من طرف توتة الخميس 30 أبريل - 15:11
بّسم اللّه الرّحمن الرّحيم
مكتبة الفقه الإسلامي
متن بداية المبتدي
فقه الإمام أبي حنيفة
● [ كتاب الحدود ] ●
الزنا يثبت بالبينة والإقرار فالبينة أن تشهد أربعة من الشهود على رجل أو امرأة بالزنا وأذا شهدوا يسألهم الإمام عن الزنا ما هو وكيف هو وأين زنى ومتى زنى وبمن زنى فإذا بينوا ذلك وقالوا رأيناه وطئها في فرجها كالميل فيالمكحلة وسأل القاضي عنهم فعدلوا في السر والعلانية حكم بشهادتهم والإقرار أن يقر البالغ العاقل على نفسه بالزنا أربع مرات في أربعة مجالس من مجالس المقر كلما أقر رده القاضي فإذا تم إقراره أربع مرات سأله عن الزنا ما هو وكيف هو وأين زنى وبمن زنى فإذا بين ذلك لزمه الحد فإن رجع المقر عن إقراره قبل إقامة الحد أو في وسطه قبل رجوعه وخلى سبيله ويستحب للإمام أن يلقن المقر الرجوع فيقول له لعلك لمست أو قبلت
● [ فصل ] ●
وإذا وجب الحد وكان الزاني محصنا رجمه بالحجارة حتى يموت ويخرجه إلى أرض فضاء ويبتدىء الشهود برجمه ثم الإمام ثم الناس فإن امتنع الشهود من الابتداء سقط الحد وإن كان مقرا ابتدأ الإمام ثم الناس ويغسل ويكفن ويصلى عليه وإن لم يكن محصنا وكان حرا فحده مائة جلدة يأمر الإمام بضربه بسوط لا ثمرة له ضربا متوسطا وتنزع عنه ثيابه ويفرق الضرب على أعضائه إلا رأسه ووجهه وفرجه ويضرب في الحدود كلها قائما غير ممدود وإن كان عبدا جلده خمسين جلدة والرجل والمرأة في ذلك سواء غير أن المرأة لا ينزع من ثيابها إلا الفرو والحشو وتضرب جالسة وإن حفر لها في الرجم جاز ولا يحفر للرجل ولا يقيم المولى الحد على عبده إلا بإذن الإمام وإحصان الرجم أن يكون حرا عاقلا بالغا مسلما قد تزوج امرأة نكاحا صحيحا ودخل بها وهما على صفة الإحصان ولا يجمع في المحصن بين الرجم والجلد ولا يجمع على البكر بين الجلد والنفي إلا أن يرى الإمام في ذلك مصلحة فيغربه على قدر ما يرى وإذا زنى المريض وحده الرجم رجم وإن كان حده الجلد لم يجلد حتى يبرأ وإذا زنت الحامل لم تحد حتى تضع حملها وإن كان حدها الجلد لم تجلد حتى تتعالى من نفاسها
● [ باب الوطء الذي يوجب الحد ] ●
والذي لا يوجبه
الوطء الموجب للحد هو الزنا ومن طلق امرأته ثلاثا ثم وطئها في العدة وقالعلمت أنها على حرام حد ولو قال لها أنت خلية أو برية أو أمرك بيدك فاختارت نفسها ثم وطئها في العدة وقال علمت أنها على حرام لم يحد ولا حد على من وطىء جارية ولده وولد ولده وإن قال علمت أنها على حرام ويثبت النسب منه وعليه قيمة الجارية وإذا وطىء جارية أبيه أو أمه أو زوجته وقال ظننت أنها تحل لي فلا حد عليه ولا على قاذفه وإن قال علمت أنها على حرام حد وكذا العبد إذا وطىء جارية مولاه وإن وطىء جارية أخيه أو عمه وقال ظننت أنها تحل لي حد ومن زفت إليه غير امرأته وقالت النساء أنها زوجتك فوطئها لا حد عليه وعليه المهر ومن وجد امرأة على فراشه فوطئها فعليه الحد ومن تزوج امرأة لا يحل له نكاحها فوطئها لا يجب عليه الحد عند أبي حنيفة ومن وطىء أجنبية فيما دون الفرج يعزر ومن أتى امرأة في الموضع المكروه أو عمل عمل قوم لوط فلا حد عليه عند أبي حنيفة ويعزر وزاد في الجامع الصغير ويودع في السجن وقالا هو كالزنا فيحد ومن وطىء بهيمة فلا حد عليه ومن زنى في دار الحرب أو في دار البغي ثم خرج إلينا لا يقام عليه الحد وإذا دخل حربي دارنا بأمان فزنى بذمية أو زنى ذمي بحربية يحد الذمي والذمية عند أبي حنيفة ولا يحد الحربي والحربية وهو قول محمد رحمه الله في الذمي وقال أبو يوسف رحمه الله يحدون كلهم وإذا زنى الصبي أو المجنون بامرأة طاوعته فلا حد عليه ولا عليها وإن زنى صحيح بمجنونة أو صغيرة يجامع مثلها حد الرجل خاصة ومن أكرهه السلطان حتى زنى فلا حد عليه ومن أقر أربع مرات في مجالس مختلفة أنه زنى بفلانة وقالت هي تزوجني أو أقرت بالزنا وقال الرجل تزوجتها فلا حد عليه وعليه المهر في ذلك ومن زنى بجارية فقتلها فإنه يحد وعليه القيمة وكل شيء صنعة الإمام الذي ليس فوقه إمام فلا حد عليه إلا القصاص فإنه يؤخذ به وبالأموال
● [ باب الشهادة على الزنا والرجوع عنها ] ●
وإذا شهد الشهود بحد متقادم لم يمنعهم عن إقامته بعدهم عن الإمام لم تقبلشهادتهم إلا في حد القذف خاصة وفي الجامع الصغير وإذا شهد عليه الشهود بسرقة أو بشرب خمر أو بزنا بعد حين لم يؤخذ به وضمن السرقة وإذا شهدوا على رجل أنه زنا بفلانة وفلانة غائبة فإنه يحد وإن شهدوا أنه سرق من فلان وهو غائب لم يقطع وإن شهدوا أنه زنى بامرأة لا يعرفونها لم يحد وإن أقر بذلك حد وإن شهد اثنان أنه زنى بفلانة فاستكرهها وآخران أنها طاوعته درىء الحد عنهما جميعا عند أبي حنيفة وقالا يحد الرجل خاصة وإن شهد اثنان أنه زنى بامرأة بالكوفة وآخران أنه زنى بها بالبصرة درىء الحد عنهما جميعا وإن اختلفوا في بيت واحد حد الرجل والمرأة وإن شهد اربعة أنه زنى بامرأة بالنخيلة عند طلوع الشمس وأربعة أنه زنى بها عند طلوع الشمس بدير هند درىء الحد عنهم جميعا وإن شهد أربعة على امرأة بالزنا وهي بكر درىء الحد عنهما وعنهم وإن شهد أربعة على رجل بالزنا وهم عميان أو محدودون في قذف أو أحدهم عبد أو محدود في قذف فإنهم يحدون ولا يحد المشهود عليه وإن شهدوا بذلك وهم فساق أو ظهر أنهم فساق لم يحدوا وإن نقص عدد الشهود عن أربعة حدوا وإن شهد أربعة على رجل بالزنا فضرب بشهادتهم ثم وجد أحدهم عبدا أو محدودا في قذف فإنهم يحدون وليس عليهم ولا على بيت المال أرش الضرب وإن رجم فديته على بيت المال وهذا عند أبي حنيفة وقالا أرش الضرب أيضا على بيت المال وإن شهد أربعة على شهادة أربعة على رجل بالزنا لم يحد فإن جاء الأولون فشهدوا على المعاينة في ذلك المكان لم يحد أيضا وإذا شهد أربعة على رجل بالزنا فرجم فكلما رجع واحد حد الراجع وحده وغرم ربع الدية فإن لم يحد المشهود عليه حتى رجع واحد منهم حدوا جميعا وسقط الحد عن المشهود عليه فإن كانوا خمسة فرجع أحدهم فلا شيء عليه فإن رجع آخر حدا وغرما ربع الدية وإن شهد أربعة على رجل بالزنا فزكوا فرجم فإذا الشهود مجوس أو عبيد فالدية على المزكين عند أبي حنيفة وقالا هو على بيت المال ولا ضمان على الشهود وإذا شهد أربعة على رجل بالزنافأمر القاضي برجمه فضرب رجل عنقه ثم وجد الشهود عبيدا فعلى القاتل الدية وإن رجم ثم وجدوا عبيدا فالدية على بيت المال وإذا شهدوا على رجل بالزنا وقالوا تعمدنا النظر قبلت شهادتهم وإذا شهد أربعة على رجل بالزنا فأنكر الإحصان وله امرأة قد ولدت منه فإنه يرجم فإن لم تكن ولدت منه وشهد عليه بالإحصان رجل وامرأتان رجم فإن رجع شهود الإحصان لا يضمنون
● [ باب حد الشرب ] ●
ومن شرب الخمر فأخذ وريحها موجودة أو جاءوا به سكرانا فشهد الشهود عليه بذلك فعليه الحد وكذلك إذا أقر وريحها موجودة وإن أقر بعد ذهاب رائحتها لم يحد عند أبي حنيفة وأبي يوسف وقال محمد يحد فإن أخذه الشهود وريحها توجد منه أو سكران فذهبوا به من مصر إلى مصر فيه الإمام فانقطع ذلك قبل أن ينتهوا به حد في قولهم جميعا ومن سكر من النبيذ حد ولا حد على من وجد منه رائحة الخمر أو تقيأها ولا يحد السكران حتى يعلم أنه سكر من النبيذ وشربه طوعا ولا يحد حتى يزول عنه السكر وحد الخمر والسكر في الحر ثمانون سوطا يفرق على بدنه كما في حد الزنا وإن كان عبدا فحده أربعون سوطا ومن أقر بشرب الخمر أو السكر ثم رجع لم يحد ويثبت الشرب بشهادة شاهدين وبالإقرار مرة واحدة ولا تقبل فيه شهادة النساء مع الرجال والسكران الذي يحد هو الذي لا يعقل منطقا لا قليلا ولا كثيرا ولا يعقل الرجل من المرأة وهذا عند أبي حنيفة وقالا هو الذي يهذى ويختلط كلامه ولا يحد السكران بإقراره على نفسه
● [ باب حد القذف ] ●
وإذا قذف الرجل رجلا محصنا أو امرأة محصنة بصريح الزنا وطالب المقذوف بالحد حده الحاكم ثمانين سوطا إن كان حرا ويفرق على أعضائه ولا يجرد من ثيابه غير أنه ينزع عنه الفرو والحشو وإن كان القاذف عبدا جلد أربعين سوطاوالإحصان أن يكون المقذوف حرا عاقلا بالغا مسلما عفيفا عن فعل الزنا ومن نفى نسب غيره فقال لست لأبيك فإنه يحد ومن قال لغيره في غضب لست بابن فلان لأبيه الذي يدعى له يحد ولو قال في غير غضب لا يحد ولو قال لست بابن فلان يعني جده لم يحد ولو قال له يا ابن الزانية وأمه ميتة محصنة فطالب الابن بحده حد القاذف ولا يطالب بحد القذف للميت إلا من يقع القدح في نسبه بقذفه وهو الوالد والولد وإذا كان المقذوف محصنا جاز لابنه الكافر والعبد أن يطالب بالحد وليس للعبد أن يطالب مولاه بقذف أمه الحرة ولا للابن أن يطالب أباه بقذف أمه الحرة المسلمة ومن قذف غيره فمات المقذوف بطل الحد ولو مات بعدما أقيم بعض الحد بطل الباقي ومن أقر بالقذف ثم رجع لم يقبل رجوعه ومن قال لعربي يا نبطي لم يحد ومن قال لرجل يا ابن ماء السماء فليس بقاذف وإن نسبه إلى عمه أو خاله أو إلى زوج أمه فليس بقاذف ومن قال لغيره زنأت في الجبل وقال عنيت صعود الجبل حد وهذا عند أبي حنيفة وأبي يوسف وقال محمد لا يحد ومن قال لآخر يا زاني فقال لا بل أنت فإنهما يحدان ومن قال لامرأته يا زانية فقالت لا بل أنت حدت المرأة ولا لعان ولو قالت زنيت بك فلا حد ولا لعان ومن أقر بولد ثم نفاه فإنه يلاعن وإن نفاه ثم أقر به حد والولد ولده وإن قال ليس بابني ولا بابنك فلا حد ولا لعان ومن قذف امرأة ومعها أولاد لا يعرف لهم أب أو قذف الملاعنة بولد والولد حي أو قذفها بعد موت الولد فلا حد عليه ولو قذف امرأة لاعنت بغير ولد فعليه الحد ومن وطىء وطأ حراما في غير ملكه لم يحد قاذفه وبيانه أن من قذف رجلا وطىء جارية مشتركة بينه وبين آخر فلا حد عليه وكذا إذا قذف امرأة زنت في نصرانيتها ولو قذف رجلا أتى أمته وهي مجوسية أو امرأته وهي حائض أو مكاتبة له فعليه الحد ولو قذف رجلا وطىء أمته وهي اخته من الرضاعة لا يحد ولو قذف مكاتبا مات وترك وفاء لاحد عليه ولو قذف مجوسيا تزوج بأمه ثم أسلم يحد عند أبي حنيفة وقالا لا حد عليهوإذا دخل الحربي دارنا بأمان فقذف مسلما حد وإذا حد المسلم في قذف سقطت شهادته وإن تاب وإذا حد الكافر في قذف لم تجز شهادته على أهل الذمة فإن أسلم قبلت شهادته عليهم وعلى المسلمين وإن ضرب سوطا في قذف ثم أسلم ثم ضرب ما بقي جازت شهادته ومن قذف أو زنى أو شرب غير مرة فحد فهو لذلك كله
● [ فصل في التعزير ] ●
ومن قذف عبدا أو أمة أو أم ولد أو كافرا بالزنا عزر وكذا إذا قذف مسلما بغير الزنا فقال يا فاسق أو يا كافر أو يا خبيث أو يا سارق ولو قال يا حمار أو يا خنزير لم يعزر وإن رأى الإمام أن يضم إلى الضرب في التعزير الحبس فعل وأشد الضرب التعزير ثم حد الزنا ثم حد الشرب ثم حد القذف ومن حده الإمام أو عزره فمات فدمه هدر
● ● ● [ كتاب السرقة ] ● ● ●
وإذا سرق العاقل البالغ عشرة دراهم أو ما يبلغ قيمته عشرة دراهم مضروبة من حرز لا شبهة فيه وجب عليه القطع والعبد والحر في القطع سواء ويجب القطع بإقراره مرة واحدة وهذا عند أبي حنيفة ومحمد وقال أبو يوسف لا يقطع إلا بالإقرار مرتين ويجب بشهادة شاهدين وإذا اشترك جماعة في سرقة فأصاب كل واحد منهم عشرة دراهم قطع وإن أصابه أقل لا يقطع
● [ باب ما يقطع فيه ومالا يقطع ] ●
ولا قطع فيما يوجد تافها مباحا في دار الإسلام كالخشب والحشيش والقصب والسمك والطير والصيد والزرنيخ والمغرة والنورة ولا قطع فيما يتسارع إليه الفلساد كاللبن واللحم والفواكه الرطبة ولا قطع في الفاكهة على الشجر والزرع الذي لم يحصد ولا قطع في الأشربة والمطربة ولا في الطنبور ولا في سرقة المصحف وإن كان عليه حلية ولا قطع في أبواب المسجد ولا الصليب من الذهب ولا الشطرنج ولا النرد ولا قطع على سارقالصبي الحر وإن كان عليه حلى ولا قطع في سرقة العبد الكبير ويقطع في سرقة العبد الصغير ولا قطع في الدفاتر كلها إلا في دفاتر الحساب ولا في سرقة كلب ولا فهد ولا قطع في دف ولا طبل ولا بريط ولا مزمار ويقطع في الساج والقنا والأبنوس والصندل ويقطع في الفصوص الخضر والياقوت والزبرجد وإذا اتخذ من الخشب أواني وأبوابا قطع فيها ولا قطع على خائن ولا خائنة ولا منتهب ولا مختلس ولا قطع على النباش ولا يقطع السارق من بيت المال ولا من مال للسارق فيه شركة ومن له على آخر دراهم فسرق منه مثلها لم يقطع وكذا إذا سرق زيادة على حقه وإن سرق منه عروضا قطع ومن سرق عينا فقطع فيها فردها ثم عاد فسرقها وهي بحالها لم يقطع فإن تغيرت عن حالها مثل أن يكون غزلا فسرقه وقطع فرده ثم نسج فعاد فسرقه قطع
● [ فصل في الحرز والأخذ منه ] ●
ومن سرق من أبويه أو ولده أو ذي رحم محرم منه لم يقطع ولو سرق من بيت ذي رحم محرم متاع غيره ينبغي إلا يقطع ولو سرق ماله من بيت غيره يقطع وإن سرق من أمه من الرضاعة قطع وإذا سرق أحد الزوجين من الآخر أو العبد من سيده أو من امرأة سيده أو من زوج سيدته لم يقطع ولو سرق المولى من مكاتبه لم يقطع وكذلك السارق من المغنم والحرز على نوعين حرز لمعنى فيه كالبيوت والدور وحرز بالحافظ وفي المحرز بالمكان لا يعتبر الإحراز بالحافظ ومن سرق شيئا من حرز أو غير حرز وصاحبه عنده يحفظه قطع ولا قطع على من سرق مالا من حمام أو من بيت إذن للناس في دخوله ومن سرق من المسجد متاعا وصاحبه عنده قطع ولا قطع على الضيف إذا سرق ممن أضافه ومن سرق سرقة فلم يخرجها من الدار لم يقطع فإن كانت دار فيها مقاصير فأخرجها عن مقصورة إلى صحن الدار قطع وإن أغار إنسان من أهل المقاصير على مقصورة فسرق منها قطع وإذا نقب اللص البيت فدخل وأخذ المالوناوله آخر خارج البيت فلا قطع عليهما وأن ألقاه في الطريق وخرج فأخذه قطع وكذلك إن حمله على حمار فساقه وأخرجه وإذا دخل الحرز جماعة فتولى بعضهم الأخذ قطعوا جميعا ومن نقب البيت وأدخل يده فيه وأخذ شيئا لم يقطع وإن طرصرة خارجة من الكم لم يقطع وإن شق الحمل وأخذ منه قطع وإن سرق جوالقا فيه متاع وصاحبه يحفظه أو نائم عليه قطع
● [ فصل في كيفية القطع وإثباته ] ●
ويقطع يمين السارق من الزند ويحسم فإن سرق ثانيا قطعت رجله اليسرى فإن سرق ثالثا لم يقطع وخلد في السجن حتى يتوب وإذا كان السارق أشل اليد اليسرى أو أقطع أو مقطوع الرجل اليمنى لم يقطع وكذا إن كانت إبهامه اليسرى مقطوعة أو شلاء أو الأصبعان منها سوى الإبهام فإن كانت أصبع واحدة سوى الإبهام مقطوعة أو شلاء قطع وإذا قال الحاكم للحداد اقطع يمين هذا في سرقة سرقها فقطع يساره عمدا أو خطأ فلا شيء عليه عند أبي حنيفة رحمه الله تعالى وقالا لا شيء عليه في الخطأ ويضمن في العمد ولا يقطع السارق إلا أن يحضر المسروق منه فيطالب بالسرقة وكذا إذا غاب عند القطع عندنا وللمستودع والغاصب وصاحب الربا أن يقطعوا السارق منهم ولرب الوديعة أن يقطعه أيضا وكذا المغصوب منه وإن قطع سارق بسرقة فسرقت منه لم يكن له ولا لرب السرقة أن يقطع السارق الثاني ولو سرق الثاني قبل أن يقطع الأول أو بعد ما درىء الحد بشبهة يقطع بخصومة الأول ومن سرق سرقة فردها إلى المالك قبل الارتفاع لم يقطع وإذا قضى على رجل بالقطع في سرقة فوهبت له لم يقطع وكذلك إذا باعها المالك إياه وكذلك إذا نقصت قيمتها من النصاب وإذا ادعى السارق أن العين المسروقة ملكه سقط القطع عنه وإن لم يقم بينة وإذا أقر رجلان بسرقة ثم قال أحدهما هو مالي لم يقطعا فإن سرقا ثم غاب أحدهما وشهد الشاهدان على سرقتهما قطع الآخر في قول أبي حنيفة الآخر وهو قولهما وإذا أقر العبد المحجور عليه بسرقة عشرة دراهم بعينها فإنه يقطع وترد السرقة إلى المسروق منه ولوأقربسرقة مال مستهلك قطعت يده ولو كان العبد مأذونا له يقطع في الوجهين وإذا قطع السارق والعين قائمة في يده ردت على صاحبها وإن كانت مستهلكة لم يضمن ومن سرق سرقات فقطع في أحداها فهو لجميعها ولا يضمن شيئا عند أبي حنيفة رحمه الله وقالا يضمن كلها إلا التي قطع لها
● [ باب ما يحدث السارق في السرقة ] ●
ومن سرق ثوبا فشقه في الدار نصفين ثم أخرجه وهو يساوي عشرة دراهم قطع فإن سرق شاة فذبحها ثم أخرجها لم يقطع ومن سرق ذهبا أو فضة يجب فيه القطع فصنعه دراهم أو دنانير قطع فيه ويرد الدراهم والدنانير إلى المسروق منه وهذا عند أبي حنيفة وقالا لا سبيل للمسروق منه عليهما فإن سرق ثوبا فصبغه أحمر قطع ولم يؤخذ منه الثوب ولم يضمن قيمة الثوب وهذا عند أبي حنيفة وأبي يوسف وقال محمد يؤخذ منه الثوب ويعطى ما زاد الصبغ فيه وإن صبغه أسود أخذ منه في المذهبين
● [ باب قطع الطريق ] ●
وإذا خرج جماعة ممتنعين أو واحدا يقدر على الامتناع فقصدوا قطع الطريق فأخذوا قبل أن يأخذوا مالا ويقتلوا نفسا حبسهم الإمام حتى يحدثوا توبة وإن أخذوا مال مسلم أو ذمي والمأخوذ إذا قسم على جماعتهم أصاب كل واحد منهم عشرة دراهم فصاعدا أو ما تبلغ قيمته ذلك قطع الإمام أيديهم وأرجلهم من خلاف وإن قتلوا ولم يأخذوا مالا قتلهم الإمام حدا حتى لو عفا الأولياء عنهم لا يلتفت إلى عفوهم وإذا قتلوا أو أخذوا المال فالإمام بالخيار إن شاء قطع أيديهم وأرجلهم من خلاف وقتلهم وصلبهم وإن شاء قتلهم وإن شاء صلبهم وقال محمد يقتل أو يصلب ولا يقطع ويصلب حيا ويبعج بطنه برمح إلى أن يموت ولا يصلب أكثر من ثلاثة أيام وإذا قتل القاطع فلا ضمان عليه في مال أخذه فإن باشر القتل أحدهم أجرى الحد عليهم بأجمعهم والقتل وإن كان بعصا أو بحجر أو بسيف فهو سواءوإن لم يقطع القاطع ولم يأخذ مالا وقد جرح اقتص منه فيما فيه القصاص وأخذ الأرش منه فيما فيه ألأرش وذلك إلى الآولياء وإن أخذ مالا ثم جرح قطعت يده ورجله وبطلت الجراحات وإن أخذ بعد ما تاب وقد قتل عمدا فإن شاء الأولياء قتلوه وإن شاءوا عفوا عنه وإن كان من القطاع صبي أو مجنون أو ذو رحم محرم من المقطوع عليه سقط الحد عن الباقين وإذا سقط الحد صار القتل إلى الأولياء فإن شاءوا قتلوا وإن شاءوا عفوا وإذا قطع بعض القافلة الطريق على البعض لم يجب الحد ومن قطع الطريق ليلا أو نهارا في المصر أو بين الكوفة والحيرة فليس بقاطع الطريق ومن خنق رجلا حتى قتله فالدية على عاقلته عند أبي حنيفة وإن خنق في المصر غير مرة قتل به
● ● ● [ كتاب السير ] ● ● ●
الجهاد فرض على الكفاية إذا قام به فريق من الناس سقط عن الباقين فإن لم يقم به أحد أثم جميع الناس بتركه إلا أن يكون النفير عاما وقتال الكفار الذين لم يسلموا وهم من مشركي العرب أو لم يسلموا ولم يعطوا الجزية من غيرهم واجب ولا يجب الجهاد على صبي ولا عبد ولا امرأة ولا أعمى ولا مقعد ولا أقطع لعجزهم فإن هجم العدو على بلد وجب على جميع الناس الدفع تخرج المرأة بغير إذن زوجها والعبد بغير إذا المولى ويكره الجعل ما دام للمسلمين فيء فأذا لم يكن فلا بأس بإن يقوي بعضهم بعضا
● [ باب كيفية القتال ] ●
وإذا دخل المسلمون دار الحرب فحاصروا مدينة أو حصنا دعوهم إلى الإسلام فإن أجابوا كفوا عن قتالهم وإن امتنعوا دعوهم إلى أداء الجزية فإن بذلوها فلهم ما للمسلمين وعليهم ما على المسلمين ولا يجوز أن يقاتل من لم تبلغه الدعوة إلى الإسلام إلا أن يدعوه ويستحب أن يدعو من بلغته الدعوة فإن أبواذلك استعانوا بالله عليهم وحاربوهم ونصبوا عليهم المجانيق وحرقوهم وأرسلوا عليهم الماء وقطعوا أشجارهم وأفسدوا زروعهم ولا بأس برميهم وإن كان فيهم مسلم أسير أو تاجر وأن تترسوا بصبيان المسلمين أو بالآسارى لم يكفوا عن رميهم ويقصدون بالرمي الكفار ولا بأس بإخراج النساء والمصاحف مع المسلمين إذا كانوا عسكرا عظيما يؤمن عليه ويكره إخراج ذلك في سرية لا يؤمن عليها ولا تقاتل المرأة إلا بإذن زوجها ولا العبد إلا بإذن سيده إلا أن يهجم العدو على بلد للضرورة ولا يقتلوا امرأة ولا صبيا ولا شيخا فانيا ولا مقعدا ولا أعمى إلا أن يكون أحد هؤلاء ممن له رأي في الحرب أو تكون المرأة ملكة ولا يقتلون مجنونا ويكره أن يبتدىء الرجل أباه من المشركين فيقتله فإن أدركه امتنع عليه حتى يقتله غيره
● [ باب الموادعة ومن يجوز أمانه ] ●
وإذا رأى الإمام أن يصالح أهل الحرب أو فريقا منهم وكان في ذلك مصلحة للمسلمين فلا بأس به وإن صالحهم مدة ثم رأى نقض الصلح أنفع نبذ إليهم وقاتلهم وأن بدأوا بخيانة قاتلهم ولم ينبذ إليهم إذا كان ذلك باتفاقهم وإذا رأى الإمام موادعة أهل الحرب وإن يأخذ على ذلك مالا فلا بأس به وإما المرتدون فيوادعهم الإمام حتى ينظر في أمرهم ولا يأخذ عليه مالا ولو أخذه لم يرده ولا ينبغي أن يباع السلاح من أهل الحرب ولا يجهز إليهم
● [ فصل ] ●
إذا أمن رجل حر أو امرأة حرة كافرا أو جماعة أو أهل حصن أو مدينة صح أمانهم ولم يكن لأحد من المسلمين قتالهم إلا أن يكون في ذلك مفسدة فينبذ إليهم ولا يجوز أمان ذمي ولا أسير ولا تاجر يدخل عليهم ولا يجوز أمان العبد المحجور عند عند أبي حنيفة إلا أن يأذن له مولاه في القتال وقال محمد يصح
● [ باب الغنائم وقسمتها ] ●
وإذا فتح الإمام بلدة عنوة فهو بالخيار إن شاء قسمه بين المسلمين وإن شاء أقرأهله عليه ووضع عليهم الجزية وعلى أراضيهم الخراج وهو في الأسارى بالخيار إن شاء قتلهم وإن شاء استرقهم وإن شاء تركهم أحرارا ذمة للمسلمين إلا مشركي العرب والمرتدين ولا يجوز أن يردهم إلى دار الحرب وله أن يسترقهم ولا يفادي بالأسارى عند أبي حنيفة وقالا يفادى بهم أسارى المسلمين ولا يجوز المن عليهم وإذا رأى الإمام العود ومعه مواش فلم يقدر على نقلها إلى دار الإسلام ذبحها وحرقها ولا يعقرها ولا يتركها ولا يقسم غنيمة في دار الحرب حتى يخرجها إلى دار الإسلام والردة والمقاتل في المعسكر سواء وإذا لحقهم المدد في دار الحرب قبل أن يخرجوا الغنيمة إلى دار الإسلام شاركوهم فيها لاحق لأهل سوق العسكر في الغنيمة إلا أن يقاتلوا وإن لم تكن للإمام حمولة تحمل عليها الغنائم قسمها بين الغانمين قسمة إيداع ليحملوها إلى دار الإسلام ثم يرتجعها منهم فيقسمها ولا يجوز بيع الغنائم قبل القسمة في دار الحرب ومن مات من الغانمين في دار الحرب فلا حق له في الغنيمة ومن مات منهم بعد إخراجها إلى دار الإسلام فنصيبه لورثته ولا بأس بأن يعلف العسكر في دار الحرب ويأكلوا مما وجدوه من الطعام ويستعملوا الحطب ويدهنون بالدهن ويوقحوا به الدابة ويقاتلوا بما يجدونه من السلاح كل ذلك بلا قسمة ولا يجوز أن يبيعوا من ذلك شيئا ولا يتمولونه
ومن أسلم منهم أحرز بإسلامه نفسه وأولاده الصغار وكل مال هو في يديه أو وديعة في يد مسلم أو ذمي فإن ظهرنا على دار الحرب فعقاره فيء وزوجته فيء وكذا حملها فيء وأولاده الكبار فيء ومن قاتل من عبيده فيء وما كان من ماله في يد حربي فهو فيء وما كان غصبا في يد مسلم أو ذمي فهو فيء عند أبي حنيفة وقال محمد لا يكون فيئا وإذا خرج المسلمون من دار الحرب لم يجز أن يعلفوا من الغنيمة ولا يأكلوا منها ومن فضل معه علف أو طعام رده إلى الغنيمة
● [ فصل في كيفية القسمة ] ●
ويقسم الإمام الغنيمة فيخرج خمسها ويقسم الأربعة الأخماس بين الغانمينثم للفارس سهمان وللراجل سهم عند أبي حنيفة وقالا للفارس ثلاثة أسهم ولا يسهم إلا لفرس واحد والبراذين والعتاق سواء ومن دخل الحرب فارسا فنفق فرسه استحق سهم الفرسان ومن دخل راجلا فاشترى فرسا استحق سهم راجل ولا يسهم لمملوك ولا امرأة ولا صبي ولا ذمي ولكن يرضخ لهم على حسب ما يرى الإمام
وأما الخمس فيقسم على ثلاثة أسهم سهم لليتامى وسهم للمساكين وسهم لابن السبيل يدخل فقراء ذوي القربي فيهم ويقدمون ولا يدفع إلى أغنيائهم فإما ذكر الله تعالى في الخمس فإنه لافتتاح الكلام تبركا باسمه وسهم النبي عليه السلام سقط بموته كما سقط الصفى وسهم ذوي القربى كانوا يستحقونه في زمن النبي عليه السلام بالنصرة وبعده بالفقر وإذا دخل الواحد أو الإثنان دار الحرب مغيرين بغير إذن الإمام فأخذوا شيئا لم يخمس فإن دخلت جماعة لها منعة فأخذ شيئا خمس وإن لم يأذن لهم الإمام
● [ فصل في التنفيل ] ●
ولا بأس بأن ينفل الإمام في حال القتال ويحرض على القتال فيقول من قتل قتيلا فله سلبه ويقول للسرية قد جعلت لكم الربع بعد الخمس ولا ينفل بعد إحراز الغنيمة بدار الإسلام إلا من الخمس وإذا لم يجعل السلب للقاتل فهو من جملة الغنيمة والقاتل وغيره في ذلك سواء والسلب ما على المقتول من ثيابه وسلاحه ومركبه وكذا ما كان على مركبه من السرج والآلة وكذا ما معه على الدابة من ماله في حقيبته أو على وسطه وما عدا ذلك فليس بسلب
● [ باب استيلاء الكفار ] ●
وإذا غلب الترك على الروم فسبوهم وأخذوا أموالهم ملكوها فإن غلبنا على الترك حل لنا ما نجده من ذلك وإذا غلبوا على أموالنا والعياذ بالله وأحرزوها بدارهم ملكوها فإن ظهر عليها المسلمون فوجدها المالكون قبل القسمة فهي لهم بغيرشيء وإن وجدوها بعد القسمة أخذوها بالقيمة إن أحبوا وإن دخل دار الحرب تاجر فاشترى ذلك وأخرجه إلى دار الإسلام فمالكه الأول بالخيار إن شاء أخذه بالثمن الذي اشتراه به وإن شاء تركه فإن اسروا عبدا فاشتراه رجل وأخرجه إلى دار الإسلام ففقئت عينه وأخذ أرشها فإن المولى يأخذه بالثمن الذي أخذ به من العدو ولا يأخذ الأرش وإن أسروا عبدا فاشتراه بألف درهم فأسروه ثانية وأدخلوه دار الحرب فاشتراه رجل آخر بألف درهم فليس للمولى الأول أن يأخذه من الثاني بالثمن وللمشتري الأول أن يأخذه من الثاني بالثمن ثم يأخذه المالك القديم بألفين إن شاء
ولا يملك علينا أهل الحرب بالغلبة مدبرينا وأمهات أولادنا ومكاتبنا وأحرارنا ونملك عليهم جميع ذلك وإذا أبق عبد لمسلم فدخل إليهم فأخذوه لم يملكوه عند أبي حنيفة وقالا يملكونه وإن ند بعيرإليهم فأخذوه لم يملكوه عند أبي حنيفة وقالا يملكونه وإن ند بعير اليهم فأخذوه ملكوه وإن اشتراه رجل وأدخله دار الإسلام فصاحبه يأخذه بالثمن إن شاء فإن أبق عبد إليهم وذهب معه بفرس ومتاع فأحذ المشركون ذلك كله واشترى رجل ذلك كله وأخرجه إلى دار الإسلام فإن المولى يأخذ العبد بغير شيء والفرس والمتاع بالثمن وهذا عند أبي حنيفة رحمه الله وقالا يأخذ العبد وما معه بالثمن إن شاء وإذا دخل الحربي دارنا بأمان واشترى عبدا مسلما وأدخله دار الحرب عتق عند أبي حنيفة وقالا لا يعتق أو إذا أسلم عبد لحربي ثم خرج إلينا أو ظهر على الدار فهو حر وكذلك إذا خرج عبيدهم إلى عسكر المسلمين فهم أحرار
● [ باب المستأمن ] ●
وإذا دخل المسلم دار الحرب تاجرا فلا يحل له أن يتعرض لشيءمن أموالهم ولا من دمائهم فإن غدر بهم فأخذ شيئا وخرج به ملكه ملكا محظورا فيؤمر بالتصدق به وإذا دخل المسلم دار الحرب بأمان فأدانه حربي أو أدان هو حربيا أو غصبأحدهما صاحبه ثم خرج إلينا واستأمن من الحرب لم يقض لواحد منهما على صاحبه بشيء ولو خرجا مسلمين قضى بالدين بينهما ولم يقض بالغصب وإذا دخل المسلم دار الحرب بأمان فغصب حربيا ثم خرجا مسلمين أمر برد الغصب ولم يقض عليه وإذا دخل مسلمان دار الحرب بأمان فقتل أحدهما صاحبه عمدا أو خطأ فعلى القاتل الدية في ماله وعليه الكفارة في الخطأ وإن كانا أسيرين فقتل أحدهما صاحبه فلا شيء على القاتل إلا الكفارة في الخطأ عند أبي حنيفة وقالا في الأسيرين الدية في الخطأ والعمد
● [ فصل ] ●
وإذا دخل الحربي إلينا مستأمنا لم يمكن أن يقيم في دارنا سنة ويقول له الإمام إن أقمت تمام السنة وضعت عليك الجزية وإذا أقامها بعد مقالة الإمام يصير ذميا ثم لا يترك أن يرجع إلى دار الحرب فإن دخل الحربي دارنا بأمان فاشترى أرض خراخ فإذا وضع عليه الخراج فهو ذمي وإذا دخلت حربية بأمان فتزوجت ذميا صارت ذمية وإذا دخل حربي بأمان فتزوج ذمية لم يصر ذميا ولو أن حربيا دخل دارنا بأمان ثم عاد إلى دار الحرب وترك وديعة عند مسلم أو ذمي أو دينا في ذمتهم فقد صار دمه مباحا بالعود وما في دار الإسلام من ماله على خطر فإن أسر أو ظهر على الدار فقتل سقطت ديونه وصارت الوديعة فيئا وإن قتل ولم يظهر على الدار فالقرض والوديعة لورثته وما أوجف المسلمون عليه من أموال اهل الحرب بغير قتال يصرف في مصالح المسلمين كما يصرف الخراج وإذا دخل الحربي دارنا بأمان وله امرأة في دار الحرب وأولاد صغار وكبار ومال أودع بعضه ذميا وبعضه حربيا وبعضه مسلما فأسلم ههنا ثم ظهر على الدار فذلك كله فيء وإن اسلم في دار الحرب ثم جاء فظهر على الدار فأولاده الصغار أحرار مسلمون وما كان من مال أودعه مسلما أو ذميا فهو له وما سوى ذلك فيء وإذا أسلم الحربي في دار الحرب فقتله مسلم عمدا أو خطأ وله ورثة مسلمون هناكفلا شيء عليه إلا الكفارة في الخطأ لوجود العاصم وهو الإسلام ومن قتل مسلما خطأ لا ولي له أو قتل حربيا دخل إلينا بأمان فأسلم فالدية على عاقلته للإمام عليه الكفارة وإن كان عمدا فإن شاء الإمام قتله وإن شاء أخذ الدية وليس له أن يعفو
● [ باب العشر والخراج ] ●
أرض العرب كلها أرض عشر وهي ما بين العذيب إلى أقصى حجر باليمن بمهرة إلى حد الشام والسواد أرض خراج وهو ما بين العذيب إلى عقبة حلوان ومن الثعلبية ويقال من العلث إلى عبادان وأرض السواد مملوكة لأهلها يجوز بيعهم لها وتصرفهم فيها وكل ارض أسلم أهلها أو فتحت عنوة وقسمت بين الغانمين فهي أرض عشر وكل أرض فتحت عنوة فأقر أهلها عليها فهي أرض خراج وفي الجامع الصغير كل أرض فتحت عنوة فوصل إليها ماء الأنهار فهي أرض خراج وما لم يصل إليها ماء الأنهار واستخرج منها عين فهي أرض عشر ومن أحيا أرضا مواتا فهي عند أبي يوسف معتبرة بحيزها فإن كانت من حيز أرض الخراج فهي خراجية وإن كانت من حيز أرض العشر فهي عشرية وقال محمد إن أحياها ببئر حفرها أو بعين استخرجها أو ماء دجلة أو الفرات أو الأنهار العظام التي لا يملكها أحد فهي عشرية وإن أحياها بماء الأنهار التي احتفرها الأعاجم فهي خراجية والخراج الذي وضعه عمر رضي الله عنه على أهل السواد من كل جريب يبلغه الماء قفيز هاشمي وهو الصاع ودرهم ومن جريب الرطبة خمسة دراهم ومن جريب الكرم المتصل والنخيل المتصل عشرة دراهم وما سوى ذلك من الأصناف كالزعفران والبستان وغيره يوضع عليها بحسب الطاقة فإن لم تطق ما وضع عليها نقصها الإمام وإن غلب على أرض الخراج الماء أو انقطع الماء عنها أو اصطلم الزرع آفة فلا خراج عليه وإن عطلها صاحبها فعليه الخراج ومن أسلم من أهل الخراج أخذ منه الخراج على حاله ويجوز أن يشتريالمسلم أرض الخراج من الذمي ويؤخذ منه الخراج ولا عشر في الخارج من ارض الخراج ولا يتكرر الخراج بتكرر الخارج في سنة
● [ باب الجزية ] ●
وهي على ضربين جزية توضع بالتراضي والصلح فتقدر بحسب ما يقع عليه الاتفاق وجزية يبتدي الإمام وضعها إذا غلب الإمام على الكفار وأقرهم على أملاكهم فيضع على الغني الظاهر الغنى في كل سنة ثمانية وأربعين درهما يأخذ منهم في كل شهر أربعة دراهم وعلى وسط الحال أربعة وعشرين درهما في كل شهر درهمين وعلى الفقير المعتمل اثني عشر درهما في كل شهر درهما وتوضع الجزية على أهل الكتاب والمجوس وعبدة الأوثان من العجم وإن ظهر عليهم قبل ذلك فهم ونساؤهم وصبيانهم فيء ولا توضع على عبدة الأوثان من العرب ولا المرتدين وإذا ظهر عليهم فنساؤهم وصبيانهم فيء ومن لم يسلم من رجالهم قتل ولا جزية على امرأة ولا صبي ولا زمن ولا أعمى ولا على فقير غير معتمل ولا توضع على المملوك والمكاتب والمدبر وأم الولد ولا يؤدى عنهم مواليهم ولا توضع على الرهبان الذين لا يخالطون الناس ومن أسلم وعليه جزية سقطت عنه وإن اجتمعت عليه الحولان تداخلت وفي الجامع الصغير ومن لم يؤخذ منه خراج رأسه حتى مضت السنة وجاءت سنة أخرى لم يؤخذ منه وهذا عند أبي حنيفة وقال أبو يوسف ومحمد يؤخذ منه وإن مات عند تمام السنة لم يؤخذ منه في قولهم جميعا وكذلك إن مات في بعض السنة
● [ فصل ] ●
ولا يجوز إحداث بيعة ولا كنيسة في دار الإسلام وإن انهدمت البيع والكنائس القديمة أعادوها ويؤخذ أهل الذمة بالتميز عن المسلمين في زيهم ومراكبهم وسروجهم وقلانسهم فلا يركبون الخيل ولا يعملون بالسلاح وفي الجامع الصغير ويؤخذ أهل الذمة بإظهار الكستيجات والركوب على السروج التي هي كهيئة الأكف ومن امتنع من الجزية أو قتل مسلما أو سب النبي عليه السلام أو زنىبمسلمة لم ينتقض عهدة ولا ينقض العهد إلا أن يلتحق بدار الحرب أو يغلبوا على موضع فيحاربوننا وإذا نقض الذمي العهد فهو بمنزلة المرتد
● [ فصل ] ●
ونصارى بني تغلب يؤخذ من أموالهم ضعف ما يؤخذ من المسلمين من الزكاة ويؤخذ من نسائهم ولا يؤخذ من صبيانهم ويوضع على مولى التغلبي الخراج وخراج الأرض بمنزلة مولى القرشي وما جباه الإمام من الخراج ومن أموال بني تغلب وما أهداه أهل الحرب إلى الإمام والجزية يصرف في مصالح المسلمين كسد الثغور وبناء القناطر والجسور ويعطى قضاة المسلمين وعمالهم وعلماؤهم منه ما يكفيهم ويدفع منه أرزاق المقاتلة وذراريهم ومن مات في نصف السنة فلا شيء له من العطاء
● [ باب أحكام المرتدين ] ●
وإذا ارتد المسلم عن الإسلام والعياذ بالله عرض عليه الإسلام فإن كانت له شبهة كشفت عنه ويحبس ثلاثة أيام فإن أسلم وإلا قتل وفي الجامع الصغير المرتد يعرض عليه الإسلام حرا كان أو عبدا فإن أبى قتل فإن قتله قاتل قبل عرض الإسلام عليه كره ولا شيء على القاتل وأما المرتدة فلا تقتل ولكن تحبس حتى تسلم وفي الجامع الصغير وتجبر المرأة على الإسلام حرة كانت أو أمة والأمة يجبرها مولاها ويزول ملك المرتد عن أمواله بردته زوالا مراعى فإن اسلم عادت إلى حالها قالوا هذا عند أبي حنيفة وعندهما لا يزول ملكه وإن مات أو قتل على ردته انتقل ما اكتسبه في إسلامه إلى ورثته المسلمين وكان ما اكتسبه في حال ردته فيئا وقال أبو يوسف ومحمد كلاهما لورثته وإن لحق بدار الحرب مرتدا وحكم الحاكم بلحاقه عتق مدبروه وأمهات أولاده وحلت الديون التي عليه ونقل ما اكتسبه في حال الإسلام إلى ورثته من المسلمين وتقضى الديون التي لزمته في حال الإسلام مما اكتسبه في حال الإسلام وما لزمته في حال ردته من الديون يقضي ما اكتسبه في حال ردته وما باعه أو اشتراه أو أعتقه أو وهبه أو رهنه أو تصرف فيه من أمواله في حال ردته فهو موقوف فإن أسلم صحت عقوده وإن مات أو قتل أو لحق بدار الحرب بطلت وهذا عند أبي حنيفة وقال أبو يوسف ومحمد يجوز ما صنع في الوجهين فإن عاد المرتد بعد الحكم بلحاقه بدار الحرب إلى دار الإسلام مسلما فما وجده في يد ورثته من ماله بعينه أخذه وإذا وطىء المرتد جارية نصرانية كانت له في حالة الإسلام فجاءت بولد لأكثر من ستة أشهر منذ ارتد فادعاه فهي أم ولد له والولد حر وهو ابنه ولا يرثه وإن كانت الجارية مسلمة ورثه الابن إن مات على الردة أو لحق بدار الحرب وإذا لحق المرتد بماله بدار الحرب ثم ظهر على ذلك المال فهو فيء فإن لحق ثم رجع وأخذ مالا وألحقه بدار الحرب فظهر على ذلك المال فوجدته الورثة قبل القسمة رد عليهم وإذا لحق المرتد بدار الحرب وله عبد قضى به لابنه وكاتبه الابن ثم جاء المرتد مسلما فالكتابة جائزة والمكاتبة والولاء للمرتد الذي أسلم وإذا قتل المرتد رجلا خطأ ثم لحق بدار الحرب أو قتل على ردته فالدية في مال اكتسبه في حال الإسلام خاصة عند أبي حنيفة وقالا الدية فيما اكتسبه في حالة الإسلام والردة جميعا وإذا قطعت يد المسلم عمدا فارتد والعياذ بالله ثم مات على ردته من ذلك أو لحق بدار الحرب ثم جاء مسلما فمات من ذلك فعلى القاطع نصف الدية في ماله للورثة فإن لم يلحق وأسلم ثم مات فعليه الدية كاملة وإذا ارتد المكاتب ولحق بدار الحرب واكتسب مالا فأخذ بماله وأبى أن يسلم فقتل فإنه يوفي مولاه مكاتبته وما بقي فلورثته وإذا ارتد الرجل وامرأته والعياذ بالله ولحقا بدار الحرب فحبلت المرأة في دار الحرب وولدت ولدا وولد لولدهما ولد فظهر عليهم جميعا فالولدان فيء وارتداد الصبي الذي يعقل ارتداد عند أبي حنيفة ومحمد ويجبر على الإسلام ولا يقتل وإسلامه إسلام لا يرث أبويه إن كانا كافرين وقال أبو يوسف ارتداده ليس بارتداد وإسلامه إسلام
● [ باب البغاة ] ●
وإذا تغلب قوم من المسلمين على بلد وخرجوا من طاعة الإمام دعاهم إلى العود إلى الجماعة وكشف عن شبهتهم ولا يبدأ بقتال حتى يبدأوه فإن بدأوه قاتلهم حتى يفرق جمعهم فإن كانت لهم فئة أجهز على جريحهم واتبع موليهم وإن لم يكن لهم فئة لم يجهز على جريحهم ولم يتبع موليهم ولا يسبي له ذرية ولا يقسم لهم مال ولا بأس بأن يقاتلوا بسلاحهم إن احتاج المسلمون إليه ويحبس الإمام أموالهم ولا يردها عليهم ولا يقسمها حتى يتوبوا فيردها عليهم وما جباه أهل البغي من البلاد التي غلبوا عليها من الخراج والعشر لم يأخذه الإمام ثانيا فإن كانوا صرفوه في حقه أجزأ من أخذ منه وإن لم يكونوا صرفوه في حقه فعلى أهله فيما بينهم وبين الله تعالى أن يعيدوا ذلك ومن قتل رجلا وهما من عسكر أهل البغي ثم ظهر عليهم فليس عليهم شيء وإن غلبوا على مصر فقتل رجل من أهل المصر رجلا من أهل المصر عمدا ثم ظهر على المصر فإنه يقتص منه وإذا قتل رجل من أهل العدل باغيا فإنه يرثه فإن قتله الباغي وقال قد كنت على حق وأنا الآن على حق ورثه وإن قال قتلته وأنا أعلم أني على الباطل لم يرثه وهذا عند أبي حنيفة ومحمد وقال أبو يوسف لا يرث الباغي في الوجهين ويكره بيع السلاح من أهل الفتنة وفي عساكرهم وليس ببيعه بالكوفة من أهل الكوفة ومن لم يعرفه من أهل الفتنة بأس
● ● ● [ كتاب اللقيط ] ● ● ●
اللقيط حر ونفقته في بيت المال فإن التقطه رجل لم يكن لغيره أن يأخذه منه فإن ادعى مدع أنه ابنه فالقول قوله وإن ادعاه اثنان ووصف أحدهما علامة في جسده فهو أولى به وإذا وجد في مصر من أمصار المسلمين أو في قرية من قراهم فادعى ذمي أنه ابنه ثبت نسبه منه وكان مسلما وإن وجد في قرية من قرى اهلالذمة أو في بيعة أو كنيسة كان ذميا ومن ادعى أن اللقيط عبده لم يقبل منه فإن ادعى عبد أنه ابنه ثبت نسبه منه وكان حرا والحر في دعوته للقيط أولى من العبد المسلم أولى من الذمي وإن وجد مع اللقيط مال مشدود عليه فهو له وله ولاية الإنفاق وشراء مالا بد له منه ولا يجوز تزويج الملتقط ولا تصرفه في مال الملتقط ويجوز أن يقبض له الهبة ويسلمه في صناعة ويؤاجره وفي الجامع الصغير لا يجوز أن يؤاجره
متن بداية المبتدي
فقه الإمام أبي حنيفة
تأليف: برهان الدين علي بن أبي بكر المرغيناني
منتديات الرسالة الخاتمة - البوابة