منتدى الف توتة و حدوتة

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

    ختام غَزْوَةُ بَدْرٍ الْكُبْرَى

    avatar
    توتة
    Admin


    عدد المساهمات : 2017
    تاريخ التسجيل : 13/02/2014

    ختام غَزْوَةُ بَدْرٍ الْكُبْرَى Empty ختام غَزْوَةُ بَدْرٍ الْكُبْرَى

    مُساهمة من طرف توتة الإثنين 1 فبراير - 19:13

    ختام غَزْوَةُ بَدْرٍ الْكُبْرَى Cera10

    بّسم الله الرّحمن الرّحيم
    السيرة النبوية المطهرة
    السيرة النبوية لابن هشام
    المُجلد ألثانى
    ختام غَزْوَةُ بَدْرٍ الْكُبْرَى 1410
    [ ختام غَزْوَةُ بَدْرٍ الْكُبْرَى ]
    من شِعْرُ عَبِيدَةَ بْنِ الْحَارِثِ فِي قَطْعِ رِجْلِهِ
    إلى تَارِيخُ الْفَرَاغِ مِنْ بَدْرٍ

    ● [ شِعْرُ عَبِيدَةَ بْنِ الْحَارِثِ فِي قَطْعِ رِجْلِهِ ]
    قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ : وَقَالَ عُبَيْدَةُ بْنُ الْحَارِثِ بْنِ الْمُطّلِبِ فِي يَوْمِ بَدْر ٍ ، وَفِي قَطْعِ رِجْلِهِ حَيْنَ أُصِيبَتْ فِي مُبَارَزَتِهِ هُوَ وَحَمْزَةُ وَعَلِيّ حِينَ بَارَزُوا عَدُوّهُمْ - قَالَ ابْنُ هِشَامٍ ، وَبَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ بِالشّعْرِ يُنْكِرُهَا لِعُبَيْدَة [ ص 24 ]
    سَتَبْلُغُ عَنّا أَهْلَ مَكّةَ وَقْعَةٌ ... يَهُبّ لَهَا مَنْ كَانَ عَنْ ذَاكَ نَائِيًا
    بِعُتْبَة إذْ وَلّى وَشَيْبَةُ بَعْدَهُ ... وَمَا كَانَ فِيهَا بِكْر عُتْبَة رَاضِيًا
    فَإِنْ تَقْطَعُوا رِجْلِي فَإِنّى مُسْلِمٌ ... أُرَجّي بِهَا عَيْشًا مِنْ اللّهِ دَانِيًا
    مَعَ الْحُورِ أَمْثَالَ التّمَاثِيلِ أُخْلِصَتْ ... مَعَ الْجَنّةِ الْعُلْيَا لِمَنْ كَانَ عَالِيًا
    وَبِعْتُ بِهَا عَيْشًا تَعَرّقْتُ صَفْوَهُ ... وَعَالَجْتُهُ حَتّى فَقَدْتُ الْأَدَانِيَا
    فَأَكْرَمَنِي الرّحْمَنُ مِنْ فَضْلِ مَنّهِ ... بِئَوْب مِنْ الْإِسْلَامِ غَطّى الْمُسَاوِيَا
    وَمَا كَانَ مَكْرُوهًا إلَيّ قِتَالُهُمْ ... غَدَاةَ دَعَا الْأَكْفَاءَ مَنْ كَانَ دَاعِيًا
    وَلَمْ يَبْغِ إذْ سَالُوا النّبِيّ سَوَاءَنَا ... ثَلَاثَتنَا حَتّى حَضَرْنَا الْمُنَادِيَا
    لَقِينَاهُمْ كَالْأُسْدِ تَخْطِرُ بِالْقَنَا ... نُقَاتِلُ فِي الرّحْمَنِ مَنْ كَانَ عَاصِيَا
    فَمَا بَرِحَتْ أَقْدَامُنَا مِنْ مَقَامِنَا ... ثَلَاثَتُنَا حَتّى أَزِيرُوا الْمَنَائِيَا
    قَالَ ابْنُ هِشَامٍ : لَمّا أُصِيبَتْ رِجْلُ عَبِيدَةَ قَالَ أَمَا وَاَللّهِ لَوْ أَدْرَكَ أَبُو طَالِبٍ هَذَا الْيَوْمَ لَعَلِمَ أَنّي أَحَقّ مِنْهُ بِمَا قَالَ حِينَ يَقُولُ
    كَذَبْتُمْ وَبَيْتِ اللّهِ يُبْزَى مُحَمّدٌ ... وَلَمّا نُطَاعِن دُونَهُ وَنُنَاضِلْ
    وَنُسْلِمُهُ حَتّى نُصَرّعَ حَوْلَهُ ... وَنُذْهَل عَنْ أَبْنَائِنَا وَالْحَلَائِلِ
    وَهَذَانِ الْبَيْتَانِ فِي قَصِيدَةٍ لِأَبِي طَالِبٍ وَقَدْ ذَكَرْنَاهَا فِيمَا مَضَى مِنْ هَذَا الْكِتَابِ .

    [ رِثَاءُ كَعْبٍ لِعَبِيدَةَ بْنِ الْحَارِثِ ]
    قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ : فَلَمّا هَلَكَ عَبِيدَة بْنُ الْحَارِثِ مِنْ مُصَابِ رِجْلِهِ يَوْمَ بَدْرٍ . قَالَ كَعْبُ بْنُ مَالِكٍ الْأَنْصَارِيّ يَبْكِيهِ [ ص 25 ]
    أَيَا عَيْنُ جُودِي وَلَا تَبْخَلِي ... بِدَمْعِك حَقّا وَلَا تَنْزُرِي
    عَلَى سَيّدٍ هَدّنَا هُلْكُهُ ... كَرِيمِ الْمَشَاهِدِ وَالْعُنْصُرِ
    جَرِيءِ الْمُقَدّمِ شَاكِي السّلَاحِ ... كَرِيمِ النّثَا طَيّبِ الْمَكْسِرِ
    عَبِيدَة أَمْسَى وَلَا نَرْتَجِيهِ ... لِعُرْفٍ عَرَانَا وَلَا مُنْكِرِ
    وَقَدْ كَانَ يَحْمَى غَدَاةَ الْقِتَا ... لِ حَامِيَةَ الْجَيْشِ بِالْمُبْتَرِ

    [ شِعْرٌ لِكَعْبِ فِي بَدْرٍ ]
    وَقَالَ كَعْبُ بْنُ مَالِكٍ أَيْضًا ، فِي يَوْمِ بَدْرٍ :
    أَلَا هَلْ أَتَى غَسّانَ فِي نَأْيِ دَارِهَا ... وَأَخْبَرُ شَيْءٍ بِالْأُمُورِ عَلِيمُهَا
    بِأَنْ قَدْ رَمَتْنَا عَنْ قِسِيّ عَدَاوَةٍ ... مُعَدّ مَعًا جُهّالُهَا وَحَلِيمُهَا
    لِأَنّا عَبَدْنَا اللّهَ لَمْ نَرْجُ غَيْرَهُ ... رَجَاءَ الْجِنَانِ إذْ أَتَانَا زَعِيمُهَا
    نَبِيّ لَهُ فِي قَوْمِهِ إرْثُ عِزّةٍ ... وَأَعْرَاقُ صِدْقٍ هَذّبَتْهَا أُرُومُهَا
    فَسَارُوا وَسِرْنَا فَالْتَقَيْنَا كَأَنّنَا ... أُسُودُ لِقَاءٍ لَا يُرَجّى كَلِيمُهَا
    ضَرَبْنَاهُمْ حَتّى هَوَى فِي مَكَرّنَا ... لِمَنْخِرِ سَوْءٍ مِنْ لُؤَيّ عَظِيمُهَا
    فَوَلّوْا وَدُسْنَاهُمْ بِبِيضِ صَوَارِمِ ... سَوَاءٌ عَلَيْنَا حِلْفُهَا وَصَمِيمُهَا
    وَقَالَ كَعْبُ بْنُ مَالِكٍ أَيْضًا : [ ص 26 ]
    لَعَمْرُ أَبِيكُمَا يَا بَنِي لُؤَيّ ... عَلَى زَهْوٍ لَدَيْكُمْ وَانْتِخَاءِ
    لَمَا حَامَتْ فَوَارِسُكُمْ بِبَدْرٍ ... وَلَا صَبَرُوا بِهِ عِنْدَ اللّقَاءِ
    وَرَدْنَاهُ بِنُورِ اللّهِ يَجْلُو ... دُجَى الظّلْمَاءِ عَنّا وَالْغِطَاءِ
    رَسُولُ اللّهِ يَقْدُمُنَا بِأَمْرٍ ... مِنْ أَمْرِ اللّهِ أُحْكِمَ بِالْقَضَاءِ
    فَمَا ظَفَرَتْ فَوَارِسُكُمْ بِبَدْرِ ... وَمَا رَجَعُوا إلَيْكُمْ بِالسّوَاءِ
    فَلَا تَعْجَلْ أَبَا سُفْيَانَ وَارْقُبْ ... جِيَادَ الْخَيْلِ تَطْلُعُ مِنْ كَدَاءِ
    بِنَصْرِ اللّهِ رُوحُ الْقُدْسِ فِيهَا ... وَمِيكَالُ فَيَا طِيبَ الْمَلَاءِ

    [ شِعْرُ طَالِبٍ فِي مَدْحِ الرّسُولِ وَبُكَاءِ أَصْحَابِ الْقَلِيبِ ]
    وَقَالَ طَالِبُ بْنُ أَبِي طَالِبٍ ، يَمْدَحُ رَسُولَ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ وَيَبْكِي أَصْحَابَ الْقَلِيبِ مِنْ قُرَيْشٍ يَوْمَ بَدْرٍ [ ص 27 ]
    أَلَا إنّ عَيْنِي أَنْفَدَتْ دَمْعَهَا سَكْبًا ... تُبَكّي عَلَى كَعْبٍ وَمَا إنْ تَرَى كَعْبَا
    أَلَا إنّ كَعْبًا فِي الْحُرُوبِ تَخَاذَلُوا ... وَأَرْدَاهُمْ ذَا الدّهْرُ وَاجْتَرَحُوا ذَنْبًا
    وَعَامِرٌ تَبْكِي لِلْمُلِمّاتِ غُدْوَةً ... فَيَالَيْتَ شِعْرِي هَلْ أَرَى لَهُمَا قُرْبًا
    هُمَا أَخَوَايَ لَنْ يُعَدّا لِغَيّةِ ... تُعَدّ وَلَنْ يُسْتَامُ جَارُهُمَا غَصْبَا
    فَيَا أَخَوَيْنَا عَبْدَ شَمْسٍ وَنَوْفَلًا ... فِدًا لَكُمَا لَا تَبْعَثُوا بَيْنَنَا حَرْبًا
    وَلَا تُصْبِحُوا مِنْ بَعْدِ وُدّ وَأُلْفَةٍ ... أَحَادِيثَ فِيهَا كُلّكُمْ يَشْتَكِي النّكْبَا
    أَلَمْ تَعْلَمُوا مَا كَانَ فِي حَرْبِ دَاحِسٍ ... وَجَيْشِ أَبِي يَكْسُومٍ إذْ مَلَئُوا الشّعْبَا
    فَلَوْلَا دِفَاعُ اللّهِ لَا شَيْءَ غَيْرُهُ ... لَأَصْبَحْتُمْ لَا تَمْنَعُونَ لَكُمْ سِرْبًا
    فَمَا إنْ جَنَيْنَا فِي أَقُرَيْشٌ عَظِيمَةً ... سِوَى أَنْ حَمَيْنَا خَيْرَ مَنْ وَطِئَ التّرْبَا
    أَخَا ثِقَةٍ فِي النّائِبَاتِ مُرَزّأً ... كَرِيمًا نَثَاهُ لَا بَخِيلًا وَلَا ذَرْبًا
    يُطِيفُ بِهِ الْعَافُونَ يَغْشَوْنَ بَابَهُ ... يَؤُمّونَ بَحْرًا لَا نَزُورًا وَلَا صَرْبًا
    فَوَاَللّهِ لَا تَنْفَكّ نَفْسِي حَزِينَةً ... تَمَلْمُلُ حَتّى تَصْدُقُوا الْخَزْرَجَ الضّرْبَا

    [ شِعْرُ ضِرَارٍ فِي رِثَاءِ أَبِي جَهْلٍ ]
    وَقَالَ ضِرَارُ بْنُ الْخَطّابِ الْفِهْرِيّ يَرْثِي أَبَا جَهْلٍ [ ص 28 ]
    أَلَا مَنْ لَعَيْنٍ بَاتَتْ اللّيْلَ لَمْ تَنَمْ ... تُرَاقِبُ نَجْمًا فِي سَوَادٍ مِنْ الظّلَمْ
    كَأَنّ قَذًى فِيهَا وَلَيْسَ بِهَا قَذًى ... سِوَى عَبْرَةٍ مِنْ جَائِلِ الدّمْعِ تَنْسَجِمْ
    فَبَلّغْ قُرَيْشًا أَنّ خَيْرَ نَدِيّهَا ... وَأَكْرَمَ مَنْ يَمْشِي بِسَاقٍ عَلَى قَدَمْ
    ثَوَى يَوْمَ بَدْرٍ رَهْنَ خَوْصَاءَ رَهْنُهَا ... كَرِيمُ الْمَسَاعِي غَيْرُ وَغْدٍ وَلَا بَرَمْ
    فَآلَيْتُ لَا تَنْفَكّ عَيْنَيّ بِعَبْرَةٍ ... عَلَى هَالِكٍ بَعْدَ الرّئِيسِ أَبِي الْحَكَمْ
    عَلَى هَالِكٍ أَشْجَى لُؤَيّ بْنَ غَالِبٍ ... أَتَتْهُ الْمَنَايَا يَوْمَ بَدْرٍ فَلَمْ يَرِمْ
    تَرَى كِسَرَ الْخَطّيّ فِي نَحْرِ مُهْرِهِ ... لَدَى بَائِنٍ مِنْ لَحْمِهِ بَيْنَهَا خِذَمْ
    وَمَا كَانَ لَيْثٌ سَاكِنٌ بَطْنَ بِيشَةٍ ... لَدَى غَلَلٍ يَجْرِي بِبَطْحَاءَ فِي أَجَمْ
    بِأَجْرَأَ مِنْهُ حِينَ تَخْتَلِفُ الْقَنَا ... وَتُدْعَى نَزَالِ فِي الْقَمَاقِمَة الْبُهَمْ
    فَلَا تَجْزَعُوا آلَ الْمُغِيرَةِ وَاصْبِرُوا ... عَلَيْهِ وَمَنْ يَجْزَعْ عَلَيْهِ فَلَمْ يُلَمْ
    وَجِدّوا فَإِنّ الْمَوْتَ مَكْرُمَةٌ لَكُمْ ... وَمَا بَعْدَهُ فِي آخِرِ الْعَيْشِ مِنْ نَدَمْ
    وَقَدْ قُلْتُ إنّ الرّيحَ طَيّبَةٌ لَكُمْ ... وَعِزّ الْمَقَامِ غَيْرُ شَكّ لِذِي فَهَمْ
    قَالَ ابْنُ هِشَامٍ : وَبَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ بِالشّعْرِ يُنْكِرُهَا لِضِرَارٍ .

    [ شِعْرُ الْحَارِثِ بْنِ هِشَامٍ فِي رِثَاءِ أَبِي جَهْلٍ ]
    قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ : وَقَالَ الْحَارِثُ بْنُ هِشَامٍ ، يَبْكِي أَخَاهُ أَبَا جَهْلٍ
    أَلَا يَا لَهْفَ نَفْسِي بَعْدَ عَمْرٍو ... وَهَلْ يُغْنِي التّلَهّفُ مِنْ قَتِيلِ
    يُخْبِرُنِي الْمُخَبّرُ أَنّ عَمْرًا ... أَمَامَ الْقَوْمِ فِي جَفْرٍ مُحِيلِ
    فَقِدْمًا كُنْتُ أَحْسِبُ ذَاكَ حَقّا ... وَأَنْتَ لِمَا تَقَدّمَ غَيْرُ فِيلِ
    وَكُنْتُ بِنِعْمَةِ مَا دُمْتَ حَيّا ... فَقَدْ خُلّفْت فِي دَرَجِ الْمَسِيلِ
    كَأَنّ حِينَ أُمْسِي لَا أَرَاهُ ... ضَعِيفُ الْعَقْدِ ذُو هَمّ طَوِيلِ
    عَلَى عَمْرٍو إذَا أَمْسَيْتُ يَوْمًا ... وَطَرْفٌ مَنْ تَذَكّرِهِ كَلِيلِ
    قَالَ ابْنُ هِشَامِ : وَبَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ بِالشّعْرِ يُنْكِرُهَا لِلْحَارِثِ بْنِ هِشَامٍ وَقَوْلُهُ " فِي جَفْرٍ " عَنْ غَيْرِ ابْنِ إسْحَاقَ.

    [ شِعْرُ ابْنِ الْأَسْوَدِ فِي بُكَاءِ قَتْلَى بَدْرٍ ]
    [ ص 29 ] قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ : وَقَالَ أَبُو بَكْرِ بْنُ الْأَسْوَدِ بْنِ شُعُوبٍ اللّيْثِيّ وَهُوَ شَدّادُ بْنُ الْأَسْوَدِ :
    تُحَيّي بِالسّلَامَةِ أُمّ بَكْرٍ ... وَهَلْ لِي بَعْدَ قَوْمِي مِنْ سَلَامِ
    فَمَاذَا بِالْقَلِيبِ قَلِيبِ بَدْرٍ ... مِنْ الْقَيْنَاتِ وَالشّرْبِ الْكِرَامِ
    وَمَاذَا بِالْقَلِيبِ قَلِيبِ بَدْرٍ ... مِنْ الشّيزَى تُكَلّلُ بِالسّنَامِ
    وَكَمْ لَكِ بِالطّوِيّ طَوِيّ بَدْرٍ ... مِنْ الْحَوْمَاتِ وَالنّعَمِ الْمُسَامِ
    وَكَمْ لَكِ بِالطّوِيّ طَوِيّ بَدْرٍ ... مِنْ الْغَايَاتِ وَالدّسُع الْعِظَامِ
    وَأَصْحَابِ الْكَرِيمِ أَبِي عَلِيّ ... أَخِي الْكَاسِ الْكَرِيمَةِ وَالنّدَامِ
    وَإِنّك لَوْ رَأَيْت أَبَا عَقِيلٍ ... وَأَصْحَابَ الثّنِيّةِ مِنْ نَعَامِ
    إذًا لَظَلِلْت مِنْ وَجْدٍ عَلَيْهِمْ ... كَأُمّ السّقْبِ جَائِلَةِ الْمَرَامِ
    يُخَبّرُنَا الرّسُولُ لَسَوْفَ نَحْيَا ... وَكَيْفَ لِقَاءُ أَصْدَاءٍ وَهَامِ ؟
    قَالَ ابْنُ هِشَامٍ : أَنْشَدَنِي أَبُو عُبَيْدَةَ النّحْوِيّ :
    يُخَبّرُنَا الرّسُولُ بِأَنْ سَنَحْيَا ... وَكَيْفَ حَيَاةُ أَصْدَاءٍ وَهَام
    قَالَ وَكَانَ قَدْ أَسْلَمَ ثُمّ ارْتَدّ

    [ شِعْرُ أُمَيّةَ بْنِ أَبِي الصّلْتِ فِي رِثَاءِ قَتْلَى بَدْرٍ ]
    [ ص 30 ] وَقَالَ ابْنُ إسْحَاقَ : وَقَالَ أُمَيّةُ بْنُ أَبِي الصّلْتِ ، يَرْثِي مَنْ أُصِيبَ مِنْ قُرَيْشٍ يَوْمَ بَدْرٍ [ ص 31 ] [ ص 32 ]
    أَلّا بَكَيْتِ عَلَى الْكِرَا ... مِ بَنِي الْكِرَامِ أُولِي الْمَمَادِحْ
    كَبُكَا الْحَمَامِ عَلَى فُرُو ... عِ الْأَيْكِ فِي الْغُصْنِ الْجَوانِحْ
    يَبْكِينَ حَرّى مُسْتَكِي ... نَاتٍ يَرُحْنَ مَعَ الرّوَائِحْ
    أَمْثَالُهُنّ الْبَاكِيَا ... تُ الْمُعْوِلَات مِنْ النّوَائِحْ
    مَنْ يَبْكِهِمْ يَبْكِ عَلَى ... حُزْنٍ وَيَصْدُق كُلّ مَادِحْ
    مَاذَا بِبَدْرٍ فَالْعَقَن ... جَحَاجِحْ
    فَمَدَافِعُ الْبَرَقَيْنِ فَالْح ... الْأَوَاشِحْ
    شُمْطٍ وَشُبّانٍ بِهَا ... لَيْلٍ مَغَاوِيرَ وَحَاوِحْ
    أَلَا تَرَوْنَ لِمَا أَرَى ... وَلَقَدْ أَبَانَ لِكُلّ لَامِحْ
    أَنْ قَدْ تَغَيّرَ بَطْنُ مَكّةَ ... فَهِيَ مُوحِشَةُ الْأَبَاطِحْ
    مِنْ كُلّ بِطْرِيقٍ لِبِطْرِيقٍ ... نَقِيّ الْقَوْنِ وَاضِحْ
    دُعْمُوص أَبْوَابِ الْمُلُوّ ... كِ وَجَائِبٌ لِلْخَرْقِ فَاتِحْ
    مِنْ السّرَاطِمَةِ الْخَلَا ... جِمَةِ الْمَلَاوِثَةِ الْمَنَاجِحْ
    الْقَائِلِينَ الْفَاعِلِينَ ... الْآمِرِينَ بِكُلّ صَالِحْ
    الْمُطْعِمِينَ الشّحْمَ فَوْ ... قَ الْخُبْزِ شَحْمًا كَالْأَنَافِحْ
    نُقُلُ الْجِفَانِ مَعَ الْجِفَا ... نِ إلَى جِفَانٍ كَالْمَنَاضِحْ
    لَيْسَتْ بِأَصْفَارٍ لِمَنْ ... يَعْفُو وَلَا رَحّ رَحَارِحْ
    لِلضّيْفِ ثُمّ الضّيْفِ بَعْدَ ... [ الضّيْفِ ] وَالْبُسُطِ السّلَاطِحْ
    وُهُبُ الْمِئيِنَ مِنْ الْمِئيِنَ ... إلَى الْمِئيِنَ مِنْ اللّوَاقِحْ
    سَوْقُ الْمُؤَبّلِ لِلْمُؤَبّلِ ... صَادِرَاتٌ عَنْ بَلَادِحْ
    لِكِرَامِهِمْ فَوْقَ الْكِرَا ... مِ مَزِيّةٌ وَزْنَ الرّوَاجِحْ
    كَتَثَاقُلِ الْأَرْطَالِ بِالْقِسْطَاسِ ... فِي الْأَيْدِي الْمَوَائِحْ
    خَذَلَتْهُمْ فِئَةٌ وَهُمْ ... يَحْمُونَ عَوْرَاتِ الْفَضَائِحْ
    الضّارِبِينَ التّقُدُمِيّةَ ... بِالْمُهَنّدَةِ الصّفَائِحْ
    وَلَقَدْ عَنَانِي صَوْتُهُمْ ... مِنْ بَيْنِ مُسْتَسْقٍ وَصَائِحْ
    لِلّهِ دَرّ بَنِي عَ ... لِيّ أَيّمٍ مِنْهُمْ وَنَاكِحْ
    إنْ لَمْ يُغِيرُوا غَارَةً ... شَعْوَاءَ تُجْحِرُ كُلّ نَابِحْ
    بِالْمُقْرَبَاتِ الْمُبْعَدَا ... تِ الطّامِحَاتِ مَعَ الطّوَامِحْ
    مُرْدًا عَلَى جُرْدٍ إلَى ... أَسَدٍ مُكَالِبَةٍ كَوَالِحْ
    وَيُلَاقِ قِرْنٌ قِرْنَهُ ... مَشْيَ الْمُصَافِحِ لِلْمُصَافِحْ
    بِزُهَاءِ أَلْفٍ ثُمّ أَلْفٍ ... بَيْنَ ذِي بَدَنٍ وَرَامِحْ
    قَالَ ابْنُ هِشَامٍ : تَرَكْنَا مِنْهَا بَيْتَيْنِ نَالَ فِيهِمَا مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ . وَأَنْشَدَنِي غَيْرُ وَاحِدٍ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ بِالشّعْرِ بَيْتَهُ
    وَيُلَاقِ قِرْنٌ قِرْنَهُ ... مَشْيَ الْمُصَافِحِ لِلْمُصَافِحْ
    وَأَنْشَدَنِي أَيْضًا :
    وُهُبُ الْمِئيِنَ مِنْ الْمِئيِنَ ... إلَى الْمِئيِنَ مِنْ اللّوَاقِحْ
    سَوْقُ الْمُؤَبّلِ لِلْمُؤَبّلِ ... صَادِرَاتٌ عَنْ بَلَادِحْ
    قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ : وَقَالَ أُمَيّةُ بْنُ أَبِي الصّلْتِ ، يَبْكِي زَمْعَةَ بْنَ الْأَسْوَدِ ، وَقَتْلَى بَنِي أَسَدٍ : [ ص 33 ]
    عَيْنُ بَكّي بِالْمُسْبِلَاتِ أَبَا الْحَ ... ارِثِ لَا تَذْخَرِي عَلَى زَمْعَهْ
    وَابْكِي عَقِيلَ بْنَ أَسْوَد أَسَدَ ال ... وَالدّفَعَهْ
    تِلْكَ بَنُو أَسَدٍ إخْوَةِ الْجَوْ ... زَاءِ لَا خَانَةٌ وَلَا خَدَعَهْ
    هُمْ الْأُسْرَةُ الْوَسِيطَةُ مِنْ كَعْبٍ ... وَهُمْ ذِرْوَةُ السّنَامِ وَالْقَمَعَهْ
    أَنْبَتُوا مِنْ مَعَاشِر شَعَرَ ال ... رّأْسِ وَهُمْ أَلْحَقُوهُمْ الْمَنَعَهْ
    أَمْسَى بَنُو عَمّهِمْ إذَا حَضَرَ الْب ... وَجِعَهْ
    وَهُمْ الْمُطْعِمُونَ إذْ قَحَطَ الْقَطْ ... رُ وَحَالَتْ فَلَا تَرَى قَزَعَهْ
    قَالَ ابْنُ هِشَامٍ : هَذِهِ الرّوَايَةُ لِهَذَا الشّعْرِ مُخْتَلِطَةٌ لَيْسَتْ بِصَحِيحَةِ الْبِنَاءِ لَكِنْ أَنْشَدَنِي أَبُو مُحْرِزٍ خَلَفُ الْأَحْمَرُ وَغَيْرُهُ رَوَى بَعْضٌ مَا لَمْ يَرْوِ بَعْضٌ
    عَيْنُ بَكّي بِالْمُسْبَلَاتِ أَبَا الْحَا ... رِثِ لَا تَذْخَرِي عَلَى زَمْعَهْ
    وَعَقِيلَ بْنَ أَسْوَدَ أَسَدَ الْبَأْ ... سِ لِيَوْمِ الْهِيَاجِ وَالدّفَعَهْ
    فَعَلَى مِثْلِ هُلْكِهِمْ خَوَتْ الْجَوْ ... زَاءُ لَا خَانَةٌ وَلَا خَدَعَهْ
    وهُمْ الْأُسْرَةُ الْوَسِيطَةُ مِنْ كَعْبٍ ... وَفِيهِمْ كَذِرْوَةِ الْقَمَعَهْ
    أَنْبَتُوا مِنْ مَعَاشِرَ شَعَرَ الرّأ ... الْمَنَعَهْ
    فَبَنُو عَمّهِمْ إذَا حَضَرَ الْبَأْ ... سُ عَلَيْهِمْ أَكْبَادُهُمْ وَجِعَهْ
    وَهُمْ الْمُطْعِمُونَ إذْ قَحَطَ الْقَطْرُ ... وَحَالَتْ فَلَا تَرَى قَزَعَهْ

    [ شِعْرُ أَبِي أُسَامَةَ ]
    قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ : وَقَالَ أَبُو أُسَامَةَ ، مُعَاوِيَةُ بْنُ زُهَيْرِ بْنِ قَيْسِ بْنِ الْحَارِثِ [ ص 34 ] ضُبَيْعَةَ بْنِ مَازِنٍ بْنِ عَدِيّ بْنِ جُشَمَ بْنِ مُعَاوِيَةَ حَلِيفُ بَنِي مَخْزُومٍ - قَالَ ابْنُ هِشَامٍ : وَكَانَ مُشْرِكًا وَكَانَ مَرّ بهُبَيْرَةَ بْنِ أَبِي وَهْبٍ وَهُمْ مُنْهَزِمُونَ يَوْمَ بَدْر ٍ ، وَقَدْ أَعْيَا هُبَيْرَةُ فَقَامَ فَأَلْقَى عَنْهُ دِرْعَهُ وَحَمَلَهُ فَمَضَى بِهِ قَالَ ابْنُ هِشَامٍ : وَهَذِهِ أَصَحّ أَشْعَارِ أَهْلِ بَدْرٍ [ ص 35 ] [ ص 36 ]
    وَلَمّا أَنْ رَأَيْت الْقَوْمَ خَفّوا ... وَقَدْ زَالَتْ نَعَامَتُهُمْ لِنَفْرِ
    وَأَنْ تُرِكَتْ سَرَاةُ الْقَوْمِ صَرْعَى ... كَأَنّ خِيَارَهُمْ أَذْبَاحُ عِتْرِ
    وَكَانَتْ جُمّةٌ وَافَتْ حِمَامًا ... وَلُقّينَا الْمَنَايَا يَوْمَ بَدْرِ
    نَصُدّ عَنْ الطّرِيقِ وَأَدْرَكُونَا ... كَأَنّ زُهَاءَهُمْ غَطَيَانُ بَحْرِ
    وَقَالَ الْقَائِلُونَ مَنْ ابْنُ قَيْسٍ ... فَقُلْتُ أَبُو أُسَامَةَ غَيْرَ فَخْرِ
    أَنَا الْجُشَمِيّ كَيْمَا تَعْرِفُونِي ... أُبَيّنْ نِسْبَتِي نَقْرًا بِنَقْرِ
    فَإِنْ تَكُ فِي الْغَلَاصِمِ مِنْ قُرَيْشٍ ... فَإِنّي مِنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ بَكْرِ
    فَأَبْلِغْ مَالِكًا لَمّا غُشِينَا ... وَعِنْدَك مَالِ - إنْ نَبّأْتَ - خُبْرَى
    وَأَبْلِغْ إنْ بَلَغْتَ الْمَرْءَ عَنّا ... هُبَيْرَةَ وَهُوَ ذُو عِلْمٍ وَقَدْرِ
    بِأَنّي إذْ دُعِيت إلَى أُفَيْدٍ ... كَرَرْتُ وَلَمْ يَضِقْ بِالْكَرّ صَدْرِي
    عَشِيّةً لَا يَكَرّ عَلَى مُضَافٍ ... وَلَا ذِي نَعْمَة مِنْهُمْ وَصِهْرِ
    فَدُونَكُمْ بَنِي لَأْيٍ أَخَاكُمْ ... وَدُونَكِ مَالِكًا يَا أُمّ عَمْرِو
    فَلَوْلَا مَشْهَدِي قَامَتْ عَلَيْهِ ... مُوَقّفَةُ الْقَوَائِمِ أُمّ أَجْرِي
    دَفُوعٌ لِلْقُبُورِ بِمَنْكِبَيْهَا ... كَأَنّ بِوَجْهِهَا تَحْمِيمَ قَدْرِ
    فَأُقْسِمُ بِاَلّذِي قَدْ كَانَ رَبّي ... وَأَنْصَابٍ لَدَى الْجَمَرَاتِ مُغْرِ
    لَسَوْفَ تَرَوْنَ مَا حَسَبِي إذَا مَا ... تَبَدّلَتْ الْجُلُودُ جُلُودَ نِمْرِ
    فَمَا إنْ خَادِرٌ مِنْ أُسْدِ تَرْجِ ... مُدِلّ عَنْبَسٌ فِي الْغَيْلِ مُجْرِي
    فَقَدْ أَحْمِي الْأَبَاءَةَ مِنْ كُلَافِ ... فَمَا يَدْنُو لَهُ أَحَدٌ بِنَقْرِ
    بِخَلّ تَعْجِزُ الْحُلَفَاءُ عَنْهُ ... يُوَاثِبُ كُلّ هَجْهَجَةٍ وَزَجْرِ
    بِأَوْشَكَ سَوْرَةً مِنّي إذَا مَا ... حَبَوْتُ لَهُ بِقَرْقَرَةٍ وَهَدْرِ
    بِبِيضٍ كَالْأَسِنّةِ مُرْهِفَاتٍ ... كَأَنّ ظُبَاتِهِنّ جَحِيمِ جَمْرِ
    وَأَكْلَف مُجْنَإِ مِنْ جِلْدِ ثَوْرٍ ... وَصَفْرَاءِ الْبُرَايَةِ ذَاتِ أَزْرِ
    وَأَبْيَضَ كَالْغَدِيرِ ثَوَى عَلَيْهِ ... عُمَيْرٌ بِالْمَدَاوِسِ نِصْفَ شَهْرِ
    أُرَفّلُ فِي حَمَائِلِهِ وَأَمْشِي ... كَمِشْيَةِ خَادِرٍ لَيْثٍ سِبَطْرِ
    يَقُولُ لِي الْفَتَى سَعْدٌ هَدِيّا ... فَقُلْتُ لَعَلّهُ تَقْرِيبُ غَدْرِ
    وَقُلْتُ أَبَا عَدِيّ لَا تَطُرْهُمْ ... وَذَلِكَ إنْ أَطَعْتَ الْيَوْمَ أَمْرِي
    كَدَأْبِهِمْ بِفَرْوَةَ إذْ أَتَاهُمْ ... فَظَلّ يُقَادُ مَكْتُوفًا بِضَفْرِ
    قَالَ ابْنُ هِشَامٍ : وَأَنْشَدَنِي أَبُو مُحْرِزٍ خَلَفُ الْأَحْمَرُ :
    نَصُدّ عَنْ الطّرِيقِ وَأَدْرَكُونَا ... كَأَنّ سِرَاعَهُمْ تَيّارُ بَحْرِ
    وَقَوْلُهُ - مُدَلّ عَنْبَسٌ فِي الْغَيْلِ مُجْرِي
    - عَنْ غَيْرِ ابْنِ إسْحَاقَ . قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ : وَقَالَ أَبُو أَسَامّةَ أَيْضًا : [ ص 37 ]
    أَلَا مِنْ مُبَلّغٌ عَنّي رَسُولًا ... مُغَلْغَلَةً يُثَبّتُهَا لَطِيفُ
    أَلَمْ تَعْلَمْ مَرَدّي يَوْمَ بَدْرٍ ... وَقَدْ بَرَقَتْ بِجَنْبَيْك الْكُفُوفُ
    وَقَدْ تُرِكَتْ سَرَاةُ الْقَوْمِ صَرْعَى ... كَأَنّ رُءُوسَهُمْ حَدَجٌ نَقِيفُ
    وَقَدْ مَالَتْ عَلَيْك بِبَطْنِ بَدْرٍ ... خِلَافَ الْقَوْمِ دَاهِيَةٌ خَصِيفُ
    فَنَجّاهُ مِنْ الْغَمَرَاتِ عَزْمِي ... وَعَوْنُ اللّهِ وَالْأَمْرُ الْحَصِيفُ
    وَمُنْقَلَبِي مِنْ الْأَبْوَاءِ وَحْدِي ... وَدُونَك جَمْعُ أَعْدَاءٍ وُقُوفُ
    وَأَنْتَ لِمَنْ أَرَادَك مُسْتَكِينٌ ... بِجَنْبِ كُرَاشٍ مَكْلُومٌ نَزِيفُ
    وَكُنْتُ إذَا دَعَانِي يَوْمَ كَرْبٍ ... مِنْ الْأَصْحَابِ دَاعٍ مُسْتَضِيفُ
    فَأَسْمَعَنِي وَلَوْ أَحْبَبْتُ نَفْسِي ... أَخٌ فِي مِثْلِ ذَلِكَ أَوْ حَلِيفُ
    أَرُدّ فَأَكْشِفُ الْغُمّى وَأَرْمِي ... إذَا كَلَحَ الْمَشَافِرُ وَالْأُنُوفُ
    وَقِرْنٍ قَدْ تَرَكَتْ عَلَى يَدَيْهِ ... يَنُوءُ كَأَنّهُ غُصْنٌ قَصِيفُ
    دَلَفْتُ لَهُ إذْ اخْتَلَطُوا بِحَرّى ... مُسْحْسَحَةٍ لِعَانِدِهَا حَفِيفُ
    فَذَلِك كَانَ صَنْعِي يَوْمَ بَدْرٍ ... وَقَبْلُ أَخُو مُدَارَاةَ عَزُوفُ
    أَخُوكُمْ فِي السّنِينَ كَمَا عَلِمْتُمْ ... وَحَرْبٍ لَا يَزَالُ لَهَا صَرِيفُ
    وَمِقْدَامٌ لَكُمْ لَا يَزْدَهِينِي ... جَنَانُ اللّيْلِ وَالْأَنَسُ اللّفِيفُ
    أَخُوضُ الصّرّةَ الْجَمّاءَ خَوْضًا ... إذَا مَا الْكَلْبُ أَلْجَأَهُ الشّفِيفُ
    قَالَ ابْنُ هِشَامٍ [ ص 38 ] قَصِيدَةً لِأَبِي أُسَامَةَ عَلَى اللّامّ لَيْسَ فِيهَا ذِكْرُ بَدْرٍ إلّا فِي أَوّلِ بَيْتٍ مِنْهَا وَالثّانِي ، كَرَاهِيَةَ الْإِكْثَارِ .

    [ شِعْرُ هِنْدَ بِنْتِ عُتْبَة ]
    قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ : وَقَالَتْ هِنْدُ بِنْتُ عُتْبَة بْنِ رَبِيعَةَ تَبْكِي أَبَاهَا يَوْمَ بَدْر ٍ :
    أَعَيْنَيّ جُودَا بِدَمْعٍ سَرِبْ ... عَلَى خَيْرِ خِنْدِفَ لَمْ يَنْقَلِبْ
    تَدَاعَى لَهُ رَهْطُهُ غُدْوَةً ... بَنُو هَاشِمٍ وَبَنُو الْمُطّلِبْ
    يُذِيقُونَهُ حَدّ أَسْيَافِهِمْ ... يَعُلّونه بَعْدَ مَا قَدْ عَطِبْ
    يَجُرّونَهُ وَعَفِيرُ التّرَابِ ... عَلَى وَجْهِهِ عَارِيًا قَدْ سُلِبْ
    وَكَانَ لَنَا جَبَلًا رَاسِيًا ... جَمِيلَ الْمَرَاةِ كَثِيرَ الْعُشُبِ
    فَأَمّا بُرَيّ فَلَمْ أَعْنِهِ ... فَأُوتِيَ مِنْ خَيْرِ مَا يَحْتَسِبْ
    وَقَالَتْ هِنْدُ أَيْضًا : [ ص 39 ]
    يَرِيبُ عَلَيْنَا دَهْرُنَا فَيَسُوءُنَا ... وَيَأْبَى فَمَا نَأْتِي بِشَيْءِ يُغَالِبُهْ
    أَبَعْدَ قَتِيلٍ مِنْ لُؤَيّ بْنِ غَالِبٍ ... يُرَاعَ أَمْرٌ إنْ مَاتَ أَوْ مَاتَ صَاحِبُهْ
    أَلَا رُبّ يَوْمٍ قَدْ رُزِئْتُ مُرَزّأً ... تَرُوحُ وَتَغْدُو بِالْجَزِيلِ مُوَاهِبُهُ
    فَأَبْلِغْ أَبَا سُفْيَانَ عَنّي مَأْلُكًا ... فَإِنْ أَلْقَهُ يَوْمًا فَسَوْفَ أُعَاتِبُهْ
    فَقَدْ كَانَ حَرْبٌ يَسْعَرُ الْحَرْبَ إنّهُ ... لِكُلّ امْرِئِ فِي النّاسِ مَوْلًى يُطَالِبُهُ
    قَالَ ابْنُ هِشَامٍ : وَبَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ بِالشّعْرِ يُنْكِرُهَا لِهِنْدٍ .
    قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ : وَقَالَتْ هِنْدُ أَيْضًا :
    لِلّهِ عَيْنًا مَنْ رَأَى ... هُلْكًا كَهُلْكِ رِجَاليهْ
    يَا رُبّ بَاكٍ لِي غَدًا ... فِي النّائِبَاتِ وَبَاكِيَهْ
    كَمْ غَادَرُوا يَوْمَ الْقَلِي ... بِ غَدَاةَ تِلْكَ الْوَاعِيَهْ
    مِنْ كُلّ غَيْثٍ فِي السّنِي ... نِ إذَا الْكَوَاكِبُ خَاوِيَهْ
    قَدْ كُنْتُ أُحْذَرُ مَا أَرَى ... فَالْيَوْمُ حَقّ حَذَارِيَهْ
    قَدْ كُنْتُ أَحْذَرُ مَا أَرَى ... فَأَنَا الْغَدَاةَ مُوَامِيَهْ
    يَا رُبّ قَائِلَةٍ غَدًا ... يَا وَيْحَ أُمّ مُعَاوِيَهْ
    قَالَ ابْنُ هِشَامٍ : وَبَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ بِالشّعْرِ يُنْكِرُهَا لِهِنْدٍ . [ ص 40 ] قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ : وَقَالَتْ هِنْدُ أَيْضًا :
    يَا عَيْنُ بَكّي عُتْبَهْ ... شَيْخًا شَدِيدَ الرّقَبَهْ
    يُطْعِمُ يَوْمَ الْمَسْغَبَهْ ... يَدْفَعُ يَوْمَ الْمَغْلَبَهْ
    إنّي عَلَيْهِ حَرِبَهْ ... مَلْهُوفَةٌ مُسْتَلَبَهْ
    لَنَهْبِطَنّ يَثْرِبَهْ ... بِغَارَةٍ مُنْثَعِبَهْ
    فِيهَا الْخُيُولُ مُقْرَبَهْ ... كُلّ جَوَادٍ سَلْهَبَهْ

    [ شِعْرُ صَفِيّةَ ]
    وَقَالَتْ صَفِيّةُ بِنْتُ مُسَافِرِ بْنِ أَبِي عَمْرِو بْنِ أُمَيّةَ بْنِ عَبْدِ شَمْسِ بْنِ عَبْدِ مَنَافٍ تَبْكِي أَهْلَ الْقَلِيبِ الّذِينَ أُصِيبُوا يَوْمَ بَدْرٍ مِنْ قُرَيْشٍ : ( وَتَذْكُرُ مُصَابَهُمْ ) :
    يَا مَنْ لِعَيْنٍ قَذَاهَا عَائِرُ الرّمَدِ ... حَدّ النّهَارِ وَقَرْنُ الشّمْسِ لَمْ يَقِدْ
    أُخْبِرْتُ أَنّ سَرَاةَ الْأَكْرَمِينَ مَعًا ... قَدْ أَحْرَزَتْهُمْ مَنَايَاهُمْ إلَى أَمَدِ
    وَفَرّ بِالْقَوْمِ أَصْحَابُ الرّكَابِ وَلَمْ ... تَعْطِفْ غَدَاتَئِذٍ أُمّ عَلَى وَلَدِ
    قَوْمِي صَفِيّ وَلَا تَنْسَى قَرَابَتَهُمْ ... وَإِنْ بَكَيْتِ فَمَا تَبْكِينَ مِنْ بُعُدِ
    كَانُوا سُقُوبَ سَمَاءِ الْبَيْتِ فَانْقَصَفَتْ ... فَأَصْبَحَ السّمْكُ مِنْهَا غَيْرَ ذِي عَمَدِ
    قَالَ ابْنُ هِشَامٍ : أَنْشَدَنِي بَيْتَهَا : " كَانُوا سُقُوبَ " بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ بِالشّعْرِ . قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ : وَقَالَتْ صَفِيّةُ بِنْتُ مُسَافِرٍ أَيْضًا : [ ص 41 ]
    أَلَا يَا مَنْ لِعَيْنٍ لِلتّ ... بَكّي دَمْعُهَا فَانِ
    كَغَرْبَيْ دَالِجٍ يَسْقَى ... خِلَالَ الْغَيّثِ الدّانِ
    وَمَا لَيْثُ غَرِيفٍ ذُو ... أَظَافِيرَ وَأَسْنَانِ
    وأَبُو شِبْلَيْنِ وَثّابٌ ... شَدِيدُ الْبَطْشِ غَرْثَانِ
    كَحِبّي إذْ تَوَلّى و ... أَلْوَانِ
    وَبِالْكَفّ حُسَامٌ صَا ... رِمٍ أَبْيَضُ ذُكْرَانِ
    وَأَنْتَ الطّاعِنُ النّجْلَا ... ءِ مِنْهَا مُزْبِدٌ آنِ
    قَالَ ابْنُ هِشَامٍ : وَيَرَوْنَ قَوْلَهَا : " وَمَا لَيْثُ غَرِيفٍ " إلَى آخِرِهَا ، مَفْصُولًا مِنْ الْبَيْتَيْنِ اللّذَيْنِ قَبْلَهُ .

    [ شِعْرُ هِنْدَ بِنْتِ أُثَاثَةَ ]
    قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ : وَقَالَتْ هِنْدُ بِنْتُ أُثَاثَةَ بْنِ عَبّادِ بْنِ الْمُطّلِبِ تَرْثِي عَبِيدَة بْنَ الْحَارِثِ بْنِ الْمُطّلِبِ [ ص 42 ]
    لَقَدْ ضُمّنَ الصّفْرَاءُ مَجْدًا وَسُؤْدُدًا ... وَحِلْمًا أَصِيلًا وَافِرَ اللّبّ وَالْعَقْلِ
    عُبَيْدَةَ فَابْكِيهِ لِأَضْيَافِ غُرْبَةٍ ... وَأَرْمَلَة تَهْوِي لِأَشْعَثَ كَالْجِذْلِ
    وَبَكّيهِ لِلْأَقْوَامِ فِي كُلّ شَتْوَةٍ ... إذَا احْمَرّ آفَاقُ السّمَاءِ مِنْ الْمَحْلِ
    وَبَكّيهِ لِلْأَيْتَامِ وَالرّيحُ زَفْزَةٌ ... وَتَشْبِيبُ قِدْرٍ طَالَمَا أَزْبَدَتْ تَغْلِي
    فَإِنْ تُصْبِحُ النّيرَانَ قَدْ مَاتَ ضَوْءُهَا ... فَقَدْ كَانَ يُذْكِيهِنّ بِالْحَطَبِ الْجَزْلِ
    لِطَارِقِ لَيْلٍ أَوْ لِمُلْتَمِسِ الْقِرَى ... وَمُسْتَنْبَحٍ أَضْحَى لَدَيْهِ عَلَى رَسْلِ
    قَالَ ابْنُ هِشَامٍ : وَأَكْثَرُ أَهْلِ الْعِلْمِ بِالشّعْرِ يُنْكِرُهَا لِهِنْدٍ .

    [ شِعْرُ قُتَيْلَة بِنْتِ الْحَارِثِ ]
    قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ : وَقَالَتْ قُتَيْلَة بِنْتُ الْحَارِثِ أُخْت النّضْرِ بْنِ الْحَارِثِ تَبْكِيهِ [ ص 43 ]
    يَا رَاكِبًا إنّ الْأَثِيلَ مَظِنّةٌ ... مِنْ صُبْحِ خَامِسَةٍ وَأَنْتَ مُوَفّقُ
    أَبْلِغْ بِهَا مَيْتًا بِأَنّ تَحِيّةً ... مَا إنْ تَزَالُ بِهَا النّجَائِبُ تَخْفِقُ
    مِنّي إلَيْك وَعَبْرَةً مَسْفُوحَةً ... جَادَتْ بِوَاكِفِهَا وَأُخْرَى تَخْنُقُ
    هَلْ يَسْمَعَنّي النّضْرُ إنْ نَادَيْتُهُ ... أَمْ كَيْفَ يَسْمَعُ مَيّتٌ لَا يَنْطِقُ
    أَمُحَمّدُ يَا خَيْرَ ضَنْءِ كَرِيمَةٍ ... فِي قَوْمِهَا وَالْفَحْلُ فَحْلٌ مُعْرّقُ
    مَا كَانَ ضُرّك لَوْ مَنَنْتَ وَرُبّمَا ... مَنّ الْفَتَى وَهُوَ الْمَغِيظُ الْمُحْنَقُ
    أَوْ كُنْتَ قَابِلَ فِدْيَةٍ فَلْيُنْفِقَنْ ... بِأَعَزّ مَا يَغْلُو بِهِ مَا يُنْفِقُ
    فَالنّضْرُ أَقْرَبُ مَنْ أَسَرّتْ قَرَابَةً ... وَأَحَقّهُمْ إنْ كَانَ عِتْقٌ يُعْتَقُ
    ظَلّتْ سُيُوفُ بَنِي أَبِيهِ تَنُوشُهُ ... لِلّهِ أَرْحَامٌ هُنَاكَ تُشَقّقُ
    صَبْرًا يُقَادُ إلَى الْمَنِيّةِ مُتْعَبًا ... رَسْفَ الْمُقَيّدِ وَهُوَ عَانٍ مُوَثّقُ
    قَالَ ابْنُ هِشَامٍ : فَيُقَالُ وَاَللّهُ أَعْلَمُ إنّ رَسُولَ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ لَمّا بَلَغَهُ هَذَا الشّعْرُ قَالَ لَوْ بَلَغَنِي هَذَا قَبْلَ قَتْلِهِ لَمَنَنْتُ عَلَيْه

    [ تَارِيخُ الْفَرَاغِ مِنْ بَدْرٍ ]
    قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ : وَكَانَ فَرَاغُ رَسُولِ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ مِنْ بَدْرٍ فِي عَقِبِ شَهْرِ رَمَضَانَ أَوْ فِي شَوّالٍ.

    ختام غَزْوَةُ بَدْرٍ الْكُبْرَى Fasel10

    كتاب : السيرة النبوية لابن هشام
    المؤلف : أبو محمد عبد الملك بن هشام البصري
    منتديات الرسالة الخاتمة - البوابة
    ختام غَزْوَةُ بَدْرٍ الْكُبْرَى E110


      الوقت/التاريخ الآن هو الخميس 21 نوفمبر - 23:22