منتدى الف توتة و حدوتة

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

    كتاب الإقرار [ 5 ]

    avatar
    توتة
    Admin


    عدد المساهمات : 2017
    تاريخ التسجيل : 13/02/2014

    كتاب الإقرار [ 5 ] Empty كتاب الإقرار [ 5 ]

    مُساهمة من طرف توتة السبت 4 ديسمبر - 19:46

    كتاب الإقرار [ 5 ] Fekyh_18

    بّسم اللّه الرّحمن الرّحيم
    مكتبة الفقة الإسلامي
    المحرر في الفقه
    على مذهب الإمام أحمد بن حنبل
    المجلد الثاني
    كتاب الإقرار [ 5 ] 1410
    ● [ تابع كتاب الإقرار ] ●

    ● تابع باب ما يحصل به الإقرار وحكم ما يصله به مما بغيره

    O متابعة الهامش
    ● فصل
    قال الشيخ تقي الدين إذا أصر في الحبس على الامتناع فعلى المذهب أنه يضرب حتى يقر قال أصحابنا القاضي في كتابه المجرد والجامع وابن عقيل وغيرهما فيمن أسلم وتحته أكثر من أربع نسوة أنه يجبر حتى يختار منهن أربعا قالوا فإن لم يختر بعد الإجبار حبسه الحاكم ويكون الحبس ضربا من التعزيز فإن لم يختر ضربه وعزره يفعل ذلك ثانيا وثالثا حتى يختار لأن هذا هو حق قد تعين عليه ولا يقوم غيره مقامه فوجب حبسه وتعزيزه حتى يفعله.
    وأيضا لم يذكروا الضرب إلا بعد الحبس وهل يجوز ضربه ابتداء يتوجه فيه ما ذكروه في الناشز هل تضرب من أول مرة على وجهين.
    وهكذا إذا كان على رجل دين وله مال ناض لا يعرف مكانه وامتنع من قضاء دينه فإن الحاكم يحبسه ويضربه ويأمر بقضاء الدين لأن غيره لا يقوم مقامه في ذلك وكذلك مذهب الشافعي منصوصا وكذلك مذهب مالك فيما يغلب على ظني وهو قياس قول أبي بكر ولم يزد ومراده أبو حنيفة قال قد أباح أصحابنا ضربه ثلاث مرات وسكتوا عما بعد الثالثة وقد نص الإمام أحمد على نظيره في المصر على شتم الصحابة رضي الله عنهم والأصل فيه قول النبي صلى الله عليه وسلم: "لي الواحد يحل ضربه وعقوبته" .
    وأيضا فحديث ابن عمر في صحيح البخاري "لما صالح يهود خيبر على إزالة الصفراء والحمراء فكتم بعضهم مال حيي بن أخطب وزعم أن النفقات أذهبته فقال للزبير دونك هذا فعاقبه حتى يحضر المال فعاقبه حتى أحضر المال1" ولم يقر بأن المال في يده لكن علم النبي صلى الله عليه وسلم أن المال في يده وأنه كاذب في دعوى خروجه.
    وأيضا فإن الله تعالى أباح للزوج ضرب امرأته إذا نشزت فامتنعت عن أداء حقه الواجب من تمكينه من الوطء فعلى قياسه كل من امتنع من أداء حق واجب ثم هل يباح ضربها بأول مرة أو بعد الثلاث على وجهين.
    وأيضا فإن التعزير مشروع في حبس المعصية التي لا حد فيها والمعاصي نوعان ترك واجبات وفعل محرمات.
    هذا إذا كان التعزير لما مضى وأما إذا كان لما مضى من المعصية وليرجع إلى الطاعة بأداء الواجب والكف عن المحرم أولى2 وأحرى وجميع العقوبات لا تخرج عن هذا.
    فمن الأول قتل القاتل ومن الثاني قتل المرتد ودفع الصائل وقد يجتمعان فيصير ثلاثة أقسام ولهذا من لا يقتل بالامتناع من الواجبات الشرعية فإنه يضرب وفاقا سواء كانت حقا لله تعالى أو لآدمي فتارك الصوم والحج إذا لم نقتله نحن كتارك الصلاة عند من لا يقتله وهم الحنفية إذا تقررت قاعدة المذهب.
    __________
    1 الذي كتم الأصل كنز اليهود بخيبر: هو كناية بن الربيع.
    2 كذا في الأصل. ولعله "وأما إذا كان لابعاده عن المعصية، وليواظب على الطاعة الخ- فأولى".
    أن كل حق تعين على إنسان لا يقوم غيره فيه مقامه فإنه يوجب حبسه وتعزيره حتى يفعله فالممتنع من تفسير إقراره نوع من ذلك فإن تفسير الإقرار حق واجب عليه لإثباته فيه فوجب ضربه عليه حتى يفعله.
    وذكر الشيخ تقي الدين في موضع آخر أنه إن أصر على الترك عوقب بالضرب حتى يؤدى الواجب وقد نص على ذلك الفقهاء من أصحاب الشافعي وأحمد وغيرهم ولا أعلم فيه خلافا انتهى كلامه وهذا ظاهر كلام الشافعي في الأم عند ذكره مسألة المرتد.
    وقد ذكر الشيخ موفق الدين وغيره أنه إذا حل الدين وامتنع الراهن من الوفاء أن الحاكم يفعل ما يرى من حبسه أو تعزيره ليبيعه أو بيعة الحاكم بنفسه أو نائبه.
    وذكر في المستوعب والمغني وغيرهما أن من أسلم تحته أكثر من أربع يجب عليه اختيار أربع فإن أبي أجبر بالحبس والتعزير إلى أن يختار قال في المغني إن هذا حق عليه يمكن إيفاؤه وهو ممتنع منه فأجبر عليه كإيفاء الدين.
    وهذا يوافق ما ذكره الشيخ تقي الدين في كل ممتنع من واجب عليه وأن له أن يعزره بالضرب ابتداء وأنه لا يقيد بثلاثة.
    ثم قال الشيخ تقي الدين إذا ثبت تعزير الممتنع من تفسير إقراره فإنما المأخوذ به أنه وجب بإقراره حق مجهول ولا يعلم قدره إلا من جهته فعزره على بيان ما يعلمه من حق الغير ولا تأثير لكون أصل الحق عرف بإقراره.
    ولهذا قلنا إن وارثه يؤخذ بالتفسير وإنما وقع تردد على الرواية الأخرى لأن الوارث قد لا يعلم ما وجب على الميت ولهذا فرق الجد بين أن ينكر الوارث عليه أولا ينكر فأما مع علم من عليه الحق فلا.
    فعلى قياس هذا كل من امتنع من إظهار حق عليه يجب إظهاره ولا يعلم من غيره كما لو قلت البينة بأنه انتهب من هذا شيئا ولم يعلموا قدره أو نوعه أو بأنه سرق من دار هذا كارة لا يعلمون ما فيها أو بأنه غل كيسا من أمانته لا يعلمون ما فيه ونحو ذلك مما يشهد فيه على المحارب والسارق والغال والخائن بحق عاينوه ولا يعلمون قدره إذ لا فرق بين ثبوت ذلك بإقراره أو بينة وكذلك لو شهدت البينة أيضا بأنا رأيناه اقترض منه مالا أو ابتاع منه سلعة وقبضها ولا نعلم قدر المقترض أو قدر الثمن أو علماه ونسياه.
    فإن قيل قد يجوز أن يكون هو نسي ذلك الحق أو نسي قدره ابتداء.
    قيل وكذلك إذا أقر بمجهول قد يكون نسيه أو جهل قدره ابتداء ولو امتنع فهل يحكم للمدعي مع يمينه لكون امتناعه لوثا؟.
    هذا مذكور في غير هذا الموضع وهي متعلقة بمسألة النكول والرد.
    ولو أقر بالقبض المحرم أو غير المحرم كالغصب وسائر أنواعه من النهب والسرقة والخيانة وامتنع من تعيين محله فإنه يضرب كما تقدم في ضرب من عليه دين وله مال ناض لا يعرف مكانه يضرب ليبينه فإنه بيان الواجب كما أن أصل تفسير الحق بيان واجب ولهذا ضرب الزبير بأمر النبي صلى الله عليه وسلم ابنا لعم حيى بن أخطب حتى يعين موضع المال ولو كان المال بيد وكيله أو غيره وامتنع من تبيين محله لعزر بالحبس والضرب حتى يبينه كالمالك لأنه حق تعين عليه فلو علم بالمال من ليس بولي ولا وكيل بأن يقر بعض الناس بأني أعرف من المال عنده أو تقوم البينة بأن فلانا كان حاضرا إقباض المال ونحو ذلك فإن هذا يجب عليه بيان موضع المال لأن ذلك فيه حق للطالب إما أن يكون مستحقا للاستيفاء منه ولقوله تعالى: [2:5] {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى} ولا يمكن إيصاله إليه إلا ببيان هذا ودلالته ومالا يتم الواجب إلا به فهو واجب فهو كالشاهد الذي يجب عليه أداء الشهادة ولأن إعانة المسلم على حقن دمه وماله واجب فإن النبي صلى الله عليه وسلم.قال: "المسلم أخ المسلم لا يسلمه ولا يظلمه" وقال عليه الصلاة والسلام:. "أنصر أخاك ظالما أو مظلوما" ونصر الظالم دفعه وفي الدلالة نصر الاثنين ولأن هذا بذل منفعة لا ضرر فيها في حفظ مال المسلم وهذا من أوجب الأشياء كالقضاء والشهادة لا سيما على أصلنا في إيجاب بذل المنافع مجانا على أحد الوجهين وكما يجب للجار منفعة الجدار ومنفعة إمرار الماء على إحدى الروايتين بل قد توجب دفع الغير عن دمه وماله إذا رأى نفسه أو ماله يتلف وهو قادر على تخليصه وقد أوجب القاضي وأبو الخطاب ضمان النفس على من قدر على تخليصها من هلكه فلم يفعل كما يضمن من لم يؤد الواجب من إطعامها وسقيها وفرق بعض الأصحاب أن سبب الهلاك هناك فعل الغير وهنا منع الطعام وأما تضمين من ترك تخليص المال ففيه نظر.
    وأيضا فإن ذلك من باب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لأن خروج الحقوق عن أصحابها منكر وإزالة المنكر واجبة بحسب الطاقة فكيف إذا كان يزول بمجرد البيان والدلالة واجبا عوقب على تركه بالحبس والضرب وكذلك لو كان يعلم موضع من عليه حق لله أو لآدمي وهو يريد استيفاءه من غير ظلم فإن الدلالة على النفوس الظالمة للمظلوم كالدلالة على المال لصاحبه فأما من آوى محدثا وكتمه فإن هذا يعاقب بالضرب والحبس بمنزلة كاتم المال وأولى فإن كتمان النفس ككتمان المال والدلالة عليها من غير الكاتم كالدلالة على المال.
    وهذا كله إذا ظهر معرفة المسؤول عن النفس المستحقة والمال المستحق إما بإقراره وإما ببينة فأما إذا اتهم بذلك فهنا يحبس كما يحبس في التهمة بنفس الحق وأما ضربه فهو كالمتهم.
    وأصل هذا أن الحق كما يكون عينا من الأموال فقد يكون منفعة على البدن كالمنافع المستحقة بعقد الإجارة والحقوق الواجبة عينا أو منفعة إما أن تجب بالشرط وإما أن تجب بالشرع فكأنما أنا نعاقب من امتنع عن النفقة الواجبة شرعا كذلك نعاقب من امتنع عن المنفعة الواجبة شرعا ومن أعظم المنافع بيان الحقوق ومواضعها من النفوس والأموال.
    والممتنع عن البيان ممتنع عن منفعة واجبة عليه شرعا متعينة عليه فيعاقب عليها ولو لم تتعين عليه بأن كان العالمون عددا فهنا إذا امتنعوا كلهم عوقبوا أو بعضهم لكن عقوبة بعضهم ابتداء عند إقناعه يخرج على البيان هل هو واجب على الكفاية أو لأعيان كالشهادة والمنصوص أنه واجب بالشرع على الأعيان وكما يعاقب الرجل على شهادة الزور يعاقب على كتمان الشهادة انتهى كلامه.
    وهو حسن واضح لم أجد في المذهب ما يخالفه صريحا.
    قوله: "فإن فسره بحق شفعة أو أقل مال قبل".
    لأنه صحيح لإطلاق "شيء" عليه حقيقة وعرفا فقبل كتفسيره بمال كثير.
    وقال الشيخ تقي الدين في الشفعة نظر فإنها ليست مالا بدليل أنها لا تورث ولا يصالح عليها بمال فهي كحد القذف انتهى كلامه.
    وهو متوجه لو كان المقر قال له على مال بخلاف له على شيء أو كذا.
    قوله: "وإن فسره بميته أو خمر أو مالا يتمول كقشرة جوزة لم يقبل لأن إقراره اعتراف بحق عليه وهذا لا يثبت في الذمة".
    مراده والله أعلم قشر جوزة غير الهند لأن قشرة تلك يعد مالا بمفرده قال ابن عبد القوي لو قيل إنه يقبل في إقرار الذمي تفسيره بخمر ونحوه مما يعدونه عندهم مالا لم يكن بعيدا كما يقبل تفسيره من مسلم بجلد ميتة لم يدبغ يعنى في أحد الوجهين لأنه مما يؤول إلى التمول فهنا عندهم أولى لأنها عندهم مال في الحال يجب ردها من غاصبها عليهم انتهى كلامه وهو متوجه وقد عرف مما تقدم أنه لو فسره بحبة حنطة ونحوها لم يقبل لعدم تمول ذلك على انفراده عادة قطع به غير واحد وذكر في الرعاية وجهين.
    قوله: "وإن فسره بكلب يباح نفعه أو حد قذف فوجهان".
    وجه القبول في تفسيره بكلب لأنه شيء يجب رده فيتناوله الإيجاب ووجه عدم القبول أو الإقرار إخبار عما يجب ضمانه والكلب لا يجب ضمانه ولم يفرق في المستوعب وغيره بين ما يجوز اقتناؤه ومالا يجوز ومرادهم ما يجوز كما صرح به جماعة.
    وجاء في الرعاية الكبرى فجعله طريقة وقدمها وليس كذلك.
    وأما حد القذف فينبغي أن يكون الخلاف فيه مبنيا على الخلاف في كونه حقا لله تعالى أو لآدمي فإن قلنا هو حق لآدمي قبل وإلا فلا.
    وقطع بعضهم بالقبول ووجهه بأنه حق عليه في ذمته فالإيجاب يتناوله ووجه بعضهم عدم القبول بأنه ليس بمال ووجهه في المغني مع أنه صحح الأول بأنه لا يؤول إلى مال والله تعالى أعلم.
    قوله: "وإن مات قبل أن يفسر أخذ وارثه بمثل ذلك إن ترك تركه وقلنا لا يقبل تفسيره بحد القذف وإلا فلا".
    وجه ذلك لأنه حق على مورثهم تعلق بتركته فلزم القيام مقامه كما لو كان الحق معينا ولا فرق ولأن القريب لا يلزمه وفاء دين قريبه الحي فكذلك الميت إذا لم يخلف تركة.
    وأما قوله: "وقلنا لا يقبل تفسيره بحد قذف".
    كان ينبغي أن يزيد ونحوه لأن الحكم عام فيما ليس بمال لعدم تحقق حق علي الموروث يتعلق بعين التركة فلا يلزم الوارث شيء.
    قوله: "وعنه إن صدق الوارث مورثه في إقراره أخذ به وإلا فلا".
    قال الشيخ تقي الدين قد يصدقه في أصل الإقرار وينكر العلم وقد تقدم في الفصل الطويل تعليل الشيخ تقي الدين لهذه الرواية لأن الوارث قد لا يعلم ما وجب على الميت وعللها ابن عبد القوي بأن المقر له لم يدع عليهم ولا يخفى ضعف ذلك.
    قوله: "وعندي إن أبي الوارث أن يفسر وقال لا علم لي بذلك حلف ولزمه من التركة ما يقع عليه الاسم كما في الوصية لفلان بشيء لأن ما قاله محتمل فقيل قوله مع اليمين".
    وهذا ينبغي أن يكون على المذهب لا قولا ثالثا لأنه يبعد جدا على المذهب إذا ادعى عدم العلم وحلف أن لا يقبل قوله ولو كان صاحب المحرر قال فعلى المذهب أو فعلى الأول وذكر ما ذكره إلى آخره كان أولى.
    ولو ادعى الموروث عدم العلم وحلف فلم أجدها في كلام الأصحاب رحمهم الله تعالى إلا ما ذكره الشيخ شمس الدين في شرحه بعد أن ذكر قول صاحب المحرر ويحتمل أن يكون المقر كذلك إذا حلف أنه لا يعلم كالوارث وهذا الذي قاله متعين ليس في كلام الأصحاب ما يخالفه.
    قوله: "وإذا قال غصبت منه شيئا ثم فسره بنفسه لم يقبل وإن فسره بخمر أو كلب أو جلد ميتة قبل".
    أما المسألة الأولى فلاقتضاء لفظه المغايرة لاقتضائه مغصوبا ومغصوبا منه وأحدهما غير داخل في الآخر ولأن الغصب لا يثبت عليه.
    وأما الثانية فلأن ما قاله محتمل لأنه قد يرى بالغصب قهر صاحب اليد على ما بيده فيأخذه وإن لم يكن مالا فيقبل تفسيره بذلك وذكر في الكافي أنه يلزمه حق يؤخذ بتفسيره كما تقدم في قوله له علي شيء.
    وذكر في المغني أنه إن فسره بما ينتفع به نفعا مباحا قبل لاشتمال الغصب عليه وإلا فلا فهذه ثلاثة أوجه.
    قوله: "وإن فسره بولده فوجهان".
    أحدهما لا يقبل قطع به غير واحد.
    والثاني يقبل ووجههما ما تقدم.
    قوله: "وإن قال غصبتك ثم فسره أني حبستك وسجنتك قبل لصدقه عليه وإلا فلا ويجب تفسيره".
    وذكر في الكافي أنه لا يلزمه شيء قد يغصبه نفسه فلا يتوجه عليه مطالبة بالاحتمال.
    قوله: "وإذا قال له علي مال عظيم أو خطير أو جليل فهو كقوله مال يقبل تفسيره بأقل متمول".
    وبهذا قال الشافعي وبعض المالكية لأنه لا حد لذلك في شرع ولا لغة ولا عرف والناس يختلفون في ذلك لأنه ما من مال إلا وهو عظيم بالنسبة إلى ما دونه.
    ويحتمل أنه إن أراد عظمه عنده لقله ماله أو خسة نفسه قبل تفسيره بالقليل وإلا فلا.
    وهذا والله أعلم معنى قول ابن عبد القوي ولو قيل يعتبر بالنسبة إليه في نفسه لم يبعد.
    قال في الرعاية ويحتمل أن يلزمه ذكر وجه العظم أو يزيد على أقل ما يتمول شيئا لتظهر فائدته.
    وقال الشيخ تقي الدين يتوجه أن يرجع في هذا إلى العرف في حق القائل فإنه هذا يختلف باختلاف القائلين وكذلك في الأيمان والنذور وليس لهذا اللفظ حد في اللغة ولا في الشرع فيرجع فيه إلى العرف فإذا ما يجوز أن يسمى عظيما في عرفه قبل منه وإلا فلا ومعلوم أن المالك ونحوه لو قال له عندي مال عظيم لعله سقط من لفظه "أو كثير" وأحضر مائتي درهم كان خلاف عرفه انتهى كلامه.
    ولم يوجز عن أبي حنيفة في هذه المسألة نص وقال صاحباه يلزمه مائتا درهم ومن أصحابه من قال إن قوله كقولنا ومنهم من قال عليه عشرة دراهم ومنهم من قال يعتبر فيه حال المقر وما يستعظمه مثله في العادة.
    وقال بعض المالكية يلزمه مقدار الدية ومنهم من قال ما يستباح به البضع أو القطع ووافق الحنفية الأصحاب في المال المطلق وأن قوله له علي مال كقوله له علي شيء حكاه القاضي وغيره عنهم.
    وحكى بعضهم عنهم التسوية كما هو قول المالكية وكذا حكى القاضي عن المالكية التسليم فيما إذا قال معلوم أو صالح أو نافع أو موزون.
    قال الشيخ تقي الدين وسلم أصحابنا أنه لو قال مال جيد أنه يعد معنى زائدا على مسمى المال قال القاضي لأن الجودة تدل على مقدار ولهذا تستعمل في عقد السلم ليصير المسلم فيه معلوما انتهى كلامه وفي هذا التسليم نظر والأولى التسوية والله أعلم.
    قوله: "وكذا قوله دراهم أو دراهم كثيرة يقبل تفسيرها بثلاثة".
    وبهذا قال الشافعي في المسألة قبلها واختلف المالكية فمنهم من قال يلزمه مائتان وهو قول أبي يوسف ومنهم من قال تسعة ومنهم من قال ما زاد على ثلاثة وهو احتمال في الرعاية فإنه مال ويحتمل أن الكثيرة أكثر فيفسر الزيادة.
    وقال أبو حنيفة لا يصدق في أقل من عشرة وكذلك لو قال لفلان علي أكثر ما يقع عليه اسم الدرهم.
    قال القاضي ونحن لا نسلم هذا بل نقول يقبل تفسيره فيما زاد على أقل الجمع وإن قل فلو فسره بثلاثة دراهم ودانق قبل منه وهذا الخلاف كله في دراهم كثيرة فأما إن قال له علي دراهم لزمه ثلاثة لأنها أقل الجمع.
    قال ابن عبد القوى وقوله وأفرة وعظيمة ونحوها ككثيرة في الحكم.
    قوله: "وإن قال له على كذا درهما لزمه درهم".
    لأن الدرهم يقع مميزا لما قبله والمميز يقبل وكما لو قال كذا وفسره بدرهم وقال أبو حنيفة يلزمه عشرون لأنه أقل كلمة مفردة مميزة تمييز مفرد منصوب وهذا متوجه وهذا أقرب إن شاء الله تعالى.
    قوله: "أو كذا كذا درهما لزمه درهم".
    كأنه قال شيء شيء و"درهما" تمييز لبيان الشيء المبهم.
    قال أبو الخطاب وغيره تكراره يقتضي التأكيد فإذا فسره بدرهم فقد فسره بما يحتمله فيقبل وكذا مذهب الشافعي هنا وفي التي قبلها.
    وقال أبو حنيفة يلزمه أحد عشر لأن ذلك أقل مميز منصوب مفرد كمميز متكرر بغير عطف وهذا متوجه.
    وذكر الشيخ تقي الدين أن أقرب إن شاء الله تعالى قال فإن أصحابنا بنوه على أن كذا كذا تأكيدا وهو خلاف الظاهر المعروف وأن الدراهم مثل الترجمة لهما وهذا يقتضي الرفع لا النصب ثم هو خلاف لغة العرب.
    قوله: "أو فيهما درهم بالرفع لزمه درهم".
    لأن تقديره مع عدم التكرير شيء هو درهم في له خبر مبتدأ محذوف أي ذلك له ذلك درهم وفي التكرير كأنه قال له على شيء شيء درهم خبر أي هو درهم.
    قوله: "وإذا قال كذا وكذا درهما أو درهم بالرفع لزمه درهم عند ابن حامد ودرهمان عند التميمي".
    وجه الأول ما تقدم كأنه قال كذا درهم لأن كذا يحتمل بعض الدرهم فإذا عطف عليه مثله ثم فسرهما بدرهم واحد جاز وكان كلاما صحيحا.
    ووجه الثاني أن التفسير يعود إلى كل واحد من المعطوفين بمفرده لدلالة العطف على التغاير.
    قوله: "وقيل درهم وبعض آخر".
    أعاد التفسير إلى الثاني والأول مبهم فيرجع في تفسيره إليه.
    قوله: "وقيل درهم مع الرفع ودرهمان مع النصب".
    لما تقدم ولأنه إذا نصب فهو تمييز لكل واحد فيلزم التعدد والذي نصره القاضي وأبو الخطاب والشريف وغيرهم قول ابن حامد وقال أبو حنيفة في كذا وكذا درهما يلزمه أحد وعشرون لما تقدم وهو متوجه وكلام الشيخ تقي الدين يقتضي أنه اختياره وعن الشافعي كقول ابن حامد والتميمي مع النصب.
    قوله: "وإن قال ذلك كله بالخفض قبل تفسيره بدون الدرهم".
    وكذا قطع به في الكافي وغيره تقديره بعض درهم لاحتمال لفظه ذلك وهو قول الشافعي وقال القاضي في المجرد يلزمه درهم نقله بعضهم في كذا كذا درهم ولا يحضرني له وجه وقيل يلزمه درهم وبعض آخر مع التكرار بالواو وقال أبو حنيفة يلزمه درهم لأنها أقل عدد المفسر بواحد مخفوض وإن شئت قلت لأنها أقل عدد يضاف إلى الواحد وهذا متوجه وهو مقتضى ما اختاره الشيخ تقي الدين في المسائل قبلها وذكر الشيخ شمس الدين ابن عبد القوي أن هذا القول وقول أبي حنيفة في المسائل قبلها ذكر ابن جنى ذلك كله في بعض كتبه النحوية وابن معطى في فصوله وغيرهما وهو مذهب جماعة من الفقهاء منهم محمد بن الحسن قال وهو الأقيس ردا لما أشكل.
    قوله: "وهذا كله عندي إذا كان يعرف العربية فإن لم يعرفها لزمه بذلك درهم في الجميع".
    وجه قول الأصحاب رحمهم الله تعالى ما تقدم تسوية بين الجميع وصاحب المحرر يوافقهم في العالم بالعربية ويلزم الجاهل بها درهم في الجميع لأنه لا فرق عنده في ذلك ويقتضي عرفه ولغته درهم فلزمه وما زاد عليه مشكوك فيه أو يقال الأصل والظاهر عدمه فلم يلزمه وإذا كان لا بد لصاحب المحرر من مخالفة الأصحاب في ذلك فكان ينبغي أن يمشي على مقتضى العربية كما تقدم لا كما ذ كره الأصحاب ولعل هذا متوجه ولعل العامي يلزمه درهم في الجميع والعربي يلزمه مقتضى لسانه كما تقدم فصار هذا قولا آخر.

    فرع
    وإن قال له عندي كذا درهم بالوقف قبل تفسيره ببعض درهم في اختيار الشيخ موفق الدين وغيره لجواز إسقاط حركة الخفض للوقف فلا يلزمه زيادة مع الشك وقال القاضي يلزمه درهم ويتوجه موافقة الأول في العالم بالعربية وموافقة الثاني في الجاهل بها.
    قوله: "وإذا قال له علي ألف رجع في تفسير جنسه إليه".
    فإن فسره بجنس أو أجناس قبل منه لأن ذلك محتمل من غير مخالفة لظاهر فقبل.
    قوله: "وإذا قال له على ألف ودرهم أو ألف ودينار أو ألف وثوب أو له دينار وألف أو ألف وخمسون درهما أو ألف وخمسمائة دينار".
    فالألف من جنس ما ذكر معه نصره القاضي وأصحابه في كتب الخلاف ونصره في المغني وقطع به ابن هبيرة عن أحمد في العطف لأن العرب تكتفي بتفسير أحد الشيئين عن الآخر قال الله تعالى: [25:18] {وَلَبِثُوا فِي كَهْفِهِمْ ثَلاثَ مِائَةٍ سِنِينَ وَازْدَادُوا تِسْعا} وقال تعالى: [17:50] {عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمَالِ قَعِيدٌ} قال أبو الخطاب وغيره لأن حرف العطف يقتضي التساوي بين الشيئين كما تقتضي البينة ذلك في ظاهر الكلام فوجب حمله عليه ولأن المفسر يفسر جميع ما قبله كقوله تعالى: [23:38] {تِسْعٌ وَتِسْعُونَ نَعْجَةً وَلِيَ نَعْجَةٌ} وقال: [4:12] {أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَباً} مع مفسر لم يقم دليل على أنه من غير جنسه فكان المبهم جنس المفسر.
    قال الأصحاب كما لو قال مائة وخمسون درهما ولعل مرادهم الحجة على قول التميمي لأن هذا الأصل متفق عليه ولهذا قال في المغني فإن قال له على تسعة وتسعون درهما فالجميع دراهم لا أعلم فيه خلافا وإن قال مائة وخمسون درهما فكذلك وخرج بعض أصحابنا وجها أنه لا يكون تفسيرا إلا لما يليه وهو قول بعض الشافعية وكذلك إن قال ألف وثلاثة دراهم أو خمسون وألف درهم أو ألف ومائة درهم أو مائة وألف درهم والصحيح ما ذكرنا انتهى كلامه وذكر في الكافي هذا الأصل مع حكايته احتمالا في ألف وخمسين درهما أو ألف وثلاثة دراهم ومراده والله أعلم ما تقدم.
    وقال الشيخ تقي الدين بعد ذكر كلامه في الكافي كأنه فرق بين العدد الذي يلي المعطوف عليه وبين الذي لا يليه.
    قوله: "وقيل يرجع في تفسيره إليه".
    لأن العطف لا يقتضي التسوية بين المعطوفين في الجنس بدليل جواز قوله رأيت رجلا وحمارا ولأن الألف مبهم فرجع في تفسيره إليه كما لو لم يكن عطف صححه في المستوعب.

    O متابعة المتن
    وقال التميمي يرجع إلى تفسيره مع العطف دون التمييز والإضافة.
    __________
    قوله: "وقال التميمي يرجع إلى تفسيره مع العطف دون التمييز والإضافة".
    لما تقدم والفرق ما ذكره أبو الخطاب وغير واحد أن الدرهم هنا ذكر تفسيرا ولهذا لا تجب به زيادة على الألف وقال أبو حنيفة إن عطف عليه ما يثبت في الذمة كان من جنسه وإلا فلا.
    وقال مالك والشافعي كقول التميمي في المعطوف وأما في المميز والمضاف فالإصطخري وابن خيران كالوجه الثاني وخالفهما غيرهما.
    قال الشيخ تقي الدين بخلاف قوله ألف وكر حنطة فإن القاضي كأنه نفي الخلاف فيه عن جميعهم فالتميمي قد يقول هنا.
    وقال أيضا قد يتوجه أن المقر إذا مات ولم يظهر شيئا جعل الجميع جنسا واحدا وإن ادعى أن الألف من غير جنس ما معه قبل منه مع يمينه لأنه إذا لم يدع خلاف ذلك فالظاهر أنه لم يفتقر إليهما إلا وهما جنس واحد بخلاف ما إذا فسره بعد ذلك انتهى كلامه وهو خلاف كلام الأصحاب.
    ● فصل
    قال في المغني وغيره فأما إن كان لم يفسره به مثل أن يعطف عدد المذكر على عدد المؤنث أو بالعكس ونحو ذلك ولا يكون أحدهما من جنس الآخر ويبقى المبهم على إبهامه كما لو قال على أربعة دراهم وعشر.
    ● فصل
    قال في المغني فعلى قول من لا يجعل المجمل من جنس المفسر لو قال بعتك هذا بمائة وخمسين درهما أو خمسة وعشرين درهما لا يصح وهو قول شاذ ضعيف لا يعول عليه انتهى كلامه وهو يؤيد ما تقدم.

    O متابعة المتن
    وإذا قال له في هذا العبد شرك أو هو شريكي فيه أو هو شركة بيننا رجع في تفسير سهم الشريك إليه.
    __________
    ● فصل
    وإن قال له على ألف إلا درهما أو ألف درهم سوى مائة فالجميع دراهم بناء على تلازم المستثنى والمستثنى منه فما ثبت في أحدهما ثبت في الآخر ومتى علم أحد الطرفين علم أن الآخر من جنسه كما لو علم المستثنى منه.
    قال في المغني وقد سلموه وقال التميمي وأبو الخطاب يرجع في تفسير الألف إليه وهو قول مالك والشافعي لأن الألف مبهم والدرهم لم يذكر تفسيرا له ولأنه يحتمل أنه أراد الاستثناء من غير الجنس وكلام بعضهم يقتضي أن الخلاف عندنا أنه هل يرجع إليه في تفسير المطلق سواء كان مستثنى أو مستثنى منه والتعليل يقتضيه فعلى هذا القول إن فسره بغير الجنس بطل الاستثناء على الراجح عندنا وعلى قول مالك والشافعي لا يبطل وقد تقدم ذلك.
    ولعل صاحبالمحرر اختصر ذكر هذه المسألة لأنها تعرف من مسألة الاستثناء.
    قوله: "وإذا قال له في هذا العبد شرك أو هو شريكي فيه أو هو شركة بيننا رجع في تفسير سهم الشريك إليه".
    وقد يكون بينهما سواء نقله ابن عبد القوي وعزاه إلى الرعاية وهو قول أبي يوسف لأن الشركة تقتضي التسوية البيع وبدليل الوصية والوقف والمضاربة وبدليل قوله تعالى: [12:4] {فَهُمْ شُرَكَاءُ فِي الثُّلُثِ} .
    ولنا أن أي جزء كان له منه فله فيه شركة فقبل تفسيره بما شاء كالمساوى وليس إطلاق لفظ الشركة على ما دون النصف مجازا ولا مخالفة للظاهر.
    وأما مسألة البيع فلنا وجه بعدم الصحة للجهالة والمذهب الصحة حملا

    O متابعة المتن
    وإن قال له فيه سهم فكذلك وقال القاضي يحمل على السدس كالوصية.
    وإن قال له على أكثر من مال فلان وفسره بأكثر منه قدرا أو بدونه وقال أردت كثرة نفعه لحله ونحوه قبل.
    __________
    لكلام المكلف على الصحة لأن معرفة قدر المبيع شرط بخلاف الإقرار فانه يصح بالمجهول وأما المضاربة ونحوها فالفرق أنه جعل المال لهما فيها على حد واحد ولا مزية لأحدهما على الآخر فتساويا فيه بخلاف الإقرار.
    وبهذا يجاب عن الآية أو نقول استفيدت التسوية فيها من دليل آخر وأحسب أن هذا قولنا وقول أبي حنيفة ومالك والشافعي.
    قوله: "وإن قال له فيه سهم فكذلك وقال القاضي يحمل على السدس كالوصية".
    وجه الأول ما تقدم ولأنه العرف المعتاد فحمل الإطلاق عليه.
    ووجه الثاني أن السهم عرف شرعي بدليل الوصية به فحمل الإطلاق عليه كما نقول في نذر رقبة مطلقة تحمل على الرقبة الشرعية وغير ذلك.
    وينبغي أن يؤخذ من هذا أنه إذا تعارض في الإقرار حقيقة عرفية و حقيقة شرعية فأيهما يقدم فيه وجهان.
    قوله: "وإن قال له علي أكثر من مال فلان وفسره بأكثر منه قدرا أو بدونه وقال أردت كثرة نفعه ونحوه قبل".
    مع يمينه لأن ذلك محتمل ويمنع أن الظاهر بخلاف ذلك هذا قول أصحابنا والشافعي.
    وقال في الكافي والأولى أنه يلزمه أكثر منه قدرا لأنه ظاهر اللفظ السابق إلى الفهم فلزمه كما لو أقر بدراهم لزمته ثلاثة ولم يقبل تفسيره بدونها مع احتماله.
    ● [ لكتاب الإقرار بقية ] ●

    كتاب الإقرار [ 5 ] Fasel10

    كتاب: المحرر في الفقه على مذهب الإمام أحمد بن حنبل
    المؤلف: عبد السلام بن عبد الله ابن تيمية الحراني
    منتدى ميراث الرسول - البوابة
    كتاب الإقرار [ 5 ] E110


      الوقت/التاريخ الآن هو الجمعة 19 أبريل - 11:47