانَ وَأُنَيْفٍ ابْنِي مِلّة
»
من يَوْمَ جَبَلَةَ إلى سَلْمَانُ وَنَقْلَتُهُ إلَى الْمَدِينَةِ
»
ذِكْرُ مَا قِيلَ مِنْ الشّعْرِ يَوْمَ أُحُدٍ
»
من بَلَاءُ عَلِيّ وَأَنْصَارِيّ إلى شِعْرٌ لِعَبّاسِ بْنِ مِرْدَاسٍ
»
مَنْ حَضَرَ بَدْرًا مِنْ الْمُسْلِمِينَ